قَوْل «أنا آسف»

saying sorry

ترجمة بتصرّف لمقال: (Saying “i’m sorry” by Richard B. Jeolson)

ضمن أربعة مبادئ توجيهية لاعتذارٍ مؤثر

 

كتابة: ريتشارد ب. جويلسون (DSW, LCSW).

 ترجمة: رهف دغريري. @iRahafd7

تدقيق: رهف أحمد.

مراجعة نهائية: ياسمين القحطاني.

 

قد يجد الكثير من الناس أن تقديم الاعتذار أمرًا في غاية الصعوبة حتى عندما يُقرّون بارتكابهم لخطأٍ ما، وهؤلاء الأشخاص إما أنهم لن أو لا يستطيعون الاعتذار بالرغم من أنهم قد يعترفون جزئيًا أو كليًا بمسؤوليتهم عن الإساءة. 

 

يبدو أن بعض الأشخاص يرون أن الاعتذار من سِمات الضعف، ولكن الأمر المثير للإهتمام هو أنه عندما يُسألون عن ما إذا كانت نظرتهم للأمر هي ذات الشيء عند اعتذار الآخرين لهم، فإنهم لا يرونه كضعف إطلاقًا بل على العكس تمامًا، بينما البعض الآخر سيقول بأن الاعتذار من شخص آخر يُعد علامة على القوة أو النضج، ولكن سيظلون يشعرون أنه اعتراف بالهزيمة أو الضعف حينما يجب عليهم الاعتذار لشخص آخر. 

 

إن السبب الآخر الذي يمنع الناس من الاعتذار ليس اتصافهم بالوقاحة أو القسوة، بل لأنه ليس جزءًا من شخصياتهم، بل وربما يجدون صعوبة في تمييز الحالات التي تتطلب الاعتذار فيها، أو قد لا يقدّرون أهمية الاعتذار خصوصًا لأحبائهم. 

 

لقد مررت بأحداث كثيرة خصوصًا في جلسات العلاج النفسي مع الأزواج؛ لمساعدة الشريكين في تحسين قدرتهم على الاعتذار بدلًا من الدفاع عن أنفسهم، ومساعدتهم كذلك على تحديد الأسباب التي تجعلهم يقاومون فيه تقديم الاعتذار، فلقد شَهدتُ في كثير من الأحيان بأمّ عينيّ بأن الغضب يتبخّر، والضغينة تختفي، وبرودةِ الطرفين اتجاه بعضهما حين قول عبارة: «أنا آسف» الصادقة والمعبرة عن الندم الحقيقي. 

 

حين يكون الشخص قادرًا على تقديم ذلك للشريك، فإنه يُثري تجربة الطرف المُخطئ، ويضع حدًا فوريًا لأي نزاع كان محل خلاف؛ إذْ أن الاعتذار الصادق يقر ويعترف بالأذى الناجم الذي سببه، ومن الواضح أن هذا هو الرد الأفضل على أي اتهام دفاعي أو مُضاد، لكن من المؤسف أنه نادر الحدوث. 

 

أؤمن بأن هناك عدة استخدامات خاطئة لعبارة «أنا آسف»، والتي تبدو بصورة سطحية أنها اعتذار، ولكنها قد تكون في الحقيقة قناعًا لمشاعر أخرى، فعلى سبيل المثال: الشخص الذي يعتذر بصورة روتينية وتلقائية حين لا توجد إساءة حقيقية، فذلك بسبب اعتقادهم أنهم أرهقوا شخصًا ما، وهو شعور لا يستطيعون تحمّله، ومن الأمثلة التي تتكرر على مسامعنا عادةً قول: «أعتذر لكنني بحاجة لاستخدام دورة المياة الخاصة بك»، أو: «المعذرة، هل تعرف كم الساعة الآن؟». 

 

لقد لاحظتُ اعتذار إحدى المريضات المستمر على سلوكيات لا أعُدّها  مُسيئة توحي باعتقادها أنها كانت تُثقل على الشخص الآخر، وعندما استكشفنا هذا من خلال العلاج، اتضح أن اعتذارها المستمر كان نتيجة اعتقاد لازمها طيلة حياتها وهو أنها كانت حِمل على والدتها المكتئبة، التي أوضحت أنها كانت منهكة بسبب إنجابها لطفل آخر بعد اتخاذها قرار عدم إنجاب أكثر من أربعة أطفال، فهذه المريضة أساسًا كانت تعتذر طيلة حياتها بسبب اعتقادها أنها غير مرغوبة أو غير مرحّب بها، فأرادت أن يرى الناس إدراكها لذلك، وأنها مقدّرة لتحمّل العالم لتواجدها.

 

مثال آخر على قول « أنا آسف»، وهو أنه قد يُستخدم لإعطاء الشخص المُعتذر الإذن لقول أو فعل شيء ما يعتقد/ تعتقد أنه مرفوض من الشخص الآخر، ولكن ليُسمح له بفعله على أي حال، فيبدو أن قول تلك العبارة بطريقة ما تخفف من حدة الصدمة أو تقلل من احتمالية حدوث العواقب على الأقل. 

 

قد يكون من الأمثلة على ذلك أيضًا الشخص الذي يُجري أو يُجيب على مكالمة هاتفية وقت تناول العشاء، وهذا يُعد عمومًا تصرفًا غير مُهذّب، فقول: «المعذرة، عليّ أن أُجيب على هذه المكالمة» يسمح له بالرد على المكالمة، ويفترض بأن الشخص الآخر سيتفهّم ذلك؛ لاعتذاره مسبقًا. 

 

يُعد «الاعتذار المُكرَه» نوع آخر يُقدّم عادةً بطريقة تجعل من الواضح أنه ليس اعتذارًا صادقًا، بل تعبيرًا إلزاميًا ومخادعًا، ومن الأمثلة على ذلك: عندما يُطلب من طفل الاعتذار لصديق له قد قام للتو بضربه على رأسه بدُمية، فيصرخ قائلًا: «أنا آسف»، كي يُرضي والده وينجو من عقابه  على سوء تصرفه وعدم طاعة والديه. 

 

ومن الأمثلة الشائعة أيضًا على الاعتذار المُكرَه والتي عادةً تتردد على مسامعي قول: «أعتذر لأنني جعلتك تشعر بذلك بسبب ما قُلته»، أو: «أعتذر لو أن أحدكم شعر بالإساءة بسبب أفعالي»، والغرض من قولها هو تهدئة الوضع وتجنب العقاب، ولكن من الواضح أنها ليست صادقة، بل مجرد مناورات مخطط لها جيدًا، فهُم يقولون: «أنا آسف»، لكنهم يُقرّون بأن الخطأ يقع على هؤلاء الأشخاص شديدي الحساسية، ونتيجة لذلك فهم يشعرون بالإساءة لأسبابٍ بسيطة. 

 

إن الاعتذار الحقيقي يهدف إلى إصلاح العلاقة و سمعة الشخص المُخطئ، لذا يوجد أربعة مبادئ توجيهية بسيطة جدًا لاعتذار مؤثر، وهي كالتالي: 

 

١- تحمّل مسؤولية التأثير السلبي لفعلك؛ ليكون اعتذارك صادقًا، فيلقى استحسانًا.  

 

٢- كن دقيقًا في اعتذارك لتدرك مباشرةً بما أخطأت به، وتجنب التعميم والغموض في الاعتذار. 

 

٣- كن متعاطفًا، ودع الشخص المُساء إليه يدرك تفهمك وتقديرك لتأثير خطأك عليه. 

 

٤- طمئن الشخص بأنك ستبذل قصارى جهدك في عدم تكرار أفعالك أو كلماتك المسيئة مستقبلًا. 

 

إن اتباع هذه النقاط الأربع قد تساعد على اطمئنان الشخص المُساء إليه وثقته بأن الإساءة لن تتكرر منك فيما بعد.

 

 

المصدر

تمت الترجمة والنشر بموافقة الكاتب

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *