يجب توفير الإنترنت في كل المدارس، وإليكم الطريقة!

ترجمة بتصرّف لمقال: (We need to connect every school to the internet. Here’s how)
مصدر الصورة: Unsplash
ترجمة: مرام الدوسري
تدقيق ومراجعة: نورة العيسى
- تأثّر ١.٦ مليار طفل حول العالم من إغلاق المدارس أثناء وباء كورونا.
- تشير التحليلات إلى أنه يمكن لزيادة الاتصال الرقمي للمدارس وبالتالي زيادة وصول الطلبة إلى التعليم الزيادة من إجمالي الناتج المحلي للبلد ومدة الدراسة للتلاميذ.
- يعدّ التخطيط لربط المدارس بالإنترنت في أنحاء العالم وتقييمه خطوة ضرورية جدًا لتحفيز الاستثمار والبنية التحتية المطلوبَين لتطوير الاتصال الرقمي للمدارس في كافة أنحاء العالم.
تخيّل لو أصبحت كل مدرسة في العالم موصولة بالإنترنت، هذا يُعدّ ممكنًا، وضروريًا أيضًا إن أردنا منع الانقسام الرقمي من أن يصبح فجوة رقمية.
وفكّر الآن بالمدارس وبالدور الذي تقوم به في ترسيخ أُسس مجتمعك وأيضًا بالدور الذي قامت به في حياتك، ففي جميع أنحاء العالم، تُعدّ المدارس مكانًا يجمع الصغار والكبار بغرض التعلم، وتعدّ أيضًا مكانًا تتجمع فيها مجتمعات بأكملها للاحتفال، وفي أوقات المحن، وللتصويت، وللوصول إلى خدمات الصحة والطوارئ.
تأثر ١.٦ مليار طفل حول العالم من إغلاق المدارس أثناء جائحة كورونا، وحُرم قرابة ٧٧ مليون من الأطفال والشبّان من حضور حصصهم المدرسية في آخر ١٨ شهرًا، واستمرّ ما يقارب رُبع العالم من الدول بإغلاق مدارسهم إغلاقًا كاملًا أو جزئيًا.
ومع ذلك، فقد أُتيحت لنا فرص في هذا الوقت العصيب، فقد رأينا ما يُمكن تحقيقه إذا استخدم كلٌ من الطلبة والآباء والمعلمون اتصالًا رقميًا للتدريس وللتعلم في أي وقت أو مكان مناسبَين. ولكن لسوء الحظ، فإن العديد من الطلبة الذين لم تتسنى لهم فرصة الوصول إلى الأدوات الرقمية الضرورية للمحافظة على سريان تعليمهم، يواجهون الآن خطر التخلّف عن ركب زملائهم الذين أتيحت لهم فرصة التعلم في بيئة رقمية، وحتى بدون مفاقمة وباء كورونا للانقسام الرقمي.
لم يكن فقدان الوصول إلى الإنترنت قبل الجائحة يشكل عائقًا بالضرورة على الأطفال من إكمال تعلّمهم، لكن منذ تسبب وباء كورونا بتغيير الأنظمة التعليمية في جميع أنحاء العالم، أصبح الرابط بين المدرسة والاتصال الشخصي بالتعليم ذو الجودة أوضح من أي وقت مضى، وهذا ما سلط الضوء عليه تقرير وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) بعنوان ربط المتعلمين: تضييق الانقسام التعليمي، والذي كان برعاية شركة إيريكسون لدعم منظمة الأمم المتحدة للطفولة.
يُعدّ توصيل المدارس بالإنترنت مفيدًا للاقتصاد
يشير تقرير وحدة الاستخبارات الاقتصادية إلى أنه يمكن لارتفاع الاتصال بالإنترنت لدى مدرسة في دولةٍ ما بنسبة ١٠٪ الزيادة من عدد سنوات الدراسة لكل طالب في المتوسط (مقياس لجودة التعليم وليس فقط كميّته)، والمساهمة أيضًا في زيادة حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة ١.١. ويشير نموذج وحدة الاستخبارات الاقتصادية الموضح في الصورة التالية إلى أنه يمكن للدول الأقل وصولاً للإنترنت في العالم مثل النيجر تحقيق زيادة تصل إلى ٢٠٪ من الناتج المحلي الإجمالي إذا ماثل مستوى وصول مدارسها بالإنترنت مستويات الدول المتقدمة مثل فنلندا.
واختتم الكُتّاب التقرير بالنص على أنه لأخذ المنفعة التامة من الاتصال بالإنترنت، ينبغي على الطلبة والمعلمين الحصول على الدعم والأدوات المناسبة التي تتضمن الأجهزة ومصادر التعلم والمساعدة في دمج التقنية مع الأوساط التعليمية. وهذا صحيح فيما يخص الدول ذوي الدخل المنخفض والمتوسط والمرتفع، وفي كلٍ من المناطق المتحضّرة والقروية. وتُعدّ جودة الاتصال والقدرة على تحمّل تكاليفه مسألتان هامّتان يجب النظر فيها.
لا تقتصر فوائد اتصال المدارس بالإنترنت على الطلبة فقط، بل إن آثارها غير المباشرة تعود بالنفع على مجتمعاتٍ بأكملها؛ فالمدارس المتصلة بالإنترنت تكون بمثابة أساسيات للتعلم والتنمية مدى الحياة، فضلًا عن تعزيز جودة الثقافة الرقمية بين السكان في اقتصادات الدول النامية، وهذا يعود بالنفع مباشرةً على النمو الاقتصادي بسبب تحفيز ريادة الأعمال والتجارة.
ربط كل مدرسة بالإنترنت بحلول عام ٢٠٣٠
لذا، كيف يمكننا تحقيق ذلك؟ إنها مهمة ضخمة حيث إنه لا أحد يعلم عدد المدارس في العالم يقينًا أو موقع كل واحدة منها بالضبط.
أطلق الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) في عام ٢٠١٩ مبادرة باسم جيجا (Giga) والتي تهدف إلى ربط كل مدرسة في العالم بالإنترنت. وعملت في بادئ الأمر مع ١٩ دولة (والعدد في ازدياد) ونظمت اتصال المدارس الرقمي في الوقت الحالي، وصنعت نماذجًا للتمويل المبتكر، ودعمت التعاقدات الحكومية التي تهدف إلى توصيل المدارس بالإنترنت، كما تهدف الآن إلى إطلاق سندات اتصال تُقدّر بخمسة مليار دولار لتمويل البنية التحتية لتسليم الخدمات، ولتحفيز الاستثمار.
وبناءً على الاعتقاد بأنه يمكن للاتصال الرقمي تطوير حيوات الأفراد والمساعدة في تمهيد الطريق لمستقبلٍ مستدام، فقد قامت شركة إريكسون بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة بالمساعدة في معالجة مشكلة تنظيم المدارس وتقييم اتصالها بالإنترنت في ٣٥ دولة بحلول نهاية عام ٢٠٢٣. كما قامت جيجا بالشراكة مع الحكومات الوطنية وشركاء آخرين بوضع خطط للتحسين من مستويات اتصال مليون مدرسة بالإنترنت. ستتيح هذه الأفكار إمكانية وضع الطلب الإجمالي واستهداف الاستثمارات الهامة في البنية التحتية الجديدة.
أما بالنسبة إلى شركة إريكسون، فقد عملت على بناء قدرات لبنيتها التحتية للاتصالات إلى جانب الخبرة في علم البيانات والذكاء الصناعي لجمع بيانات الاتصال في الوقت الحالي والتحقق من صحتها وتحليلها ومراقبتها وتصويرها.
نحن بحاجة إلى أكثر من الاتصال بالإنترنت
التعاون أمر لا بد منه: فيجب على كلٍ من الحكومات والقطاعات الخاصة وضع استراتيجيات شمولية للتغلب على مصاعب ربط المدارس بالإنترنت، إذ يعني الشمول الرقمي أكثر من التوصيل وحسب، ويُعدّ الاتصال الرقمي الذي يُمكن الوصول إليه وتحمل تكلفته أيضًا عامل تغيير جذري للتعلّم، لا سيما في المناطق النائية والتي يقلّ فيها عدد المعلمين.
يمكن للبنية التحتية الرقمية (جنبًا إلى جنب مع دعم المعلمين والطلبة) توفير فرص تعلّم جديدة تُكمّل التعلم الشخصي وتُثريه. كما يمكن لخيارات التعلم الهجين والمدمج وعن بعد المساعدة في إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول للإنترنت وإتاحة التعليم ذو الجودة العالية للجميع، كما ستمنح الطلبة قدرًا أكبر من المرونة لمعرفة كلًا من الوقت والمكان والطريقة الصحيحة للانخراط في التعلم، فضلًا عن إمكانية تزويد المعلمين والآباء بالمعلومات القيّمة لتوجيه الدعم المباشر توجيهًا أفضل.
تخيّل لو وُضعت المعرفة بالعالم مُجمّعةً في متناول كل الأطفال والبالغين بلغاتهم الخاصة، هذا ممكن؛ إذ رأينا نوع القفزة الرقمية الكبرى الممكنة في عام ٢٠٢٠، لذا علينا أن نكون على أهبة الاستعداد للتغيّرات بمثل هذا الحجم، فلا يمكننا الاستمرار بترك المليارات من رفاقنا خلفنا.
أحدث التعليقات