حفظ البساطة ودفع الحماقة

ترجمة: محمد بدر الدين عمر
تدقيق ومراجعة: أحمد موسى
إن تبسيط الأمور يحدث فرقًا هائلًا، وما زلنا رغم ذلك نفتتن بالتعقيد. لقد كان أينيشتاين متقنًا لغربلة الضروري من غير الضروري. ولنتأمل هذا النص من كتاب تشارلي مُنغر: المستثمر الكامل:
أفرد بيتر بيفيلين في كتابه البحث عن الحكمة: من داروين حتى منغر فصلًا لأهمية التبسيط.
يقول بيفيلين ناصحًا: ((حوّل المشكلات المعقدة إلى مشكلات بسيطة، فكك المشكلة إلى أجزائها مع النظر إليها نظرة شمولية)). تبسيط الأشياء لأقصى حد لكن دون زيادة نمط ثابت عند منغر في تصريحاته العامة، وقد كتب منغر وبافيت في رسالة مشتركة إلى المساهمين: إن للتبسيط طريقة في تحسين الأداء بتمكيننا من فهم أفضل لما نفعله.
[…]
يؤمن منغر بقدرة المستثمر على اتخاذ قرارات أفضل بالتركيز على إيجاد القرارات والرهانات اليسيرة، واجتناب العسير، وترك العرضي، فيقول: ((من خلال (دفع الحماقة) و(طرد سفاسف الأمور) – فلا تبثَ الفوضى في عقلك – … تصير أقدر على انتقاء حفنة من الأمور الحصيفة لتقوم بها)). إن التركيز يفتح الباب للبساطة ووضوح الفكر، وهو ما يؤدي في رأي منغر إلى استثمار نتائجه أكثر إيجابية.
إن صعب شيء بما لا نطيق، تركناه وانتقلنا إلى غيره. فما أبسطُ من ذلك؟
ــــ تشارلي منغر
في الحياة ميزة فاتنة نجدها في استغلال البساطات غير المعروفة، وهو أمر يحاول بيتر إظهاره في مقابلاته. ثم إن تخصيص وقت لإعمال الفكر ضرورة لمعرفة البساطة.
إن لدينا ثلاث سلال: داخل، وخارج، وشديد الصعوبة.. فلابد من بصيرة ثاقبة وإلا وضعناها في سلة شديد الصعوبة.
ــــ تشارلي منغر
البساطة في التنقية
يقول ويليام جايمس: ((فن الحكمة هو فن معرفة ما تترك)). ولا أصح من هذه الكلمات.
يقول شارلوك هولمز في رواية لغز بلدة ريغيت للكاتب أرثر كونان دويلي: ((إن من الأهمية بمكان في فن التحري أن تنظر في عدد من الحقائق، فتميز الحيوي من الثانوي)).
وجزء من التنقية كذلك فهم ما تعلم وما لا تعلم، أوإدراك دائرة كفاءتك.
نحن شغوفون بإبقاء الأمور بسيطة.
— تشارلي منغر
يقول منغر في مقابلة مع جايسون زويج:
قال كونفوشيوس أنّ حقيقة المعرفة أن يعلم المرء قدر ما يجهل، وقد وافقه أرسطو وسقراط على ذلك. هل هي مهارة يمكن تدرَس أو تتعلَم؟ غالبًا. إن كنت تخاطر بشيء ما. البعض لديهم مهارة استثنائية في معرفة حدود معرفتهم لأنه يجب عليهم ذلك. خذ مثلًا محترفًا في المشي على الحبل لمدة عشرين عامًا وقد نجا. ما كان له أن ينجو طوال عشرين عامًا من المشي على الحبل، إلا إن علم بالضبط ما يعلم، وجهل بالضبط ما يجهل. وقد بذل في ذلك جهدًا كبيرًا، لأنه يدرك بأنه إن أخطأ، فلن ينجو. الناجون يعلمون.
وفي مرة أخرى:
جزء من ذلك [امتلاك منطق غير اعتيادي] على ما أظن، هو القدرة على دفع الحماقة، مع تمييز ذلك عن معرفة الحكمة. لديك أمور من مختلف الأصناف تدفعها حدسيًا لمنع بث الفوضى في دماغك. بهذا تصير أقدر على انتقاء حفنة من الأمور الحصيفة لتقوم بها.
يضيف وارن بافيت المدير التنفيذي لشركة بيركشير هاثاواي القابضة موافقًا:
نعم بالفعل، إننا لا نعير الانتباه للكثير من الأشياء السخيفة، أعني أننا نتخلص منها بسرعة، كوننا نتخلص من هراء. فقد انتبهت أنه إن اتصل بك أحد قائلًا بأن لديه هذه الفكرة العظيمة، الرائعة، فلن تقضي معه 10 دقائق بعدما عرفت من الجملة الأولى أن الفكرة لا هي عظيمة ولا هي رائعة… لا تكن مهذبًا فتعرض نفسك لكامل هذه العملية.
ويكتب بيتر بيفيلن في كتابه البحث عن الحكمة قائلاً:
إننا كثيرًا ما نحاول نيل فرط من المعلومات بما فيها المعلومات المغلوطة، أو تلك التي لا فائدة ُترجى من شرحها أو التنبؤ بها. كذلك نركز على التفاصيل، وعلى ما لا علاقة له، أو ما لا يُعلم، ونغفل الحقائق البينة. التعامل مع المهم يجبرنا على وضع أولويات. وغالبًا ما تؤدي أعمال قليلة لنيل معظم ما نصبو إليه. حفنة من القرارات هي ذات الأهمية حقيقةً.
زيادة المعلومات لا تقتضي زيادة المعرفة أو تحسن القرارات. وتذكر بأننا اليوم نلج لوفرة من المعلومات، والمعلومات المغلوطة كذلك.
وكلما بذلنا جهدًا في شيء، زادت ثقتنا.
وحري بنا أن نتوقف ههنا لوهلة لنتأمل أمورًا ثلاثة: 1) استيعاب البساطة والسعي إليها. 2) تناول المشكلات اليسيرة أولًا. 3) صقل مهاراتك بتعلم ما تُغفله والتخلص سريعًا من الأفكار السيئة (كيف تقوم الكثير من المؤسسات بذلك؟!) .. وهذا يسير جنبًا إلى جنب مع استيعاب دائرة كفاءتك.
أحدث التعليقات