أعماق البحار المضيئة!

ترجمة بتصرف لمقال: (The Deep Seas Are Alive With Light by William Broud)

ترجمة: سارة عبدالله

تدقيق الترجمة: آلاء آل مسعد

التدقيق اللغوي: آلاء آل مسعد

مراجعة: هبة محمد

ماهية الضوء الحيوي؟ لمعرفة ماهية الضوء الحيوي، نجد أنه ليس نادراً وقد لاحظ العلماء أنه شائع في المحيطات التي تصنف كأحد ميزات كوكب الأرض السائدة.

في عام 1932 ثبّت ويليام بيب جسده النحيل داخل غواصة ضيقة وأصبح أول عالم ينزل إلى ظلمات البحر القاتمة. واحتوت تلك الغواصة على نافذة صغيرة يحدق من خلالها. لاحقاً قام بوصف عالم غير مألوف من الأضواء الراقصة والمتوهجة بالإضافة إلى الوميض المخادع.

وقد قال عن إحدى المخلوقات المضيئة (بدت كما لو أنها ستنفجر) وقد أضاف في كتابه ( نصف ميل للأسفل) أنه لم يكن بوسع شيء أن يعده لمثل هذا الأمر المذهل. وتضمنت ألوان المخلوقات الأخضر الباهت والأزرق والأحمر وخاصةً الأزرق المخضر الذي بطبيعته ينتقل لمسافات بعيدة في مياه البحر.

ولقد لاحظ علماء الأحياء على مدى عقود أن مخلوقات أعماق البحار تتواصل بالضوء كتواصل الحيوانات بالصوت، وذلك  للإغراء والتخويف والصعق والتضليل وإيجاد شريك للتزاوج.

وتنبعث الأضواء الحيوية من الأسماك الصغيرة ذات الإبرة الشبيهه بالأنياب والمخلوقات الهلامية التي تحتوي على الآلاف من مخالب التغذية. وأظهر هذا التنوع الهائل أن الضوء الحيوي كان شائعاً إلى حد كبير ولكن لم يأتي أي عالم بقياس لهذه الظاهرة.

الآن وبعد 85 سنة من غوص الدكتور الرائد “بيب”، نجح العلماء في قياس مدى الانتشار الحقيقي للضوء الحيوي في عمق المحيط.

من خلال 240 عملية غوص لغرض البحث في المحيط الهادئ سجل العلماء كل ظهور لمخلوق بحري مضيء ونوعه، واكتشفوا أنه يعيش على عمق ميلين أكثر من 500 نوع. ومن ثم دمج العلماء النتائج في استبيان متكامل.

والنتيجة؟

أن معظم المخلوقات تولد هذه الإضائة بنفسها وذلك بنسبة 76% وهذا يفوق على نحو  كبير الأنواع غير المضيئة مثل: الدلافين.

شاهد الفيديو بالضغط هنا.

أعماق المحيطات أكثر إشراقاً مما تعتقد. وأظهر بحث جديد من منشأة أبحاث خليج مونوتري المائي؛ أن ما يقارب ثلاثة أرباع مخلوقات أعماق البحر تولد ضوئها بنفسها باستخدام الضوء الحيوي.

بقلم:  James Gorman وMae Ryan وRobin Lindsay

وقالت سيفين مارتني عالمة الأحياء البحرية والمؤلفة الرئيسية لدراسة نشرت هذه السنة في تقرير علمي: “يعتقد الناس أن الضوء الحيوي صفة غريبة نوعاً ما حتى علماء المحيطات لم يدركوا أنها شائعة.“

وفي إحدى الليالي استيقظت من صحوتها في المراكب الشراعية قبالة افريقيا، وتذكرت قائلة: كنت أنظر إلى النجوم وأتعلم عن الأبراج وفجأة بدأت برؤية أشياء تلمع في الأمواج.”

حبار مصاص الدماء أو الحبار الجهنمي (الإسم العلمي: Vampyroteuthis infernalis) يستطيع حجب نفسه في غشاء أزرق متوهج.

ستيفن هادوك، منشأة أبحاث خليج مونوتري المائي.

الهلاميات المشطية (الإسم العلمي: Deiopea). وتنتج هذه الألوان بواسطة انكسار الضوء على شعر مثل الأهداب.

ستيفن هادوك، منشأة أبحاث خليج مونوتري المائي.

الإسم العلمي: Sternoptyx. وهي سمكة بلطية بحرية والتي يضيء جسمها الأدنى باللون الأزرق ربما للإفلات من المفترسات.

ستيفن هادوك، منشأة أبحاث خليج مونوتري المائي.

الإسم العلمي: Beroe forskalii. هلاميات مشطية تمتلك القدرة على  توليد أمواج من الضوء في أعماق البحر.

ستيفن هادوك، منشأة أبحاث خليج مونوتري المائي.

الإسم العلمي: Chaenophryne longiceps. السمك الصياد ويجذب الفرائس باستخدام طٌعم مشع.

ستيفن هادوك، منشأة أبحاث خليج مونوتري المائي.

الإسم العلمي: Atolla. وهي قنديل البحر وتضيء باللون الأزرق الفاتح عندما تشعر بالخطر.

ستيفن هادوك، منشأة أبحاث خليج مونوتري المائي.

الإسم العلمي: Helicocranchia. وهي جنس من الحبار الشفاف، ويمتلك بعضها خلايا ضوئية تنبعث من جوار أعينها.

ستيفن هادوك، منشأة أبحاث خليج مونوتري المائي.

الإسم العلمي: Tomopteris. وهي جنس من ديدان البحر، تبعث ضوء أزرق ولكن أحد أنواعها لديه القدرة على إنتاج الضوء الأصفر.

ستيفن هادوك، منشأة أبحاث خليج مونوتري المائي.

ويفيد كلاً من د.مارتينيوالمؤلف المشارك له ستيفن هادوك لمنشأة أبحاث خليج مونوتري المائي في كاليفورنيا أن أعماق البحار هي أكبر موطن بيئي في الكوكب فإن الضوء الحيوي يعتبر أحد أكثر الميزات  السائدة على الأرض وذلك بحسب ما أكدته الاكتشافات الجديدة.

وقال” د. هادوك“: ” طرحت الكثير من هذه الأسئلة منذ قرون مضت فعند رؤيتك لما يلمع في الماء لا تملك فكرة عن ماهيته

تعقب العلماء الجذور التطويرية لأضواء المحيطات الحية إلى البحار البدائية وذلك قبل مئات ملايين السنين وقبل وقت طويل من عصر الديناصورات.

وفي المقابل الضوء الحيوي البري جديد نسبياً، وتشكل مخلوقات الأرض المضيئة بخلاف أقاربها في قاع البحر أقليات صغيرة. كما لا تتضمن التصنيفات اليراعات فحسب بل أيضاً بعض الخنافس والديدان الألفية وديدان الأرض.

ويعتبر معهد الأبحاث -يقع في موس لاندينغ كاليفورنيا منتصف الخط الساحلي لخليج مونوتري-  شركة رائدة في استكشاف أعماق المحيطات.فقد أنشئت عام 1987 من قبل المليونير ديفيد باكارد أحد مؤسسي هويليت باكارد ومنشئ وادي السيليكون.

كما يمتلك د.هادوكالسلطة العالمية على الضوء الحيوي والذي نشر العشرات من الأوراق العلمية عن حياة المحيط المضيئة. وأنشأ منذ عقد مضى  صفحة الضوء الحيوي على الإنترنت والتي تعرض معلومات تفصيلية عن مخلوقات أعماق البحار متضمنة العشرات من الصور الدراماتيكية المتطلب قرائتها في بعض الجامعات.

ولتعبئة هذا الاستطلاع خاض الباحثون 240 عملية غوص. حيث قام د.هادوكبإجراء كل الرحلات البحثية شخصياً منذ وصوله عام 1999 في المنشئة والإبحار من موس لاندينغ وتراوحت مسافة الرحلات البحرية إلى 180 ميلاً في عرض البحر إقليمياً وتشمل منطقة بحجم ايرلندا تقريباً.

ويبعد قاع بحر خليج مونوتري 60 ميلاً شمال سان فرانسيسكو وهو منخفض بشكل حاد وذلك بعكس الأرصفة الضحلة القارية. مما يجعل الوصول والدخول إلى البيئات العميقة أمراً سهلاً للقوارب البحثية.

ولسنوات أنزل”د. هادوك وزملائه الرجال الآليين على الحبال الطويلة وذلك لاستكشاف الظلام الجليدي. فقد سمحت الكاميرات الحساسة على المركبات للعلماء باجراء بحث مرئي  واسع النطاق. وبشكلٍ عام اطلع العلماء على أكثر من 350000 مشاهدة لحياة أعماق الحبار.

وشملت اكتشافاتهم السمك الصياد وهو مثال شهير على الضوء الحيوي. ويقوم هؤلاء الصيادين الماهرين بإغراء الفرائس من خلال حبال الصيد المتدلية والمزودة بطعم متوهج لاجتذاب تلك الأفواه الكبيرة ذات الأسنان الشبيهة بالخنجر.

كما تندر رؤية حبار مصاص الدماء وهو مصطلح لاتيني عن الحبار الجهنمي. ويمتلك هذا المخلوق العجيب عينان زرقاوان وجسم أحمر داكن ورداء مثل العباءة يحيط بذراعيه كما أن أطرافه متوهجة.

وقد اكتشف د.هادوكوزملاؤه أن الحبار أيضاً يولد حبيبات زرقاء مضيئة والتي بإمكانها تشكيل سحابة متوهجة حول المخلوقات البحرية وذلك كما يبدو طريقة لصرف انتباه الحيوانات المفترسة ليختفي في الظلام.

كما اكتشف العديد من الغواصين أسراب من الحيوانات الهلامية المعروفة بالسحاريات. وتمتلك مخلوقات العالم الآخر أجسام طويلة مطوقة بأجراس نابضة للدفع وما يصل إلى  آلاف المخالب المرنة للقبض على الفريسة وإمساكها.

تضيء معظم السحاريات بسطوع وقد رأى العلماء أن تألقها المذهل هو طريقة لإخافة الحيوانات المفترسة. وقد اكتشف د.هادوك وزملاؤه سببا آخر أثناء دراسة مخلوقات تسمى بـ (Erenna).

وتحمل نهاية المخالب أضواء حمراء لاسعة وذلك لجذب الفريسة ومن ثم التهامها بعد وخزها، وقال “د. هادوك”: “لقد أٌنيرت بصيرتي.”

تسلّم “د. مارتين” مسؤولية جمع الأرقام ومقارنة مخلوقات البحر التي تم رؤيتها أثناء الغوص بقائمة الحيوانات المعروفة بكونها مضيئة.

وقد اعتمدت هذه القائمة الشاملة على دراسة تقارير علمية سابقة بالإضافة إلى المراقبة المباشرة التي قام بها د.هادوك والعلماء الآخرين على مر السنين.

و أقرّ العلماء في نهاية دراستهم  في المنشئة أن جميع رحلاتهم الاستكشافية وجهودهم في التلخيص لم تنتج أكثر من تقدير تقريبي للأبعاد الحقيقية للظاهرة.

كما لم ينشأ حتى الآن المدى الكامل لإمكانية الضوء الحيوي، وخصوصا في أعماق البحر حيث يستمر انتظار الاكتشافات. كما قال الدكتور مارتيني والدكتور هادوك في تقريرهم.

وعلى مدى عقود اعتبرت ملاحظة العين البشرية للأضواء الخفية للحياة العميقة أفضل بكثير من كاميرا الفيديو. ولكن في السنوات الأخيرة قال د.هادوكأن الكاميرا الحساسة بدأت بمنافسة العين البشرية وفي النهاية سوف تتجاوزها.

كما قال أن التقدم سيسمح للعلماء بتوثيق الأضواء العابرة والتي شوهدت سابقاً فقط. بالإضافة إلى اكتشاف أنواع جديدة من المخلوقات المضيئة وأضاف أن التقدم المستمر سيكون نصب تذكاري حي للدكتور بييب والعالم الخفي المضيء والمتوهج الذي اكتشفه في ظلمة الأعماق.

قال “د. هادوك”: “مازلنا نتناول أنواع الملاحظات التي عملها ولا يزال هناك الكثير لتعلمه“.

المصدر

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *