هل سيُحكم على زواجي بالفشل حالَ طلاق والديَّ؟

ترجمة بتصرّف لمقال: (If My Parents Are Divorced, Is My Marriage Doomed to Fail? by Sara Epstein)
مصدر الصورة: Unsplash
أثر طلاق الوالدين وما يُمكنك فعله أنت وشريكك حيال ذلك
ترجمة: أسماء نشمي الشمري
تدقيق ومراجعة: رهف أحمد
مراجعة نهائية: ندى محمد
أظهرت الدراسات أن الأبناء لوالدين مطلقين أكثر عرضة للطلاق. وتتفاوت الإحصائيات حيث أشارت الدراسة التي أجراها بول أماتو (Pual Amato) ودانييل ديبور (Danelle Deboer) أن المرأة التي انفصل والداها ستزداد احتمالية انفصالها ٦٩%، وفي حال انفصال والدا كلا الزوجين، فإن النسبة ستصل إلى ١٨٩%. واستشهدوا بعشر دراسات طويلة امتدت لعشرين عامًا وتوصلوا لنتائج مشابهة.
فسَّروا ذلك ببساطة الى أن «طلاق الوالدين يعد واحدًا من أكثر عوامل الخطر الموثقة لفسخ الزواج» وسيشعرُ الأطفال -ضحية الطلاق- بالعجز جرَّاء هذه الدراسة المحبطة.
ولكن قبل أن تشعر أنت بالإحباط، لندرس هذه الظاهرة عن كثب لفهم السبب وراء هذه الإحصائية. ليس من المُجزئ القول: يُنتِجُ الطلاقُ طلاقًا؛ فالإحصائيات وحدها تفشل في تعريف آلية الانتقال وفي نهاية الأمر تخبر الأزواج كيف ينأون بأنفسهم عن هذا الخطر. وأشارت دراسة إلى نظريتين سائدتين لشرح زيادة خطر طلاق الأبناء ذوي الوالدين المطلقين وهما: نظرية المهارات الشخصية ونظرية الالتزام والثقة.
النظرية الأولى: انتقال مهارات العلاقات والسلوك الشخصي
وتنص هذه النظرية على أن أبناء الآباء المطلقين أكثر عرضة للطلاق؛ لعدم رؤيتهم مهارات العلاقة الصحية من والديهم مثل التواصل المفتوح والتوافق ومهارات التفاوض، إضافةً إلى أن قلة هذه المهارات يؤدي بأبناء المطلّقين إلى الطلاق.
ويُعدُّ هذا صحيحًا؛ لأن الفشل في غرس المهارات الخاصة بالعلاقات قد يزيد احتمالات طلاق أبناء الآباء المطلقين؛ لأن الفشل في تعليمهم هذه المهارات سيؤدي في نهاية المطاف إلى جدال أكثر في زيجاتهم، والذي يزيد بدوره احتمالات الطلاق. لكن مشاهدة جدال الآباء لا يكفي لشرح رغبتهم في الطلاق. وفي دراسة أجريت عام ٢٠٠١ وجد الباحثان اماتو وديبور أن الوالدين اللذان -برغم خلافاتهما- لا ينفصلان، فإن أبنائهم بالتالي أقل عرضة للانفصال.
وأوضح أماتو أن «خلافات الوالدين الزوجية دون طلاق لا ترتبط بطلاق أبنائهم». وأردف قائلًا أن الأبناء الذين ترعرعوا في بيئة قاسية أكثر عرضة للتفكير بالانفصال في علاقاتهم. وفي حال عدم وجود نموذج على الطلاق لمحاكاته فإنهم لن ينفصلوا عن شركائهم.
لنكن واضحين، هذا الاستنتاج لا ينفي أهمية المهارات الخاصة بالعلاقات. فقد يميل الزوجين المُطلّقين للاستماع باهتمام أقل والتواصل بشكل أقل وضوحًا وينتقدون شركاؤهم كما ينسحبون من الجدال ويتجنبونه. وبما أنه من الممكن أن يتبنى الأبناء هذه النماذج في صغرهم، فستزداد احتمالية طلاقهم.
وليست النزاعات هي ما تمثل سببًا لزيادة طلاق أبناء الآباء المطلقين، بل الطلاق عينه. وهذا ما يقودنا إلى النظرية الثانية.
النظرية الثانية: نظرية الثقة والالتزام
وتنصّ نظرية الثقة والالتزام على أن مشاهدة ومعاناة الأبناء من طلاق والديهم تقود الى تقليص التزامهم في مؤسسة الزواج وتقلل الثقة والقدرة على إبقاء الزواج متماسكًا لفترة أطول. ويدعم ذلك البحث المهم هذا الاستنتاج. وشَرَحَ الباحث في أمور الطلاق جوديث والرشتاين (Judith (Wallerstein هذه الظاهرة بالطريقة التالية:
«حين يتصدر الحب والعلاقات الحميمية والالتزام والزواج في مرحلة الشباب، فإن الأبناء -ضحية الطلاق- سيتملكهم الخوف من طلاق والديهم وسيفزعون خشية مواجهة نفس مصيره»
ومن المثير للاهتمام أن تصنيف هذا الاستنتاج يكون بحسب الجنس. فقد وجدت إحدى الدراسات أنه -وبعكس الذكور- فالنساء المخطوبات اللاتي انفصل والديهنَّ أفصحنّ عن انخفاض التزامهن بالعلاقة وقلّت ثقتهن في زيجاتهن القادمة. ويلاحظ الباحثون أن «تجربة طلاق أحد الوالدين لها تأثير أقوى على رغبات النساء ومعتقداتهن حول مستقبل زيجاتهن» كما تؤدي قلة ثقة المرأة في الزواج إلى ارتفاع معدلات الطلاق.
ما فائدة هذه المعلومات؟
قد يتعرض الأبناء -ذوو الآباء المطلقين- لخطر الاستجابة للخوف من الطلاق بإحدى طريقتين. كما ينزلق البعض بعلاقات غير ناضجة وغير لائقة كرد فعل مضاد لمخاوفهم. كما يتجنب البعض الآخر العلاقات ككل، وحينما يكونوا في علاقة، فإنهم دائمًا ما يفكرون بطريقة تجعلهم ينتظرون الخطوة القادمة – الانفصال – وكأنه لا مفر منه.. كما يُعانون بتصديق قوة العلاقات لتخطي العقبات الصعبة وينتهي الأمر بهم غير مؤهلين للتعامل مع التحديات الأقوى في العلاقة.
لكن لدى أبناء الآباء المطلقين خيارات، فبإمكانهم التصالح مع تنشئتهم. ومن منظورٍ علاجي بإمكانهم أيضًا استغلال طلاق الوالدين لتشكيل منظورهم عن العلاقات. وبإمكانهم- نظريًّا- أيضًا فصل علاقاتهم عن والِدِيهم والبحث عن علاقاتٍ أُخرى كالأجداد والعمات والأعمام والأصحاب من أجل نماذج جديدة لقوة علاقة الزواج الدائمة. كما يُمكن للأزواج تطوير مهاراتهم وأدواتهم في العلاقات ويتعلمون كيف يعبِّرون عن مخاوفهم الكامنة ويطلبون الدعم من بعضهم البعض. وباختصار، بإمكانهم تغيير القصة.
أحدث التعليقات