كيف تحد من الانفعال المُتكرر
الكاتب: مايكل تومسون
الترجمة: درة المطوع.
التدقيق ومراجعة: أسامة خان.
حدث ذات مرةٍ أنّ ابني ذا السنتين -ونحنُ تناول الفطور معًا- أراق الحليب، كما قد يفعل أي طفل في مثلِ سنّه. وعلى أثرِ ذلك فقدتُ أعصابي وأخذتُ أصرخُ في وجهه بطريقةٍ خجلتُ منها أيّما خجل، وهذا حتى قبل أن يندلقَ الحليب من فوقِ الطاولة ويسيل على الأرضية. فما كان من غضبتي هذه إلا أن ألجمته فزعًا.
إنّ لِكلماتِنا قوّة عظيمة حسنةً كانت أو سيئة. فكلّ صرخةٍ في وجهِ أحد أو كلمةٍ قيلت لِتحط من قدره هي أذى له. مع ذلك، قد لا تُبصر الآثار التي تُخلفها نوباتِ غضبِك، وسبب هذا؛ أنّ العالم يُجبر الناس على كبتِ مشاعرهم. أمّا مع الأطفال، فالأمر مُختلف، حيث أنّ وجنتي ابني المُبللتين بالدموع ويداه المُرتعشان أخبرتني بكلِ ما أحتاجُ إلى معرفته.
رغم أنّي أتمنى أن أعيدَ الزمن لِما قبل حادثة الفطور، إلا أنّها لم تذهب سُدى. فقد حفزني ابني لتحسين تصرفاتي.
هذه التدريبات الثلاث تُساعدني على أن أتمالك أعصابي في لحظاتٍ يمتحن الناسُ صبري فيها.
عبّر عمّا حدث من وجهةِ نظرِ من آذيت
أخبرتُ زوجتي بالحادثةِ التي فقدتُ فيها أعصابي وأخفتُ ابننا، مُلقيًا اللوم على الإرهاق الذي كنتُ أعانيه بسبب ضغط العمل وقلة النوم. لكنّها لم تغضب لِذلك، ولم تُلقِ علي موعظةً عن أهميّة ضبط النفس؛ بل ذكرتني بحقيقةٍ معروفة: الأعذار ليست حلًّا.
ثمّ حثتني لأجلس وأكتب عن هذه الحادثة كما يراها ابني، مثلًا؛ إذا غضب شخصٌ يكبرني ضعفين بسبب أمرٍ تافهٍ، فعلى أي حالٍ ستكون مشاعري؟ وبِماذا أحسستُ بعدما تصرف أبي هكذا؟ وهل نفرتُ منه عندما همّ بعناقي؟
قد يسبب هذا التدريب ألمًا؛ لكنّ له فائدةً في تضميد الجروح القديمة، وتلافي جروح أخرى جديدة.
اطلب النصح مِمن تثقُ به
في وقتٍ سابقٍ من هذه السنة، ردًّا على مقالي «كُف عن التفكير بأن إنجابك الأطفال سيدّمر أحلامك». تجاوبت إحدى القارئات مع ما كتبتُ بِحدّة، وعجِبت من شدّة تعاطفي مع النساء. كان الردّ عليها بِالمثل هو التصرف الطبيعي؛ لأني توقعتُ أنها أساءت فهم مقصدي من المقال، ولِذا كنت مُتأهبًا لأبرر أفعالي.
على أنّي -مُتبعًا نصيحة أحد الأصدقاء- تجنبتُ سكب الزيت على النار. وبدلًا من ذلك، استعنتُ بآراء بعض النساء؛ لأني أردتُ أن أستوثق إن كان ذلك التعليق النقديّ يحمل أي قيّمة، وكان كذلك. ولم تنتهِ مؤازرة تلك النسوة عند هذا؛ بل أردن أن يُقدمن لي العون في كتابةِ الرد الذي حررتُه.
وبِهذا تعلمتُ درسًا قيّمًا؛ إنّ من نثق فيه لا يُرشدنا إلى الصواب فحسب، بل يُعلمنا مالذي نفعله إن أخطأنا.
تنفسّ الصعداء
بينما كنّا -أنا وزوجتي- نسير في طريقنا لمكانِ العمل، تناقشنَا في مسألةٍ لم أُرد تجاوُزها، وقبل أن نفترق قلتُ لها كلماتٍ لا تليقُ بأيّ أحد: «أنا على صواب، وأنتِ على خطأ».
في تلك الليلة، رحل الدفءُ عن سرير نومِنا.
غير أنّ تصرفاتي اختلفت، وذلك لأنّي كنتُ أحاول أن أتحكم بزمام أعصابي. وعندما بدأنا أنا وزوجتي في جدال آخر، تذكرتُ -هذه المرة- نصيحة أمي: «أسرع طريق لتخسر في أي جدال؛ هي أن تُصر على أن تقول الكلمة الأخيرة». فالتقطتُ نفسًا عميقًا، ونظرتُ إلى عيني زوجتي، واعتذرتُ لها، ثمّ خضنا في موضوعٍ آخر أكثر إيجابية. ولاحقًا بعد الظهر، وصلتني رسالةٌ تقول: «أحبّكَ».
إنّ مُقابلاتنا اليوميّة مع الآخرين لها تأثيرٌ على جزءٍ كبير من سعادتِنا. فعندما تأخذ أي مُحادثة منحنىً غير محمود، أمسك عن الحديث، وأسأل نفسك ثلاثة أسئلة: هل يستحق الأمر هذا الجهد؟ ولو أخفق الآخر في الجدال، هل يعني هذا أنّي المُنتصر؟ هل هذه هي الطريقة المُثلى لقضاء الوقت مع من أهتمّ به؟
لن يكفّ الناس عن عملِ ما يُؤذينا، بل حتى ما يُثير غضبنا. بيد أن استخدام وسائل هدفها ضبط النفسِ في صغائر المشاكل، ستجعلك مُهيأً للتعامل مع كبائرها التي ما تفتأ تضعها الحياة في طريق سيرِك.
والآن عندما يُريق ابني الحليب، فإني التلقط منشفةً، وأقول له مازحًا: «أخبرتُك أن تكفّ عن إطعام قطتنا الخفيّة من على الطاولة». ثمّ نتعاون جميعًا على تنظيف الفوضى.
أحدث التعليقات