خمسة أسباب تُبقي الناس في العلاقات غير السعيدة

مقال مترجم بتصرّف (5 Reasons People Stay in Unhappy Relationships by Richard B. Joelson)
مصدر الصورة: Unsplash
كتابة: ريتشارد بي جولسون.
ترجمة: مرام الدوسري.
تدقيق ومراجعة: أحمد موسى
يقرر بعض الناس أن يعيشوا مع شريك حياتهم حتى لو أدركوا أنهم غير سُعداء أبدًا في هذه العلاقة، فقد يكونان متزوجيْن، أو قد عاشا مع بعضهما سنوات عدة وعلاقتهما موضوعة على حفظ الحياة. وغيرهم غير آبه بظروف علاقته، فيتأقلم مع وصال لا يحقق شيئًا من الإشباع والرضا.
لماذا يبقى أمثال هؤلاء معًا؟
للأمر عدة تفسيرات محتملة، وقد يكون السبب أي خليط منها. يشعر بعض الناس – خصوصًا من يواجه مشاكل اضطرابات التعلّق – أنهم لن يقدروا أبدًا على تحمّل إنهاء علاقةٍ ما – مهما كان ضروريًا ومناسبًا – وأعتقد أن هذا يعد سببًا رئيسيًا للبقاء، فهم يبررون بقاءهم في علاقاتٍ كهذه بمعتقداتٍ مثل: ((بؤس أعرفه ومعتادٌ عليه خير من بؤس الوحدة)).
وإليك بعض الأسباب الأخرى التي تُذكر باستمرار ويستشهد بها الناس لتبرير بقائهم في علاقةٍ ما حتى لو اعتقدوا أنه قرار غير سديد:
“تكاليف الطلاق باهظة”
يمعن البعض النظر في فكرة الانفصال والطلاق لوقتٍ طويل قبل أن يتخذوا فيها قرارًا – إن اتخذوا أصلًا. أذكر أنني مرة أخبرت مريضًا أنه لا يبدو منشغلًا بإمعان النظر في فكرة الطلاق، بل كأنه يحسب تكاليف الطلاق وما كان يهمه سوى المال؛ فإذا تثبّت أن ترك العلاقة ميسور، فقد يترك زوجته، وإن كانت التكاليف باهظة، فلن يتركها غالبًا. في كثير من الأحيان، قد يكون عائل الأسرة الغاضب غير السعيد أقل ميلًا لإعطاء شريك حياته الذي يود الانفصال عنه أي مصدر دخل، ناهيك عن النصف. أحيانًا تُغطي المخاوف المالية على سبب آخر للبقاء، ومع ذلك فإن الأمر غالبًا يكون بسيطًا كالتالي: البقاء معًا أرخص وبالتالي أفضل.
هناك آخرون غير سُعداء أبدًا وبحاجة مُلحّة للانفصال عن شريك حياتهم، لدرجة أنه مهما كانت تكاليف الطلاق، فلن تقف في وجه قرارهم إلا إن كانت هناك أسباب أخرى تُفسّر اختيار البقاء. نظرًا لارتفاع تكاليف الانفصال القانوني، وبالتالي الطلاق يوجد بالطبع أزواج قد لا يتمكنون من تحمل تكاليف الانفصال مهما رغب فيه أحدهما أو كلاهما. عالجت زوجين كانا يرغبان بالانفصال لكن لم يظنا أنهما يستطيعان تحمل تكاليفه، وهذا شجعهما على تفكير مختلف في كيفية معالجة مشاكلهما. استفادا من شعورهما بالعجز المالي في اتخاذ قرار بإنفاق مالٍ أقل على العيادة العلاجية بدل استئجار محاميَين، فنجحا في إنقاذ زواجهما.
“علينا البقاء معًا لأجل الأطفال”
هذا سبب معقول، ولكن غالبًا لا يكون واضحًا إن كان الأفضل للأطفال أن يعيشوا مع شخصين غير سعيدين قررا البقاء ظاهريًا بسبب أطفالهما، وغالبًا لا يكون لديهما خيار آخر. الزوجان يعيشان في صراع دائم بينما أطفالهما دائمًا يشاهدون، ما يمكن أن يتحوّل إلى بيئة مدمرة ومؤلمة، فالأطفال الذين يشاهدون والديهم في صراع مستمر لفظي وأحيانًا بدني غالبًا يتأثرون بهذه البيئة. وبالمثل فإن الزيجات جامدة المشاعر، الخالية من الصراعات، بلا بهجة ولا عاطفة، قد لا توفر بيئة يمكن للأطفال أن ينمو فيها نموًا سليمًا. يوجد أيضًا أزواج يتخذون عبارة ((من أجل الأطفال)) عذرًا لعدم الانفصال عندما تكون الأسباب الحقيقية وراء البقاء مرتبطة أكثر باحتياجاتهم ومخاوفهم.
“علاقتنا جيدة كفاية (أو ليست سيئة جدًا)”
يرى الكثيرون الانفصال في العلاقة انفعالًا مفرِطًا ينبغي اجتنابه بكل الطرق. فالانفصال إذن لا يمكن أن يتم ما لم تكن العلاقة لا تُحتمل أبدًا بحيث تسبب معاناة نفسية و/أو جسدية، فإن حدث، فترك العلاقة هو البديل الوحيد الناجح لبدء التعافي من العلاقة وعيش حياة متزنة. ومفهومٌ أنه لما كان الـ”جيد كفاية” قاعدة يُنطلق منها لتحسين الأمور، كان قرار البقاء معًا منطقيًا.
“الأمر محرج جدًا، وأكره الاعتراف بالفشل”
لقد سمعت هذا العذر مراتٍ عديدة خلال سنوات عملي ممارسًا لعلاج الصحة النفسية أعالج الأفراد والأزواج. ويُعد الخجل المصاحب لما يُسمى عادةً بـ”فشل العلاقة” غير مقبول لبعض الناس، خاصةً إن كانوا مُحاطين بعائلة وأصدقاء ناجحين في العلاقات الرومانسية، وقد استشارني رجل يقول عن نفسه “مجرم مكرِر” بعد طلاقه الثالث، عندما أدرك أنه لم يخبر أي أحد تقريبًا عن هذا التطوّر الأخير في حياته. ومثله مريضة سابقة أخبرت خطيبها أنها ستفسخ الخطوبة، ثم اتصلت بي لمساعدتها بعد أن رفض خطيبها طلبها، لتُبقي الأمر سرًا عن الأصدقاء والعائلة ستة أشهر تأقلمَت فيها مع الحياة بدونه.
“ما من علاقة ناجحة”
يُعد هذا سببًا يقدمه الناس أحيانًا عندما يقررون البقاء في علاقة غير سعيدة يفضلون حقًا أن ينهوها، وقد يكون هذا مرتبطًا بأفكار تطورت لدى الشخص منذ مراحل حياته المبكرة، عندما كان يراقب العلاقات في عائلته أو يتعرض لصعوبات فيما يخص علاج المشاكل الحتمية التي تحدث في غالب (إن لم يكن كل) العلاقات. أخبرني مريض بأن “العلاقة الناجحة” ما هي إلا فكرة متناقضة وأنه سيبقى في علاقته رغم بؤسه هو وزوجته، حيث يعيشان حياتين منفصلتين تمامًا في شقتهما الصغيرة ذات الغرفة الواحدة. إنه لمن المحزن أن تتحول العلاقة إلى ما سمّاه مريض آخر بـ”إدارة البؤس” عندما يصبح الرضا عن العلاقة مع الشريك الحالي أو الجديد أمرًا بعيدًا.
يوجد العديد من العوامل والقوى المؤثرة على فشل العلاقات عندما يفضل أحد الشريكين أو كلاهما الانفصال، لكن لا يستطيع ذلك، أو لا تحمله نفسه على الانفصال. آمل أن يجد معظم الأزواج الذين يعيشون في كدر شديد المساعدة من معالج نفسي ممتاز قبل أن تتضرر علاقتهم ضررًا لا يمكن إصلاحه فيعيّنون محامين، أو يختارون (بلا داعٍ) العيش في تناحر مزمن، ويبقون غير سُعداء.
أحدث التعليقات