أربعةٌ يتجنبها المنصتون الجيدون
الكاتب: نِك ويغنال.
ترجمة: غلا الرشيد Tr_Ghala@
تدقيق ومراجعة: ليلى عامر.
المراجعة النهائية: أسامة خان.
بصفتي معالجًا وزوجًا، أفكر كثيرًا حتى أكون منصتًا جيدًا:
- كيف أشعِرُ الشخص الجالس أمامي أنه مسموع ومفهوم؟
- كيف أضمن وجود تواصل عميق و عاطفي بيني وبين من أتحدث معه؟
- كيف أتجاوز المحادثات العويصة دون أن اقول شيئًا جارحًا؟
وعلى الرغم من أنني لا أمتلك جميع الأجوبة ولكن اكتشفت اكتشافًا عظيمًا عن كونك منصتًا جيدًا:
كونك منصتًا جيدًا يتعلق بما تفعله أحيانا لا ما تفعله غالبا.
إن المنصتين الجيدين لا يفعلون أي شيء إضافي عن غيرهم، لكنهم بارعون براعة استثنائية في القضاء على الميول والعادات غير المفيدة التي تعيق الاستماع والتواصل الفعّال.
إذا كنت تريد أن تصبح منصتًا أفضل، عليك أن تتعرف و تقضي على هذه العادات الأربعة:
١. محاولة الفوز بالمحادثات
إذا تعاملت مع المحادثات كمنافسات، سيصبح الفشل رفيقك لا محالة.
يواجه العديد من الناس صعوبة ليصبحوا منصتين جيدين، يتعاملون مع المحادثات كأهداف غير منطقية تؤدي للرضا عن النفس في حال الفوز وكل ذلك يعود لانعدام أمنهم العاطفي.
ولكن لا تستطيع أن تكون منصتًا فعّالًا إذا كان مُبتغاك الفوز على الشخص الآخر و تعزيز غرورك.
لمحادثات أفضل تخلى عن غرورك قبل البدء بأية محادثة تود أن تكون فيها منصت جيد، وعليك أن تسأل نفسك
هل تتمحور هذه المحادثة حول كوني مفيدًا وداعمًا أو لأشعر بشعور جيد فقط؟
هيّئ نفسك بالوعي قبل التحدث، وغالبًا ما يكون هذا الوعي الذاتي كافيًا لإخراجك من العقلية التنافسية إلى العقلية المفيدة.
بدلاً من التعامل مع المحادثات على أساس المنافسة والفوز، انظر لها كشيء لا يتعلق بك نهائيًا، وعندما تبدأ بمعاملة المحادثات بهذه الطريقة، ستزيد مقدرتك على الاستماع جيدًا.
«معظم الأشخاص يستمعون بقصد الرد عوضًا عن الفهم».
– ستيفن آر كوفي
٢. وجه تركيزك على المشكلة عوضًا عن الشخص
وقوع بعض الأشخاص بمشكلة لا يعني أنهم المشكلة بحد ذاتها. يقضي الكثير منّا وقته بالتعرف على المشكلات والأخطاء ثم محاولة إيجاد حلول مبتكرة لها؛ فكل منّا حلال مشاكل في أعماقه.
تعتبر مهارة حل المشكلات مهارة قيمة للغاية، ولا يخفى أننا دُربنا خلال مسيرة ٢٠ عامًا من الدراسة لنصبح وبشكل استثنائي جيدين بحل المشاكل.
تكمن المشكلة في إمتداد بعض المواقف بالحصول على نتيجة عكسية، ففي كثير من الأحيان يرغب بعض الأشخاص بالتحدث ليشعروا أنهم مفهومون لا بحثا عن حلول لمشاكلهم.
يفضل أن تدور المحادثة حول تواصلنا مع بعض لا عن المعلومات.
عندما نكافح مع مشكلة ما، يسهل علينا الإفراط في التعرف على هذه المشكلة والبدء في الشعور بأننا المشكلة، لذا يساعد المنصت الجيد الشخص الآخر على رؤية أن مجرد وجود مشكلة لديه لا يعني أنه يمثل مشكلة.
والطريقة التي يفعل بها ذلك هي مقاومة الرغبة في حل المشكلات أو تقديم المشورة والاكتفاء بالاستماع ببساطة وتقديم الدعم.
ولعل هذا ينجح لأنه يساعد الشخص الآخر على الشعور بأنه مسموع ومفهوم شخصيًا أكثر من مشكلته.
ولكي تكون منصتًا أفضل، ركز على الشخص وليس المشكلة، ركز انتباهك على الشخص الجالس بجانبك، ركز على ما يشعر وما يجب أن يبدو عليه العالم من خلال حديثه هو. عندما تفعل ذلك، فإنك ترسل إشارة للشخص أنه مهما كان ما يمر به فهو بخير.
من خلال مقاومة الرغبة في تقديم المشورة وحل المشكلات، فإنك تمنح الشخص الآخر قيمة أكثر من قيمة تصديق مشكلته، لعلك بذلك تساعده ليرى أنه أكثر من مجرد حُفنة مشاكل، في نهاية المطاف كل ما عليك فعله هو إبقاء فمك مغلقًا.
«لدينا أذنان وفم واحد، فينبغي أن تصغي أكثر مما نتحدث».
– زينو
٣. تجاهل مشاعر الآخرين
من الطرق المؤكدة لإنهاء محادثة ما هو إصدار الأحكام على مشاعر الآخرين، فعندما يصف الشخص الجالس إلى جانبنا مدى شعوره بالحزن أو الإحباط أو القلق أو الخجل، فإننا نتعاطف بشكل طبيعي خاصةً إذا كان شخصًا مهمًا جدًا بالنسبة لنا مثل الزوج أو الطفل. ينتج عن ذلك، أننا نجيب عن مشاكلهم بعبارات مثل «لست بحاجة للشعور بهذه المشاعر».
يُعد ذلك فخ يسهل الوقوع فيه مما يجعلنا في النهاية منصتين فاشلين. وعلى الرغم من أنه قد يكون مبنيًا على نوايا حسنة تمامًا، فإن ما تفعله حقًا هو إصدار الأحكام وتجاهل مشاعرهم.
شعور الشخص بالسوء لا يعني أن هذا الشعور يمثل مشكلة:
- الشعور بالحزن هو ردة فعل طبيعية تمامًا لفقدان شيء ما.
- الشعور بالقلق هو ردة فعل طبيعية تمامًا تجاه موقف مخيف.
- الشعور بالإحباط هو ردة فعل طبيعية تمامًا تجاه الذين يتصرفون بشكل غير عادل.
ولكن إليك الحل:
إذا كنت تميل إلى التفكير أن مشاعر شخص ما منطقية أم لا، فإن تجربته مع هذا الشعور تكون دائمًا من صالحه.
بالنسبة لك فمن غير المرجح أن تحدث لك هذه التجربة، وبالتالي فإن خوف الشخص الآخر ليس له أي معنى منطقي. لكن مهمتك كمنصت جيد ليست إصدار الأحكام على مدى ملائمة مخاوف أو إحباطات أي مشاعر أخرى ولكن مهمتك هي التحقق من صحة مشاعره. بغض النظر عن مدى الألم أو عدم عقلانية مشاعره، مهمتك هي مساعدة الشخص الذي يكافح ليعرف أن كل ما يشعر به صحيح.
المنصت الجيد لا يتعامل مع المشاعر على أنها مشكلات.
بدلًا من الإشارة إلى الأسباب التي تجعله لا يحتاج إلى الشعور بالطريقة التي يشعر بها، حاول التعرف على مدى صعوبة شعوره بهذه الطريقة:
- يا للأسف، لابد أن ذلك كان محبطًا لك.
- لا يسعني إلا أن أتخيل كيف تشعر بالرعب.
- يبدو أنك تشعر بالكثير من الحزن الآن.
مهمتك الأساسية كمنصت جيد هي أن تكون متعاطفًا وليس عقلانيًا.
«شعور أنك مسموع مشابه جدًا لأن تكون محبوبًا حتى أن معظم الناس لا يستطيع التفرقة».
– ديفيد دبليو اوغسبيرغر
٤. تجاهل مشاعرك
إذا كنت جاهلًا عما تشعر به، فهذه مسألة وقت فقط قبل أن تقول شيئًا غبيًا.
نعتقد أن كلماتنا وأفعالنا تكمن خلف الأسباب والمنطق الموضوعي خاصةً عندما نلعب دور الحكيم ونقدم المشورة الجيدة لشخص يكافح و للأسف يندر حدوث ذلك، ففي كثير من الأحيان ما نشعر به أو كيف نريد أن نشعر تكون سببًا كافيًا لما نفعله وما نقوله:
- عندما نقدم نصائح لمن نحب حيال قلقهم فغالبًا ما نقدمها لنقلل من شعورنا بالأسى عن شعورهم.
- لا نراعي خيبة أمل شريكنا من رئيسه بسبب غضبنا الليلة الماضية من سخريته.
- نطلب من زميل في العمل أن يبتهج وهو حزين لأننا وفي أعماقنا نريد بشدة أن نصدق أن الشخص في الموقف الصحيح لا يضطر أبدًا إلى الشعور بالحزن أو الإحباط أو اليأس.
بالمختصر: كيفية تصرفك كمنصت مرتبط كليًا بمشاعرك، فتجاهلك لمشاعرك وعدم معرفتك بها لن يجعل منك منصتًا جيدًا. وكيف يمكنك فعل ذلك وغالبية أفعالك وحديثك تدرو حولك لا حولهم؟
المنصتون العظماء غير أنانيين في المحادثة ولعل الطريقة الوحيدة لمقاومة الإنجذاب إلى مشاعرك والاستمرار في التركيز على الشخص الآخر هي الوعي بالذات.
من أجل مقاومة التأثيرات السامة للدفاعية، يجب أن تكون قادرًا على الاعتراف بمشاعرك الصعبة والتحقق من صحتها.
المنصتون الجيدون يتعاطفون مع أنفسهم تمامًا كما يتعاطفون مع الآخرين.
«إذا كان تعاطفك لا يشمل نفسك، فهو غير كامل».
– جاك كورنفيلد
كل ماتريد معرفته:
الارتقاء لمنصت جيد يرتكز على ما تتجنبه، لا على ما تفعله، وعندما تتعلم الاستماع الجيد، فجودة علاقاتك تصبح أعمق.
- توقف عن محاولة الفوز بالمحادثة.
- ركز على الشخص عوضًا عن المشكلة.
- تجاهل مشاعر الآخرين.
- كن عطوفًا على ذاتك.
أحدث التعليقات