لماذا يجب عليك أن تمارس الفشل؟

ترجمة بتصرّف لمقال: (Why You Should Practice Failure by Farnem street)
مصدر الصورة: Unsplash

ترجمة: نورة آل عصفور

تدقيق ومراجعة: بشاير خالد @bashayermlk



نتعلم دروساً قيّمةً عندما نفشل ونسقط، ولكن الكثير منا ينتظرون هذا الفشل أن يأتيهم بدلًا من أن يفتشوا عنه بأنفسهم. نعم، ارتكاب الأخطاء عنوة يُكسبنا خبرةً تعيننا على تخطّي العقبات في المستقبل.

 

عندما نفشل، لا تعلمنا أخطاءنا ما يجب علينا فعله، بل تعلمنا مالا يجب فعله.

 

الفشل هو نتيجة ثانوية لمحاولة النجاح، فنحن نبحث، ونخطط، ونجمع المكونات المهمة للنجاح، ونحاول خلطها معًا، إلّا أن الأمور غالبًا لا تسير كما نتمنى؛ ولكن إن كنا بالذكاء الكافي، سوف نتأمل فيما حدث، وندون الملاحظات عما يجب تحسينه في المرات القادمة.

 

ولكن كم منا من يتعمد الخطأ؟ وكم مرة تعمّدنا أن نفشل حتى نتعلم؟

 

إن أردنا تجنّب الأخطاء المكلفة مستقبلاً حين يكون الرهان عالياً، يجب علينا أن نقترف بعضها الآن حتى نتأهل.

 

***

إن الفشل المتعمد أو (ممارسة الفشل) أمرٌ شائع بين الطيارين، ففي عام ١٩٣٨ أي في بداية عصر الطيران، وصفت أيميليا إيرهارت قيمة التعلّم عبر الأخطاء المتعمّدة لكل الطيارين في سيرتها الذاتية (The Fun of It متعة الشيء): «إن الحركات الأساسية الّتي تُدرّس للطلاب هي: الهبوط، والسقوط، والدوران» وأضافت: «معرفة بعض هذه الحركات ضرورة لطيرانٍ جيد. ولكن إذا لم يتفاد الطيار سقوطاً وشيكاً، لا يمكنه أن يعرف بدقة ما تنطوي عليه تلك الأفعال. يجب عليه أن يكون ملّماً بكل موقف غير طبيعي قد تمر به مركبته، حتى يتفاداه مستقبلاً دون الحاجة للتفكير.»

 

يتقن الطيارون المناورات البهلوانية من خلال الممارسة.  يرتفع الطيّار بالطائرة، ثم يغيّر زاوية الجناح ليسقط الطائرة عمدًا على سبيل المثال. يستعد لها بتعلّم ماهية السقوط، والمتغيرات الحرجة الّتي يجب أن ينتبه لها، وكيف يتعامل الطيارون الآخرون مع أعطال الطائرة. بعدها يحلق الطيار عالياً ويطبّق ماتعلمه. ما يبدو لك سهلًا وواضحًا وأنت على الأرض، لا يمكنك ضمان استحضاره تحت أبسط الضغوط وحين تتأرجح طائرتك وتفقد السيطرة على ارتفاع ١٠٠٠٠ قدم. إذًا فإن تعمّد الخطأ وإسقاط الطائرة وأنت على أتم الاستعداد للتعامل معها، يهيؤك جيدًا ويعطيك الخبرة لأفضل استجابة حين تفقد السيطرة.

 

من الأمور التي تقلق أي طيار، هي المرة الأولى التي تتوقف فيها الطائرة فجأةً في منتصف الرحلة، ولكن من قد تدرّب منهم على هذه المواقف فإنه سيتصرف بالشكل الصحيح، وكما قالت إيرهارت: «قد تعتمد حياة المرء، سوءًا على الأرض أو في السماء، على جزءٍ من الثانية» وأضافت: «قد تكون الاستجابة البطيئة ناتجةً عن الانشغال بإنجاز مجموعة من المتطلبات في ظرف معين، نادرا ما، وإن وجدت، هي العامل الحاسم.» 

لا تريد لطائرتك أن تتعطل لأول مرة في الليل وفي جوٍ عاصف وعائلتك في المقصورة. لذلك يفضل أن تختبر الاعطال في ظروف مختلفة، وبتعمّدها، وهكذا عندما تواجه عطلاً فجأة، يمكن لردود أفعالك أن تسترشد بالتجربة الناجحة، وليس الذعر. 

 

سابقًا، قدمت إيرهارت نصيحة بقولها أن الكثير من المشاكل يمكن حلّها على الورق «كل تجربةٍ محسوبة وتظهر جليةً حين لا تملك وقتاً للتفكير، فالطيار الذي لم يسقط الطائرة عمداً من قبل ستكون قدرته على تحديد الوقت والمسافة التي يحتاجها للسيطرة على الطائرة أقل من الطيار الذي جرب السقوط». 

 

إذا جرّبت الفشل بين الحين والآخر فإنك تزيد من مرونتك وقدرتك على التكيف مع عقبات الحياة التي تواجهك، ولن تتغلب على كل التحديات مهما تحضرت لها طبعاً، وقصة إيرهارت خيرٌ مثالٍ على ذلك، ولكن ممارسة الخطأ بتعمده للتعلم منه، أحد الطرق التي تعطينا خياراً حين يتعطل محركنا المجازي في منتصف الرحلة. 

 

إذا لم نمارس الفشل، فلن نستطيع التحليق إلّا في سماءٍ صافية.

 

 

المصدر

تمت الترجمة والنشر بإذن من الموقع

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف