التناقض الغريب في تواصلنا مع الغُرباء

ترجمة بتصرّف لمقال: (There’s a Strange Paradox in The Way We Want to Connect With Strangers by DAVID NIELD)
مصدر الصورة: Unsplash
بقلم: ديفيد نيلد
ترجمة: عبدالله الشهري @abdurist
تدقيق ومراجعة نهائية: سلمى عبدالله @salma1abdullah
يشعر العديد منّا فور الانتهاء من محادثة شخص غريب بأن التواصل كان مُربكًا وغير مرغوب فيه من كلا الطرفين. ولكن، ماذا لو كنّا مخطئين؟
تشير دراسة جديدة إلى أن الرغبة في التحدث بعمق مع أشخاص جُدد هو في الحقيقة شعورٌ شائع. بعبارة أخرى، في المرة القادمة التي تتحدث فيها مع شخص لا تعرفه؛ لا تفترض أنك ملزمٌ فقط بمحادثة سطحية، هنالك فرصة جيدة بأن يُسعد الشخص الذي تتحدث إليه بمجرد أن يشاركك بعضًا من جوانب حياته الشخصية، كما هو الحال بالنسبة لك.
أجرى باحثون ١٢ تجربة مختلفة تضمّنت أكثر من ١٨٠٠ فرد لدراسة سلوكنا اتجاه التواصل والمحادثات، وكان الأفراد المشاركون طلابًا، ومدراء تنفيذيين، ومتطوعين عن طريق الإنترنت.
يقول عالم السلوك نيكولاس إيبلي من جامعة شيكاغو بوث لإدارة الأعمال: «التواصل الفعّال مع الآخرين بطرق هادفة يجعل الناس أكثر سعادة، ومع ذلك يبدو أن البعض لا يزال متردّدًا في الانخراط في محادثة عميقة وبشكل جدي».
وأضاف قائلًا: «أدهشتنا تلك المفارقة الاجتماعية المثيرة للاهتمام، إذا كان التواصل العميق مع الآخرين يزيد من سعادة الشخص، فلمَ لا يفعل ذلك الجميع بشكلٍ يومي؟»
وفقًا لإيبلي ورفاقه، الإجابة المختصرة هي (التوقعات الخاطئة) أشارت الدراسة إلى أن المحادثات مع الغُرباء، سطحية كانت أم عميقة، أدت إلى مشاعر من الترابط والسعادة تفوق التوقعات.
في أثناء الدراسة، طُلب من بعض المشاركين اختيار مواضيع للحوار، وأُعطي الآخرون أسئلة للنقاش فيها. اشتملت الأسئلة على شتّى المواضيع، القيِّم منها والسطحي، مِن (تحدث عن مرة بكيت فيها أمام شخصٍ آخر) وحتّى (ما رأيك في جوّ اليوم؟)
في كافّة التجارب، كانت المحادثات مع الغرباء أقل إحراجًا وأكثر قبولًا مما توقع المشاركون، خاصةً مع النقاشات العميقة؛ لما سببته من مشاعر ترابط أكثر من النقاشات المتمحورة حول مواضيع أقل أهمية.
بشكلٍ عام، اهتم المشاركون بالإفصاحات الشخصية أكثر مما توقع الطرف الآخر في الحديث. تحرّت الدراسة أيضًا المحادثات مع العائلة والأصدقاء، مشيرةً إلى أن توقعات العناية والاهتمام تكون هنا أدق.
يقول إيبلي: «بدا أن الناس يتوقعون بأن الإفصاح عن شيء شخصي مهم أو ذي معنى سيُقابَل بصمت ونظرات فارغة، لكنهم وجدوا أن ذلك كله غير صحيح في المحادثات الفعلية».
«البشر مخلوقات اجتماعية جدًا وتميل إلى الرد بالمثل في الحوار. عندما تشارِك شيئًا مهمًا أو ذا معنى، من المحتمل أن تُلاقى بشيء مهم أو ذي معنى، مما يؤدي إلى حوار أفضل بكثير».
ما يعنيه كل هذا لك، في المرة القادمة عندما تجلس بجوار شخص لا تعرفه على متن الحافلة، قد تكون المحادثة العميقة مرضية أكثر مما تتوقع، وربما تجد الطرف الآخر في الحديث مهتمًا حقًّا فيما ستقول.
بالطبع، هذا كله تعميمٌ مبني على تجارب تضمنت أقل من ٢٠٠٠ مشارِك، لذا فاحتمالية تجاهلك في الحافلة لا تزال واردة. ولكن بشكلٍ عام، نحن البشر نميل إلى الرهبة من المحادثات العميقة والقيّمة أكثر ممّا يجب.
تشيرالأدلّة إلى أن المحادثات العميقة تؤدي إلى مزيد من السعادة والراحة، كما أن النظرة التفاؤلية لهذه المحادثات قد تساعدك والشخص الذي ستتحدث إليه؛ فقد يكون بنفس حماسك للتحدث.
يقول إيبلي: «مع انحسار الجائحة وعودتنا للتحدث مع بعضنا البعض، إدراك أن الآخرين يفضّلون أيضًا المحادثات العميقة قد يقودك إلى قضاء وقتٍ أقل في المحادثات السطحية، والاستمتاع بالعديد من المواقف الاجتماعية في المقابل».
نُشر هذا البحث في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي.
أحدث التعليقات