صدقًا، لماذا تريد أن تصبح شخصاً مُنتجاً؟
كتابة: جمال مشعل
ترجمة: رهف دغريري @iRahafd7
تدقيق: ريم ريحان @reemrayhan
قررت في شهر آذار/مايو من العام الماضي أنه حان الوقت لحل مشكلة التسويف جذريًّا، فبدأت بالكتابة والتعلم عن الإنتاجية، كنت أشاهد المقاطع المصوّرة وأتعلم طرق زيادة الإنتاجية، متأملًا أن أصبح مثل الأخطبوط الذي يعمل على ثمانية أشياء في نفس الوقت.
قبل كتابتي لهذه المقالة كنت أجمع الأفكار التي أستطيع الكتابة عنها، وعندما كنت أختار من بين العناوين، أحدهم كان:
- ” لماذا تريد أن تصبح شخصاً منتجاً؟”
توقفت لعدة ثواني وفكرت بأنه سؤال ساذج، واستمريت في التحديق إلى شاشتي ولكن لم تراودني أي إجابة بسيطة. حاولت صياغة نفس السؤال بطرق متعددة لكنها لم تجعل إجابته أسهل:
- “لو أنني امتلكت المزيد من الوقت كيف كنت سأقضيه؟”
- “إذا لم يكن عليّ العمل للحصول على المال كيف كنت سأقضي وقتي؟”
استوعبت حينها أنه علي التراجع إلى الوراء، ليس فقط خطوة واحدة بل عشر، ومعرفة لماذا في الأساس أريد أن أكون شخصًا منتجًا؟
لماذا تريد أن تصبح شخصاً منتجاً؟
هدف الإنترنت أن يجعلك تصدق أنّك تهدر أي وقت “إضافي” تملكه”، وأقصد بقولي “الإنترنت” الأشخاص مثلي الذين يكتبون عن إدارة إيلون ماسك (Elon Musk) لشركات قيمتها ملياري دولار في نفس الوقت، وكيف ينبغي عليك أن تتبع نهجه.
ليس الخطأً هو مراقبة الأفراد المنتجين، ومحاولة التعلم منهم، لكن المشكلة هي حين نحاول أن ننسخ تصرفاتهم، فبعض الأشخاص يملكون جهاز عصبي نشيط و يستمتعون بالعمل ل١٦ ساعة يوميًا، وهذا يسعدهم، ولكن لا يسعدني وقد يضرني حتى! إننا مختلفون ولا يوجد نمط حياة واحد يناسبنا جميعًا.
الإنتاجية ضد السعادة؟
أظهرت العديد من الأبحاث أن الأشخاص السعداء أكثر إنتاجية؛ لكن على ما يبدو أن معظمنا يفهم هذا الاتجاه بصورة خاطئة ويعتقد أن الإنتاجية تقود إلى السعادة و ليس العكس.
بلا شك كلا الطريقين صحيحين وتستطيع الإنتاجية أن تؤثر على السعادة مباشرةً وتثيرها، فالإنتاجية تساعدك على التطور وتغيّر مِزاجك وتعطيك هدفًا، لكنني أعتقد إن لم تكن سعيدًا بطريقة ما الآن، فمحاولتك في أن تصبح شخصًا منتجًا لن تجعلك أسعد وستصبح أكثر انشغالًا فقط.
محاولتك في أن تصبح شخصًا منتجًا دون معرفة ما يجعلك سعيدًا، ولماذا تريد أن تصبح منتجًا في الأساس، ستجعلك تحاول أن تضغط على نفسك كثيرًا في كل ثانية من يومك كي تنهي أعمالك. إن محاولة الإنتاجية في كل وقت أمر مُهلك، وسيُشعر بالإجهاد وقلة الإنجاز طيلة الوقت.
إذًا ماهي الإنتاجية؟
إن الإنتاجية في السياق الاقتصادي، هي مُجرّد المزيد من الإنتاج في وقت أقل، ولكن ماذا عنّا نحن كأفراد، كيف ينبغي لنا أن نُعرّف الإنتاجية في حياتنا اليومية؟ ربما ينبغي لكل واحد منا أن يجد تعريفًا خاصًا به للإنتاجية، فكما ذكرت سابقًا أننا جميعًا مختلفون.
فكر فيها بهذه الطريقة، في نهاية يومك وأنت مستلقٍ على سريرك وقبل أن تخلد للنوم. عندما تبدأ بالتفكير في يومك، كيف تقرر ما إذا كان يومك مُنتجاً أم لا؟
هل الأمر يتعلق بعدد الساعات التي قضيتها تعمل في مكتبك؟ عدد الصفقات التي أتممتها، أو الرسائل البريدية التي قمت بالرد عليها؟ هل للأمر علاقة بما تشعر به؟ هل أنت راضي وسعيد عن كيفية قضائك ليومك؟
أميل للتفكير أنّ الانتاجية هي موازنة بين الحضور والاستمتاع باللحظة، وعلى العكس فهي أيضًا الاستثمار والقيام بشيءٍ من أجل مستقبلي.
إنني أعتبر استيقاظي وشرب قهوتي بجانب النافذة، بينما أنا أنظر إلى الخارج دون فعل أي شيء فعلًا منتجًا؛ لأنه وقت أستمتع فيه بالقدر الذي أنتج فيه عندما أفتح حاسوبي المحمول وأكتب هذه المقالة أو أحرر مقطعي القادم على يوتيوب.
اعثر على نجمتك الشمالية
إن الحياة تكمن في تجربة الاستمتاع بأشكاله المختلفة؛ فبعض الناس يستمتعون بالعمل لمدة ١٤ ساعة يوميًا، أو الاستيقاظ في الرابعة صباحًا، أما عني أنا فإني أجد الكثير من المتعة في الكتابة والهدوء والسفر وصِناعة المقاطع المصوّرة. تلك الأشياء أنا من قررت أن أكون منتجًا فيها، وهي الأشياء التي تجلب لي الفرح. فما هي نجمتك الشمالية؟
أحدث التعليقات