كيف تؤثر الانحيازات المعرفية على تفكيرك وتصرفك

ترجمة بتصرّف لمقال: (How Cognitive Biases Influence How You Think and Act by Kendra Cherry)

ترجمة: سلطان السُلمي

تدقيق: رهف الفرج

مراجعة: أسامة خان

الانحياز المعرفي هو خطأ ممنهج في التفكير والذي يؤثر بدوره على القرارات التي يتخذها الأشخاص والأحكام التي يصدرونها. وبعض من هذه الانحيازات متعلقة بالذاكرة والطريقة التي تتذكر فيها حدثًا مّا ربما تكون متحيزة لعدد من الأسباب وفي المقابل يؤدي ذلك إلى التفكير المنحاز واتخاذ القرارات. الانحيازات المعرفية الأخرى قد تتعلق بمشكلة الانتباه؛ حيث أن الانتباه مورد محدود، ويجب على الأشخاص أن يكونوا انتقائيين في ما يعيرون له الانتباه في العالم المحيط بهم. ولهذا السبب تتوغل الانحيازات غير الملحوظة وتؤثر على الطريقة التي ترى وتفكر بها في العالم.

كيف تعمل الانحيازات المعرفية؟

الانحياز المعرفي هو نوع من الخطأ في التفكير والذي يحدث عند معالجة وتفسير الأشخاص للمعلومات في العالم حولهم، الدماغ البشري قوي ولكنه خاضع للقيود. وغالبًا ما تكون الانحيازات المعرفية نتيجة لمحاولة دماغك لتبسيط المعلومات ومعالجتها. وهي أحكام تقريبية تساعدك لإدراك العالم والوصول إلى القرارات بسرعة نسبية. 

عندما تحكم وتتخذ القرارات عن العالم من حولك، فأنت تعتقد أنك تفكر بموضوعية، ومنطقية، وقادر على استيعاب وتقييم كل المعلومات المتاحة لك. ولسوء الحظ، تلك الانحيازات توقعنا في الأخطاء وتؤدي إلى قرارات وأحكام سيئة.

الأسباب:

لو كنت تفكر في كل خيار ممكن عند اتخاذ القرار، من الممكن أن يأخذ ذلك وقتًا طويلًا حتى لاتخاذ الخيار الأسهل. وبسبب الطابع المعقد للعالم من حولك وكمية المعلومات في بيئتك، من الضروري أحيانًا الاعتماد على بعض من الطرق العقلية المختصرة التي تهيئ التصرف بسرعة.

هنالك عدد من الأشياء المختلفة تسبب الانحيازات المعرفية، ولكن هذه الطرق العقلية المختصرة والمعروفة بالإرشادية «heuristics»، تلعب غالبًا دورًا مهمًا في ذلك، ومع أنها تكون غالبًا دقيقة على نحوٍ مفاجئ، فإنها أيضًا تؤدي إلى أخطاء في التفكير. فالضغط الاجتماعي، والتحفيز الفردي، والمشاعر، وحدود مقدرة العقل على معالجة المعلومات تساهم أيضًا في تلك الانحيازات.

رابط ذا صلة: كيف يساعدك الاستدلال على اتخاذ قرارات سريعة أو انحيازات؟

هذه الانحيازات ليست بالضرورة سيئة، ولكن أخصائي علم النفس يؤمنون أن الكثير من تلك الانحيازات تخدم غرض التأقلم وبمعنى آخر تسمح لنا للوصول إلى القرارات بسرعة. وهذا مهم عندما نواجه تهديدًا أو خطرًا، فإذا كنت تمشي في زقاق مظلم ولاحظت ظلٌ يبدو أنه يلاحقك، فإن الانحياز المعرفي سيؤدي إلى افتراض بأن هذا الظل هو سارق، ويجب عليك الخروج من الزقاق بأسرع ما يمكن ولكن من الممكن أن يكون ذلك الظل، ظل علم يرفرف مع الهواء. وغالبًا الاعتماد على الطرق العقلية المختصرة قد ينقذك في وقت أنت تحتاج أن تفكر فيه بسرعة.

أنواعه:

دعونا نتعلم أكثر عن بعض أنواع الانحيازات المعرفية الأكثر شيوعًا والتي من الممكن أن تُحّرِف تفكيرك.

انحياز التأكيد (Confirmation Bias):

وهو يعني إظهار التأييد للمعلومات التي تتفق مع اعتقاداتك الموجودة وإهمال الأدلة التي لا تتفق. 

إرشادية التوفر (Availability Heuristic):

وهو الميل إلى المبالغة في تقييم المعلومات التي تخطر على عقلك بسرعة والإيمان بها بصورة مفرطة والميل إلى المبالغة في تقدير احتمالية حدوث أشياء مشابهة في المستقبل.

تأثير هالو (Halo Effect):

يؤثر انطباعك العام عن شخصٍ ما على كيفية شعورك وتفكيرك حول شخصيته، وهذا على وجه الخصوص ينطبق على الجاذبية الجسدية مؤثرًا على كيفية تقديرك لميزاته الأخرى.

انحياز المصلحة الذاتية (Self-serving Bias): 

هو الميل إلى لوم قوى خارجية عند حدوث أشياء سيئة، وإعطاء الفضل لنفسك عند حدوث أشياء جيدة. فعندما تفوز في لعبة البوكر فهذا بسبب مهارتك في قراءة اللاعبين الآخرين والتنبؤ بالاحتمالات، ولكن عندما تخسر فإن ذلك بسبب توزيعة الورق السيئة.

انحياز الانتباه (Attentional Bias): 

هو الميل لإعارة الانتباه لبعضِ الأشياء مع تجاهل الأخرى في نفس الوقت، عند اتخاذ قرار شراء سيارة ربما تعير انتباهك إلى منظرها وكيف تبدو من الداخل والخارج ولكن تتجاهل سجل السلامة وسعة خزان الوقود.

انحياز المُراقب-المُمثل (Actor-Observer Bias): 

هو الميل إلى نسبة سلوكياتك إلى مسببات خارجية بينما تنسب سلوكيات الأشخاص الآخرين إلى مسببات داخلية، أنت تنسب ارتفاع مستوى الكولسترول (cholesterol) إلى الجينات بينما تنسبه لدى الآخرين إلى حمية غير جيدة وغياب النشاط الجسدي. 

التثبيت الوظيفي (Functional Fixedness):

هو الميل إلى رؤية الأشياء أنها تعمل بطريقة محددة؛ إذا لم تملك مطرقة فلن تفكر أبدًا في أن مفتاح ربط كبير يمكن أيضًا استخدامه لدق مسمار في الجدار، ربما تظن أنك لست بحاجة إلى الدبابيس لأنك لا تملك لوح فلين لتعلق الأشياء عليه، ولكن لم تفكر باستخداماتها الأخرى. ومن المحتمل أن يتوسع هذا المنظور إلى وظائف الأشخاص، مثل عدم إدراك أن المساعد الشخصي لديه المهارات اللازمة ليحصل على دور قيادي. 

انحياز الارتساء (Anchoring Bias):

هو الميل إلى الاعتماد بصورة مفرطة على معلومات معينة تعلمتها. إذا علمت عن السعر المتوسط لسيارةٍ ما، فهو قيمة مؤكدة، وستعتقد أن ما دون ذاك السعر، يعتبر صفقة رابحة، ولربما لن تبحث عن أفضل منها. وبإمكانك استخدام هذا الانحياز لوضع توقعات الآخرين عن طريق وضع أول معلومة على طاولة الاعتبار.

تأثير المعلومات المضللة (Misinformation Effect): 

هو قابلية تداخل معلومات ما بعد الحدث بالذكرى الأصلية للحدث، فمن السهل أن تتأثر ذاكرتك بما تسمعه عن الحدث من الآخرين. معرفة هذا التأثير أدى إلى عدم الثقة بالمعلومات التي شهدتها.

تأثير الإجماع الخاطئ (False Consensus Effect):

هو الميل إلى المبالغة في تقدير مدى اتفاق الآخرين معك.

انحياز التفاؤل (Optimism Bias):

هذا الانحياز يقودك إلى الثقة بأنك أقل عرضة للمكروه، وعرضة للنجاح أكثر من أقرانك.

تأثير دانينج-كروغر (The dunning-Kruger effect):

يحدث هذا التأثير عندما يصدق الشخص بأنه أذكى وأقدر مما هو عليه، عندما لا يستطيع معرفة نواقصه.

الانحياز المعرفي مقابل المغالطة المنطقية:

أحيانًا يخلط الأشخاص بين الانحياز المعرفي والمغالطة المنطقية، ولكن الاثنان ليسا متشابهان. فالمغالطة المنطقية تنبع من خطأ في حجة منطقية، بينما الانحياز المعرفي أساسه في أخطاء معالجة التفكير وغالبًا ينشأ من مشاكل الذاكرة، والانتباه، والعزو، وأخطاء عقلية أخرى.

 

المصدر

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *