ستُّ عادات لتحسّن تركيزك

ترجمة بتصرّف لمقال:(6 Habits of Highly Focused People By Nick Wignall)

الكاتب: nick wignall.
ترجمة: سلطانة الزهراني.
تدقيق: ريم ريحان reemrayhan@
المراجعة النهائية: أسامة خان.

يكافح الناس ويعانون مع التركيز وأكبر سبب لمعاناتهم هو عدمُ فهمه لما هيّة التركيز.

يظن الأغلب أنّ التركيز مثل قوة الإرادة -الجهد الذي تبذله لإبقاء تركيزك على شيء بينما يريد الشرود إلى مكان آخر- لكن هذا ليس سوى جزءًا صغيرًا من التركيز وهو الأقل أهمية.

إليك طريقة أفضل للتفكير:

التركيز ليس أسلوبًا تطبِّقه، إنه مهارة تُنَميها بالممارسة والتكرار.

يعرف الأشخاص شديدو التركيز أنّ القدرة على التركيز بعمق ولفترات طويلة من الوقت هي نتيجة لعددٍ من العادات التي تراكمت بمرور الوقت.

إذا كنت تريد أن تصبح منتجًا وتنتج عملاً رائعًا، فأنت بحاجة إلى إتقان فن التركيز، ولذلك تحتاج إلى تنمية عاداتٍ صحيحة.

فيما يلي ستُّ عادات يتبعها ذوي التركيز العالي والتي ستؤدي إلى تركيز أعمق ونتائج رائعة في أي عملٍ تؤديه.

 

1. تبنَّ نمطًا.

 

الالتزام بنمطٍ هو السلاح السري لذوي التركيز العالي.

يتطلب الحفاظ على التركيز جهدًا وقوة إرادة إلى حد ما، ولكن لمجرد أن التركيز يتطلب أحيانًا جهدًا، فهذا لا يعني أنه جهد مستمر.

إذا سبق أن لاحظت شخصًا ما في حالة تركيز عميق فلن يظهر عليه عادةً إحباط أو إرهاق، بل يبدو أنهم عادةً «مندمجون» أو «منتجون»، هذا دليلٌ على أن التركيز الحقيقي أسهل مما تتوقع.

نتحدث كثيرًا عن أن الرياضيين العظماء «يُسهِّلون الأمور»، فحركاتهم سلسة ومرنة وهذا يختلف تمامًا عن الإحباط الذي نشعر به عند محاولة إدخال كرة الجولف في الحفرة أو البقاء على وضعية يوغا صعبة.

التركيز الحقيقي ينبغي أن يكون سهلًا لا صعبًا.

إذن كيف يصلون لذلك؟ كيف يجعل شديدو التركيز الوصول لمستويات التركيز العالية سهلًا؟

ربما يكون الدرس الأكثر أهمية هو أنهم سادة نمطيِّون.

إنّ النمّط هو مجموعة بسيطة من السلوكيات التي تعمل كجسر لسلوكيات أكثر تعقيدًا.

مثلًا: كتابة مقال مثل هذا يتطلب كثيرًا من المعرفة، من الصعب عليّ ببساطة الوصول إلى مكتبي والجلوس والبدء في الكتابة، لذلك أستخدم نمطًا صغيرًا لتسهيل كتابتي:

«قبل أن أبدأ الكتابة أصنع فنجانًا من القهوة أو الشاي وأرتشفه ببطء أثناء الاستماع إلى الموسيقى لمدة خمس دقائق تقريبًا، وبمجرد أن أنتهي من تناول مشروبي وتنتهي الموسيقى، أفتح تطبيق الكتابة وأبدأ في الكتابة».

إنّ النمط الجيّد كالإحماء قبل تمرين شديد الحدّة مثل رفع الأثقال أو الركض السريع يساعدك على «الإحماء» قبل القيام بجزء معقد من العمل الذهني، والنتيجة هي أنه يسهل بدء العمل والاستمرار في العمل لفترات طويلة من الوقت.

إذا كنت تواجه صعوبة في البدء في عملك، فبدلاً من محاولة «الإجبار» حاول تكوين نمطٍ صغير قبل العمل يسهل عليك الانخراط فيه.

«يُطلَق عنان الخيال من قيوده، ويمكنك الخروج من الصندوق بالغوص في أعماقه». – جونا ليرر

 

2. ماطل بشكل مُنتِج

 

الأشخاص المنتجون يتبنون المماطلة والتأجيل بدلاً من محاربته.

للوهلة الأولى يبدو أن مصطلحي «الإنتاج» و «المماطلة» متناقضان، إذ أحد أكبر الأسباب التي تصعب على الناس التركيز هو الميل إلى المماطلة.

ولكن ماذا لو لم يكن التسويف بحد ذاته هو المشكلة الفعلية؟ ماذا لو كانت المشكلة هي عدمُ معرفة كيفية تأجيل العمل بالطريقة الصحيحة؟

المماطلة الإنتاجية تعني تنمية مجموعة من الأنشطة التي يمكنك تأجيلها والتي ستظل تقودك إلى أن تكون منتجًا على المدى الطويل.

على سبيل المثال: عندما يكون عملي الرئيسي هو الكتابة فأنا أحيانًا أؤجله، أتجاهل مهمة الكتابة مهما كان هدفي الذي حددته ذلك الصباح وأنغمس في نشاط آخر أكثر إمتاعًا، غالبًا يكون القراءة أو تصميم المواقع.

على الرغم من أنني أتجنب عملي فإن كل من القراءة وتصميم المواقع مفيدان للغاية لعملي على المدى الطويل، القراءة هي شكل من أشكال البحث للمقالات المستقبلية، وتجعل تصميماتي للمواقع مقالاتي أسهل في القراءة وأكثر إمتاعًا وأسهل للمشاركة، وكلها مهارات مفيدة جدًا للكاتب.

لكن هذا هو السر الحقيقي للتسويف الإنتاجي:

اسمح لنفسك بالمماطلة بمهام صغيرة ونادرًا ما ستماطل في المهام الكبيرة.

الرغبة في المماطلة أمر طبيعي، حيث يرغب عقلك في التجديد والتحفيز.

توقف عن إهدار طاقتك العقلية في مقاومة الرغبة في المماطلة وجلد ذاتك وستجد أنه من الأسهل بكثير العودة إلى العمل بسرعة وسهولة بعد جلسة قصيرة من التسويف المثمر.

«طريقة البدء هي التوقف عن الكلام والبدء في العمل». – والت ديزني

 

3. اقضِ بلا رحمة على أي عامل إلهاء ممكن.

 

يتطلب التركيز الإقصاء وليس الإضافة.

السبب الأكبر الذي يجعلنا نكافح لنركّز هو الملهيات.

سواء كان ذلك إشعارًا على فيسبوك، أو قدوم أحد الزملاء لمكتبك للمحادثة، أو لعبة جديدة على الآيباد، فلا شيء يخرب تركيزنا مثل تشتيت الانتباه.

يستسلم معظم الناس للاعتقاد بأن التشتت أمر لا مفر منه وأنّ أفضل طريقة للبقاء مركزًا هي محاولة مقاومة المشتتات.

هذا يعني أنهم يرون التركيز على أنه شيء يمكنهم القيام به بقوة الإرادة، لكن هذه طريقة خاسرة …

توقف عن محاولة مقاومة الملهيات واعمل كل جهدك لتجنب وجودها حولك من الأساس.

يعرف شديدو التركيز أنه في حين أن بعض المشتتات لا مفر منها، يمكن إلغاء الباقي منها، إذا كنت مستعدًا لبعض الخيارات الصعبة.

مثلًا: إذا كنت بحاجة لإنجاز شيء من الكتابة في الصباح أترك هاتفي في سيارتي وأغلق جميع التطبيقات على حاسوبي باستثناء تطبيق الكتابة.

قد يبدو هذا متطرفًا بعض الشيء لكن أكدتِ الطبيعة البشرية أنّ تشتيت تركيزنا أسهل مما نظن.

إذا كنت جادًا في تحسين تركيزك  فكن جادًا في التخلص من المشتتات.

«حسِّن حياتك بشكل متكرر وبلا تردد، إنها تحفتك الأهم من أي شيء». – ناثان دبليو موريس

 

4. تعاطف مع نفسك

 

استمرارك بجلد ذاتك هو طريقة تعديل لها عواقب وخيمة على المدى الطويل.

في وقت مبكر من الحياة يتعلم معظم الناس أن الطريقة الصحيحة لتحفيز نفسك هي أن «تصبح قاسيًا» معها، مثل رقيب تدريب يصرخ في مجنديه الجدد، لقد قادنا إلى الاعتقاد بأنه ما لم نتحلى بالقوة الصارمة مع أنفسنا فسننتهي إلى النعومة والضعف وعدم القدرة على تحقيق أهدافنا.

يعتمد هذا على الاعتقاد الخاطئ على أن الخوف حافز فعّال، في حين أن الخوف يمكن أن يدفعك إلى العمل مؤقتًا إلا أن تأثيره على المدى الطويل سلبي على ثقتك بنفسك.

علاوة على ذلك إذا كنت تفرط في الاعتماد على الخوف كحافز فإنه مع مرور الوقت يفقد فوائده حتى على المدى القصير.

وهذا التصرف يعرّض متبّعيه لمخاطر هائلة رغبة منهم في الحفاظ على تركيزهم:

  1. إنهم يعتمدون على طريقة واحدة لتحفيز أنفسهم. ومثل استثمار أموالك ليس من الجيد أن تضع كل بيضك في سلة واحدة.
  2. لا تعمل طريقتهم الوحيدة لفترة طويلة. خاصة عندما يحاولون الاستمرار في التركيز على مهام لا أحد رقيب عليهم بها، مثل الالتزام بنظام غذائي صحي حيث يتلاشى دافع الخوف عند أول عقبة.
  3. العواقب كارثية. لا يؤدي جلد الذات المستمر إلى القلق والتوتر وتدني احترام الذات فحسب ولكنه يدمر حتى رغبتك بالاستمرار.

يدرك الأشخاص شديدو التركيز والإنتاجية أن النقد الذاتي -بينما يكون مغريًا بشكل غريب – لا يؤدي إلا إلى تخريب قدرتك على الاستمرار في التركيز والقيام بأفضل ما لديك.

لقد سقطت بالفعل… كيف يحفّزك ركل نفسك على العودة مرة أخرى؟

عوضًا عن أن تكون قاسيًا على نفسك، نمَمِّ تعاطفك مع ذاتك في مواجهة الشدائد أو الأخطاء:

  • إذا تشتت انتباهك وفقدت التركيز مؤقتًا، فذّكر نفسك برفق بالعودة إلى العمل وإعادة تركيز انتباهك.
  • إذا شعرت بالحاجة لبدء المماطلة، فذّكر نفسك بهدوء أنه لا حرج في الرغبة في المماطلة وأنّ هذا يحدث للجميع.
  • إذا نسيت العمل على هدف أو مهمة يومًا ما فاعترف بأن الجميع يرتكبون أخطاء ودوِّن ملاحظة لنفسك للتوصل إلى نظام تذكير أفضل لعملك.

فكر بهذه الطريقة:

إذا أخبرك صديقك عن معاناتهِ مع تشتيت الانتباه أو فقدان التركيز، فكيف سترد عليه؟

على الأرجح لن تبدأ في انتقادهِ لضعفهِ وعدم انضباطهِ،  بدلاً من ذلك يجب أن تقدم كلمة أو كلمتين تعاطفًا للتشجيع ولن تضخِّم المشكلة.

لماذا لا تفعل مثل هذا مع نفسك؟

«لستُ ذكيًا جدًا، بل أبقى مع المشاكل لوقت أطول». – ألبرت أينشتاين

5. استفد من الإلهام لكن لا تعتمد عليه

الإلهام مثل الرصيد الإضافي: من الجيد الاستفادة منه عندما يمكنك ولكن لا يمكن الاعتماد عليه أبدًا.

تتمثل إحدى السمات المميزة للذين يركزون بشدة على أن لديهم علاقة صحية مع الإلهام.

أولًا: لا تأخذ الإلهام مُسَلَّمة. بدلًا من افتراض حاجتك إلى الإلهام أو الدافع للعمل أعتقد أنه يمكنك القيام بعمل جيد بغض النظر عما تشعر به، خاصة إذا كانت لديك العادات الصحيحة التي تسهِّل بدء العمل والحفاظ على التركيز (راجع القسم الأول أعلاه).

لأن الإلهام يؤدي إلى التركيز لا يعني أن التركيز يعتمد على الإلهام.

ثانيًا: عندما يظهر الإلهام، فإنهم يستفيدون منه بشكل كبير، مثلًاإذا جلست للعمل ووجدت أنك مُلهم وتقوم بعمل رائع فافعل ما بوسعك للبقاء فيه.

لا تتوقف عن العمل فقط لأن الوقت المخطط له قد انتهى، ألغِ الاجتماعات وأخّر المهام الثانوية وافعل أي شيء للاستفادة الكاملة من الإلهام الحقيقي.

