عودة الطلاب حضوريًا للمدارس: كيف يؤثر التعليم عن بعد على تطور الأطفال
ترجمة بتصرّف لمقال:(Reopening schools: How online learning impacts child development, By Amy Neff Roth)
ترجمة: حوراء الصفواني
تدقيق: ندى محمد
عندما يدرس الطلاب عن بعد فهم يخسرون أحد أهم معلميهم: أقرانهم.
قال آندي لوبيز ويليامز، الرئيس والمدير التنفيذي لمركز الاستشارات النفسية للتوحد واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة في يوتيكا: « يتعلم الأطفال من مشاهدة بعضهم البعض، ومن تقليد ما يرون الأطفال الآخرين يقومون به. وهذا هو حجر الأساس المفقود في التعليم عن بعد.»
وقال أيضا: «التعلم مسعى اجتماعيّ ولهذا نقوم به بالطريقة التقليدية.»
هذا أحد الأسباب التي تدفع وزارة التعليم للعمل بجد لعودة الطلاب لمقاعد الدراسة داخل المباني التعليمية في هذا الخريف. ولكن لمخاوف السلامة ولصعوبة الحصول على المساحة والطاقم الكافي لعودة الطلاب مع مراعاة تطبيق احترازات السلامة والتباعد الاجتماعي، سيعود غالبية الطلاب للمدرسة ولكن كمجموعات.
وسيستمر الكثيرون بالتعليم عن بُعد وذلك يعود لاختيار الوالدين أو خطة إعادة فتح منطقتهم، ولكن جميع المناطق على استعداد للعودة إلى التعليم عن بُعد بالكامل في حال تفاقم جائحة كورونا.
قال لوبيز ويليامز: «أعتقد أنه من بالغ الأهمية أن (يعود الطلاب إلى المقاعد الدراسية داخل الصفوف المدرسية). فعندما نتحدث عن أي طفل تقليدي منّا، فإننا نميل إلى التعلم بشكل أفضل عندما نكون في بيئة تعليمية غنية بالتجارب»
تطوير الروتين والعلاقات
قالت (نيكول سينزا) منسقة التدريب في قسم علم النفس وحياة الطفل في كلية يوتيكا: تدعم البحوث التعلم الحسي وأن يكون الطلاب عنصرًا نشطًا في عملية التعلم وهذا أمر يسهل تنفيذه في بيئة الصف الاعتيادية.
وأضافت أن المدرسة توفر مزايا اجتماعية عاطفية، حيث يقيم الطلاب علاقات مع معلميهم والتي تساعدهم في الحصول على إجابات للأسئلة وتوضيح المعلومات. بناء الطلاب لعلاقاتهم مع أقرانهم، أمر بالغ الأهمية خاصةً للأصغر سنًا وهذا ما توفره المدرسة.
وقالت:« تعلم الطلاب للمهارات الاجتماعية والعاطفية، أمر بالغ الأهمية. والذي يصعب تحقيقه في بيئة التعلم عن بُعد»
أشار لوبيز ويليامز إلى أن جودة العلاقات الاجتماعية لها تأثير هائل على مسار حياة الناس مدى الحياة.
وأضافت سينزا أن الطلاب يتعلمون كيفية حل النزاعات بمساعدة المعلمين داخل الصف الدراسي والذي قليلاً ما يحدث في صفوف التعلم عن بُعد، فالمدرسة تعلم الطلاب المهارات الحياتية التي سيحتاجونها كبالغين، مثل كيفية النهوض وارتداء الملابس في الوقت المناسب للحاق بالحافلة أو كيفية تجهيز لوازمهم للذهاب إلى المدرسة.
يوفر التعلم داخل الصف الدراسي مزيدًا من التنظيم والروتين أكثر من معظم التعلم عن بُعد في الفترة الماضية :« يزدهر الأطفال بوجود توقعات وبنية وإجراءات روتينية يمكنهم الاعتماد عليها وهذا هو ما يميز التعليم الحضوري»
يمكن أن يحتوي كل نوع من أنواع التعلم على إجراءاته الخاصة. وقالت استغرق المدرسين وقتاً طويلاً لإعداد الهيكل والروتين لتعلم عن بعد هذا الخريف ولن يكون الوضع كما كان عليه في الربيع الماضي ومع ذلك لا يشعر جميع الطلاب بالخسارة.
قال لوبيز ويليامز أنه قد يواجه عددً كبيرً من الطلاب، صعوبات ومشكلات أثناء التعلم عن بعد بجانب معاناتهم من مشاكل في الرياضيات، أو من صعوبة في القراءة، بالإضافة إلى مشاكل في الذاكرة والانتباه والإعاقات الاجتماعية والعاطفية.
وأضاف: يتطلب التعليم عن بعد وظيفة تنفيذية حتى يتمكن الطالب من ضبط المشتتات البسيطة وحينها يحدث التشتت فقط بسبب الأمور المهمة، والطلاب الذين يعانون من اضطرابات في النمو العصبي التي تؤثر على الوظيفة التنفيذية في الدماغ مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، في وضع لا يحسدون عليه حيث كان يساعد المعلمون والبيئة الصفية في الوظائف التنفيذية في الدماغ بينما الآن يصعب الحصول على نفس المساعدة في المنزل.
ويصعب على المدرسين منح الاهتمام الذي يحتاجه الطلاب التوحديون، أو المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو الإعاقات التنموية، أو الذهنية دون خلق مشاكل في الإدارة الصفية ودون المساس بخصوصية واحترام الطالب.
عقبات ما قبل المدرسة
قالت توني آن جونز، مديرة خدمات أطفال التوحد المبكر في شمال سيربرال بالسي:
عانى بعض أطفال الروضة الذين يعانون من اضطرابات طيف التوحد، قلة القوانين والروتين في المنزل منذ إغلاق المدرسة بسبب الجائحة.
يعاني الأطفال من تغير القوانين المفاجئ وقلة الأنظمة، حيث لم يعد المنزل مكانًا لمشاهدة التلفاز واللعب على الجهاز اللوحي فحسب، بل أصبح أيضًا المكان الذي يحدث فيه التدريس وبسبب ذلك يواجه الأطفال توقعات جديدة:
«المنزل هو المكان الذي يمكنك الاسترخاء والاستمتاع فيه.» ، كما قالت جونز.
وأضافت أن تعليم الحروف الأبجدية والأرقام والأشكال والألوان في مرحلة التمهيدي، يؤسس لتعليم المزيد من المهارات الأساسية مثل كيفية الجلوس والاستماع إلى المعلم دون لمس بعضنا البعض. قالت جونز: «إنها كل تلك المهارات الأخرى في الفصول الدراسية التي يحتاجون إليها لتعلم الحروف الأبجدية بنجاح»
وقالت إن بعض الأطفال الذين يعانون من مشاكل خاصة، يمكن أن يخلقوا مشكلة معينة أثناء الوباء في حال رفضهم لارتداء الكمامة إما بسبب مشاكل حسية أو بسبب سلوكيات تخريبية أو عدوانية.
سألت: « كيف تخفف من ذلك؟» أنا لا أعرف ولا أعلم إن كان هناك أي إجابة ولكن هذه المشاكل حقيقية وكانت تلك إجابتها.
فوائد التعلم عن بعد
يبقى المنزل من نواحٍ عديدة بيئة التعلم الطبيعية للأطفال في سن الروضة بغض النظر عما ذُكر مُسبقًا، كما قالت جونز
وقالت أيضا إن التعلم عن بُعد ساعد في سد الفجوة بين المدرسة والمنزل، حيث يُطبُّق الأطفال ما تعلموه في المدرسة على المنزل أكثر من الماضي.
قالت سينزا: استفاد بعض الأطفال من التعلم عن بُعد، مثل الطلاب السمعيين (حيث يمكنهم مشاهدة الدروس مرة أخرى وفقًا لسرعتهم الخاصة)، والبصريين، والطلاب الذي يتشتت انتباههم بسهولة بسبب أقرانهم في الصف.
قال لوبيز ويليامز: ربما يكون الوباء قد خلق فكرة جديدة، تساعد الناس على قبول أن البشر لا يمكنهم التحكم في كل شيء. وقال: «لقد أدى ذلك إلى إبطاء الأمور قليلاً بالنسبة لنا فأطفالي، الذين في يوم دراسي عادي، يذهبون إلى المدرسة، ويعودون إلى المنزل، وربما يتحدثون مع بعضهم البعض قليلاً، أصبحوا على توافق أكثر هذه الأيام.»
التزام الوالدين
تتمثل إحدى الصعوبات في التعلم عن بُعد، في أن أولياء الأمور قد أُجبروا على التدخل في تعلم أبنائهم، ومساعدتهم بغض النظر عن جدول أعمالهم، أو التزامهم برعاية أبنائهم الأخرين أو اختلاف مستواهم التعليمي.
قال لوبيز وليامز: إن الاعتماد على الوالدين يكون صعب، خاصةً عندما يكون لدى الطلاب احتياجات خاصة لأن الوالدين، إما من خلال الوراثة أو من خلال ضغوط رعاية طفل ذي الاحتياجات خاصة، فعلى الأغلب ستكون لديهم مشكلتهم الخاصة.
قال: «الآن يُوضع هذا الضغط على ذلك الوالد، ليكون نقطة التأثير الرئيسية في تعليم ذلك الطفل.»
قالت سينزا: إن على جميع الآباء التأكد من بقاء الأطفال نشيطين ومشاركين في عالم خالٍ من المدرسة أو الأنشطة اللامنهجية، وقالت إنه بدون هذه المشاركة الأبوية الإضافية، سيكون الأطفال أقل إنجازًا للأمور.
قالت جونز: إنه مع حصول الآباء على مزيد من التعليمات حول كيفية رعاية أطفال ما قبل المدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة في المنزل، فقد شعروا بمزيد من التمكين لأنهم يفهمون بشكل أفضل كيفية مساعدة أطفالهم.
قالت: «الآن، لديهم فكرة أفضل عما نقوم به طوال اليوم.»
على المدى البعيد
تتمنى الإدارات زيادة الوقت داخل الفصل الدراسي لمزيد من الطلاب، ومع ذلك قالت سينزا إن الجميع بحاجة إلى مراقبة الأطفال.
قالت: «أعتقد أنه مجرد التأكد من أن المعلمين وأولياء الأمور والإداريين يدركون أن الأطفال وحياتهم وكل شيء سيبدو مختلفًا عنهم». «وبالنسبة لهم، كلما زادت القواعد والتوقعات التي نضعها عليهم (فيما يتعلق بـفيروس كورونا)، زادت احتمالية ظهور التحديات السلوكية.»
قالت: إن البالغين بحاجة إلى التصديق بأن الأطفال قلقون وخائفون ومنزعجون وأن يهيئوا لهم وسائل الراحة. ويأمل ويليامز أن يرى خططًا لتعويض الوقت والفرص التي فقدها الأطفال- خاصة ذوي الاحتياجات الخاصة.
قال «لا يمكنك اختلاق هذا». تقل فرص مساعدتهم طالما استمر إجبارهم على التعلم عن بعد أو حتى بيئة التعلم عن بعد بدوام جزئي. وأضاف « سنرى آثار التعليم عن بعد حتى بعد عقدٍ من الآن.»
أحدث التعليقات