ما سر رشاقة اليابانيين بالرغم من ندرة ذهابهم إلى النوادي الرياضية؟

ترجمة بتصرّف لمقال: (How Japanese People Stay Fit for Life, Without Ever Visiting a Gym, By Kaki Okumura)

 

لمن لا يكفّ عن رؤية الرياضة أنها أمر مُنفِّر مُضجِّر.



بقلم: كاكي أوكومورا Kaki Okumura 
ترجمة: أسرار القحطاني (@asrarss)
تدقيق: منة الله حسين @MennaFarraj
مراجعة نهائية: ندى محمد

تهيبني كثرة الإعلانات والصور التي تروّج للياقة البدنية في أمريكا، وسترى الناس حولك بلباسٍ رياضي في الأغلب، ويبدو أن أكثرهم يرتاد نوادٍ رياضية مثل (Anytime Fitness) و(24 Hour Fitness) و(LA Fitness)، ونلاحظ وجود نادٍّ مجاني في أي فندق لائق أو جامعة نموذجية، وقد يُّوفر لبس رياضي بمبلغٍ رمزي كذلك، ولا ننسى أن هذا منشأ اليوغا التي يطلق عليها (Alo Yoga) وشركة Crossfit، ويدوّن أصحاب الحسابات الناجحة في الإنترنت عن اللياقة البدنية، ويتشارك معظم الناس تمارينهم الرياضية على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي كما يتشاركون صورًا لطعامهم. 

حديثنا عن دولةٍ هي أولى الدول في طول عمر سكّانها، وتقل فيها نسب السمنة، فتُقدّر بـ4.3% -فهي ضمن الشعوب المتقدمة الأعلى دخلاً، أقل سمنةً- والمفاجئ إنه قليلٌ ما ترى وتسمع بالتمارين الرياضية عند هذا الشعب، وليست الألبسة الرياضية الرائجة ما يرتاده أغلب الناس، كما أن أكثرهم لا يسجل في نادٍ رياضي، ولا يقوم الموظفون خلال استراحة غدائهم بزيارة ناديهم لحصةٍ رياضية إلا ثُلّة نادرة، وتلك الثُلّة النادرة شديدةً في حرصها على ممارسة التمارين الرياضية. 

وتظهر استبانة حديثة قامت بها راكتون إنسايت (Rakuten Insight) أن من بين ألف يابانيّ أعمارهم بين العشرين و الستين لا يلتفت حوالي نصفهم إلى التمارين الرياضية أبدًا، أو ربما يمارسونها مرةً شهريًا، وأجابوا عن ذلك أنهم لا يملكون الوقت الكافي أو بقلة اهتمامهم بالتمارين الرياضية، موضحًا أكثرهم إن الرياضة ليست جزءًا من حياتهم. 

فما سرّهم إذن؟ 





مفهوم اليابانيين عن التمارين الرياضية

إن أمعنّا النظر في مفهوم اليابانيين عن الرياضة نجد أنها تعني لهم التدريبات والتمارين الرياضية، وهذا يعني أنه لا يُشترط أن يتمرن في نادٍ رياضي، ولا أن تكون بالضرورة حمل أثقال، ولا ركضًا لآلاف الأمتار، ربما جلّ ما نحتاجه ذلك النوع من التمارين الذي لا يخلو يوم أحدٍ منه: المشي.

ما تشير إليه نتائج الاستبانة أعلاه ليس انتقاصًا من التمارين الرياضية وأهميتها للصحة، بل ما يراه اليابانيّ في الحركة وأنها لا تقتصر على التمارين الرياضية المعتادة. يمشي البالغ اليابانيّ في يومه ما يقارب 6500 خطوة، فالذكور في العشرينات إلى الخمسينات يسجّلون بمعدلٍ يومي 8000 خطوة تقريبًا، والإناث في نفس الفئة العمرية نحو 7000 خطوة، وأهل محافظة أوكيناوا اليابانية (Okinawa) خاصّةً يُعرفون بثقافة مشيهم، ويحرصون على الحركة خلال يومهم، كما استطاعت محافظة ناغانو اليابانية (Nagano) خفض نسب الجلطات العالية بعمل أكثر من مئة ممشى، مما جعل سكّانها من أعمر اليابانيين. 

“أول ما أردناه استحسان الناس المشي، وهم حتمًا قادرون عليه؛ تمشي، فتتحدث إلى أحدهم، فتحصّل الفائدة من هذا التمرين، ويساعدك هذا في بناء علاقاتٍ مع من حولك.” 

— أكيرا ساجينويا (Akira Sugenoya)، محافظ مدينة ماتسوموتو اليابانية 

يسكن أكثر الشعب الياباني في مدنٍ تشجّع المشي؛ فوسائل المواصلات ميسّرة وآمنة ومقدورٌ عليها، وقليلٌ هم من يملكون سيارة يتنقّلون بها من مكانٍ إلى آخر، ولذا يمشي أكثر اليابانيون إلى عملهم، ويتبضّع الناس مشيًا، وتذهب العوائل إلى المطاعم سيرًا، نحن نتحدث عن نشاط يزاوله الجميع، جيلٌ بعد جيل، فهو جزءٌ رئيسٌ في حياة كل فرد، وهو في أهمية التنفس. 

ممارسةٌ حياتية لجسدٍ معافى

ليس مقصدي دفعك لترك تمارينك الرياضية؛ فأنا شغوفة بالتمرّن، وأقضي بضع ساعاتٍ أسبوعيًا في تمارينٍ عدّة، كالركض وركوب الدراجة والسباحة وتمارين أخرى تعتمد على وزن الجسم (Calisthenics)، ولا أشكك في فوائد التمرين، بل أجده داعمًا لصحتي العقلية والجسدية. 

قد تَصعُب الرياضة على من لم يعتادها، ومن الممكن أن تصل بك المشقة إلى شعور بالخذلان والذنب المستمر، فتجعلك تعتقد أن الأخذ بنظامٍ صحي والاستمرار عليه، جائز فحسب لأولئك المنخرطين في الرياضة، من جعلوا حمل الأثقال والركض عادة لا ينفكون عنها. 

ما أريد توضيحه: مثلما أن الطعام الصحي لا يعني الالتزام بأكل السلطات طوال الوقت، فالرياضة كذلك لا ينبغي أن تكون حكرًا على ما يقام في النوادي الرياضية؛ ربما تجد النفع، كل النفع، في مزيد من المشي.

المصدر

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *