لماذا نتصرف بطرق لا نحبها لكن تبدو غير قابلة للتغيير
ترجمة: علا عبدالسلام
تدقيق: اسماء المحمادي
مراجعة: أسامة خان
ترك العادات السيئة لا ينُمّ دائمًا عن الانضباط الذاتي
إن اختلال السلوك فكريا يكون واضحًا كالتبذير والأكل والتورط عاطفياً مع شريك أنانيّ أو صديق. وبالرغم من جهود الشخص المنسقة للتخلي عن تلك العادات، إلا أن هناك شيء يجعله ينتكص على عقبيه، وذلك لا يكون بسبب حاجته إلى الانضباط الذاتي. ويمكن أن يكون السبب هو الحاجة اللاواعية للتغلب على تجارب سلبية في الطفولة.
على سبيل المثال: إذا وجد الشخص نفسه يتورط بشكل مستمر مع الأشخاص الذين يتستغلونه، أو يتلاعبون به، أو يعاملونه كمنبوذ. بعد التورط في سلسلة من مثل هذه العلاقات، يبدأ الشخص يعتقد أن السبب هو القدر.
على الرغم من أن المشكلة قد تكمن في إعادة الأحداث، أو سهولة الإنزلاق في علاقة مع الراشدين تشابه علاقة في الطفولة مع أب أو أم مؤذٍ عاطفياً.
يمكن أن ينجذب الشخص عادةً على نحو غافل إلى المألوف. ومن السهل أن ينزلق الشخص في علاقة مع شخص أناني إذا كان للشخص آباء يعاملونه بنفس الأسلوب. إن الشريك أو الصديق الأناني عادة ما يبدأ العلاقة عند طريق رؤية شخص مثالي يبحث عن القبول. إن الشريك الأناني أيضا يمدح ويعامل الشخص الآخر كما لو أنه يحبه بصدق، وما أن ينكشف له أنه كان زائفاً، فإنه يتطرق إلى نقده ونبذه بعيداً عنه. وخسارة الاحترام والتقدير هذه تصدم الشخص وتسبب له القلق. ممكن أن يتذمر رغبة في القبول، تعلقًا بصورة غير واعية في تكرار طفولة مؤلمة جامحة.
إن الحاجة للبقاء في علاقة والمكافحة من أجل نهاية مختلفة، نهاية يمكن أن يشعر فيها أنه مُقدَّر ومحبوب هي حاجة بشرية. ومع ذلك فإن هذا من الممكن ألا يكون واقعياً، وذلك لأن الشخص الذي لدية نزعة نرجسية ينقصه التعاطف ويشعر بالعلو والتفاخر عندما يهين شخصًا آخر. وما بين التأرجح بين المثالية والتقليل يعطي الشخص الأناني شعورًا بالتحكم. ومن ثم، فبدلاً من تحقيق نتيجة الرغبة الجامحة للشخص -أو الحب الراسخ- فإن الشريك الأناني عاطفياً يزيد تعلق الشخص المتزعزع بالوالد المسيء له عاطفياً.
يحدث نفس السيناريو مع الإفراط في الأكل. إن الأطفال الذين ينشؤون مع آباء أنانيين غالباً ما يشعرون بالخجل لإمتلاكهم شعورًا يختلف عن الآباء. لأن الأطفال يُنبذون ويُوبّخون إذا تصرفوا بنفس طريقة آبائهم، يشعر الطفل وكأنه سيء. أحياناً تكون الراحة في الأكل. إن الأكل هو قوت الأحشاء. إن الطفل الذي يُربى وهو بحاجة إلى التفاهم والتعاطف أحياناً يكبر حتى سن الرشد وهو لا يزال يجد راحته في الطعام، وإنه من الشائع لكثير من الراشدين الإسراف في الطعام من أجل سد فراغ عاطفي. ممكن أن يبدو الإسراف في الطعام هو محاولة غير واعية للتغلب على الفوضى العاطفية، ولكنها تفشل وذلك لأنه ليس تعاطفاً أو فهماً حقيقيًا.
إن الميل إلى الإسراف في الإنفاق يمكن أن تكون طريقة غير واعية للحصول على صلاحيات لم يحظى بها في طفولته. إن الطفل الذي ينشأ بدون دراية بما هو عليه حقاً قد يحن إلى الشعور بالقبول والاستحسان في سن الرشد. ويمكن أن يكون تصرفه في المبالغة في الإسراف على نفسه بعد منحه الصلاحيات من قِبل الآخرين بعد سن الرشد. إن إدّخار الإعجاب يمكن أن يكون محاولة للتغلب على شعوره بعدم الارتياح عندما يتساءل هل هو حقا يستحق هذا! ومع ذلك فإن الإحتفاءات التي يجنيها من خلال المظاهر والممتلكات المادية غالباً ما تكون جوفاء. إن الشخص يحتاج إلى أن يكون معروفًا ومحبوبًا بما هو عليه في الواقع.
إن توبيخ الشخص الراشد على أخطاءِه بناءً على قصور الآباء لا يمكن أن تكون هي الإجابة أو حتى يمكن استخدام الماضي كرخصة لإساءة معاملة الناس في الحاضر. ومع ذلك فإن الوعي بتجارب الطفولة وتأثيرها في رؤية الشخص لنفسه يمكن أن تكون حاسمة في معالجة ومحو التصرفات الغير متوازنة التي لا يفهمها الشخص.
إذا كنت والداً أيضا حاول أن تتذكر أن المشاعر هي الأساس التي ينشأ عليها الطفل. إن الوالد المتفهم عاطفياً وقادر على احترم مشاعر الطفل، هذا أيضاً مع استمراره في التوقعات وإعادة التوجيه وإعطاء الطفل شعور بالطمأنينة أو حتى التشجيع، هذا الوالد هو الأكثر قدرة في مساعدة الطفل ليشعر بالأمان. وهذا أيضاً يمكنه أن يساعد الطفل حال وصوله لسن الرشد. إن الحاجة للبقاء في علاقة سامة آملا في التغيير، أو الأكل لسد فراغ عاطفي أو إنفاق المال لغير الضرورة كوسيلة لاستغلال الصلاحيات. إذا كان هناك تعلقًا غير آمنا مع الوالد، فإن الشخص يمكن أن يحاول أن يواجه ويعالج ندوب الطفولة نفسياً حتى يتجنب إعادة حدوثها.
أحدث التعليقات