ليس كافياً أن تكون ذكيًا

ترجمة بتصرّف لمقال:(Being Smart is Not Enough By Farnam Street)
مصدر الصوؤة:(Unsplash, @priscilladupreez)

ترجمة: نورة العتيبي 
تدقيق ومراجعة: لمى الجريّد

عندما نوّظف فريقًا، نميل لتفضيل العباقرة الذين يخلقون أفكار مبتكرة، ولكننا نتجاهل الفراشات، الأشخاص المهمين الذين يشاركونها ويقومون بتنفيذها. وهنا السبب لماذا من المهم أن تكون ذكيًا واجتماعيًا.

 

***

في الأعمال، لا يكفي أبدًا أن تملك فكرةً رائعة. فكي ينجح أيُّ ابتكار، لابد من الجميع في المؤسسة مُشاركته وترويجه وشراؤه. لكننا غالبًا ما نركز على أهمية هذه الأفكار العظيمة، ويبدو أننا ننسى العمل المطلوب لنشرها.

عندما نشكّل فريقًا، فإننا نميل للبحث عن الأذكياء. نحن ننجذب لمن لديهم الكثير من الألقاب بعد أسمائهم، أو جوائز فاخرة في سيّرهم الذاتية. نحن نفترض أنه عندما نوّظف أذكى أشخاصٍ أمكننا العثور عليهم،  سوف يبتكرون طرقًا جديدة أفضل للعمل توفر علينا الوقت والمال.

في المقابل، غالبًا ما نتجاهل الأشخاص الاجتماعيين جدًا، فيبدو أنهم يقضون كثيرًا من الوقت في التحدث، ولا يقضونَ وقتًا كافيًا في العمل. فقد نتجنب توظيفهم لأننا نفترض أنهم سيكونون مشغولين جدًا في الانخراط على مواقع التواصل الاجتماعية، أو بعيدينَ عن مكاتبهم في أغلب الوقت لينهوا واجباتهم.

على الرغم من ذلك لن نطلب منك أن تحرّم توظيف الأذكياء،  نحن هنا لنقترح أنه لربما حان الوقت لنعيد النظر في الدور الذي يلعبه الأشخاص الاجتماعيّون في النمو الثقافي ونشر الابتكار.

في كتابه، «سر نجاحنا، كيف تقود الثقافة تطور الأنسان، وتروِّض نوعنا، وتجعلنا أذكى» يستكشف جوزيف هينريك دور الثقافة في تطور الإنسان. واحدة من النقاط التي ذكرها أنه ليس كافيًا لجنسنا أن يكون ذكيًا. ما يهم أكثر بكثير هو امتلاك البنية الأساسية الثقافية لنشرها وتعليمها وتعلْمها.

«تخيل مجموعتين كبيرتين جدًا من السكان قبل الإنسان، العباقرة والفراشات(1). لنفترض أن العباقرة سيبتكرون اختراعًا كل ١٠ حيوات. الفراشات أغبى بكثير، يبتكرون فقط الاختراع نفسه مرة كل ١٠٠٠ حياة. لذا، هذا يعني أن العباقرة أذكى بعشر مرات من الفراشات. مع ذلك، العباقرة ليسوا اجتماعيين للغاية ويملكون صديقًا واحدًا فقط ليتعلموا منه. أما الفراشات فتمتلك ١٠ أصدقاء، مما يجعلها ١٠ مرات أكثر اجتماعيةً”.

الآن، الجميع من كلتا المجموعتين يحاولون الحصول على اختراع  بالاستكشاف بأنفسهم والتعلم من الأصدقاء. 

لنفترض أن التعلم من الأصدقاء صعب: إذا كان صديق يمتلك العلم، سيختصر هذا على المتعلم نصف وقت التعلم. وعندما ينتهي الجميع من تعلمهم المنفرد ومحاولتهم التعلم من اصدقائهم، هل تعتقد أن الابتكار سيكون أكثر انتشاراً بين العباقرة أم الفراشات؟

لذا، بين العباقرة أقل قليلاً من ١ من كل ٥ اشخاص (١٨٪) سينتهي بهم المطاف بأن يخترعوا. سيكون نصف هؤلاء العباقرة قد اكتشفوا كل ذلك بأنفسهم. من جهة أخرى، سيكون لدى ٩٩،٩٪ من الفراشات سمة الابتكار، ولكن نسبة ١٪ فقط سيكتشفون ذلك بأنفسهم.»

رائع!

ماذا سيحدث إذا أخذنا هذا التفكير وطبقناه في مكان العمل؟ بالطبع تريد أن تملك أشخاص أذكياء. ولكنك لا تريد مؤسسة مليئة بالعباقرة. لربما يخلقون أفكارًا كثيرة، ولكن من دون القدرة على التعلم من بعضهم بسهولة،  لن يكون للعديد من أفكارهم أي قبول في المؤسسة. عوضًا عن ذلك، قد تريد أن تربط بين العباقرة والفراشات— الأشخاص المتناغمين اجتماعيًا والمهيئين لتبني السلوكيات الناجحة ممن حولهم.

إن كنت تعتقد أنك لا تحتاج للفراشات؛ لأنك تستطيع جعل الابتكارات العبقرية سياسةً وإجراء في مؤسستك، فقد فاتك القصد. بالتأكيد قد تكون بعض الأفكار الرائعة ملموسة ومحدودة ومرئية. هذه الأفكار التي باستطاعتك تحديدها وتنفيذها في المؤسسة من البداية حتى النهاية. ولكن بعض من أفضل الأفكار تحدث بسرعة في مواقف منعزلة لمرة واحدة استجابة لتغيرات بسيطة في البيئة. لربما كان هناك اجتماع بسيط مع أحد العملاء، ويكتشف العبقري طريقة جديدة لوصف منتجك لها صدى حقيقي. لكن العبقري ليس معلمًا. قد نجح الأمر معه واستمر في تكرار السلوك، ولكن لا يمكن له أن يعلّم شخصًا آخر. بالإضافة أنه لا يكتسب طرقًا أخرى لزيادة صقل ابتكاراته.

لكن ماذا عن الفراشات التي حضرت الاجتماع مع العباقرة؟ إنهم يتعلمون وصف المنتج الجديد الناجح على الفور. ويحاكونه في كل الاجتماعات من تلك اللحظة. ويتحدثون عنه مع أصدقائهم الذي هم معظمهم فراشات. وفي غضون أسبوعين،  سينتشر الوصف الجديد بسبب الميل للتعلم الثقافي المضمّن في الفراشات الاجتماعية. 

الدرس هنا هو أن توظف كلا النوعين من الأشخاص. اعلم أن العباقرة هم الذين يبتكرون، ولكن الفراشات هم الذين ينشرون الابتكار في الأنحاء. وكلا العنصرين مطلوب لتنفيذ أفكار جديدة ورائعة بنجاح. 

1. الفراشات: الأشخاص غير المسؤولين أو غير الجادّين، الذين يملون سريعًا من الأنشطة التي بين أيديهم أو يفضلون المتعة. 

المصدر
تمت الترجمة بإذن من الكاتب
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *