فوائد الاعتراف عندما لا تعرف!

ترجمة بتصرف لمقال: (The Benefits of Admitting When You Don’t Know by: Tenelle Porter)

 

الترجمة: رهف الفرج 

التدقيق: داليا شافعي

المراجعة : أنجاد

      «لا أتفق مع نفسي»

هذا ما قاله طالب في الصف الثالث بينما كنا نناقش الأرقام الزوجية والفردية.

«أعتقد أن الرقم ستة زوجي و فردي في آن واحد»، عندما صححت له إحدى زميلاته وأعطته أدلة تبين وجهة نظرها فقال «لم أفكر في الأمر بهذه الطريقة شكرًا لكِ لأنكِ ذكرتيه» أظهر هذا الطالب في الصف الثالث التواضع الفكري، وهو أن يستطيع إدراك حدود معرفته وتثمين وجهات نظر الآخرين، في ظل ثقافة تُعجب بالثقة وتسخر من الأخطاء كان اعترافه جديرًا بالثناء.

لكن هل للتواضع الفكري أي فائدة في التعليم؟

في ظاهر الأمر ربما لا، فأكثر الأفراد دراسة في العالم هم أساتذة الجامعة، وهم ليسوا معروفين بتواضعهم الفكري وأيضًا العلماء الناجحين والمدراء التنفيذيين والأطباء والفنانين والقادة السياسيين والكثير منهم، اتقنوا مهنهم دون أن يطوروا التواضع الفكري.

كما قال الفائز بجائزة نوبل للفيزياء سابرامانين تشاندراسخار (Subrahmanyan Chandrasekhar): «تصديق أنك دائما محق أو بأي صيغةٍ أخرى، تفتقر إلى التواضع الفكري الذي من الممكن أن يعيق الاكتشاف والتعلم والتقدم».

وفي ضوء هذه الأحجية انطلقتُ أنا وزملائي لاختبار ما إذا كان التواضع الفكري له علاقة عملية مع محصلات التعليم.

بدأنا بقياس التواضع الفكري لطلاب الثانوية، جعلناهم يقيمون أنفسهم باختيار إحدى التعابير مثل: «أنا مستعد للاعتراف عندما لا أعرف شيئًا ما» و«أعترف عندما يعرف شخصٌ ما أكثر مني بموضوعٍ ما».

أردنا أن نعرف ما إذا كان الإبلاغ الذاتي للتواضع الفكري يرتبط برغبة الطلاب بالتعلم واستراتيجيات تعلمهم وأيضًا درجاتهم!

والأكثر من ذلك، هل سيلاحظ الأساتذة أي اختلاف ما بين الطلاب ذوي المستويات المختلفة من التواضع الفكري؟

وجدنا أنه كلما زاد التواضع الفكري في الطلاب كلما زادت رغبتهم في التعلم، وأصبحوا أكثر عرضة لاستخدام استراتيجيات المعرفة حول المعرفة مثل اختبار أنفسهم للتأكد من فهمهم.

وفي نهاية السنة أصبحت درجاتهم أعلى في الرياضيات!

وأيضًا الأساتذة الذين لم يروا تقييم الطلاب في التواضع الفكري، اختاروا الطلاب ذوي التواضع الفكري كالأكثر انخراطًا في التعليم.

بعدها انتقلنا للمختبر لنكمل اختباراتنا، هل يمكن لزيادة التواضع الفكري مؤقتًا أن يجعل الناس أكثر استعدادًا للحصول على المساعدة في مناطق الضعف الفكري؟

حفّزنا التواضع الفكري في نصف المشاركين من خلال قيامهم بقراءة مقال عن فوائد الاعتراف بما لا تعرفه، والنصف الآخر قاموا بقراءة مقالة عن فوائد أن تكون واثقًا مما تعرف، ومن ثم قسنا تواضعهم الفكري.

الذين قرؤوا المقال عن فوائد التواضع حصلوا على مستوى أعلى في التواضع الفكري من المجموعة الأخرى.

وعلاوة على ذلك، ففي اختبار آخر طلب 85% من هؤلاء المشاركين المساعدة في منطقة من الضعف الفكري، أما المجموعة الأخرى ممن قرؤوا المقال عن فوائد أن تكون واثقًا مما تعرف فقد طلب 65% منهم فقط المساعدة.

هذه التجربة قدمت أدلة على أن تحسين التواضع الفكري من المحتمل أن يكون لديه تأثير على السلوك التعلُّميّ للطلاب. 

نتائج بحثنا أوضحت أن التواضع الفكري مرتبط بمجموعة من النتائج التي نتوقع أنها مهمة بالنسبة للتعلم في المدرسة.

ولأننا لاحظنا أن التواضع الفكري يعزز من تجربة التعلم تساءلنا كيف لنا أن نعززه؟

فرضيتنا تنص على أن اتباع عقلية النمو يساعد في التواضع الفكري، لأن عقلية النمو هي التصديق بأن الذكاء يتغير مع الزمن، وبخلاف ذلك فالعقلية الثابتة هي التصديق بأن الذكاء لا يتغير وهو شيء ولدت به.

من المنطقي القول إن التواضع الفكري سيكون أسهل للأشخاص ذوي العقلية المنفتحة.

فالشخص الذي لديه عقلية النمو يصدق بأنه حتى إذا لم يكن يعرف فبإمكانه التعلم والتحسين من ذكائه، ويؤمن أن باستطاعته أن يصبح أذكى وإحدى الاستراتيجيات لتحقيق ذلك هي التواضع.

سنكون أفضل إذا تعلمنا قول «لا أتفق مع نفسي» بين الحين والآخر.

قمنا بتجربة لاختبار هذا التنبؤ، ووجدنا أننا إذا حفزنا عقلية نمو الذكاء مؤقتًا زاد التواضع الفكري المصنف ذاتيًا من قبل المشاركين بشكل مؤقت.

هذا يشير إلى أن تعليم الطلاب عقلية نمو الذكاء ربما تكون الطريقة الوحيدة لزيادة التواضع الفكري وفوائد التعلم المرتبطة به.

نظرًا للعلاقة ما بين التواضع الفكري وعقلية النمو من المعقول أن تتساءل عما إذا كان التواضع الفكري يقدم أي فوائد استثنائية أو إذا ما كان كل ما هو مطلوب أن يكون لديك عقلية النمو!

هناك سبب لاعتقاد أن التواضع الفكري يساعد الأشخاص لتعلم ما يتجاوز فوائد عقلية النمو، مثال لذلك: التواضع الفكري يزيد من الانفتاح للتعلم من الرأي المعاكس أثناء النزاعات ويقلل من تصلب الرأي بطرق تعجز عنها عقلية النمو.

بالطبع هنالك الكثير لم نفهمه بعد عن التواضع الفكري لكن الأبحاث التجريبية المزدهرة تتوقع بأن التواضع الفكري يفيد التعلم، وأيضًا ربما يربط ما بين الأيديولوجيات. سنكون أفضل جيمعًا وليس فقط طلاب المدارس لو تعلمنا قول «أنا لا أتفق مع نفسي» ما بين الحين والآخر.

المصدر

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *