الإنتاجية الجديدة
الكاتب: بنديكت إيفان، خبير ومستشار في مجال التقنية والشركات الناشئة، شريك في صندوق رأس المال الجريء اندرسين هوروتز (Andreessen Horowitz) والذي يبلغ حجمه 4.2 مليار دولار.
27 سبتمبر 2019
ترجمة: محمد عامر الرميح MohamadAlrumaih@
تدقيق ومراجعة: رهف الفرج
نحن في منتصف موجة من برمجيات الإنتاجية الناشئة والمثيرة للاهتمام، هناك العديد من الشركات التي قامت بمزج عدة مجموعات من القوائم والجداول والرسوم البيانية والمهام والملاحظات وقواعد بيانات المصنفة (light-weight) والنماذج مع بعض أدوات العمل التعاوني مثل المحادثة المباشرة أو مشاركة المعلومات، هذه الشركات تقوم بتجزئة ثم إعادة تجميع جداول البيانات ورسائل البريد الإلكتروني ومشاركة الملفات، فحصلنا على منصة للإنتاجية أكثر ثراءً تمزج كل هذه الأمور مع بعضها بطرق نابعة من مفهوم الانترنت والعمل التعاوني، عوضاً عن شبكة مسطحة من الخلايا وقائمة غبية من الملفات وقائمة غبية من ملفات النصوص الصغيرة (وهذا ما يمثله البريد الإلكتروني في الواقع).
ثم لدينا موجة أخرى من شركات الإنتاجية والتي تستهدف مهنة معينة تقوم بربط كل المهام الموزعة على جداول البيانات والبريد الإلكتروني وأدوات مشاركة الملفات ثم تحولها لشئ جديد من التدفق المنظم، على سبيل المثال:
- (frame.io) فرام أي أو: جعلت محترفي الفيديو ينقلون مهام متابعة النسخ ومراجعتها والتعليق عليها من مستندات قوقل والبريد الإلكتروني وأدوات مشاركة الملفات (وحتى من الأقراص الصلبة المشحونة بالبريد!) إلى أداة ذات تدفق عمل حديثة ومنظمة.
- (Everlaw) إيفر لاو: (احدى استثمارات شركة صندوق رأس المال الجريء a16z) جعلت المحامين ينقلون عملية الاستكشاف (معاملة ومراجعة والتعليق على مئات الآلاف من المستندات والوثائق) من جداول البيانات والبريد الإلكتروني وأدوات مشاركة الملفات إلى أداة ذات تدفق عمل منظم، بالإضافة إلى التحليل بواسطة تعلم الآلة.
- وبعد ذلك، نذهب أيضاً خطوة إلى الأمام، (Figma) فيجما أو (Onshape) أون شيب: (استثمار آخر لصندوق a16z) نقلت كل المهام (إنشاء الواجهات والتصميم ثلاثي الأبعاد بواسطة الحاسوب (3D CAD) على التوالي) من تطبيقات أجهزة حاسوب مستقلة بذاتها والتي تقوم بحفظ ملفات العمل في مجلدات مشاركة إلى تطبيقات ويب جديدة تعتمد على العمل التعاوني. (أرغب جداً بأن يقوم شخص ما بعمل عرض عن هذا الموضوع)
جزء من إبداع الشركات في كلا الموجتين هو أنه بمجرد جمع ملفات إكسل أو ورد أو باوربوينت في تطبيقات ويب جعل من مسألة مشاركة الملفات عملية أكثر سلاسة ولكنها في الواقع لم تقم بإنشاء مخطط تدفق عمل جديد، إذا افترضنا أني محامي أقوم بمراجعة ملفات قضية ما فإن نسخ أسماء الملفات في مستندات قوقل هو على الأرجح أفضل من نسخها في ملفات إكسل على وسائل التخزين المشتركة ولكن على الرغم من ذلك فهذا ليس جيدًا بما يكفي لكي تكون أداة حقيقة.