لا تضيّع دفعة جيدة من الإلهام، قد لا تعود إلا بعد حين.

يعرف شديدو التركيز أن العلاقة بين الشعور والعمل هي علاقة تبادلية، حيث أنّ الشعور بالإلهام يؤدي إلى تركيز عالي الجودة وعمل جيد، فإن العكس صحيحٌ أيضًا: التركيز والعمل الجيد يميلان إلى إنتاج دافع وحتى إلهام.

لنفترض أنك تريد كتابة رواية… إذا كنت تكتب فقط عندما تشعر بالإلهام، محتمل أن يكون لديك كثيرٌ من صفحاتٍ فارغةٍ حتى بعد مرور سنة.

من ناحية أخرى إذا كنت ملتزمًا بكتابة بضع مئات من الكلمات يوميًا بغض النظر عن شعورك، فإن عددًا مفاجئًا من جلسات الكتابة هذه سيُنتج عملًا جيدًا، والذي -بمجرد رؤيته على الورق- سيحفزك لتكتب أكثر.

«يجلس الهواة وينتظرون الإلهام، ويستيقظ الباقون ويذهبون إلى العمل». – الملك ستيفن

6. وضّح قيمك

القيم الواضحة الإلزامية هي المصدر الأكبر للتركيز والتحفيز.

إذ يمكنك تسليح نفسك بأفضل النصائح والحيل والأدوات وتقنيات التركيز ولكن جودة عملك مهمة أكثر من أي شيء آخر.

إذا كنت تعمل باستمرار على أشياء لا تهتم بها، فإن الحفاظ على التركيز سيكون صراعًا دائمًا.

يؤدي القيام بالعمل إلى جذبك لدائرة التركيز دون عناء تقريبًا. فكر في الأمر…

  • لا يتعين على الأطفال بذل جهد كبير للتركيز على ممارسة ألعاب الفيديو.
  • لا تحتاج لجهد لتركّز أثناء محادثة مع صديقك المقرب.
  • إذا كنت تحب لعب كرة السلة فربما لن تضطر إلى المحاولة الجادة للحفاظ على تركيزك طوال المباراة.

يفهم الأشخاص شديدو التركيز هذه الحقيقة البسيطة:

السر الحقيقي للبقاء مركزًا هو العمل على الأشياء التي تُقدِّرها.

لا يمكننا جميعًا قضاء أيامنا فقط في لعب كرة السلة أو ألعاب الفيديو، ولحسن الحظ فإن العمل على الأشياء التي تقدرها لا يعني فقط العمل على الأشياء التي تتحمس لها فقط.

تحتوي العديد من جوانب عملنا على قيم عميقة بداخلها إذا كنت على استعداد للبحث عنها وتأكيدها.

على سبيل المثال في عملي ككاتب أستمتع بشكل عام بفعل الكتابة نفسه وقيمته واضحة جدًا بالنسبة لي لذا فإن التركيز عليهِ ليس صعبًا، ومع ذلك فإن تسويق كتاباتي وتوزيعها هي قصة أخرى، لا أجد الكثير من القيمة الفورية أو الواضحة في نشر عملي على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن عندما آخذ الوقت الكافي لتوضيح ما هي قيمي فيما يتعلق بالكتابة أدرك أن عرض أفكاري أمام مزيد من الناس هو شيء أقدِّره حقًا، مما يعني أن هناك قيمة قوية في هذه المهمة التي لا أستمتع بها كثيرًا، عليّ فقط أن آخذ الوقت الكافي لتوضيح ذلك وتذكير نفسي به، وذلك يجعل التركيز والتشبث به أسهل بكثير.

إذا كنت تأخذ الوقت الكافي لتحديد وتوضيح القيم الكامنة وراء عملك فإن التركيز سيهتم بنفسه.

«أفضل جائزة تقدمها الحياة هي فرصة العمل الجاد في عمل يستحق القيام به». – ثيودور روزفلت

كل ما عليك معرفته

التركيز هو مهارة تنميها وليس تقنية تطبقها، إذا كنت ترغب في تحسين قدرتك على التركيز بعمق والقيام بأفضل ما لديك اعمل على تنمية هذه العادات:

تبنّى النمطيَّة

ماطل على نحو منتج

تخلص من الملهيات بلا رحمة

تعاطف مع نفسك بعد الانتكاسات

استفد من الإلهام ولكن لا تعتمد عليه

وضّح قِيَمك

 

 

المصدر
تمت الترجمة بإذن من الكاتب
أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *