ليس الفشل ما يقتل الطموحات، ولكن شيئٌ آخر!
ترجمة بتصرّف لمقال:(Do You Know What Kills More Dreams Than Failure? By John P. Weiss)
مصدر الصورة:(Unsplash, @zoegayah)
الكاتب: John P. Weiss
ترجمة وتدقيق: ريم ريحان @reemrayhan
ألقى مؤسس شركة مايكروسوفت بيل جيتس خطابًا ذات مرة في بكين عاصمة الصين. استمع للخطاب فتىً يدعى جيا جيانغ وقد أعجبه لدرجة أنه وضع خطةً ليصبح رائد أعمالٍ ناجحًا، حتى أنه خطط لشراء شركة مايكروسوفت بأكملها يومًا ما.
الأحلام لا تسير دائمًا كما هو مُخطط لها، هاجر جيانغ وعائلته إلى الولايات المتحدة عندما كان بلغ 16 عامًا، وانتهى به الأمر للعمل في قسم التسويق في شركةٍ ما، لم يكن سعيدًا بعمله وكان لا يزال يريد أن يصبح رائد أعمالٍ ناجحٍ.
ترك جيانغ وظيفته في الشركة، وشرع في تحقيق حلمه الريادي، لسوء الحظ فشلت جهوده الأولية، لكنه أدرك أن القلق بشأن الفشل كان عقبة له أكثر من الفشل نفسه.
قرر جيانغ أنه بحاجة إلى إيجاد طريقة للتعامل مع الفشل دون السماح له بتدميره، أتى بتجربة “100 يوم من الرفض” ، صورها ووثّقها على موقعه.
لم لا؟
تضمنت تجارب جيانغ المجنونة طلب “إعادة ملء البرجر” مثلما يطلب الناس إعادة تعبئة المشروبات الغازية؛ وقوبل طلبه بالرفض، طرق باب شخص غريب وسأله عما إذا كان بإمكانه زرع بعض الزهور في الفناء الخلفي لمنزله، عندما رفض الشخص سأله جيانغ “لم لا؟”.
أجابه أن كلبه سيدمر الأزهار، واقترح أن يسأل جارته، سأل جيانغ جارته وكانت سعيدة بزراعة الزهور في فناء منزلها الخلفي، تعلم جيانغ أن سؤال “لم لا؟” بأدب قد يؤتي بثماره ويعطيه فرصةً ثانية.
كانت إحدى أكثر تجارب جيانغ شهرة هي أن تطلب من موظف في كرسبي كريم (Krispy Kreme) صنع قطعة دونات على شكل شعار الأولمبياد، ولدهشته العظيمة استجاب الموظف لطلبه ثم قدم له قطعة الدونات مجانًا، علم جيانغ أن الناس أكثر لطفًا مما نظن وفي بعض الأحيان يحققون حتى أكثر الامنيات غرابة.
شاهد فيديو دونات Krispy Kreme لـ Jiang :
تحدث جيانغ في حدث تيد (TEDX) عن تجاربه في الرفض، وقام بتأليف الكتاب الأكثر مبيعًا “دليلك للرفض” يسلط عمله الضوء على درس مهم: ليس الفشل هو ما يقتل أحلامنا؛ إنه الخوف.
حقيقتنا
يتحدث الكثير من الناس عن أنفسهم بعيدًا عن المخاطر والمشاق التي يمكن أن تُحقق لهم النجاح، خوفهم من الفشل أو السخرية أو الرفض يمنعهم حتى من المحاولة.
أين ستكون ج.ك.رولينج (مؤلفة هاري بوتر) اليوم إذا استسلمت لشكها بذاتها وخوفها من عدم الاستمرار بعملها ككاتبة؟ كُتبت مخطوطة كتاب رولينج الأول (هاري بوتر وحجر الفيلسوف) في مقاهي إدنبرة بينما كانت رولينج وابنتها تعيشان على الإعانات الحكومية. رفض اثنا عشر ناشرًا كتاب هاري بوتر قبل أن تلتقطه بلومزبري، وتبلغ قيمة ثروة جي كي رولينغ اليوم حوالي مليار دولار.
“إن اختياراتنا يا هاري هي التي تُظهرمن نحن حقًّا، أكثر بكثير من قدراتنا” – هاري بوتر وحجرة الأسرار.
تَفَكّر في اختياراتك، هل تميل نحو المخاطرة؟ هل تتجنب خوف البدايات والتجارب الجديدة؟ هل وقعت في فخ الآمن والمضمون؟
اختر المشقّة
نادرًا ما يكون الفشل هو ما يمنعك من التقدم؛ إنه الخوف، ويمكن للخوف أن يظهر بعدّة أشكال تُعيق الإنتاجية، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
هوس الكمال
هل أنت من النوع الذي يصف أقلامه في صف مثالي قبل البدء في مشروع جديد؟ هل يجب أن يكون كل شيءٍ مثاليًا في مرسمك الفني قبل بدئك في الرسم؟ الكمالية شكل من أشكال الخوف، أنت تقاوم البدء وتضيع الوقت في تجهيز كل شيء.
“ستفقد دائمًا 100٪ من التسديدات التي لا تسددها.“ – واين جريتزكي
ربما تُجري بحثًا لا نهاية له عن أغلى الأدوات غير الضرورية، لا حرج في محاولة القيام بكل شيء على أكمل وجه، لكن في بعض الأحيان تلك مثالية واهمة، من الأفضل الغوص في مشروعك الجديد باستخدام الأدوات الأساسية والتطور مع مرور الوقت عندما تحقق بعض النجاح.
السخرية والعار
لا أحد يحب أن يُسخر منه أو يصبح أضحوكة. ولكن في أحيانٍ كثيرة خوفنا من السخرية والضحك، أسوأ بكثير من السخرية والضحك الفعليين، كلما أصبحت أكثر تكيفًا وثقة بالنفس كلما أدركت أن ضحك الناس عليك هو أمرٌ عابر وسرعان ما ينسونه ويمضون في حياتهم.
اكتشف أشخاص مثل جيا جيانغ أن الرفض والإحراج والسخرية جزء من تجارب الحياة، يتسامح الأشخاص الطموحون والناجحون مع هذه اللحظات غير المريحة لأن كل فشل هو تجربة مفيدة، مهما كان الأمر محرجًا أو مهينًا فإن كل فشل يقربنا من هدفنا.
التسويف
صُمم البشر للحفاظ على الطاقة. لا نحب أن نضيع وقتنا في مهام مُتعِبة، نخشى المشقّة والتعب، لذلك إن التسويف هو شكل من أشكال الخوف، الخوف من الانزعاج.
هذا هو سبب جلوسنا لساعات في مشاهدة المسلسلات، بدلاً من القفز على جهاز المشي وتحريك عضلاتنا، نتبّع الطريق السهل، ولكن بعد ذلك وأثناء مشاهدتنا أبطال المسلسلات الجذابين ذوي اللياقة البدنية يؤنبنا ضميرنا لعدم ممارستنا الرياضة.
لا تدع الخوف من المشقّة يمنعك من القيام بالأشياء الصعبة، ضع في اعتبارك حكمة فان كامب في كتابه “Deliberate Discomfort: How U. S. Special Operations Forces Overcome Fear and Dare to Win By Getting Comfortable Being Uncomfortable.”
يكتب فان كامب:
“عندما تتخذ قرارًا شجاعًا باختيارك الطريق الشاق عمدًا، فأنت تثبت لنفسك عدم رضاك عن حياتك الحالية واستعدادك التغير للأفضل، أنت جاهز لتقبل المشقة حتى تصل لحياة أفضل لنفسك ولعائلتك وعملك.”
العجز المكتسب
تجربتك سلاحُ قاهر، إذا تمت بنجاح فإنها تشجعك على معاودة التجربة بإقدام وهمّة، وإذا باءت بالفشل فإنها تشل حركتك عجزًا وكسلًا.
