ما سر حياة المعمرين الطويلة؟ ربما نجد الجواب في أحشائهم

ترجمة بتصرّف لمقال: (What’s The Secret to Centenarians’ Long Lives? The Answer Might Be in Their Guts by CLARE WATSON)
مصدر الصورة: Unsplash
الكاتبة: Clare Watson
ترجمة: وفاء القحطاني
تدقيق ومراجعة: جواهر القحطاني
المراجعة النهائية: أسامة خان @QalamOsamah
إنَّ تجاوز الإنسان عمر المائة عام نادرٌ، حيث أشار بحث جديد أن الفضل قد يعود ولو جزئيًا للمايكروبايومات الموجودة في أحشاء المعمرين.
وجدتْ دراسة أجريت على اليابانيين الذين عاشوا لأكثر من قرن أنهم يؤوون مجموعات متميزة من البكتيريا في أمعائهم والتي تولد مركبات فريدة وقد تمنع العدوى والضغوط البيئية الأخرى.
إنَّ المعمرين بشكل عام أقل عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة المرتبطة بالعمر كما أنهم قادرون بطريقة ما على منع الأمراض المعدية، يبدو أن ميكروبيوم الأمعاء -بلايين الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في الجهاز الهضمي- قد يساعد في تفسير السبب.
قد نعتقد أن أسرار العمر الطويل موجودة في جيناتنا، لكن الجينات مسؤولة عن أقل من ٣٠ بالمائة من طول العمر، مما يتيح للعديد من العناصر الأخرى التي تتغير مع مرور الوقت بما في ذلك النظام الغذائي والعلاقات وربما الآن بكتيريا الأمعاء.
وظفت الدراسة ١٦٠ من المعمرين من جميع أنحاء اليابان ممن بلغ متوسط أعمارهم ١٠٧ عامًا، ثم قارنت الدراسة تلك المجتمعات البكتيرية الموجودة في عينات فضلاتهم ببكتيريا أمعاء ١١٢ شخصًا مسنًا آخر في أواخر الثمانينيات من العمر وكذلك مع فضلات مجموعة أخرى مكونة من ٤٧ شخصًا أصغر سنًا.
بحث الباحثون بقيادة عالم الأحياء الدقيقة يوكو ساتو من كلية الطب بجامعة كيو في طوكيو عن الاختلافات في ميكروبات الأمعاء، أي أنواع الأصناف البكتيرية الموجودة وأنواع المركبات التي تنتجها.
وجدت دراسات سابقة أجريت على المعمرين من سردينيا في إيطاليا أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ١٠٠ عام لديهم تنوع أكبر في أنواع الميكروبات الأساسية التي تعيش في أمعائهم مقارنة بالشباب وكبار السن.
تكمن أهمية دراسة ميكروبيوم الأمعاء في أنه من خلال اكتشاف طبيعة الإنسان السليم قد يتمكن العلماء من إيجاد طرق لتغيير المجتمعات البكتيرية أو تصحيح اختلالاتها للوقاية من الأمراض وتحسين صحة الآخرين.
رغم جاذبية هذه الفكرة إلا أن ميكروبيوم الأمعاء وحش كبير معقد للغاية ولكنه أيضًا حساس للغاية، وقد أظهرت الدراسات أن التغييرات في النظام الغذائي يمكن أن تغير بسرعة تكوين ميكروبات الأمعاء في غضون أيام من خلال تطوير أنواع معينة دون سواها.
ومع ذلك فإن المعمرين مثال قوي للشيخوخة الصحية لذلك لابد أنهم يقومون بأشياء معينة تساعدهم على العيش طويلًا.
في حين أظهر بعض المعمرين في هذه الدراسة اليابانية الجديدة علامات نموذجية للشيخوخة مثل الالتهاب المنخفض المستوى، وقد كتب الباحثون في ورقتهم البحثية «أن غالبية المعمرين لم يعانوا من الأمراض المزمنة مثل السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم والسرطان».
لم يكن المجموع الكلي لحمض الصفراء مختلفًا بين المجموعات لكن المعمرين لديهم مزيج فريد من الأحماض الصفراوية وذلك بفضل عدد قليل من السلالات البكتيرية القادرة على تصنيعها.
وعند إجراء مزيد من الفحص، برزت مجموعة من البكتيريا وهي سلالات Odoribacteraceae والتي أنتجت نوعًا من حمض الصفراء يسمى (isoallo-lithocholic acid (isoalloLCA.
وكتب الباحثون: «كان كل من بيانات حمض البراز ونوع المجتمع [الميكروبي] عند المعمرين مستقرين بشكل عام بين العينات الطولية بصورة ملحوظة» والتي جُمعت على مدار سنة إلى سنتين.
لكن الدراسة لم تأخذ في الحسبان عوامل نمط الحياة الأخرى مثل النظام الغذائي ولذلك لا يمكننا تحديد ما ساهم بالضبط في الصورة الفريدة للميكروبيوم.
وفي تجارب أخرى أظهر ساتو وزملاؤه أن isoalloLCA يمكن أن يمنع نمو المطثية العسيرة المستنبتة في المختبر وهي جرثومة أمعاء شائعة تسبب الإسهال الشديد والتهاب القولون الخطير.
وعندما تم حقن الفئران المصابة بالمطثية العسيرة بجرعة Odoribacteraceae وهي السلالات المنتجة للصفراء التي تم تحديدها عند المعمرين، قلل العلاج من كمية المطثية العسيرة في فضلات الفئران دون المستويات التي يمكن اكتشافها مما يشير إلى أنها ساعدتهم على درء العدوى.
استنتج الباحثون في ورقتهم العلمية «أن isoalloLCA هو أحد أكثر العوامل المضادة للميكروبات الانتقائية ضد الميكروبات إيجابية الجرام بما في ذلك مسببات الأمراض المقاومة للأدوية المتعددة» وأشاروا إلى أن الأنواع المنتجة ل isoallolCA مثل Odoribacteraceae يمكن استخدامها للمساعدة في الحفاظ على صحة القناة الهضمية في سن الشيخوخة.
بينما تساعد هذه التجارب المعملية في شرح كيفية تمكن الأنواع البكتيرية الموجودة في المعمرين من توفير بعض الحماية ضد العدوى عبر الأحماض الصفراوية إلا أن خبراء آخرون متحفظون بشأن النتائج.
يوضح عالم فيزيولوجيا البحث كيم باريت من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو والذي لم يكن مشاركًا في الدراسة «كالعديد من الدراسات التي تسعى إلى توريط ارتباط ميكروبيومات معينة مع حالات معينة عند البشر إلا أن العمل يكشف في الغالب عن الارتباطات بدلًا من السببية».
وكما تقول باريت «فمن ناحية أخرى تظهر الأحماض الصفراوية بصفتها فئة جديدة من الهرمونات المعوية التي تقوم بمهام أخرى بجانب المساعدة في هضم الدهون وامتصاصها».
وتقول «من المؤكد إمكانية تصور أن معالجة تركيزات أحماض صفراوية معينة سواء أكانت جرثومية أو عن طريق إعطائها مباشرة قد ينتج عنه فوائد صحية».
ومع ذلك فإن علاجات البروبيوتيك التي تحتوي على بكتيريا حية يُعتقد أنها تمنح فوائد صحية لها نتائج متباينة في البحث حتى الآن، لذلك نحتاج مزيدًا من الأبحاث قبل توقع وجود حبة مليئة بالبكتيريا تمنحنا عمرًا أطول.
بالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي تم ربطها بطول العمر والتي يمكننا جميعًا أن نحاول القيام بها كأن نصبح اجتماعيين والحد من التوتر -وكما خمنتم- تناول الطعام الجيد.
تمت الترجمة والنشر بموافقة الموقع
أحدث التعليقات