الشيخوخة والنوم

ترجمة: رغـد عقيل العقيل @RaghdAQL
مراجعة: عبدالرحمن نصرالدين @abdonasr77المراجعة النهائية: أسامة خان @QalamOsamah
- لمَ وكيف تؤثر الشيخوخة على النوم؟
- مشاكل النوم الشائعة التي تسببها الشيخوخة.
- نصائح لكبار السن.
يُتوقع أن يرتفع عدد كبار السن في الولايات المتحدة ارتفاعًا كبيرًا خلال الأعوام العديدة القادمة. وفي الحقيقة، بينما يشكّل عدد من هم فوق عمر الـ 65 نسبة 15% من السكان في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2016، فإن هذه النسبة يُتوقع أن تزداد لتكون 21% بحلول عام 2040. كما هو الحال عالميًا، فحسب ما تتوقعه الأمم المتحدة فإنه قد يتضاعف عدد من هم فوق عمر الـ 60 بحلول عام 2050 بل وقد يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2100.
وترتبط الشيخوخة بالعديد من المشاكل الصحية، منها صعوبات النوم.
بل وإن قلة النوم قد تجلب كثيرًا من المشاكل الصحية، مما يقلل جودة الحياة لدى الأشخاص فوق عمر الـ 65.
إن فهم تأثير الشيخوخة على الصحة أمرٌ بالغ الأهمية لعلاج الاحتياجات الخاصة لكبار السن. ويعد الاطلاع على العلاقة بين الشيخوخة والنوم جزءًا أساسيًا لتعزيز الصحة العامة لدى كبار السن، إذ أن الفرد يقضي ما يقارب ثلث الحياة في النوم.
لمَ تؤثّر الشيخوخة على النوم؟
تعد التغيرات في جودة النوم ومدته من الأمور الشائعة التي يواجهها الكبار، وتحدث هذه التغيرات بسبب التقلبات في الساعة الداخلية للجسم. تتكون الساعة الرئيسة، في جزء من المخ يسمى بـ الغدة النخامية، مما يقارب 20,000 خلية التي تشكّل النواة فوق التصالبة البصرية.
وتتحكم النواة فوق التصالبة البصرية بالدورات اليومية التي تسمّى بـ الساعة البيولوجية. وتؤثر الساعة البيولوجية على الدورات اليومية، مثل عند شعور الإنسان بالجوع وعندما يفرز الجسم بعض الهرمونات وعندما يشعر الشخص بالنعاس أو النشاط.
ويتغير النوم لدى الشخص كلما تقدم عمره بسبب تأثير شيخوخة النواة فوق التصالبة البصرية. وقد يؤدي تدهور وظيفة النواة فوق التصالبة البصرية إلى تعطل عمل الساعة البيولوجية، فيؤثر ذلك مباشرةً على شعور الإرهاق والنشاط لدى الشخص.
تصل المعلومات إلى النواة فوق التصالبة البصرية من العينين، ويعد ضوء الشمس أحد أقوى الإشارات للحفاظ على ا الساعة البيولوجية. ولكن للأسف، تُظهر الدراسات قلة تعرض معظم كبار السن لأشعة الشمس، إذ تصل مدة تعرضهم للشمس في اليوم الواحد إلى ساعة واحدة فقط. وقد تقل مدة التعرض للشمس أكثر لدى بعضهم ممن يعيش في دور المسنين وممن يعاني من الزهايمر.
كما تلعب التغييرات في إنتاج بعض الهرمونات كالميلاتونين والكوتيزول دورًا في مشكلة النوم المتقطع لدى كبار السن. وكلما زاد عمر الشخص، يقل إفراز الميلاتونين في جسمه الذي ينتج عادةً في الظلام لتعزيز النوم وتنسيق الإيقاع الحيوي.
الأوضاع الصحية والنوم
قد تتدخل الحالة الصحية الجسدية والنفسية في جودة النوم. ومن الحالات التي غالبًا تؤثر في النوم لدى كبار السن الاكتئاب والقلق وأمراض القلب والسكري والحالات التي تسبب عدم الارتياح والألم كالتهاب المفاصل (أو الروماتيزم).
