التدمير الذاتي: لماذا تفعله وكيف تتخلص منه للأبد

ترجمة بتصرّف لمقال: Self-Sabotage: Why You Do It and How to Stop for Good by Nick Wignal)
مصدر الصورة: Unsplash
كتابة: نك ويغنال ndwignall@
ترجمة: فرح الاحمري FarahTranslator@
تدقيق: ليلى عامر @_la_yla
المراجعة النهائية: أسامة خان
التدمير الذاتي لا ينبغي أن يكون غامضًا ومعقدًا، إلا أنه قد يبدو كذلك.
وبما أني طبيبًا نفسيًا ومعالجًا فإني أتعامل معه يوميًا مساعدًا عُملائي على علاجِه.
وسنعرف في هذا الدليل خطوة بخطوة كيفية التفكير في سلوكيات التدمير الذاتي وما نفعل حيالها.
ستتعلم:
- تعريفًا بسيطًا للتدمير الذاتي
- أصوله وأسبابه
- أمثلة على سلوكياته
- خطة لتصحيح أي شكل من أشكال التدمير الذاتي في حياتك
حسنًا، لنبدأ!
. . .
ما هو التدمير الذاتي؟
إنّه أحد المصطلحات المسموعة حولك، ولكن فهم ما يقصده الناس في الواقع أمر صعب، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن كثيرًا منهم لا يعرفون ما يعنيه!
- يحكمُ بعض الناس على الآخرين، لنقد مَن يعتبرونه كسولًا أو ضعيفًا.
- أو يستخدمونه ليبدون أذكياء، ولا يعرفون في الواقع ما يتحدثون عنه.
- ولا يزال آخرون يتحدثون عنه بطريقة عامة وغامضة ويعدُّونه بلا معنى.
وسأعطيك في بقية هذا القسم تعريفًا محددًا لماهية التدمير الذاتي ثم سنلقي نظرة على بعض الأمثلة المحددة لماهِيَّتِه وكيف يحدث.
التدمير الذاتي: تعريف بسيط
إليك أفضل تعريف مفيد وجدته:
التدمير الذاتي هو استنقاص أهدافك وقيمك الخاصة
وبعبارة أخرى فإنك تعلم أن هناك شيئٌ تريده وتعتقد أنه مفيد لك (مثال: محافظتك على ما خسرتهُ من وزنك) ولكنك تفعل الأشياء التي تتعارض مباشرة مع هذا الهدف (مثل: تناول الوجبات السريعة في وقت متأخر من الليل).
والأهم هو أن سلوكيات التدمير الذاتي قد تحدث بوعيٍ أو بغير وعي، اعتمادًا على مدى إدراكك لها.
- التدمير الذاتي بوعي هو عندما تكون مدركًا لحقيقة أن ما تفعله هو التقليل من أحد أهدافك أو قيمك. مثال: تتذكر أنه يجب عليك إزالة الحشائش الضارة من فنائك، ولكنك تقرر لعبِ ألعاب الفيديو بدلا من ذلك.
- التدمير الذاتي بغير وعي هو عندما تفعل شيئا يقلل من أهدافك أو قيمك ولكنك لا تدرك ذلك إلا لاحقًا. مثال: الأشخاص الذين يعانون من خوف شديد من الفشل في وظائفهم غالبًا ما يطورون عادات غير واعية تتمثل في الحضور في وقت متأخر أو العمل غير المتقن وسيلةً لتجنب الترقيات أو زيادة المسؤولية التي ستؤدي إلى توقعات أعلى وبالتالي فرصة أكبر للفشل.
وبالطبع هناك طرق كثيرة تحتم علينا الوقوع في فخ التدمير الذاتي، وقبل أن ننتقل إلى فهم أسبابه وكيفية التعامل معه دعونا نلقي نظرة على بعض الأمثلة العملية لما قد يبدو عليه التدمير الذاتي في حياتك الشخصية.
أمثلة على سلوكيات التدمير الذاتي
يتعامل الجميع مع التدمير الذاتي من وقت لآخر.
وبالنسبة للبعض فإنه يعتبر أمر عرضي له عواقب طفيفة نسبيًا، ولكنه يعتبر لآخرين نمط مزمن يؤدي إلى مشاكل كبيرة في حياتهم وعملهم وعلاقاتهم.
- وفيما يلي بعض الأشكال الأكثر شيوعًا للتدمير الذاتي:
- التسويف: نسوِّف جميعا من وقت لآخر كأنّ نؤجِّلُ الذهاب إلى النادي الرياضي لمشاهدة حلقة أخرى على نتفلكس أو نؤجل كتابة التقرير لترتيب مكتبنا أو إعادة جدولة موعد طبيب الأسنان مرة أخرى. يعد التسويف واحد من أكثر الأشكال العالمية شيوعًا للتدمير الذاتي لأنه بحكم تعريفه هو: تأخير مَا نعرِفُ أفضلية تقديمِه.
- القلق المزمن: يَعلق الناس في عادة القلق المزمن لأنه يعطيهم وهم السيطرة واليقين بشكل مؤقت، فعندما تشعر بالعجز أو عدم اليقين فإن القلق يجعلك تشعر لفترة وجيزة أنك تستطيع تغييرَه. ولكن لن يكون ذلك مفيدًا أبدًا على المدى الطويل وسيؤدي إلى مستويات عالية من اضطراب القلق، فإذا كنت ترغب في كسر دورة القلق المزمن واضطراب القلق فإليك طريقة جيدة للبدء: خمسة طرق سريعة لتخفيف القلق
- تعاطي المخدرات: يعتبر تعاطي الكحول والمخدرات شكل شائع من التدمير الذاتي لأنه على الرغم من متعتها المؤقتة إلا أن تعاطيها يؤثر دائمًا على أهدافنا وقيمنا طويلة الأجل. مثال: زجاجتين أو ثلاثة من البيرة التي تشربها بمجرد وصولك للمنزل بعد العمل سوف تصعب عليك تواجدك مع عائلتك.
- التأخير المزمن: عندما يتأخر الناس باستمرار عن الفعل، فغالبا مّا تكون علامة على التدمير الذاتي. مثال: التأخر الدائم في حضور المناسبات الاجتماعية قد يساعدك على تجنب بعض القلق الذي قد يراودك حول الحاجة إلى الاختلاط بشكل وثيق جدا مع الناس قبل بداية الحدث الاجتماعي، ولكن يؤدي ذلك على المدى الطويل إلى تآكل علاقاتك وقلة الثقة والاحترام مع الأصدقاء وأفراد الأسرة.
- الأكل العاطفي: يحول الكثير من الناس الطعام إلى وسيلة للتعامل مع التوتر والقلق في حياتهم لأنه يجعلهم يشعرون مؤقتًا بالرضا ويشتت انتباههم عن آلامهم، لكنهم يعرفون على المدى الطويل أن ذلك يدمر قيمًا مهمة مثل الحفاظ على نظام غذائي صحي أو لياقتهم البدنية.
- مشاكل الألفة والالتزام: يجد الكثير من الناس أنفسهم معتادون على التخلي عن عمد أو تخريب الصداقات الصحية والشراكات العاطفية، وكثيرا ما يواجه هؤلاء الناس صعوبة في التعامل مع الانكشاف العاطفي ويخافون من التعرض للأذى. وعلى الرغم من أن ذلك يضر قيمهم على المدى الطويل في تنمية علاقات ذات أهمية إلا أنه ينتهي بهم الأمر بتدمير هذه العلاقات، شكلًا من أشكال تخفيف القلق.
وبالطبع هناك أمثلة أخرى على التدمير الذاتي، ولكن هذه أشهرها.
تذكّر أن كل هذه الأشياء طبيعية وليست علامات على وجود مشكلة رئيسية بالضرورة حيث أننا نسوِّف من وقت لآخر، فعلى سبيل المثال: نتناول جميعًا الطعام أو المأكولات الأخرى لأسباب عاطفية وليس غذائية بالضرورة في بعض الأحيان. إلا أنه عندما تصبح هذه الأشياء أنماطا متسقة ذات تأثيرات سلبية كبيرة فسيكون ذلك أمرا يستحق النظر له بعناية أكبر.
من أين ينشأ سلوك التدمير الذاتي؟
بينما يمكن للتدمير الذاتي أن يتخذ أشكالًا كثيرة، إلا أن هناك طرق يمكن أن يتجذر بها هذا السلوك.
ومن المهم أن تفهم التالي:
ليس هناك سبب وحيد لحدوث التدمير الذاتي.
والبحث عن إجابة بسيطة غالبًا ما تكون علامة على أنك لا تعي تمامًا ما هو التدمير الذاتي وما يتطلبه التعامل معه.
فمثلًا خلال ممارستي الإكلينيكية عملت مع عميلين مختلفين يعاني كلاهما من نفس النوع من التدمير الذاتي حيث أنهما يدخلان باستمرار في علاقات عاطفية مع ناس لا يحترمونهم لأن ذلك يجعلهم يشعرون بشعور أفضل تجاه أنفسهم.
ويعتبر ذلك تدميرًا ذاتيًا لأن الطريقة التي تعلموها لملء حاجتهم للثقة و احترام الذات هو من خلال تعزيز العلاقات التي لا تستمر حقا ولكنها تجعلهما يشعران بالتفوق والثقة. ومن الواضح أن هذا يقف في طريق هدفهم على المدى الطويل المتمثل في الحصول على علاقة عاطفية صحية، لكنهما يواصلان فيه لأن احترامهما لذواتهما منخفض للغاية وليس لديهم طريقة أفضل للتعامل مع هذا.
- وذكرت هذين العميلين كمثال لأن كل منهما طور نمطًا متطابقًا تقريبًا لسلوك تدمير ذاتي بطرق مختلفة جدًا:
- النمذجة: تتبعنا خلال عملي مع العميل الأول عاداته في التدمير الذاتي وصولًا إلى النمذجة المبكرة التي اكتسبها من والديه، حيث عانى والده بشكل أساسي من نفس انعدام الثقة واحترام الذات وتمثل الأمر من خلال انتقاده المفرط لوالدة عميلي، وتكرر الامر ايضًا مع بعض الصديقات والزوجات الأخريات. ولأن هذا كان كل ما شهده عميلي طوال فترة نموه فقد كان نموذجه لكيفية عمل العلاقات واحترام الذات.
- القوة: أما عميلتي الثانية فقد كان يتمتع والداها بعلاقة صحية جدا وكان لديها مستويات طبيعية من الثقة واحترام الذات كطفلة، ولكن بعد أن شهدت حادثة مريعة من الاعتداء الجنسي في الكلية كانت الطريقة التي تعاملت بها مع انعدام الأمن والمخاوف في العلاقات هي الدخول في علاقات مع الرجال الذين كانوا «أقل منها» حتى تشعر بمزيد من الأمان والقوة.
- تتشابه السلوكيات والنتائج ولكنها تنتج من جذور مختلفة، وهذا لا يعني بالطبع أنه لا توجد أنماط شائعة عندما يتعلق الأمر بمسببات التدمير الذاتي.
في الواقع هناك سمة شائعة أراها مرارا وتكرارا مع الأشخاص الذين طوروا مشكلات كبيرة مع التدمير الذاتي:
لقد علِمَ ممارسُو التدمير الذاتي المزمن في مرحلة مّا أنه «يعمل» بشكل جيد للغاية.
وأضع كلمة يعمل بين علامتي تنصيص لأنه يعمل على المدى القصير ولكن عادة ما يكون له تأثير معاكس على المدى الطويل.
- وفيما يلي بعض الأمثلة:
- تعلمت عندما كنتَ طفلًا أن تبالغ وتخطط لأسوأ الاحتمالات لأنها كانت الطريقة الوحيدة التي عرفت بها كيفية التعامل مع والديك المدمنين والمعنفين.
- وتعلمت عندما أصبحتَ مراهقًا التسويف في عملك لأنك كنت ذكيًا بما يكفي للقيام بعمل جيد دون الدراسة باجتهاد.
- وتعلمت بمجرد زواجك أن الإشارة إلى العيوب في سلوك شريكك يجعلك تشعر بشعور أفضل حيال نفسك بشكل مؤقت.
فحقيقة أن التدمير الذاتي «يعمل» على مستوى ما -أو على الأقل عمِل في مرحلة ما- هو أمر أساسي للغاية وهو نقطة الانطلاق لتغيير سلوكيات التدمير الذاتي إلى الأبد.
وقبل أن تتمكن من التراجع عن أي سلوك غير صحي فعليك أن تفهم الوظيفة التي يؤديها.
كيف تتوقف عن التدمير الذاتي للأبد في خمسة خطوات:
إذا كنت ترغب في إيقاف التدمير الذاتي فالأهم هو فِهم لماذا تفعله؟ وما الحاجة التي يُشبعها؟ ثم تُبدِع في تحديد طرق أكثر صحة وأقل تدميرا لإشباع الحاجة.
إليك طريقة واضحة لتحديد سلوكيات التدمير الذاتي والبدء في إصلاحها:
- اِفهم الحاجة التي يملؤها التدمير الذاتي
إن معظم الناس الذين يحاولون إيقافه يقعون في خطأ التعامل معه بطريقة «القسوة مع الذات» ويخبرون أنفسهم أن هذا أخيرًا هو الوقت المناسب الذي يجمعون فيه قواهم لإيقاف التصرف السلبي.
لكن «قسوتك» على نفسك هي في حد ذاتها شكل من أشكال التدمير الذاتي؛ لأنه يشعرك بالارتياح في الوقت الحالي لكنّه عادة ما سيجعلك تفوت الخطوة الأولى والأهمّ في التغلب على التدمير الذاتي وهي: فهم الحاجة التي يغذيها، ولا يمكنك فعل ذلك دون بعض التعاطف مع الذات.
فقبل أن تقسو على نفسك وتلتزم بالتغيير تعاطف مع نفسك والتزم بفهمها.
ومن أجل أن تدرك أن تدميرك الذاتي يخدم هدفًا، يجب أن تكون قادرًا على صرفِ النّظر عن العواقب السلبية القصوى للسلوك، وتتفهم أنّه يؤدي دورًا، ويخدم وظيفة مّا، ولو بشكلٍ محدود!
وفيما يلي بعض الأمثلة:
- إذا كنت ترغب في الإقلاع عن الكحول فأنت بحاجة إلى فهم أن الكحول «تعمل» على تخفيف إجهاد العمل.
- وإذا كنت ترغب في الإقلاع عن الأكل العاطفي فأنت بحاجة إلى أن ترى بتعاطف كيف أن تناول الطعام «يعمل» على تخفيف شعورك بالوحدة في زواجك التعيس.
- وإذا كنت ترغب في الإقلاع عن التسويف فأنت بحاجة إلى فِهم أنه يساعدك على تجنب الخوف من الفشل (أو الخوف من النجاح).
فقط عندما تتفهم -بشيء من التعاطف- الحاجة التي يملؤها التدمير الذاتي ستكون قادرًا على زرع سلوكيات بديلة لملء الفراغ، وعندما تلبي تلك الحاجة بطريقة أخرى سيسهل عليك التخلص من التدمير الذاتي نهائيا.
- حدد السلوكيات الصحية البديلة التي تملأ تلك الحاجة
عندما تفهم بشكل واضح ماهي الحاجة التي يُشبعها سلوك التدمير الذاتي ستكون الخطوة التالية هي توليد أفكار لسلوكيات بديلة لتلبي الحاجة ولا تضرك.
وفي كثير من الأحيان بمجرد أن تحصل على رؤية واضحة حول ماهية تلك الحاجة سيكون ذلك كافيًا لتحفيز أفكار لسلوكيات بديلة، ولكن يستغرق الأمر في بعض الأحيان وقتًا للاكتشاف والبحث.
واحدة من أفضل الطرق لتطوير سلوكيات بديلة للتدمير الذاتي هي دراسة أشخاص آخرين مثلك.
أولًا اكتب قائمة مختصرة من أشخاص آخرين تعرفهم يمرون بظروف مماثلة، على سبيل المثال: إذا كان نهم تناول الوجبات السريعة وسيلة للتخفيف من ضغوط العمل هو السلوك الذي ترغب في استبداله، فأعدَّ قائمة بآخرين تعرفهم يعملون في وظائف عالية الضغط، ثم تواصل معهم وتباحث معهم واسألهم كيفية تعاملهم مع ضغوط العمل واجمع كل ما تجده من أفكار في قائمة.
وأخيرا بعد البحث مع عدة أشخاص، وإنشاء قائمة بالبدائل الممكنة، ابحث عن اثنين أو ثلاثة منها مما قد تبدو مناسبة لك وجربها، واختبر واحدًا منها لمدة أسبوع أو اثنين لترى كيف ستسير الأمور وإذا ناسبك الأمر استمر لأسابيع إضافية. أما إذا لم يكن كل ذلك مفيدًا فارجع للقائمة وجرب خيارًا آخر.
- توقع وخطط لتخطي العقبات
- حتى إذا حددت الحاجة الأساسية ومجموعة من السلوكيات الصحية لمعالجتها فلا تزال بحاجة إلى توقع العقبات المحتملة لاتباع تلك السلوكيات الجديدة، وإذا كان سلوكك البديل لترك الأكل العاطفي بعد العمل هو تناول وجبة خفيفة صحية صغيرة بدلا من تناول الوجبات السريعة بنهم، فما الذي قد يعيق هذا السلوك الجديد؟
- ماذا لو لم يكن لديك كميات تكفي من الوجبات الخفيفة الصحية المخزنة في منزلك؟
- ماذا لو خرجت للشرب مع زملاء العمل في ليلة ما بدلًا من العودة إلى المنزل؟
ماذا لو أخرج شريكك للتو صينية طازجة من الكوكيز المخبوز في اللحظة التي دخلت فيها المنزل؟
من السهل الالتزام بالسلوكيات الجديدة والنوايا الحسنة عندما تكون الظروف مؤاتية، ولكن إذا كنت ترغب في التخلص من التدمير الذاتي بشكل نهائي فأنت بحاجة أيضا إلى خطة تستخدمها عندما تواجه وقتًا عصيبًا.
وفيما يلي بعض الأمثلة على توقع العقبات ووضع خطة لمعالجتها:
- إذا كنت تريد ان تتأكد من اختيار وجبات خفيفة صحية بعد العمل بدلًا من الوجبات السريعة فقم بتعيين طلب إلكتروني الدّوريّ من اللوز مثلًا من موقع أمازون حتى تتأكد أنه سيكون لديك دائمًا بعض الوجبات الخفيفة الصحية في المنزل.
- إذا كنت ترغب بالاتصال بصديق للتعامل مع مشاعر الوحدة بدلًا من الشرب فتأكد من أن لديك قائمة من اثنين أو ثلاثة من الأصدقاء يمكنك الاتصال بهم في حالة عدم إجابة أحدهم.
إذا كنت ترغب في الاستراحة والمشي لمدة ٢٠ دقيقة للتعامل مع التسويف بدلًا من لعب ألعاب الفيديو لمدة ٣ ساعات، تخلص من الألعاب على هاتفك أو لا تعمل في مكان يسهل الوصول إليها فيمكنك الذهاب مثلًا إلى المقهى للعمل بدلًا من مكتبك المنزلي.
ولا يكفي أن يكون لديك سلوكيات بديلة جيدة للتدمير الذاتي، ولكن تحتاج أيضا إلى خطط طوارئ للعقبات المحتملة التي لا مفر منها والتي ستظهر عندما تبدأ في تنفيذها لأول مرة.
- عزز قدرتك على تحمل المشاعر المزعجة
بغض النظر عن مدى نجاحك في التخطيط والتنفيذ الاستراتيجي لسلوكياتك البديلة الجديدة إلا أنه سيكون صعبًا من الناحية العاطفية أحيانًا:
- إذا كان لديك حفنة من اللوز الصحي في متناول اليد فإن ترك الدورِتوس مزعجٌ قليلًا.
- لو رد صديقك المقرب على الهاتف فإن التخلي عن النشوة الفورية لتناول مشروب سريع سيكون صعبًا.
- لو كنت تذهب للمشي أو العودة إلى العمل بدلًا من لعب ألعاب الفيديو فستظل مشتاقا لها.
إن التخلي عن التدمير الذاتي ليست مجرد مشكلة فكرية من التخطيط وعمل الاستراتيجيات بل إنها مشكلة تحمُّل عاطفي.
ومن أجل خلق أي عادة جديدة أو مجموعة من السلوكيات عليك أن تكون قادرًا على تحمل الانزعاج وخاصة الانزعاج العاطفي، وهذا ينطبق تمامًا على استبدال سلوكيات التدمير الذاتي بسلوكيات صحية بديلة.
وأفضل طريقة للتدرب على بناء قدرتك على التحمل العاطفي هي أن تبدأ بالقليل:
- حدد المشاعر التي غالبا ما تشعر بها عندما تتخلى عن سلوك التدمير الذاتي السابق واسعَ لبديل أفضل، مثال: الخوف والإحباط والحزن إلخ.
- ابحث بعد ذلك عن أوقات أخرى في حياتك شعرت فيها بتلك المشاعر بشكل أضعف، مثال: تشعر ببعض الضجر عندما تنتظر في الطابور في بقالة.
- وبدلًا من الالتهاء بشيء للتخفيف من هذا الشعور أو صرف انتباهك عنه، تدرب على تحمله لفترة قصيرة من الوقت، مثال: بدلًا من استخدام هاتفك على الفور وتصفح الفيسبوك بمجرد أن تشعر بالضجر، تدرب على عدم القيام بأي شيء واستسلم للشعور بذلك الضجر لمدة ١٠ أو ٢٠ أو ٣٠ ثانية.
- زِد تحملك تدريجيًا لتلك المشاعر في مجالات أخرى من حياتك ومن ثم تدرب على ذلك مع سلوكياتك الصحية البديلة.
وتذكر: فقط لأن بعض المشاعر غير مريحة، لا يعني ذلك أنها سيئة، قد تكون بعضها غير مريحة في بعض الأحيان إلا أنها ليست خطيرة ولا خاطئة من الناحية الأخلاقية.
- وضح قيمك الخاصة
هذه ليست الخطوة الضرورية في التخلص من التدمير الذاتي لكنها الأقوى.
عندما توضح قيمك وتطلعاتك وهي من أهم الأشياء في حياتك ثم تربط سلوكياتك الجديدة والصحية بها، فسيكون من الأسهل أن تتجذر وتنمو مما يسهل ذلك التخلص من سلوكيات التدمير الذاتي القديمة.
والأمر الأهم في توضيح قيمك الخاصة هو تجاوز القيم السطحية والاِتصال مع القيم الداخلية وأعني بذلك:
لنفترض أنك تريد التخلي عن سلوك التدمير الذاتي المتمثل في مشاهدة الأخبار بمجرد عودتك إلى المنزل من العمل لأنه مضيعة للوقت ويقودك للتكاسل عن تحقيق أهداف أكثر أهمية، ولنفترض أن السلوك الصحي البديل الذي تود استبداله به هو المشي.
إذا سألتك الآن: لماذا تريد أن تمشي بدلًا من مشاهدة الأخبار عندما تعود إلى المنزل؟ قد تجيب: «لأنني أريد قوامًا رشيقًا»، فالحصول على قوام رشيق يعد قيمة ولكنها ليست مقنعة وليست عميقة أو محددة، بل إنها غامضة ومجردة. ولكن إذا كنت تريد من قيمك أن تساعد في تحفيزك نحو سلوكيات جديدة فيجب أن تكون مقنعة ولتستطيع ذلك ينبغي أن تكون أكثر تحديدًا.
لذلك قد اتبع سؤالي قائلًا: حسنًا، لماذا تريد أن تصبح رشيقًا؟ فتجيب: «لأنني أريد أن أشعر بنشاط أكثر وتعب أقل طوال الوقت» .
وهذه بالتأكيد إجابة أكثر تحديدًا وإقناعًا، ولكن يمكننا أن نفعل أفضل من ذلك … ماذا يمكنك أن تفعل إذا شعرت بمزيد من النشاط وتعب أقل كل يوم؟ قد تبدو متحمسًا قليلًا بعد سماع ذلك وتقول: «لطالما أردت منذ الجامعة أن أتعلم العزف على الجيتار وأكون عضوًا في فرقة موسيقية، أعلم أن ذلك يبدو سخيفا لأنني عُمري ٤٣ سنة، ولكنني أشعر بالحماس في كل مرة أفكر فيها، وأعتقد أنه لو لم أكن منهكًا طوال الوقت لاستطعت تحقيق ذلك».
بالضبط! هذه قيمة واضحة وقوية ومهمة. ولأنها مهمة فإنها ستساعد في دفعك نحو هدفك وسلوكك الجديد، وهو أمر أساسي إذا كنت تحاول مقاومة اهمية سلوك تدمير ذاتي قديم.
خلاصة الموضوع:
إن التدمير الذاتي ليس غامضًا أو معقدًا كما يبدو، إنه يعني ببساطة فعل أشياء تقلل من أهدافك أو قيمك بشكل مزمن، وإذا كنت ترغب في التخلص من التدمير الذاتي للأبد فالأهم هو أن تفهم الحاجة التي يخدمها ثم تطور سلوكيات بديلة تملأ نفس الحاجة بطريقة أكثر صحة وإنتاجية.
وهناك خمسُ خطوات أساسية لذلك:
١ . افهم الحاجة التي يملأها التدمير الذاتي
٢ . حدد سلوكيات صحية بديلة لتلبية تلك الحاجة
٣ . توقع وخطط لتخطي العقبات
٤ . عزز قدرتك على تحمل المشاعر المزعجة
٥ . وضح قيمك الخاصة
المصدر
أحدث التعليقات