مشكلة التفكير الموجه نحو النتائج

ساهم في الترجمة: خولة
تدقيق: أسماء المشيخي
مراجعة: محمد المهندس
“ليس كل ما يُحصى مهم، ولا كل ما يُهم يمكن إحصاؤه” – وليام بروس كاميرون
ذات مرة كنت أعمل لدي مدير أعطاني – لمصلحته – الحرية في أداء عملي بأي طريقةٍ أفضلها. وكان أمراً رائعاً لفترة من الزمن، وكان يخبرني بما يتوجب علي فعله في اجتماعنا مرةً كل ستة أشهر، فعدت أدراجي ونفذت ما طُلب مني. وبعد ذلك التقينا ثانية بعد ستة أشهر ليراجع ما قمت به.
وفي غضون ذلك انشغلت بالعديد من المشاريع، وأنشئت العديد من علاقات العمل الرائعة في الشركة، وتعلمت أكثر مما كنت أتصور من بقائي بمعزل مركزاً على الأرقام.
وخلال آخر تقييمين للأداء جاءت اللحظة التي لا مفر منها وهي ذكر المجالات التي تحتاج إلى تحسين، وكان نفس التعليق في كلا التقييمين “ركز على النتائج”، فقد كنت بنظره أبلي بلاء حسناً ولكن جهدي لم يكن يؤدي لنتيجة. ولقد كان محقاً في ذلك ولكني لا أعد ذلك نقطة ضعف.
النتائج الخفية التي لا تُحصى:
كانت لدي الكثير من المشاريع التي أعمل عليها ومن وجهة نظر مديري لم تكن هناك نتائج فورية ومباشرة. ولم تكن هناك نتيجة واضحة تؤكدها الأرقام لما قمت به في الشركة. لم أكن أفكر بنفس طريقة المدير حينها، وإلى حد ما مازلت كذلك. ولكني أخيراً اتبعت طريقته.
لقد أدركت حينها أن هناك نتائج خفية ومرئية، فهناك نوع نستطيع قياسه بسهولة ونوع آخر لا يمكننا ذلك. فالنتائج الغير مرئية والتي لا يمكننا قياسها، نستطيع تصورها والإحساس بها ولكن لا نستطيع قياسها كمياً، فنحن لا يمكننا وضعها في خلية في جدول بيانات برنامج الأكسل، وهذا لا يعني أنها غير مهمة.
ففي الواقع، إن أكثر النتائج استدامةً هي تلك التي لا يمكننا قياسها؛ وهذا يعود إلى حدوثها بشكل تدريجي وإلى كونها أساسية في أي نظام فهي تعد جزءً منه، وتبقى فيه بشكل طبيعي.
فقد زادت مبيعات الربع الأخير من السنة المالية بنسبة 40%، نتيجة لبذل الكثير من الجهد الذي لم يقابله تقدير، عدا اعتبار هذا أمراً جيداً. ولكن كيف سيبدو الربع الأول من السنة المالية القادمة أيها البطل؟ وماذا عن الربعين التاليين؟ يبدو أنه ينتظرك المزيد والمزيد من العمل والإرهاق حتى لا تبدو كالأحمق!
التفكير بعيد المدى:
أنا لا أعارض الأهداف التي تتطلع لنمو ضخم للشركات أو الناس، ولكن أنبّه منها، فكلما كانت النتائج التي تريدها كبيرة، كلما كانت أقل استدامة. وأيضاً، كلما كان الهدف أكبر، كلما تتطلب ذلك المزيد من الجهد المستمر لتحققه والحفاظ عليه.
وكل هذا لكي أوضح أن النتائج السريعة والقابلة للقياس تبدو جيدة، ولكن التغيرات الغير ملحوظة والتي يصعب إحصاؤها تكون ذات فعاليّة بعيدة المدى. ولذلك فأنا آمل أن تكون النتائج بعيدة المدى هي محط اهتمامنا، وأن تنطبق هذه النصيحة على معظمنا.
وفي الواقع هذا ليس رأيي وحيداً، ولكن تشاركني أكاديمية هندسة الطيران والفضاء الجوي في جامعة أوبورن هذا الرأي، فلديها جدول مقنع يوضح الاختلاف بين هذين النمطين من الإدارة وهي التركيز علي الإجراءات و التركيز على النتائج. انظر الجدول:
معايير (العمل الموجه نحو الإجراءات) Process-Oriented | معايير (العمل الموجه نحو النتائج) Result-Oriented |
|
|
ولقد استنبطت معظم ما ذكرته هنا من منهجية ماساكي إيماي (Masaaki Imai) المحبوبة كايزن (Kaizen) أو ما تعرف بالتحسين المستمر. وذكر فيها أن التركيز على الإجراءات وليس النتائج يعطي نتائج عميقة و بعيدة المدى. وبالإضافة إلى ذلك عندما تستفيد من هذه النتائج، ستعرف مسبب هذا التطور وهو تركيزك على الإجراءات. ولا يمكن الجزم بتشابه المخرجات في التفكير الموجه نحو النتائج.
هذا كله يواكب التفكير التدريجي بعيد المدى على نحو شمولي ودقيق، ومن ثم التصرف على هذا الأساس. فهل تصدق بأن هذا النوع من الإستراتيجيات مازال ذا فعاليّة ألا يعد هذا جنوناً؟
ورغم ذلك تعلمت الكثير من مديري السابق، فقد ساعدني على تحقيق التوازن في العمل، وساهم في اخراجي عن المألوف من حينٍ لأخر . ولكني مازلت لا أسعى لتحقيق النتائج من أجل النتائج لعلمي المسبق أنها ليست مستمرة.
فأنا إلى حد ما أسلط تركيزي على الإجراءات وعلى عموم الناس وعلى الأشياء غير البراقة التي قد لا تحدث تغيراً سريعاً وجذرياً مع أعتقادي أنها تقودني إلى مسارٍ أفضل.
أحدث التعليقات