موجات أطول وحرارة أسخن تواجهها البحيرات بحلول نهاية القرن الحالي

ترجمة بتصرّف لمقال: (Lake heatwaves will be hotter and longer by the end of the century by AYESHA TANDON)

كتابة:عائشة تاندون.

ترجمة: نوف القحطاني.

تدقيق: ريم ريحان. @reemrayhan

مراجعة نهائية: ياسمين القحطاني.

 

تحذّر دراسة حديثة من تغير المناخ الذي يسبب زيادة تواتر وشدّة «موجات حرارة البحيرات» ومدتها.

يشير البحث المنشور في موقع (نيتشر) إلى أن موجات ارتفاع حرارة البحيرات قد تتكرر ما بين ٣ إلى ١٢ مرة بحلول نهاية هذا القرن وستكون أكثر ارتفاعًا بدرجة تتراوح ما بين ٠,٣ إلى ١,٧ درجة مئوية.

كما يحذّر المؤلفون مع تزايد درجات حرارة البحيرات بأن موجات الحر السابقة ستصبح هي الدرجات الطبيعية، وستواجه البحيرات في بعض الحالات «موجة الحرارة الدائمة» بحلول نهاية القرن حتى مع تقليل الانبعاثات الكربونية.

ويقول الكاتب الرئيسي لموقع كاربون بريف بأنه يتوقع أضرارًا كارثية للأنظمة البيئية لبعض البحيرات والتي قد يكون لها تأثير دائم على المجتمعات المحلية التي تعتمد على البحيرات من أجل العيش.

 

ما هي موجات ارتفاع حرارة البحيرات؟

تُعرَّف الدراسة «موجات حرارة البحيرات» بتعريف مشابه لموجات الحر البحرية، وهي مدة زمنية لا تقل عن ٥ أيام من «الحرارة الشديدة» للمياه السطحية، ويُمثل هذا الحد ٩٠٪؜ -بمعنى أن درجة الحرارة ترتفع ١٠٪؜ فقط في المناخ الطبيعي- كما يختلف متوسط درجات الحرارة المناخية بين البحيرات باختلاف هذا الحد اختلافًا طفيفًا لكل بحيرة حول العالم.

ما زال مفهوم موجات حرارة البحيرات جديدًا كما يقول المؤلف الرئيسي د. ريتشارد وولواي من وكالة الفضاء الأوروبية على موقع كاربون بريف:

«إن أهم اكتشاف لنا هو فهم جديد لموجات حرارة البحيرات… نعرض ولأول مرة موجات الحرارة المتكررة في البحيرات والتي تُعد شديدة الحساسية للتغيرات المناخية».

تُحدد الدراسة الحديثة أثر تغير المناخ في شدة موجات الحرارة وتواترها ومدتها في ٧٠٢ بحيرة حول العالم، وتستخدم عملية رصد الأقمار الصناعية ومحاكاتها من خلال نموذج بحيرة المياه العذبة ومسيّرة بأربعة نماذج؛ لمحاكاة درجات حرارة سطح المياه اليومية خلال القرن ٢٠ و٢١. 

يوضح الجدول أدناه متوسط كثافة موجات حرارة البحيرات ومدتها في نهاية القرن العشرين (١٩٧٠-١٩٩٩م) والمتوقعة في نهاية القرن الحادي والعشرين (٢٠٢٧-١٩٩٩م) حيث عُرض فيها توقعات لانبعاثين في  القرن ٢١ (سيناريو مسار التركيز التمثيلي ٢,٦ للانبعاثات الكربونية المنخفضة) و (سيناريو مسار التركيز التمثيلي ٨,٦ للانبعاثات الكربونية العالية جدًا).

 

 

2070-2099م

تصوّر الانبعاثات العالية

2070-2099م

تصور الانبعاثات المنخفضة

1970-1999م

 

5.4

4.0

3.7

معدل شدة موجات الحر (C)

95.5

27.0

7.7

معدل مدة موجات الحر (days)

 

يعرض الجدول معدل موجات الحر للبحيرات ومدتها في ١٩٩٩-١٩٧٠م و٢٠٩٩-٢٠٧٠م لتصورات الانبعاثات مسار التركيز التمثيلي 2.6 ومسار التركيز التمثيلي ٨,٥، مصدر البيانات: وولواي وآخرون. (٢٠٢١)

 

تصنف الدراسة موجات حرارة البحيرات من خلال الشدّة سواء معتدلة أو قوية أو حادة أو شديدة، ويعرض الرسم البياني أدناه عمليات محاكاة للإجمالي السنوي «لأيام موجات الحرارة» ولأربع شدّات تعود من عام ١٩٠٠م إلى عام ٢١٠٠م وفقًا لثلاثة تصورات مختلفة للانبعاثات (تتضمن هذه المرة مسار التركيز التمثيلي ٦,٠).


متوسط العد السنوي العالمي لاعتدال «أيام موجات الحرارة» أو قوتها أو حدتها المُحاكاة لمسارات التركيز التمثيلية ٢,٦ و٦,٠ و٨,٥ ما بين ١٩٠٠-٢١٠٠م البيانات من وولواي وآخرون (2021)، والرسم البياني من موقع كاربون بريف باستخدام مكتبة هاي تشارتس للرسم البياني.

هنالك ما يقارب ١٥ يوم من متوسط أيام موجات الحرارة لبحيرات سنويًا خلال القرن العشرين في جميع أنحاء العالم، وصُنّف معظمها «بالمعتدلة» غير أن مجموع عدد أيام هذه الموجة في ازديادٍ ملحوظ منذ عام ٢٠٠٠م في جميع اختبارات تصور الانبعاثات الثلاثة.


وفي أقل توقّع للانبعاثات حسب مسار التركيز التمثيلي ٢,٦ وُجد ما يقارب ١٠٠ يوم من أيام موجات الحر السنوية مُقسّمة بالتساوي ما بين فئات الشدة الأربع بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، فحسب أعلى توقع للانبعاثات في مسار التركيز التمثيلي ٨,٥، يوجد أكثر من ٢٠٠ يوم من أيام موجات الحر السنوية والتي صُنّفت معظمها «بالحادة» بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين.

 

موجات الحر الدائمة للبحيرات 

تكون البحيرات في حالة «موجات حرارة الدائمة» عندما تتجاوز درجات حرارة سطحها الدرجة القصوى لمدة عام كامل، كمل يُظهر الرسم البياني أدناه عدد البحيرات الخاضعة للدراسة من أصل ٧٠٢ بحيرة والمُتوقع وصولها لهذه الحالة بنهاية القرن الحادي والعشرين.

يعرض الرسم البياني أدناه البيانات السابقة باللون الأسود، ومسار التركيز التمثيلي ٢,٦ لتصوّر الانبعاثات المنخفضة باللون الأزرق، ومسار التركيز التمثيلي ٦,٠ لتصوّر الانبعاثات المتوسطة باللون البرتقالي، ومسار التركيز التمثيلي ٨,٠ لتصوّر الانبعاثات العالية باللون الأحمر.

عدد البحيرات -من إجمالي ٧٠٢ من البحيرات التي حققت «موجة حر دائمة» طوال القرن الحادي والعشرين لثلاثة تصورات من الانبعاثات. المصدر: وولواي وآخرون (٢٠٢١).

لم تمرّ أيًّا من البحيرات التي خضعت للدراسة لموجة حر دائمة قبل عام ٢٠٠٠م، ولكن سيسفر مسار التركيز التمثيلي ٢,٦ الأقل انبعاثًا عن موجات حر دائمة في بعض البحيرات التي خضعت للدراسة بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، كما حققت ٨١ بحيرة خاضعة للدراسة من أصل ٧٠٢ حالة موجة الحر الدائمة بحلول عام ٢٠٩٩م في التصوّر الأعلى للانبعاثات، وعبّرت الأستاذة المساعدة في علم طبقات الأرض في جامعة ولاية إلينوي د. كاثرين أورايلي -والتي لم تُشارك في الدراسة- على موقع كاربون بريف عن أهمية هذه النتائج:

 

«لقد فوجئت وذُعرت قليلًا من رؤية العديد من البحيرات التي ستبقى دائمًا في حالة «موجة الحر» بطريقة أساسية، ومن الصعب تصور عدم وجود تغييرات قوية في بيئة البحيرات في ظل هذه الظروف، وسيبدو الأمر كما لو أننا نعيش في كوكب آخر».

وجدت الدراسة بأن موجات الحرارة السطحية تدوم لفترة أطول وبشدةٍ أقل في البحيرات العميقة -حتى عمق ٦٠ مترًا- مقارنة بالبحيرات الضحلة؛ لاحتواء البحيرات العميقة مياه وافرة والتي بدورها تمدّ بالحرارة، كما يُخبر وولواي موقع كاربون بريف الآتي:

«نُطلق على هذا القصور الذاتي الحراري بالقطار الثقيل الذي يستغرق وقتًا أطول عند الإسراع والإبطاء مقارنة بالمركبة الأخف وزنًا كالسيارة،  لذا فإن ارتفاع درجة حرارة البحيرات العميقة ونزولها أبطأ من البحيرات الضحلة، مما يقلل شدة موجات الحر ولكنها تدوم لفترة أطول».

تُعلق أورايلي حول القصور الذاتي الحراري مشيرةً إلى أنه قد يؤدي إلى تأثيرات بيئية جسيمة خاصة في البحيرات العميقة وقالت: 

«إن من أهم القضايا حول البحيرات تكمن فيما إذا كان تأثير موجة الحرارة كبير عليها أم لا، فنحن لا نعلم مدى سهولة استعادة البحيرة طبيعتها بينما قد تناضل البحيرات العميقة أكثر في ذلك، كما يشير المؤلفون إلى درجة الحرارة ولكننا سنحتاج إلى معرفة ما إذا كانت هذه الحالة تنطبق على الجوانب الأخرى لبيئة البحيرة».

 

 

أين تقع أكثر موجات الحر حدة للبحيرات؟

تشير الدراسة إلى أن البحيرات المشمولة في هذه الدراسة البالغ عددها ٧٠٢ يمكن تقسيمها إلى «مناطق حرارية» بناءًا على الأنماط الموسمية لدرجة حرارة السطح، فمثلًا بحيرة تانا في أثيوبيا – منبع النيل الأزرق– تُعد بحيرة منخفضة الارتفاع «المنطقة الحارة الجنوبية»، وبحيرة لوتش لوموند في إسكتلندا عالية الارتفاع «المنطقة الباردة الشمالية».

تعرض الخريطة اليسرى البحيرات ومناطقها الحرارية ويعرض الرسم البياني بالأيمن معدل نمط درجات حرارة سطح البحيرة السنوي لتسع مناطق حرارية. 

٧٠٢ من البحيرات من قاعدة بيانات HydroLakes العالمية، مقسمة إلى تسع دورات مناخية موسمية، المصدر: Woolway et al (٢٠٢١).

تتواجد البحيرات ذات التباين المرتفع في درجة حرارة سطحها عادة عند خطوط العرض العليا، في حين أن تباين البحيرات الاستوائية الموجودة عند خطوط العرض المنخفضة يكون أقل، كما وجدت الدراسة أن البحيرات عند خطوط العرض العليا تشهد عادةً موجات حرارة حادّة مقارنة بالبحيرات التي تقع عند خطوط العرض المنخفضة.

وكما أن موجات الحر للبحيرات تصبح أكثر شِدة وأطول مدة، فقد بدأت بالظهور في أوقات مختلفة من العام، وتوضّح الورقة عند تصوّر الانبعاثات العالية أنه لن تكون موجات الحر للبحيرات مقيدة بموسم واحد وإنما ستمتد لمواسمٍ عديدة.

 

 

تأثير موجات الحر للبحيرات 

يتحدث وولواي لموقع كاربون بريف بأن موجات الحر للبحيرات قد تقلل عدد المخلوقات الفريدة التي تعيش في البحيرات –في بعض الحالات لدرجة حرجة– وأضاف بأن موجات الحر الحرارية قد عرّضت الكائنات المائية لظروفٍ جديدة وفي بعض الحالات مميتة مما قد يؤدي إلى زيادة معدلات خطر حدوث النفوق الجماعي كنفوق الأسماك.

ويواصل وولواي حديثه قائلًا إن موجات الحر للبحيرات تزيد من تكاثر الطحالب، مثل: «البكتيريا الزرقاء المنتجة للسموم» والتي يمكنها أن تهدّد تهديدًا صحيًا خطيرًا للماشية والحيوانات الأليفة والبشر، كما تؤثر على توفير المياه الصالحة للشرب والريّ.  

قد تكون التأثيرات البيئية لفترات الحر الشديدة في البحيرات أقوى من موجات الحر البحرية والبرية، فوفقًا لقول د. أليستير هوبداي، مدير الأبحاث في منظمة الكومنولث للأبحاث العلمية والصناعية (CSIRO) في أستراليا -والذي لم يشارك في الدراسة- لموقع كاربون بريف:

«يمكن للعديد من الأنواع المعرضة لضغط موجات الحر في الأنظمة البحرية والبرية أن تهاجر إلى المياه الأكثر برودة وفي البحيرات، وبسبب الحدود البرية كان الملجأ الوحيد هو الارتحال إلى المياه الأعمق والأكثر برودة.. لذلك أتوقع أن تكون التأثيرات البيئية لموجات الحر في البحيرات مفاجئة بالنسبة لعلم الأحياء مما كانت عليه في المحيطات».

وتشير الدراسة إلى أن الكائنات المائية في المناطق القريبة من درجة الحرارة القصوى الصالحة للسكن ستتأثر خاصةً بموجات حرارة البحيرات، كما يلاحظ هوبداي أن هذا البحث قد يكون مفيدًا للمسؤولين عن البحيرات لتخطيط طريقة تعاملهم مع موجات الحرارة، وأشار كذلك بأن الطريقة الوحيدة لتقليل تواتر موجات الحرارة وحدتها ومدتها على المدى البعيد هي تقليل الاحتباس الحراري.

وتضيف المؤلفة المشاركة في الدراسة من معهد دوندالك للتقنية في إيرلندا د. إليانور جينينغز بأن المعرفة حول موجات حرارة البحيرات نفسها ليست كافية ما لم تُحوّل إلى أفعال:

«إن المعرفة باحتمالية حدوث تغييرات مفاجئة وشديدة ليست كافية، ويجب أن تُحوّل هذه المعرفة إلى إجراءات فردية وحكومية لتجنب العواقب الفادحة على البحيرات والكائنات التي تعيش فيها».

 

 

المصدر 

مُدوّن في الموقع أنه مسموح بإعادة استخدام المحتوى ونشره 

 

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *