العثور على رواسب نحاس وحديد مغناطيسي في أدمغة مرضى الزهايمر

ترجمة بتصرّف لمقال: (Deposits of Copper And Magnetic Iron Found in Alzheimer’s Patients’ Brains by Mike McRae)
الكاتب: مايك مكراي.
ترجمة: وفاء القحطاني.
تدقيق: بشاير خالد.
مراجعة نهائية: ياسمين القحطاني.
لو بذلت جهدًا في جمع الحديد داخل جسم الإنسان، لوجدت ما يكفي لصنع مسمارٍ أو اثنين، وقد تجد بالكاد ما يكفي من النحاس لصنع قرطٍ صغير، وبالرغم من ندرة هذين العنصرين في جسم الإنسان، إلا أنهما ضروريان لبقائنا على قيد الحياة بلعبهما دورًا أساسيًا في النمو والأيض.
مكانٌ واحد لا نتوقع تراكم أيًّا منهما فيه، ألا وهو خلايا أدمغتنا، ومع ذلك يبدو أن هناك ما يحولهما إلى سبائك مجهرية في أدمغة مرضى الزهايمر.
لاحظ فريق الباحثين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أثرًا براقًا من النحاس والحديد في شكليهما الأوليين عندما قاموا باستخدام المسح المجهري بالأشعة السينية الناقلة (STXM) على عينات من اللويحات العصبية المأخوذة من الفصوص الأمامية والصدغية لمرضى الزهايمر.
وتعد اللويحات سمة نموذجية لهذا النوع من الخرف بالذات، وتتكون اللويحات من بروتينات مُقَسمة إلى ما يعرف باسم أميلويد بيتا، إلا أنَّ العلاجات التي تركز على إزالة كتل الأميلويد بيتا من الدماغ لم تحرز تقدمًا في علاج الزهايمر، مما يجعل الباحثين يتساءلون عن الدور الذي تلعبه -إن وجد- في تقدم المرض.
تستمر الأبحاث في بناء فكرة عن العمليات الحيوية التي قد تكون مسؤولة عن تواجد اللويحات، بدءًا بتكوينها إلى إمكانية تدميرها كيفما يكن، فإحدى الزوايا التي لم تُغطى بالكامل، هي ذاتها التأثير السام للتمعدن الحيوي (إنتاج المعادن في الخلايا لزيادة صلابتها) أو تراكم المعادن كتراكم أكسيد الحديد في خلايا الدماغ.
و يُعد الحديد المحمول داخل الهيموجلوبين في صورة أيونية مشحونة وسيلةً فَعَّالة لنقل الأكسجين لجميع أنحاء الجسم، وقليلة هي الأعضاء التي تتضرع للأكسجين كما يتضرع له الدماغ البشري، ومع ذلك فإن لحظة تخلص الحديد من أغلاله البروتينية، يكشرعن أنيابه، فهو يُعرف بطبيعته المتقلبة بإنتاجه أنواعًا تفاعلية من الأكسجين تعيث فسادًا في كيمياء الجسم الحساسة وتدمر الخلايا.
تُربط مستويات الحديد المتقلب العالية عادةً بالاضطرابات التنكسية العصبية كمرض الزهايمر، ومثيله النحاس الذي يعد عنصرًا آخر متحصنًا بالبروتين، ولكنه قادرٌ على إحداث فوضى في أدمغتنا في شكله المتقلب.
لتوضيح كيفية ارتباط هذين المعدنين بالخرف، فلقد تَتبّع الفريق البحثي بقيادة علماء من جامعة كيلي في المملكة المتحدة، آثار حديد ونحاس داخل نوى لويحة أميلويد محفوظة في مادة الراتنج تبرع بها اثنين من مرضى الألزهايمر، وقد ساعدت الأشعة السينية التي استخدمها فريق البحث في تتبع حجم وشكل الكتل، وأسهمت أيضًا في الكشف عن هوية المعادن التي تحتويها.
لم يقتصر البحث على تتبع تراكمات الحديد والنحاس فحسب، بل وجدوا أيضًا أن هذه العناصر كانت في أشكالها الأولية (الخام)، مكونةً تكوين أساسي رواسب صغيرة مدفونة في عمق لويحات الأميلويد.
كما استطاع الفريق استنتاج بعض الأشياء عن قدرة المعادن على التفاعل مع مواد أخرى، فبالرغم من أنها خاملة نسبيًا ويبلغ عرضها بالكاد جزءًا من الميكرومتر، إلا أن أسطح هذه الكتل لن تكون مستقرة طويلًا، مما يشكل تهديدًا من احتمالية انقلابها لأشكال معادية بإمكانها التفاعل والتسبب في تلف الخلايا العصبية المحيطة.
مع رصد آثار هذه الحالات المتأينة بالقرب من الكتل، بيدنا أن نشتبه في أنها قد تلعب دورًا حاسمًا في التهاب الخلايا، بل وحتى موتها، فقد عُثر على تجمعات حديد كأكسيد الحديد الأسود المغناطيسي (الماجنيتيت) سابقًا في البكتيريا وبعض الفصائل الأخرى من الحيوانات، كما عُثِر عليها في تشريح أنسجة المخ البشري كما ذكرنا، لكن هذه هي المرة الأولى التي يُكشف فيها عن قطع صغيرة من النحاس في شكله الخام داخل الخلايا العصبية البشرية.
ويعتمد الكشف على سبب وجودها في نتائج الدراسات المستقبلية، حتى وإن لم تقدم لنا طريقة جديدة للعلاج، إلا أنها قد توصلنا إلى تشخيص مبكر للزهايمر، أو إعاقة تقدم المرض على الأقل، فمع ارتفاع نسبة المرض بين كبار السن، أصبح فهم نشأة المرض أكثر أهميةً الآن من أي وقت مضى، وسنحتاج إلى كل معلومة مهما بلغ صغرها.
أحدث التعليقات