على التوازي أيضاً لدينا مجموعة أخرى من الشركات الناشئة والتي تعتمد على إنشاء سوق متكامل ذو اتجاهين والتي تربط مقدمي الخدمة مع عملائهم وتقدم مع ذلك عدة أدوات وخدمات تتمحور حول الخدمة الأساسية، استثمر صندوق a16z في (Honor) أونر وهي شركة خدمات عناية منزلية وأيضاً في (Incredible) انكرِدبل وهي شركة تعمل في مجال التمريض، وهناك العديد من الشركات تعمل كل شئ تقريبًا سواء كانت تتعلق بقائدي المركبات أو عمال منصات النفط أو تمشية الكلاب أو أعمال الحديقة، قد يتبادر للذهن بأن لا علاقة لذلك بالإنتاجية ولكن في الحقيقة هو عبارة عن تفكيك وإعادة مزج لجداول البيانات والبريد الإلكتروني وملفات المشاركة ولكن من اتجاه آخر. إذا أردت أن تحجز (س) الطريقة القديمة هي أن تقوم باستعراض قاعدة بيانات من الطراز القديم أو جدول بيانات وأيضا الاتصال أو الفاكس او بواسطة البريد الإلكتروني، والطريقة التي تحل بها هذه المعضلة ليست بالانتقال من إكسل إلى جداول بيانات قوقل وليست أكثر من الطريقة التي تحل بها مشكلة تتبع تعديلات الفيديو أو مراجعة المستندات القانونية وذلك بالانتقال من إكسل إلى جداول بيانات قوقل بل تحل هذه المعضلة بإنشاء تدفق عمل مخصص وأدوات مخصصة، تعد أونر هي نفسها فيجما وهي خدمات مساعدة منزلية.
وعلى ضوء ما سبق فإن موقع لينكد إن جزء من هاتين الموجتين حاول أن ينجح في هذا المجال حيث استغنى عن دفتر العناوين القديم وحوله إلى تدفق عمل منظم ونوعًا من الشبكات، ولكن عندما تفعل ذلك للجميع فإن المشكلة ذاتها ستتواجد مجددًا في جداول البيانات أو ملفات المشاركة أو البريد الإلكتروني فهي ثابتة، لم تعد تستوعب لوحات القاسم المشترك الأدنى التدفق الذي تحتاجه بعض المهن والمهام، هذا هو الجانب الآخر من الفرصة لشركات مثل أونر أو انكردبل: نحن فككنا لينكد إن كما قمنا سابقاً بتفكيك وتجزئة إكسل (كتب زملائي في a16z عن هذا الموضوع هنا).
في 2010، قام أندرو باركر برسم بياني يعرض كم من الشركات الناشئة كانت جزءًا من موقع (Craigslist) كريجلست – هو موقع أمريكي أنشىء عام 1995 وهي قاعدة بيانات تحتوي إعلانات مصنفة تشمل كل شئ تقريباً – والآن أصبحت أسواقًا مخصصة ومتكاملة، اليوم سنقوم بتفكيك وتجزئة كلٍ من لينكد إن وإكسل بنفس الطريقة ولنفس الأسباب. هناك نكتة قديمة تقول أنه كل وظيفة في نظام يونكس أصبحت شركة انترنت بذاتها الآن نقول بأن كل قسم في كريجلست أو فئة في لينكد إن أو قالب في إكسل أصبح شركة. بناءً على المشكلة نفسها قد يكون الحل في منصة عمل تعاوني أو في تطبيق تواصل جديد أو في شبكة تواصل جديدة أو سوق إلكتروني جديد وبإمكانك الانتقال والتبديل بين نموذج وآخر. وتعد (Github) قيتهب في الأساس أداة للتطوير والبرمجة أصبحت هي أيضاً شبكة تواصل لقد أصبحت بمثابة موقع لينكد إن ولكن للمطورين.
ولكن بعد ذلك ما زالت ليست ساكنة، في مرحلة ما ستكتشف تطبيقات الإنتاجية أن الأشخاص قد تربكهم المنصات المرنة ذات النماذج الحرة التي تسمح بأن تمزج بعض التشكيلات من القوائم والجداول والرسومات والمهام والملاحظات وقواعد البيانات المنصفة والنماذج وبعض أدوات التعاون ولذلك عليك صنع بعض القوالب ربما أحدها تكون لإدارة علاقات العملاء وأخرى للفعاليات وثالثة لتذاكر الدعم بعد ذلك كل واحدة من تلك القوالب قد تصبح شركة، بإمكانك تفكيك المجزأ وإعادة تركيبه.
وفي غضون ذلك، قبل عدة سنوات أخبرني أحدى المستشارين بأنهم بالنسبة لنصف أعمالهم أخبروا أولئك الأشخاص الذين يستخدمون إكسل بأن يستخدموا قاعدة بيانات وأخبروا النصف الآخر الذين يستخدمون قاعدة بيانات بأن يستخدموا إكسل، من الواضح بأنه هناك مرحلة ما في حياة أي شركة حيث يتوجب عليهم الإنتقال من قوائم يتم إعدادها على شكل جداول إلى أداة أكثر تطوراً في أحد تطبيقات الإنتاجية ولكن عندما تكون هذه الأداة تدير عمل عدد كبير من الناس قد يكون من الأنسب الإنتقال إلى خدمة مخصصة لتلك المهمة، على كل حال حتى موقع كريجلست بدأ بكونه قائمة بريدية ثم انتهى به المطاف بأن يكون قاعدة بيانات. ومع ذلك في مرحلة ما إذا كانت المهمة خاصة بشركتك ومركزية بالنسبة لها، قد ينتهي بك المطاف بالقيام بتجزئة وتفكيك قوة المبيعات أو نظام ساب (SAP) أو أي نظام تكاملي آخر ثم تعود مرة أخرى إلى البداية.
بالطبع هذه هي دورة حياة البرمجيات الريادية، قامت حاسبات شركة أي بي أم (IBM) بدمج أعمال الآلات الحاسبة المستخدمة في أعمال المحاسبة والتي يستخدمها جاك ليمون في الصورة أدناه وأيضاً دمجت معها أعمال الحفظ والأرشفة وكذلك رسائل التلفون، ثم أتى نظام ساب وقام بفصل أنظمة أي بي أم ولكن برأيي هناك اتجاهين رئيسين حاليًا وهما:

أولاً، كل فئة من التطبيقات بنيت من جديد بصفتها تطبيق ويب مما سمح بالتطوير المستمر والانتشار وتتبع الأعمال والعمل التعاوني. وكما يظهر من ما قامت به شركة فرايم أي أو (فيديو!) وشركة أون شايب (التصميم ثلاثي الأبعاد بواسطة الحاسوب) أنه لا يوجد تطبيق أصلي في أجهزة الكمبيوتر لا يمكن إعادة بنائه كتطبيق على الويب. وعلى التوازي من ذلك، كل شئ يجب أن يكون مرتبطًا ومبنيًا على العمل التعاوني، وعلى الأغلب أن طريقة العمل على ملف مزدوج ثم حفظه في ملف مشاركة ستختفي مع الزمن (ويمكن عمله بواسطة برنامج كمبيوتر ولكن عملياً لن يتم ذلك) إذاً هناك تغييرات كبيرة وهذا يؤدي أيضاً لإنشاء شركات جديدة.
ثانياً، وهو الاتجاه الأكثر أهمية، الجميع على اتصال بالانترنت حاليًا والسبب وراء اهتمامنا بمجال التمريض أو قيادة الشاحنات أو أعمال منصات البترول هو أن هناك جيل كامل خرج إلى الدنيا وكبر في العمر بعد ظهور الانترنت، وكبر ومعه أجهزة جوال ذكية ويَفترض بأن كل جزء من حياته يمكن تحقيقه بواسطة أجهزة الجوال الذكية. في عام 1999 قد يبدو توظيف عمال منصات البترول بواسطة تطبيق جوال سخيفاً، أما الآن فإنه قد يبدو سخيفاً إن لم تفعله. وهذا يعني أنه الكثير من المهام ستنتقل لتكون على البرامج حتى لو لم تكن عليها من قبل.
أحدث التعليقات