العجز المكتسب هو حالة يعاني فيها الشخص من الشعور بالعجز، غالبًا ما يكون نتيجة تجربة صادمة أو عدة محاولات فاشلة، وذلك هو السبب الرئيسي للاكتئاب لدى أغلب الناس.
يختلف تعامل الأشخاص مع العجز المكتسب، يضطر البعض للجوء لمختصين نفسيين للتعامل مع الصدمات السابقة و/أو سوء المعاملة، والبعض الآخر يساعدهم الحفاظ على روح متفائلة (غير متشائمة). ابدأ بخطوات صغيرة، وشجّع نفسك كل يوم لتجربة شيء جديد والمخاطرة أكثر قليلًا، اطلب من العائلة أو الأصدقاء دعمك معنويًا، تجاهل إحباطك الداخلي، وتذكر أن الإحراج والإخفاقات هي أمرٌ عابر، ولابد منها للوصول لهدفك.
الجهل
عندما نتقاعس عن تثقيف أنفسنا، يسهل على الخوف إلجامنا، الجهل يجعلنا نستسلم لمخاوفنا، والترياق الوحيد هو التعلم. كلما تعلمت أكثر عن مخاوفك سَهُل عليك تجاوزها.
كنت أخاف من الطيران، كل شيء عن السفر بالجو يقلقني ويخيفني، كان عقلي مليئًا بكل أنواع الأعطال الميكانيكية، كل جرس يرن في الطائرة، وكل مطب تضطرب معه الطائرة كانت تتسبب بنوبة هلع لي.

لأتجاوز رهاب السفر جوًّا، تعلمت وقرأت عن كيفية عمل الطائرات، ومدى سلامتها، وكيفية تهدئة قلقي، لقد تعلمت تمييز محفزات نوبات هلعي، وكيفية تجاوزها، وبالقضاء على جهلي، أصبحت أسافر جوًا بكل ثقة.
كاد خوفي من السفر جوًا بمنعي من السفر إلى ولاية أيداهو لدراسة رسم المناظر الطبيعية مع فناني المشهور الذي أحبه، وذات الأمر لرحلتي إلى تينيسي حيث حضرت ورشة عمل مكثفة حول الكتابة والتدوين، لحسن حظي أقنعتني زوجتي بالذهاب لتلك الرحلات والتي كانت حجر الأساس في تطوري الإبداعي.
من خلال التغلب على جهلي، تمكنت من الطيران وحضور دورات تعليمية ساعدتني في طريقي لتحقيق أحلامي.
سر الحياة
الخوف يقتل الأحلام أكثر من الفشل. الفشل ليس سهلًا، لكنه على الأقل يعلمنا دروساً ونتعلم أن نغيّر طريقتنا وأن نجرب طرقًا أفضل.
“من لا يقهر القليل من خوفه كل يوم لم يتعلم سر الحياة بعد.” – رالف والدو إيمرسون
عندما نتغلب على خوفنا ، نحرر أنفسنا للمحاولة وللمخاطر وللتجربة وقد نفشل، لكننا على الأقل نتعلم ما الذي لا ينجح. بهذه الطريقة ننمو ونتقدم.
خذ العبرة من جيا جيانغ وأشعر براحة أكبر مع الرفض، اتبع مثال ج.ك.رولينج ولا تستسلم، حيث رفض اثنا عشر ناشرًا نشر رواية هاري بوتر لكن الناشر الثالث عشر وافق والآن رولينغ مليارديرية.
اتبع نصيحة فان كامب “تعمّد اختيار المشقّة” ولا تتبع الطريق السهل، واضرب بخوفك عرض الحائط، واعتبر الفشل تجربة، وتعلم وطارد أحلامك ويومًا ما قد ينشر كُتّاب التنمية الذاتية قصة نجاحك في مقالاتهم.

أحدث التعليقات