وتعد العلاقة بين الصحة الجسدية والنوم معقدة لأن العديد من كبار السن يعانون من أكثر من مشكلة صحية واحدة. وحسب استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة سليب الوطنية للنوم في أمريكا لعام 2003 في 11 مرض صحي شائع فقد وُجد أن 24% من الأشخاص بين عمر 65 و84 شُخّصوا بأربع حالات صحية منها أو أكثر.
وكان هؤلاء الذين لديهم أكثر من حالة صحية يحصلون على أقل من 6 ساعات نوم يوميًا ولديهم ضعف في جودة النوم ويعانون من أعراض اضطراب النوم.
وقد ترتبط مشاكل النوم أيضًا بالأعراض الجانبية للأدوية. فما يقارب 40% من كبار السن الذين فوق عمر الـ 65 عامًا يتناولون خمسة أدوية أو أكثر. وتساهم العديد من الأدوية، التي تصرف بوصفة طبية أو بدونها، في مشاكل النوم. فعلى سبيل المثال: قد تسبب مضادات الهستامين والمهدئات في الشعور بالنعاس خلال اليوم، بينما الأدوية الأخرى كمضادات الاكتئاب والكورتيكوستيرويدات قد تبقي كبار السن يقظين مما يسبب الأرق. وقد يسبب تفاعل الأدوية معًا تأثيرات غير متوقعة على النوم.
نمط الحياة والنوم
وقد يرتبط ضعف جودة النوم لدى كبار السن بتغيرات الحياة التي تصاحب الشيخوخة عادةً. فعلى سبيل المثال، يؤدي التقاعد إلى قلة العمل خارج المنزل وبالتالي تكثر ساعات القيلولة وتقل ساعات النوم المنتظم. ويمكن للتغيرات الأخرى في الحياة مثل فقدان القدرة على تحمل المسؤولية والعزلة عن المجتمع أن تزيد من الضغط النفسي والقلق اللذان يساهمان في مشاكل النوم.
كيفَ تؤثّر الشيخوخة على النوم؟
يختلف تأثير الشيخوخة على الأشخاص اختلافًا متباينًا. قد لا يعاني بعض كبار السن من النوم المتقطع، في حين يشكي البعض الآخر من قلة النوم وسوء جودته. اكتشف الخبراء العديد من مسببات اضطرابات النوم الشائعة لدى كبار السن، منها:
- تغيير نظام النوم: مع تقدم الناس في العمر، تتقدم الساعة البيولوجية في الجسم إلى الأمام بمرور الوقت. ويسمى هذا الانتقال بـ تقدُّم الطور. ويواجه كبار السن تقدُّم الطور عند الشعور بالإرهاق في وقت مبكّر في الظهر والاستيقاظ مبكرًا في الصباح.
- الاستيقاظ من النوم ليلًا: لقد أظهرت الدراسات أيضًا أنه مع تقدّم العمر يعاني الناس من تغيرات في بنية النوم. وتشير بنية النوم هنا إلى كيفية مرور الشخص بمراحل النوم المختلفة. فيحظى كبار السن بالنوم غالبًا في مراحل النوم الأخف المبكرة ونادرًا ما يحظون بنوم هانئ في المراحل العميقة التي تليها. وتساهم هذه التغييرات في إيقاظ كبار السن بتكرار في الليل وبالتالي يحصل معظمهم على نوم متقطع غير مريح.
- القيلولة خلال اليوم: حسب ما وجدته الدراسات فإن معدل 25% تقريبًا من كبار السن يحصل على القيلولة مقارنةً بمعدل 8% من الشباب الأصغر سنًا. وبإجماع عدد من الخبراء، يمكن للقيلولة الطويلة أو القيلولة المتأخرة أن يصعبا النوم أكثر في الليل مما يسبب النوم المتقطع. ولكن يرى بعض الخبراء عكس ذلك، إذ أن القيلولة القصيرة خلال اليوم قد تفيد الشخص.
- قضاء وقت أطول لإصلاح التغيرات في نظام النوم: تُصعّب التغيرات في كيفية تنظيم الجسم للساعة البيولوجية على كبار السن التكيف مع التغيرات المفاجئة في نظام نومهم مثل الحصول على نظام توقيت للاستفادة من ضوء النهار أو عند المعاناة من اضطراب الرحلات الجوية الطويلة.
هل يحتاج كبار السن ساعات نوم أقل؟
وفق المؤسسة الوطنية للشيخوخة، تعد من الخرافات حاجة كبار السن لساعات نوم أقل من الأفراد الأصغر منهم سنًا. يواجه كثيرٌ من كبار السن أوقاتًا عصيبة للحصول على القسط الكافي من النوم ولكن هذا لا يعني احتياجهم لساعات نوم قليلة. تقل كمية النوم التي يحتاجها الفرد كلما زاد عمره، ولكن هذا الاتجاه يقف عند عمر 60 عامًا. وضعت مؤسسة سليب الوطنية دليلًا بعشرة نصائح تشير فيها إلى حاجة من هم فوق عمر 65 إلى 7-8 ساعات من النوم لكل ليلة.
مشاكل النوم الشائعة لدى كبار السن
تشير الأبحاث إلى أن ما يقارب 40% إلى 70% من كبار السن يعانون من مشاكل مزمنة في النوم بل وأن أكثر من نصف الحالات لم يسبق تشخيصهم قط. وقد تتدخل مشاكل النوم المزمنة تدخلًا واضحًا مع أنشطة كبار السن اليومية مما يقلل جودة الحياة لديهم. وتشمل مشاكل النوم لدى كبار السن الآتي:
- الألم: قد يؤدّي الشعور بعدم الارتياح والألم إلى راحة غير كافية لبعض كبار السن. ويمكن أن يصبح كلا من الألم وقلة النوم دوامة لا تنتهي تضر الفرد، إذ تؤدي قلة النوم إلى زيادة الشعور بالألم. لذلك، يلزم محادثة الطبيب عند تدخل الشعور بالألم مع النوم.
- التبول في الليل: يزيد التبول في الليل (أو التبول الليلي) مع زيادة العمر، وذلك بسبب التغيرات الجسدية في الجهاز البولي وعوامل الأخرى. وتؤثر هذه المشكلة في نسبة 80% من كبار السن مما يسهم في زيادة النوم المتقطع.
- الأرق: ومن أكثر مشاكل النوم شيوعًا لدى كبار السن المعاناة المستمرة في الخلود إلى النوم أو البقاء في النوم. وقد تتسبب العديد من العوامل المتداخلة في الأرق إلا أنه يمكن التخلص منه بالمعالجة.
- الخمول في النهار: يعتقد كثيرون أن الشعور بالإرهاق في النهار علامة طبيعية تظهر مع تقدم العمر، ولكنها ليست كذلك. يعاني حوالي 20% من كبار السن من النعاس المفرط في النهار، وقد تكون هذه علامة على حالة صحية خفية وليست مجرد علامة لتقدم العمر. فيمكن أن يكون النعاس الشديد في النهار لدى كبار السن من أعراض بعض المشاكل الصحية مثل انقطاع النفس أثناء النوم أو الضعف الإدراكي أو أمراض القلب الوعائية.
- انقطاع النفس أثناء النوم: قد يتسبب انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم في توقف النفس لدى النائم. كما يرتبط توقف النفس هنا بالانهيار المتكرر (الاختناق) أو الانهيار الجزئي (ضعف التنفس) في مجرى الهواء العلوي، مما يتسبب في النوم المتقطع ويؤثر سلبًا على مستويات الأكسجين في الجسم. وبالتالي يعاني المريض من الصداع والنعاس في النهار وقلة صفاء الذهن والتفكير السليم.
- متلازمة تململ الساقين: تؤثر متلازمة تململ الساقين (RLS) في نسبة ما بين 9% إلى 20% من كبار السن، بينما تؤثر متلازمة حركة الأطراف المتكررة أثناء النوم (PLMS) في نسبة ما بين 4% إلى 11% فقط من كبار السن. وتتسبب متلازمة تململ الساقين في الحاجة الملحّة لتحريك الساقين سواء أثناء إراحتها أو أثناء النوم، بينما تتسبب متلازمة حركة الأطراف المتكررة أثناء النوم في حركات لا إرادية في الأطراف السفلية، وتكون غالبًا في القدم. ويمكن لكلاهما التأثير على النوم وجودة الحياة ككل تأثيرًا جليًا.
- اضطراب حركة العين السريعة: يؤثر اضطراب حركة العين السريعة (RBD) في كبار السن أكثر من غيرهم. بينما تبقى أجساد أغلب الناس خامدة أثناء الحلم، يقودهم هذا الاضطراب إلى تمثيل أحلامهم وأحيانًا يمثلونها بإتقان.
نصائح النوم لكبار السن:
أثبتت الدراسات أنه يمكن لكبار السن تطبيق خطوات للنوم وذلك لتحسين جودة نومهم. وتشمل هذه الخطوات غالبًا التركيز على تحسين تصَحُّح النوم واعتماد عادات تعزز جودة النوم. إليك بعض الخطوات للحصول على نوم هانئ خلال السنوات الذهبية:
- مارس الرياضة: كبار السن الذين يمارسون الرياضة بانتظام يخلدون إلى النوم سريعًا ويحظون بنومٍ أطول ولديهم جودة نوم جيّدة. تعد الرياضة إحدى أفضل ما يستطيع كبار السن فعله حفاظًا على صحتهم. كما توفر المؤسسة الوطنية للشيخوخة نصائح مفيدة لممارسة الرياضة السليمة لكبير السن.
- قلل من الملهيات في غرفة النوم: يُـصعب كل من التلفاز والهاتف المحمول والضوء المزعج النوم. فعليك أن تترك التلفاز في غرفة أخرى وتحاول ألّا تخلد إلى النوم على صوته. وانقل كل الإلكترونيات خارج الغرفة واترك غرفتك للنوم فقط.
- تجنب كل ما يعيقك للنوم: من الأشياء التي تعيق النوم: الكحول والتبغ والكافيين والوجبات الثقيلة في آخر اليوم. حاول الإقلاع عن التدخين وقلل من الكافيين وتناول العشاء قبل موعد نومك بأربع ساعات على الأقل.
- حافظ على نظام نوم منتظم: تذكر أن الشيخوخة تُصعب استعادة النوم المنتظم عند فقدانه فتجنب التغيرات المفاجئة في جدول نومك. وهذا يعني: الخلود إلى النوم والاستيقاظ منه في نفس الوقت كل يوم والحذر من أخذ قيلولة طويلة.
- اعتمد روتين معين لوقت النوم: اكتشف الأنشطة التي تساعدك للشعور بالراحة قبل النوم. كثيرٌ من كبار السن يستمتعون بالاستحمام أو القراءة أو قضاء وقت هادئ قبل النوم.
النوم السليم لكبار السن
يؤدي النوم غير الكافي لدى كبار السن إلى خطورة عالية من كثرة الوقوع والحوادث. ومع تقدم العمر، يعد تجديد غرفة النوم بحيث تلائم احتياجاتهم من الأمور المساعدة التي تقلل من خطورة الحوادث وتمكنهم من طلب المساعدة عند الحاجة. في الآتي بعض الخطوات التي يمكن اتباعها للحصول على نوم سليم:
- ضع هاتفًا بالقرب من فراشك: من المهم تسهيل الإمكانات لتستطيع طلب المساعدة وأنت في فراشك. ضع الهاتف المحمول على المنضدة ويُفضل وضع قائمة للأرقام المهمة بجانبه. احذر من وضع الهاتف المحمول قريبًا منك إذا كانت تصله الإشعارات وقت النوم أو ما يلفت انتباهك للنظر إلى الشاشة.
- تأكد من سهولة وصولك إلى الضوء: تقلل سهولة الوصول إلى الضوء من التعثر في الظلام عند النهوض من الفراش، وبالتالي ستقلل من خطورة الوقوع أثناء محاولة الوصول إلى قابس الضوء. وقد يكون الضوء المدعوم بجهاز استشعار الحركة معينًا في الممرات أو دورة المياه.
تجنب المخاطر في غرفة النوم: لا تدخن في فراشك أبدًا! واحذر عند وضع بعض الأشياء في غرفة النوم لئلّا تكون مسببًا للانزلاق والوقوع كالسجاد والحبال والمقاعد والأثاث.
إذن ترجمة ونشر المقال على موقعنا
أحدث التعليقات