كيف تدفع فريقك لأخذ المخاطر وخوض التجربة؟

تدقيق: أمنية حسن
مراجعة: محبرة
أعلم أن معظم المديرين يريدون من موظفيهم أن يتمتعوا بالفضول، وأن يخوضوا التجربة؛ لأخذ زمام المبادرة وتطوير المنتجات والحصول على حلولٍ جديدةٍ. ولكن، كما يبدو، أن المديرين أيضًا يريدون أن يشرفوا بتزمت، ويتحكموا بالنتائج من خلال طرقٍ آمنةٍ ومعتادةٍ؛ ونتيجةً لذلك ينتهي بهم المطاف قامعين للتجربة التى أرادوا تشجيعها.
عندما أطلقنا موقع “أبورثي”، تم توبيخنا لعدم اتباعنا للممارسات القياسية للصناعة. ولكن بعد عامين ومع 50 مليون قارئٍ شهريًا، بعد ذلك، انهمر على موقع “أوبورثي” سيلاً من الطلبات للحصول على محاضراتٍ وورش عملٍ عن “تجاربنا الممتازة” . وبعض هذه الطلبات جاءت من ناقدين سابقين أيضًا. ومن المفارقات، أنه لم يكن لدينا قائمةٌ من “أفضل” التجارب؛ كان لدينا ببساطةٍ ممارسة تعزيز التجربة عن طريق اختبار كل جزءٍ من المحتوى. وفي الواقع، بنمو موقعنا أصبحت مرتابةً بفكرة “أفضل التجارب”، واعتدت قول: “أفضل التدريبات للهواة”.
من خلال تجربتي، فإن الطريقة الوحيدة لتشجيع الفريق على أن يكون أكثر ابتكارًا؛ هو التحول من عقليةٍ ثابتةٍ “أفضل التجارب” إلى عقليةٍ ديناميكيةٍ “مختبرية”، وجعل كل عضوٍ في الفريق مسؤولٌ عن النتائج وليس المدير.
ولتحقيق ذلك، يمكن للمدراء القيام بأربعة أشياء:
تشجيع اختلاف الأفكار:
معظم الناس لديهم افتراضٌ متأصلٌ أن جميع المشاكل لها حلٌ واحدٌ صحيح، ويتبع هذا المبدأ معظم المدارس وأماكن العمل. لا تتوقع من موظفيك تغيير هذا الفكر بين عشيةٍ وضحاها، أو من تلقاء أنفسهم. يجب عليك إعادة تدريبهم على كيفية التفكير. افعل ذلك من خلال الاستعانة ببرنامج التفكير المتباين.
يختلف التفكير المتباين عن التفكير الإبداعي، فهو ليس القدرة على التوصل إلى فكرةٍ أصليةٍ فحسب، بل القدرة على الحصول على الكثير من الإجابات المختلفة على السؤال نفسه. التفكير المتباین أشبه بفضولٍ غير مشبعٍ للأفكار الأصلیة، وهو مهارةٌ أساسيةٌ للابتكار لأنه يمد أعضاء الفريق بأساس خلق اختباراتٍ عظيمةٍ، والهدف هو تغيير ثقافة الشركة تدريجيًا من العثور على الجواب الوحيد الصحيح إلى استكشاف واختبار العديد من الإجابات المحتملة.
مر كل كاتبٍ جديدٍ في “أوبورثي” ببرنامجٍ تدريبيٍ مدته ثلاثة أشهرٍ، وذلك باستخدام منهجٍ مصممٍ خصيصًا؛ ليعزز مهاراتهم بشكلٍ كبيرٍ في التفكير المتباين. وكان المكون الرئيسي للبرنامج التدريبي هو اختيار 25 عنوانًا رئيسيًا وخلق من 8 إلى 15 صورةً لكل قصةٍ واحدةٍ.
يمكنك تعليم التفكير المتباين في عدة طرقٍ:
- اطلب من أعضاء فريقك التوصل إلى 15 حلًا لمشكلةٍ تواجه الشركة حاليًا.
- افحص مخططات شركتك، واطلب من موظفيك، المنفذين والمتدربين، “كم عدد الطرق التي يمكننا من خلالها إعادة ترتيب مكان العمل لجعل عملنا أكثر فاعليةً؟ “
- اصنع 20 نموذجًا بكل تصميمٍ متغيرٍ.
- الطريقة المفضلة لي شخصيًا: إذا كنت مديرًا، توقف عن الإجابة على هذه الأسئلة. بدلاً من ذلك.. أجب بـ: ما رأيك؟ ثم انتظر. اسأل بعد أن يتم طرح الاجابة، ماذا بعد؟ ثم الانتظار. كررها خمسًا إلى سبع مرات.
ولكن المفتاح للحصول على التباين الفكري هو الحفاظ على إعادة إدخاله في الروتين اليومي لفريقك. بعد الانتهاء من البرنامج التدريبي في “أوبورثي”،كان لموظفينا حرية النشر على موقعنا دون إذن. ومع ذلك، شجعناهم على مواصلة إعداد 25 عنوانًا لكل عملٍ.
اجعل كل فرد مسؤولًا عن تجربته:
حيث أن الدرس الذي تعلمته -والأكثر أهمية- هو أن تنفيذ ثقافة الاختبار في بيئات الشركات المختلفة، والمؤسسات الإعلامية، والشركات الناشئة، تبقي نتائج الاختبار داخل المختبر.
فصل الشخص الذي يولد الأفكار عن الشخص الذي يختبر تلك الأفكار، يُلغي قدرة المبدع لتعلم كيفية الصياغة التى تلقى صداها مع المستهلك. يجب أن يكون جميع أعضاء الفريق قادرين على اختبار أفكارهم الغير هادفة، ورؤية النتائج. هذا هو التعلم التجريبي؛ وتلك طريقة استعداد البشر للتعلم والتكرار، والابتكار.
يجب على المديرين إعداد ثقافة اختبارٍ كبيرةٍ وفي إطارٍ تقني، ولكن عليهم الامتناع عن تحمل مسؤولية نتائج فريقهم، سواءً كانت جيدةً أم سيئةً. كل كاتب في “أوبورثي” يختبر عمله بنفسه، وهذا يعني أن عليهم أن يكونوا كالعلماء في المختبر، يستوعبون الدروس ويتحملون مسؤولية النتائج. إذا حقق الكاتب نجاحًا كبيرًا، سيحصل على كل المكافآت والإشادات، ليس للفريق أو المدير، و إنما للكاتب. وفي حالة فشل الكاتب فى تحقيق النجاح المطلوب، فذلك يدفعه لتحقيق “النجاح” في المرة القادمة.
لا يمكن لأعضاء الفريق تحمل مسؤولية ما لا يستطيعون فهمه، فهناك عددٌ كبيرٌ جدًا من لوحات الرسم البياني يصعب التنقل فيها، وعرض البيانات عن طريقها صعب الاستخدام. ولكن في “أوبورثي”، جعلنا لوحة الرسم البياني لدينا أكثر سهولةً، وذلك باستخدام الإشارات البصرية مثل الرموز التعبيرية والألوان، والصور المضحكة.
لا يمكن لأعضاء الفريق أن يكونوا مسؤولين عما ليس لديهم الوقت للقيام به. فى الواقع، يحتاج المديرون إلى تقليل توقعاتهم الإنتاجية، لتوفير الوقت اللازم لتطوير اختباراتٍ مدروسةٍ. طبقًا لمستوى المنتجات الخاصة بك. أعضاء الفريق قد ينتجوا أقل من غيرهم في هذه الصناعة بنسبة ٢٥٪-٧٥٪ ، ولكن الأفضل استغلال الوقت لاختبار ما تنتج بنسبة ١٠٠%، وهذا ما أتوقع أن أراه في الشركة التي تريد فعليًا أن تبتكر.
وفر لفريقك كل الدعم، والتنظيم، والوقت ليبدعوا، وسترى أن ثقافة الابتكار ستزدهر.
ثق أن الفشل وارد
كيف يمكنك أن تعرف ما إذا كان فريقك يقبل حقًا هذه الثقافة الجديدة للاختبار؟ حدد معدلًا للفشل ومعدلًا للنجاح، وقم بقياس عمل فريقك على هذا الأساس.
على سبيل المثال، في “أبورثي”، يتلقى حوالي 1٪ فقط من المحتوى تفاعلًا هائلًا (نسبةً إلى مستوى التفاعل الذي يتلقاه المحتوى على المستوي المتوسط). وتلقى ما تلاه حوالي 4 ٪ مشاركةً عاليةً جدًا. وتلقى الآخرون حوالي 95٪ مشاركةً متوسطةً أو منخفضةً.
ومع ذلك، الهدف الكبير صعب المنال في “أبورثي”، هو جعل كل شيءٍ ينتشر. العديد من المحررين سيصابون بخيبة أملٍ عندما ينخفض 95٪ من عملهم عن مستوى تطلعاتنا، ومع خيبة الأمل تلك سوف يولد إحساس خوفٍ من الفشل، والخوف يمنع الإبداع. بدأ الفريق التصرف بحذر، واعتمدوا على نماذج رئيسيةٍ أدت أداءً جيدًا في الماضي، واتجهوا إلى إيجاد أفضل التجارب لحمايتهم من الفشل.
من أجل كسر عادة “التصرف بحذر”، أولاً يحتاج الفريق لسماع قول،”نسبة الفشل 95٪ تعني أنك تقوم بعملٍ عظيمٍ! لا، ليس مجرد عملٍ عظيمٍ – بل عملٌ ليس له مثيلٌ! ”
ولكي تنجح الشركة بأكملها؛ يجب أن تكون للفرق الصغيرة معدلات نجاحٍ وفشلٍ متفاوتةٌ. و هذه هي دورة الشركة التي من خلالها تحصل على ما يكفي من الأفكار المبتكرة؛ للوصول إلى عددٍ قليلٍ من الافكار الناجحة، ولكن في كثيرٍ من الأحيان يبدو أن الفشل يحمي الذين قد يكونون لا ينظرون إلى الصورة الكاملة يوميًا، وبذلك يصبحون مقتنعين بأنهم لم يفعلوا شيئًا خاطئًا ، وبالتالي هذا الأمر يدفعهم إلى البحث عن أفضل التجارب وتنفيذها، مثلما تفعل جميع الشركات “الناجحة” الأخرى أيضًا.
وكلما زادت قدرة المديرين على جعل معدلات الفشل طبيعيةً؛ ليتوافق منظور الفريق مع واقع الإنجاز الفعلي ومع القضاء على الخوف، سيصبح الابتكار أمرًا سهلاً.
يجب عدم استخدام الاختبار والبيانات لإنشاء أفضل التدريبات.
فكلما زاد عدد الاختبارات التي يديرها الفريق، زاد عدد الأفكار التي يجب أن يحصلوا عليها لإجراء اختباراتٍ جديدةٍ، ويجب أن تكون البيانات مستمرةً وليست متقطعةً.
في “أبورثي”، هدفنا مع كل محتوى مقالٍ هو اكتشاف أفضل عنوانٍ وصورةٍ لتلك المقالات المحددة من المحتوى – لا لاكتشاف القواعد وتطبيقها على كل محتوى.ويعد من الصعب جدًا أن نحافظ على كل هذه البيانات ،وأنها محاربةٌ لرغبة العقل للبساطة والألفة، وخصوصًا أن أفضل التدريبات قد تنتج نتائج عظيمةٍ لفترةٍ محددةٍ من الوقت. ولكن إذا لم يقم المدراء بإنشاء ثقافة التحسين المستمر، فإن فعالية أفضل التدريبات ستتلاشى قريبًا، وغالبًا دون أن يلاحظ أحدٌ.
وتشكل أفضل التدريبات الثابتة إشكاليةً بطريقتين. أولًا، أنها سوف تضع موظفيك بروتينٍ يوميٍ ممل، الذي بدوره يقتل الإبداع. ثانيًا، أنها ليست الأمثل لتحقيق أقصى قدرٍ من النجاح اليومي. و سيعتمدون على ما عملوا به الأسبوع الماضي، الشهر الماضي، في العام الماضي.
لا تستخدم ما تتعلمه لإنشاء قواعد؛ استخدم ما تتعلمه لدفع فريقك إلى تجارب أكثر إثارةٍ. عند اعتماد ممارسة التجريب المستمر والفضول، سوف يستمر الابداع.
أحدث التعليقات