ثورة اللغة البرمجية

ترجمة بتصرف لمقال: (The Language Software Revolution)

ترجمة: مرادي عبداللطيف المطيري

مع استمرار التوسع في السوق العالمي ، وإدراك أن اللغة الإنجليزية قد و صلت بالفعل إلى ذروتها كلغة الإنترنت العالمية، يتطلب من الشركات عبر الوطنية إستخدام لغات متعددة للوصول إلى أسواق جديدة في إطار عملية الوصول إلى متلقي جديد لمنتجاتها، يجب على الشركات عبر الوطنية أن تضمن أن تكون الرسائل في الإعلانات التسويقية صحيحة نحويا و ثقافيا، كما يجري حاليا وضع برامج ترجمة جديدة من شأنها أن تتيح للمنظمات عبر الوطنية القدرة على التواصل فورا في بيئة متعددة اللغات في السوق العالمي، مما يزيد من ضبابية الحدود السياسية و الثقافية للعالم أيضا، ستؤثر هذه البرامج الجديدة على كل جانب من جوانب بيئتنا الاجتماعية و الثقافية، و ستضاف كل من عملية التجزؤ والعولمة التجارية.

تخلق العولمة وهم بأن الأرض تتقلص بسبب قوة التكنولوجيا لربط الأسواق العالمية، و توفر التكنولوجيا وسيلة للشركات للقيام بأعمال تجارية بسرعة بالنقر على فأرة، و تغييرها من أسواق محلية إلى أسواق عالمية سيخلق نقلة نوعية في كيفية تنافس الأعمال التجارية في الاقتصاد العالمي. قدرة التواصل عبر الإنترنت مع أي دولة تقريبا على كوكب الأرض سيزيد من قدرة الأعمال التجارية للمشاركة في الأسواق العالمية ولهذا التوسع في الأعمال تداعيات عميقة، والتي تخلق فرص لتحولات كاملة في عقلية وممارسات الاعمال التجارية .

اللغة، قدرة التواصل بلغات عدة سيكون المحرك الرئيسي لتنافس الشركات في السوق العالمية، و التقدم المحرز في تكنولوجيا البرمجيات اللغوية يعد وعدا لنجاح الأعمال التجارية في الاقتصاد العالمي. و بالنسبة للشركات عبر الوطنية التي تمر بعملية العولمة، فإن التواصل هو مفتاح للنجاح في عالم متعدد اللغات. وأصبحت القدرة على التواصل عبر الحدود الوطنية والثقافية ضرورة للشركات التي تتنافس في الأسواق العالمية. ومن المؤشرات على زيادة العولمة نمو الترجمة اللغوية وسوق التوطين في عام 2006 من 8.8 مليار إلى زيادة متوقعة قدرها 9.6 مليار بحلول عام 2012 (ميلر، 2006).

إن مدى استثمار الشركات في تكنولوجيا الترجمة الآلية والبرمجيات هو مؤشر آخر على الحاجة إلى قدرات متعددة اللغات في بيئة الأعمال العالمية في عام 2001، بلغ إجمالي إنفاق الشركات في مجال التعرف على الصوت و هندسة الكلام الاصطناعي 1.3 مليار في المبيعات السنوية (ليمان-و يلزينغ، 2001 )

على الرغم من أن هناك تقييمات متفائلة للغة الإنجليزية كلغة الأعمال الأساسية و كلغة سائدة حاليا على شبكة الإنترنت، فمن الواضح أن اللغة الإنجليزية هي نفسها محدودة في متناولها (غروسمان، 2000؛ سيرفا، 2003). في الواقع، يلاحظ والراف (2000) أن إدراج المصطلحات العامية و الأجنبية خاصة بثقافات أو لغات معينة، فمن المرجح جدا أن الاختلافات في اللغة الإنجليزية الجغرافية و الثقافية في جميع أنحاء العالم تُصعب من عملية التواصل.

على سبيل المثال، التواصل بين الإنجليزية الكولومبية و الهندية الإنجليزية يقول والراف أن التكنولوجيا، وتغيير التركيبة السكانية، ومقاومة القيم الغربية والأمريكية في الأماكن التي يتحدث فيها الإنجليزية قليلة جدا هي أيضا عوامل تخلق عقبات أمام الإنجليزية العالمية. وكذلك، أصبح التواصل من خلال شبكة الإنترنت أكثر تنوعا مع 43% من مستخدمي الإنترنت الغير ناطقين باللغة الإنجليزية، و 44% يتحدثون لغة أخرى غير الإنجليزية في المنزل، وما يقارب ربع مستخدمي الإنترنت يتحدثون الإسبانية (غروسمان، 2000). ومن المتوقع أن تتغير هذه الأرقام مع دخول المزيد من البلدان على الخط، كما يحصل متحدثو اللغة الصينية و الإسبانية على قدر أكبر من الوصول. لذلك، كلما ظهرت المزيد من المواقع الغير الإنجليزية قلت فرصة الناطقين باللغة الإنجليزية بالحصول على عمل.

إن الإنترنت والمنافسة العالمية والوصول إلى أسواق جديدة ليست الأسباب الوحيدة التي شهدت نمو كبيرًا لتكنولوجيا اللغة على مر السنين، اندماج الشركات أيضا قد خلق الحاجة إلى التواصل، وخصوصا عندما قامت الشركات بأعمال تجارية بلغات مختلفة. ويصبح ذلك أكثر صعوبة عند تحديث معلومات الشركة أو أدلة تقنية أو إنشاء إعلانات محلية لمنتج الشركة عبر لغات متعددة. في مثل هذه الحالات عندما تطلب الترجمة فإن الترجمة الآلية يمكن أن تجعل العملية أسهل. وهناك برنامج حالي يستخدم لترجمة نصوص تمت ترجمتها سابقا في اطار محتوى المادة لإنشاء ترجمة تقريبية قدر الإمكان مع زيادة طلب النصوص المترجمة، يتم توفير المزيد من ترجمة المحتوى التي تجعل العملية أكثر دقة.

وقد قام هتشينز (2007) بدراسة الطلب على الترجمات الحاسوبية، ولاحظ الطلب على أنواع الترجمة المختلفة وصنفها إلى مستويات الترجمة بناءً على الاستخدام: تقليدي؛ الاستيعاب (أقل جودة من التقليدية)؛ تبادل؛ والترجمة ضمن نظم متعددة اللغات لاسترجاع المعلومات واستخراجها والوصول إلى قاعدة البيانات. تسعى كل هذه الترجمات الأربعة إلى سد فجوة الاتصال بين اللغات. إلا أن اللغة ليست حدثا معزولا، بل هي جزء لا يتجزأ من الثقافة، وبالتالي، يجب على المرء أن ينظر بعناية للجمهور الذي يتلقى مثل هذه الرسائل الآلية.وبالتالي، فإن جزءا حاسما من بيئة الأعمال التجارية العالمية هو أن تكون قادرة على توفير الرسالة المناسبة للجمهور المستهدف. مع محاولة الشركات للاستفادة من أسواق جديدة .من المهم جدا أن الإعلانات التي أنشئت لجمهور معين أن تعكس لغة العميل. ولذلك يجب أن تراعي الترجمات الفروق الدقيقة في اللغة بما في ذلك التعابير، والعادات، والمعايير، والحساسيات الثقافية، بالرغم من فعالية الترجمة الآلية، يجب على المترجمين المحترفين مراجعة الترجمة النهائية من أجل ضمان دقتها و صحتها ثقافيًا ومع ذلك، فإن التكاليف المرتبطة بالمترجمين مكلفة فمثلًا ، يجب على الاتحاد الأوروبي ترجمة أكثر من مليون صفحة في السنة، وكلما تم إضافة أعضاء جدد، المزيد من اللغات تلزم ترجمتها (كاجفانيو، 2002). ويلاحظ أيضا سيرفا (2003) وميلر (2006) ان النفقات المرتبطة بالترجمة نتيجة الاستخدام الكثيف للموارد البشرية.

ولأن الترجمة الآلية وحدها لا توفر نوع الدقة المطلوبة نظرا لعدم إدراكها للفروق الدقيقة داخل اللغات، فإن العديد من الشركات تحاول معالجة هذا النقص والنظام الذي أثبت وعوده هو نظام الترجمة الآلية المتزامن (ساتس). ويهدف هذا النظام إلى توفير الترجمة الفورية و أيضا بناء الجملة السليم و الصوتيات و المصطلحات والتدقيق الإملائي (لهمان-ويلزيغ، 2001), و بالتالي سيتم ربط البرنامج و توفير ترجمة سلسة بين المتحدثين. بالإضافة إلى وحدة القاموس المرتبطة في النظام ستوفر تعريفات فورية، وستحدث المعلومات نفسها تلقائيا طالما المستخدم على الانترنت.

والهدف النهائي لبرنامج ستاتس على الانترنت القدرة على ترجمة الهاتف والفيديو والراديو ومعلومات الإنترنت إلى لغة المستخدم. وأيضًا، يمكن للمترجمين المحترفين الترجمة بفعالية من ثلاث إلى خمس لغات، وذاكرة ساتس الغير محدودة واتصاله بالإنترنت تمكنهم من ترجمة العديد من اللغات. مشابهًا لساتس هو شتالك (الحديث المتبادل)، برنامج ترجمة تم إنشاؤه في جامعة سنغافورة الوطنية. يجمع هذا النظام بين التعرف على الصوت و الترجمة الآلية و تكنولوجيات تركيب الكلام التي تنص على ترجمة الكلام. هذا النظام حاليًا يتأخر ست ثواني بين الوقت الذي يتحدث فيه الشخص إلى وقت إجراء الترجمة في النظام ويتحسن هذا النظام باستمرار حيث يتم تخزين جميع الترجمات مؤقتًا وبالتالي يمكن توفير ترجمات جديدة من الترجمات المخزنة مؤقتا.

يستطيع النظام التعرف على الصوت ويتضمن اللغة الإنجليزية والصينية واليابانية، و تركيب الكلام باللغة الإنجليزية و الصينية و اليابانية و الفرنسية و الإسبانية و الألمانية من خلال دمج الكلام و تجمعيه وقدرة مقدمية الحالية ، فإن النظام لديه القدرة على توفيرالترجمة للمؤتمرات الدولية والرسائل الفورية. مشابه جدا في وظيفة لاكس تالك هو فراسيلاتور، وهو مترجم خطاب محمول يستخدمة الجيش الأمريكي و توفرها تيك الدولية. يدرج فراسيلاتور قدرة المساعد الشخصي الرقمي وبالتالي تتيح امكانية الترجمة. من خلال التحدث إلى فراسلاتور، يترجم الجهاز العبارة أو الجملة ويوفر ترجمتها من خلال مكبر الصوت. ويقتصرعلى نحو 1000 عبارة التي يمكن ترجمتها إلى 40 لغة. وجد الجيش الأمريكى حاجة كبيرة لمثل هذا الجهاز بحكم العديد من الدول التى يعمل بها. ورأى أن هناك حاجة إلى التواصل مع غير الناطقين باللغة الإنجليزية من أجل تواصل أكثر فعالية و الحفاظ على النظام، ويشابهه في النوع نظام نافي الإلكتروني الذي يستخدم حاليًا من قبل اليابانيين.

النظام في الواقع هو المساعد الشخصي الرقمي الذي يوفر الترجمة للسياح من اللغة الإنجليزية إلى اليابانية تم إنشاء نظام نافي الإلكتروني للسماح بالترجمة، وخدمة الهاتف، والتخطيط ،والدليل،والكتيب المصور، والاتصال بالإنترنت.

وكما ذكر سابقا، فإن القدرات الأكثر تقدما تشمل الاستخدام المستقبلي لأجهزة الترجمة التي ستكون قادرة على ترجمة و معالجة اللغة دون تفاعل الإنسان. يمكن لمستخدم الهاتف النقال التحدث بلغته عندما يتحدث إلى شخص يتحدث بلغة اخرى من خلال استخدام جهاز كمبيوتر يترجم اللغات في كلا الاتجاهين. القدرات الحالية لهذا النظام تقتصر على الإنجليزية والألمانية واليابانية مع دقة تتراوح ما بين 80 إلى 90 في المئة. ووفقا لبلوميني (2006)، فإن الهدف النهائي من التواصل بلغات متعددة لا يقتصر على أن يترجم فحسب، بل يوفر أيضًا تفسيرات ثقافية وبعيدا عن الاستخدام العسكري لفراسيلاتور، وقدرات المساعدة السياحية من نافي الإلكترونية، قد ترى هذه الأجهزة الاستخدام العملي في عدة مجالات آخرى، وكالات إنفاذ القانون في المراكز الحضرية الأمريكية الكبيرة،بالاضافة الى المراكز الحضرية في جميع أنحاء العالم حيث عدد كبير من الغير الناطقين باللغة المحلية يتركزون ويقيمون بها ، ويمكن الاستفادة من المترجمين، والمساعد الشخصي الرقمي في الصعيد الدولي حيث يمكن أن تؤدي الخلافات السياسية إلى نشوب نزاعات، يمكن أن يستخدم المترجمون الآليون اتصالات فورية يمكن أن تساعد في نشر الأعمال القتالية المحتملة.

ويمكن لهذه الأجهزة أن تساعد أيضا في مجال الرعاية الصحية حيث التواصل بين الطبيب والمريض أمر حتمي كما هو الحال مع السياح، يمكن للترجمة الآلية أيضا مساعدة المهاجرين الوافدين حديثا المحدودة معرفتهم للغة (والثقافة) فهم عقبات في سبيل العمالة والسفر والتسوق،و الرعاية الصحية أيضاً. قد تتأثر تجارة الترفيه وخاصة صناعة السينما الى حد كبير باستخدام الترجمة الآلية ويوفرلها ترجمة مناسبة و فورية لحوار الفيلم . كما هو الحال مع أي عناصر جديدة في السوق، و مع تطوير النظام يأتي ارتفاع الاسعار فراسلاتورس تتراوح في سعر ها حوالي $ 3،200 إلى 1،200 $. تنتج لينغو فوياجر 2 من قبل لينغو كورب، مترجم المساعد الشخصي الرقمي االمماثل لفراسيلاتور التي تكلف حوالي 200 دولار. شركة لينغوفوبيت تبيع أيضا مترجما يعرف باسم سبيتشوارد تل 2m5 حوالي 450 $.

وتعتمد تكلفة النظم المتكاملة كبيرة الحجم مثل نظامي شتالك و ساتس على مدى إدماج الأنظمة في البنية التحتية الإلكترونية للشركة، ومن خلال تطبيق الأنظمة المشار إليها أعلاه، ستتمكن الشركات من المشاركة في عقد المؤتمرات عن بعد وتبادل المعلومات وستتعزز التجارة الإلكترونية إلى حد كبير بفضل الترجمة الفورية وتوضيح المعاملات المطلوبة .

وفي الواقع إن الحواجز اللغوية أمام المزيد من العولمة التي تغلب عليها تكنولوجيا اللغة ومع ذلك، فإن الآلات لن تحل أبدا الأجواء التي تقدمها التفاعلات البشرية. من وجهة نظر المؤلفين، القيادة العالمية لا تزال تتطلب قيادة الإنسان، ولا يمكن لنوعية الترجمة أن تحل محلها . ولعل من المهم أن نأخذ في الاعتبار منظورين قدمها المؤلفون الذين استشيرت أعمالهم. وفيما يتعلق بعملية العولمة والتحسين المستمر للترجمة الآلية: قد تكون أنظمة الترجمة الآلية إما عامل الطرد المركزي الذي يشظي العالم، أو قوة الجاذبية التي تربط الثقافات معا. ويمكن أن يحدث كلا الاتجاهين بشكل متزامن “(ليمان-ويلزيغ، 2001). وفيما يتعلق بلغة عالمية واحدة: ” يشعر الكثيرون أنه في حين أن لغة عالمية واحدة من شأنها أن تجعل التفاعلات الشخصية والتجارية أسهل ستضيع أكثر من لغة مكتسبة ” ” يمكن للثقافات الأحادية أن تقتل بيئة الأفكار – والأفكار الجديدة هي أهم ميزة في أي عمل “(غروسمان، 2000).

المصدر:

http://www.translationdirectory.com/articles/article2037.php

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *