الخطوات العملية لترجمة النصوص

التدقيق اللغوي: الهنوف الحربي
الترجمة ما هي إلا نتاج لسلسلة من العمليات ،فهي لا تقتصر على مسألة بأنّها تحويل نص مكتوب بلغة واحدة إلى لغة أخرى. في هذا المقال، سنعرض خطوات عمليّة تساعدك على ترجمة النصوص بطريقة أكثر منهجية واحترافية. من أجل انتاج ترجمة ذات جودة عالية و تُقرأ بشكل جيّد في لغتك
المستهدفة، عليك أن تكون منظماً. ولهذا السبب فإنّه من المفيد جداً اتباع منهجية منظمة بشكل جيّد.
قبل البدء بالترجمة:
عملية الترجمة لا تركز فقط حول جزء الترجمة الفعلي، لكنها تشمل نطاقاً أوسع منها مراحل الإعداد الهامة ومرحلة ما بعد المعالجة. ولسير عملية الترجمة بشكل منتظم ينبغي وضع قائمة بالمهام، كقائمة مرجعية لكل عمل يتم ترجمته بغض النظر عن نوع النص والمدة التي يستغرقها المترجم.
فيما يلي مثال على قائمة مرجعية:
– عليك أن تتقبل بأنّه لا توجد ترجمة مثالية.
– كم لديك من الوقت لإتمام الترجمة؟
– ما هو محتوى النص؟
– لمن هذه الترجمة؟
الاستسلام لحقيقة أنّه لا توجد ترجمة مثالية:
العديد من المترجمون ذوي عقول مبدعة يعيشون في السعي لتحقيق الكمال، وعلى الرغم أن الكمال سمة رائعة، إلا إنّه حتماً لن يكون هناك رضا تام. في الواقع قد يكون الكمال من أخلاقيات المترجم السلبية، لأن الترجمة المثالية في الغالب ليست موجودة. بمجرد ما يصادف المترجم مصطلحات مثل هذه، سيكون قادر على الترجمة بشكل سريع وسلس.
القيود الزمنية لمهمّة الترجمة:
يجب على المترجمين العمل في وقت محدد، تماماً مثل جميع المهنيين الآخرين، ولكل مهمة ترجمة بشكل طبيعي لها موعد نهائي، وقدرك على
إنهاء عمل الترجمة بالوقت المحدد تعتمد على عدة عوامل:
– المهام الأخرى: يجب على كل المترجمين بأن يحتفظوا بسجل مهامهم الذي يبيّن مواعيد إنهاء هذه المهام، من خلال تنظيمها بالجداول أو برامج تنظيم المهام والمواعيد.
– التزامات أخرى: المترجمون بالطبع بشر لديهم التزامات عائلية واجتماعية، تأكد من أن خطّتك تتوافق مع باقي مسؤولياتك. (كورين ماكاي) وضّحت كيف أن التوازن بين العمل والحياة سبباً لتحقيق النجاح.
– سرعتك في الترجمة: عليك كمترجم أن تكون على دراية بمقدرتك في العمل، المترجمون ذوي الخبرة باستطاعتهم ترجمة ما بين 2500 الى 3000 كلمة يومياً، ولكن لكل شخص مقدرة محددة للعمل، والمترجمين غير متمرسين ربما باستطاعتهم ترجمة 300 كلمة في الساعة. السرعة في الترجمة ليست الهدف الأساسي، لكن قدرة إنتاج ترجمة في وقت محدود ميزة مفيدة.
– المعرفة والتخصص: فإن الإلمام بتخصص معين يعود على سرعتك بالترجمة، كالمجالات المتخصصة بالطب أو القانون، معرفتك بتخصص النص تزيد من سرعة أدائك.
– الأدوات التي في حوزتك: أنشئ قاموس يشمل مصطلحات مختصّة، كان المترجمون في الماضي يكافحون في جمع قواميس خاصّة بالمصطلحات، أمّا في الوقت الحاضر ساهم الإنترنت في سهولة مشاركة قواميس مختلفة بين المترجمين. هنا أبرز مثال، القواميس كأداة مثالية بمساعدة الحاسوب (كات) مثل Trados و Across.
المثالان السابقان قد يكونان مكلفيْن في ذاكرة برنامج الترجمة، من الأفضل كبداية استخدام برامج أبسط ومجانية، مثل برنامج wordfast و OmegaT
إنشاء قواميس المصطلحات قد يبدو أمراً صعباً في البداية، لكن من المؤكد بأنّه سيحسّن من سرعة ترجمتك إن كنت تمارس ترجمة نصوص في تخصص معين.
ترجمة غوغل هي العدو الأول لجميع المترجمين (في الواقع يمكننا القول بأنّها تشارك منصباً مرموقاً في القائمة السوداء للمترجمين بما فيها أجر رديء، وكالات ترجمة تجارية، أخطاء إملائية ونحوية) بالطبع هي أداة تساعدك في الترجمة بشكل أسرع، وإن كنت لا تفهم اللغة المكتوبة فأنّه يوفر لك خلاصة ما كُتب. ومع ذلك، إن لم تفهم النص المراد ترجمته عليك أن لا تثق بترجمة غوغل أبداً. وبعبارة أخرى ترجمة غوغل تساعدك فقط في وقت لا حاجه لك بالمساعدة، كأن تلهمك أفكاراً عن كيفية الترجمة. ومع ذلك قد تبطئ عملية الترجمة وتزيدها سوءاً، على العموم نحذّر المترجمون ذوي الخبرة الضئيلة من استخدام أداة الترجمة الآلية، على عكس المترجمون ذوي الخبرة العالية بإمكانهم التعامل مع هذه الأداة بكفاءة.
عن ماذا يحتوي النص؟ و لمن هو؟
من المهم قبل البدء بالترجمة أن تقرأ النص لو لمرة واحدة لتأخذ لمحة عامة عن الموضوع، بهذه الطريقة يسهل عليك تحديد ما تحتاج إليه من أدوات للبحث والتفكير في بعض المفردات التي ستستخدمها. القراءة الأولى للنص يعتمد عليها تحديد المدة التي ستستغرقها في العمل. ينبغي أن يكون المصدر الأول مرجعاُ موثوقاً من الكتب أو وسائط إعلامية إلكترونية حيث أن ظهور الإنترنت ميزة تجعل كل المصادر متاحه طوال الوقت ومجانية.
خطوة مهمة: هناك أسئلة على كل مترجم أن يجيب عليها من القراءة الأولى قبل البدء بالترجمة
– ما هو أسلوب النص؟
معرفة أسلوب وقيد النص يساعد المترجم على انتاج ترجمة ذات جودة عالية، وخاصّة في كتابة المجال التسويقي له أثر كبير في جذب الزبائن لشراء المنتج، فلو أن ترجمتك للنص فقدت جوهرها فإن عميلك سيفقد زبائنه.
نوع النص رسمي/ غير رسمي حيث أنّ تحديد نوع النص يبين للمترجم الكلمات المناسبة لاستخدامها أثناء الترجمة ان كانت ذات أسلوب رسمي عليه الاعتماد على اللغة الفصحى وإن كان عكس ذلك بإمكانه الكتابة باللهجة العامية.
– ماهي المفردات المستخدمة؟
من المهم جداً ترجمة المفردات الخاصة بشكل صحيح، كما ذكرنا سابقًا بأن المراجع و القواميس المخصصة تساعد المترجم. إلا أن المفردات غير علميّة وإنّما ثقافية، فإنّها قضية عند ترجمة النصوص، ومن أمثلة ذلك مفردات الأطعمة والاحتفالات الأجنبية على المترجم شرحها للمتلقي، من المهم أن نترجم ما هو أمامنا فقط بدون تفسير خاطئ ، قد تكون أجزاء معينة من النص غير قابلة للترجمة الحرفية لذا علينا ايجاد طريقة للتغلب على هذه العقبة في
الترجمة. المترجم يحمل أمانة نقل الرسالة التي يريد أن يوصلها المؤلف وليست مجرد كلمات وتعابير تنقل حرفياً. غالباً ما تكون ترجمة المراجع الثقافية معقدة جداً لدرجة أنها أصبحت محور اهتمام كثير من العلماء.
و من حين لآخر من المفيد جداً دعم الترجمة بشرح مبسّط عن المعنى الثقافي للمصطلح، ينبغي أن يكون المترجم على دراية بأن بعض القرّاء ليس لديهم أدنى فكرة عن لغة المصدر لأن بعض النصوص قد تحتوي على كلمات لا يمكن ترجمتها.
على سبيل المثال:
– أسماء العلامات التجارية ( Apple ← آبل)
– أسماء الأشخاص (George Michael ← جورج مايكل)
– أسماء الجمعيات والمنظمات (Real Madrid ← ريال مدريد)
– القوانين ( بالإمكان ترجمتها لكن الأفضل الاحتفاظ بالأصل)
– أنواع الشركات (GmbH ← شركة ذات مسؤولية محدودة)
– من هم الجمهور المستهدف لهذه الترجمة؟
هناك رابط بين الجمهور المتلقي لهذه الترجمة وبين أسلوب الترجمة، عندما تكون على علم بالجمهور الذي سيقرأ النص الأصلي ومن سيقوم بقراءة ترجمتك، يمكنك أن تهيء أسلوب ترجمتك لتناسب الجمهور المستهدف.
الشكوك والمشاكل عند الترجمة:
بعد قراءة النص والنظر في جميع النقاط المذكورة أعلاه، ستكون جاهزاً للعمل على الترجمة بشكل أفضل، وبالكاد يوجد نص واضح وسهل على المترجم.
حين تستصعب عليك بعض المفردات خلال عملية الترجمة ولم تجد لها أي حلول فيما سبق ذكره من قواميس ومراجع، من المفيد جداً أن تسأل مترجمين آخرين عن هذه المشاكل. حبذا لو أن هناك العديد من المنتديات التي تجمع المترجمين لكي يكونوا عوناً للجميع على حل مشكلات عصيبة. من الأفضل أن يكون لديك أصدقاء مترجمون يتحدثون باللغة التي تعمل عليها. كما ذكرنا سابقاً الموقعين ProZ و WordReference من المواقع المفيدة كمرجع للمترجمين.
حتى يكسب المترجم ثقة عملائه ينبغي أن لا يخبرهم بالمشاكل التي تواجهه أثناء الترجمة، فعليه البحث والاجتهاد، ولا بأس في حال اضطر إلى الرجوع في بعض الجزئيات الصعبة إلى العميل أو المؤلف نفسه.
التدقيق اللغوي للترجمة
على أي مترجم كان متطوعًا أو مهنيًا من الضروري الاهتمام بجودة الترجمة نحويًا وإملائيًا عن طريق تشغيل برنامج يقوم بالتصحيح مثل Microsoft Word أو أي برامج أخرى، تساعد على تحسين الأخطاء التي قد تكون سقطت سهواً أثناء الكتابة أو تحت ضغط العمل.
ومع ذلك، من الضروري إجراء تدقيق أكثر دقّة للتأكد من نقل المعاني والمصطلحات بشكل صحيح، من الأفضل أخذ قسطٍ من الراحة بعد الترجمة والرجوع بعد ذلك لقراءة النص من جديد، هذه العملية تساعد على اكتشاف أخطاء لم تكن في الحسبان.
الخطوة الأكثر أهميّة بعد التدقيق اللغوي هي التنقيح في المرحلة الثانية التي يقوم بها شخص آخر بقراءة العمل المترجم بحيث لن يكون لديه تحيّز وقصر نظر بملاحظة الأخطاء، ويستحسن أن لا يكون لديه أيّة معرفة بلغة المصدر. من المهم جداً تلقي المشورة والنقد من الآخرين حتّى تضمن جودة النص المترجم وترى كيف سيصل إلى جمهورك.
خطوة أخرى مهمّة وهي التنسيق، على المترجم احترام التنسيق في النص الأصلي، ذلك يعطي جودة أكثر للعمل كتنسيق الصور والرسومات البيانية، هي بالتأكيد تضيف جمالية أكثر للنص المترجم.
حفظ عملك المترجم
من المهم جدًا أن تقوم بحفظ العمل بشكل مستمر كل فترة حتى لا يحدث خلل يضيع كل العمل. قم بتغيير اسم العمل المترجم عن المستند الأصلي لتحتفظ بالأًصل.
وفي الختام.. علينا نحن المترجمين أن نتبع منهجية منظمة حتّى لا نفقد جودة الترجمة، يمكننا القول بأنّ هناك ثلاث استراتيجيات أساسية للترجمة وهي القراءة الأوليّة – الترجمة – التدقيق اللغوي، كما رأينا في هذه المقالة تحت كل استراتيجية هناك أكثر من خطوات لتنفيذها.
نتمنى أنّك استفدت من هذه المنهجية و أخذت انطباعًا محفزًا للبدء بالعمل بشكل منظّم، لأنّ الترجمة ليست مجرد تحويل من لغة إلى لغة أخرى.
المصدر:
أحدث التعليقات