تطبيق التفكير التصميمي على حياتك

ترجمة بتصرف لمقال: (Applying Design Thinking to Your Life by Carlye Lauff)

ترجمة: هيفاء سعد

تدقيق: عهود خوج

مُراجعة: فاطمة آل عسك

«قبل كل شيء، تصوّر الحياة كنموذج مبدئي. نستطيع فيها إجراء التجارب، والاكتشاف، وتغيير وجهة نظرنا…»

–تيم براون، المدير التنفيذي لآي دي إي أو (Tim Brown, CEO of IDEO)

. . .

عندما قرأتُ هذا الاقتباس، اتضح لي أن حياة كل واحد منّا عبارة عن مشكلة معقدة وفوضوية جاهزة للحل. لماذا لا نستخدم مبادئ التفكير التصميمي لمساعدتنا على اكتشاف شغفنا أو مهنِنا؟ أُفضل أن اُصمم -باستمرار- نموذجًا مبدئيًا واختبره وأُكرر النتائج لحياتي الآن بدلًا من أن أتحسر بعد خمسين سنة بأني لم أجرب أن أكون معلمة يوغا، أو كاتبة، أو مصممة ألعاب.

إن كان التفكير التصميمي قادر على تغيير منظمات وإنتاج اختراعات فمن المؤكد بأنه سيساعدنا نحن البشر على خلق حياة مُرضية وذات معنى، وهذه الفلسفة، والطريقة متاحة للجميع بغض النظر عن عمره، أو وظيفته، أو حالته الراهنة. التفكير التصميمي يساعدك على كشف ما يجب عليك تجربته في المرحلة التالية، والجزء الأفضل هو أنك إن فشلت الآن أو لم تحب التجربة فإنك فشلت الآن ومستقبلًا. إذًا ذلك يعني أن أحد الخيارات التي تُشغلك قد شُطبت، وتحركت باتجاه اكتشاف ما سيجعلك سعيدًا على المدى البعيد.

  • أنا على وشك التخرج بدرجة الدكتوراة في نظرية ومنهجية التصميم، ولأنِّي الآن عند مفترق طرق؛ فأنا مجبرة على العودة لأسلوب «صممي حياتك»، وعلي أن أقرر ما سأفعله تاليًا: أكاديمية؟ مستشارة تصميم؟ لاعبة سيرك؟ أم مُعِدة قهوة؟ الكثير منّا يمر بهذه المرحلة، سواءً كان على وشك التخرج، أو غير سعيد، أوغير متحفز لوظيفته الحالية. إذا كنت الآن تقول لنفسك: «أتسائل ماذا سيكون شعوري لو كنت فنان»، أو «حلم طفولتي أن أكون موسيقي»، أو «أكره عملي لكنّي أخشى أن أهدر شهادتي العلمية»، إذًا أنا أتحداك أن تنضم إلي في رحلة لتطبيق التفكير التصميمي على حياتك، سعيًا لخلق حياة مُبهجة وجيدة.

. . .

التفكير التصميمي هو فلسفة إدارة الابتكار وله خمسة خطوات أساسية لحل المشكلات المعقدة: التعاطف والتحديد والتخيل والنمذجة المبدئية والاختبار.

عملية التفكير التصميمي من ستانفورد دي. سكول

  1. التعاطف: الخطوة الأولى لتصميم حياتك هي أن تنظر لنفسك نظرة نقدية. إنك بحاجة لأن تعرف أين تقف الآن: مهنيًا، وذهنيًا، وجسديًا، واجتماعيًا،  لترى بعدها إلى أين ستتجه. عليك أن تسأل نفسك بعض الأسئلة الصعبة، مثل: متى آخر مرة شعرت فيها بأنك سعيد؟ ما الذي يجعلك تبتسم وتضحك؟ ما الذي تتمنى ألّا تكرره؟ يجب أن تحفر عميقًا بداخلك وتقيم تجاربك، وأعمالك، وعلاقاتك، وأنشطتك غير الروتينية. انتبه من التفكير غير العملي !  لا تعلق في نصائح الوظائف القديمة، مثل «ما هو شغفك؟»، غالبًا لا يتكون لديك شغف لشيء ما حتى تتوفر لديك التجربة الحياتية!
  2. حدد: الخطوة التالية هي أن تحدد ما الذي ترغب به كنتاج لحياتك. سوف تستطيع إيصال النقاط ببعضها وترى طريقك نحو الانطلاق عندما تعرف نفسك بشكل نقدي: ما الذي تفعله؟ ومن أنت؟ وما الذي تؤمن به ؟ اعمل قائمة بالأشياء التي ترغب أن تكون جزء من حياتك، وفكر بها كمكونات للنجاح -ستساعدك على الغالب-. جزء من هذه المرحلة هو إعادة الصياغة، واحدة من أكثر الأدوات المفضلة لي كمصممة. سوف تقلب التفكير والاعتقادات التقليدية على عقبها بالاعتماد على مرحلة التعاطف التي سبق أن عملتها . ولا تعلق في محاولة حل «مشكلات الجاذبية» الأشياء التي لا تستطيع تغييرها، بدلًا من أن تلوم الجاذبية على جعل صعود التلة بالدراجة أصعب، أعِد صياغة هذا التحدي لكيف اصنع دراجة أخف؟ أو اِنسَ أمر الدراجات بالكامل، وفكر بسبل أخرى للتنقل مثل حزام طيران شخصي (خيار ممكن في وقتنا الحالي).

تخيّل: هنا يأتي المرح! ستتخيل خمسة أو عشرة سيناريوهات مختلفة لحياتك. ابدأ بثلاث خيارات، من التقليدي جدًا وما يتناسب مع خلفيتك إلى الذي ستقوم به إن لم يكن المال عامل مهم، أو إن لم تكن تهتم بما يقوله الآخرون عنك (هذه مشكلة مختلفة كليًا لا يسمح المجال لذكرها). انتبه من كثرة الخيارات! فقد أثبتت الأبحاث أنها تسبب حمل في اتخاذ القرار، وهو ما ينتج عنه تعاسة ملحوظة نتيجة لـ «ماذا لو…؟» أو عقلية الفومو (FOMO) (الخوف من التفويت).

  1. النمذجة المبدئية: الآن تستطيع أن تنمذج هذه الحيوات المستقبلية. كيف سيبدو النموذج المصغر من حياتك؟ حسنًا، قد تكون محادثات ومقابلات أو تقمّص أدوار أو خبرة طويلة أو قصيرة المدى. إذا كنت تود أن تصبح لاعب سيرك، من الأفضل أن تتحدث مع بعض ممارسي المهنة لتتعلم مداخل ومخارج الوظيفة والسوق. قد لا تكون بالروعة التي تخيلتها، وقد تدرك بأن بعض الجوانب أفضل مما توقعت. المحادثات سهلة ومجانية، لذا احظ بقدر ما تستطيع منها! لتأخذ نموذج حياتك المصغّر خطوة أقرب، قد تتقمّص دور أو تسجل في دورات قصيرة. إذا كنت تريد أن تكون خبّازًا، يجب أن تجرب حصص طبخ الحلويات لترى إن كنت تستمتع به في الحياة الواقعية أم بمشاهدة قناة «شبكة الطعام» ولعابك يسيل.
  2. الاختبار (والتكرار): تذكر أن كلًا من هذه النماذج -سواءً كانت محادثات أم تجارب- لا بد أن تطبق في الواقع! لا يمكنك أن تجلس وتفكر كيف ستكون هذه الوظائف؟ عليك أن تنظر بشكل مباشر، إذا لم تفضل هذه التجارب، عُد للمرحلة الأولى وأبدأ من جديد. التصميم والحياة ليستا عمليتين محدودتين. من النادر أن تجد الوظيفة المثالية بعد المقابلة الأولى. بدلًا من هذا خذ وقتك للتمعّن في تجاربك ووثق ما أحببته وما لم تحبه. هذا قد يساعدك في إعادة صياغة بعض أهداف حياتك وأنت تمضي قدمًا.

الحياة ليست محدودة، ولا توجد نتيجة مثالية لها. هناك نسخ عديدة للحياة الأفضل لكل واحد منّا. كل الأمر يدور حول وجهة النظر وأن تكون واثقًا من أنك جربت الخيارات القليلة والمختلفة التي قد تكون خيارك الثاني. التفكير التصميمي أداة مساعدة يمكن لأي شخص أن يستخدمها لتقييم حياته وسعادته. إن كنت لست سعيدًا، افعل شيئًا حيال الأمر. كن فضوليًا وانحاز لاتخاذ المواقف وأعدك بأن التحول الذي سيطرأ على حياتك لن يخذلك.

كما يقول بيل برنت (Bill Burnett): «ببساطة كن فضوليًا وتحدث مع الناس وجرب».

إذا كنت مهتمًا في تعلم المزيد عن تصميم حياتك، فأنا أنصحك بشدة أن تقرأ «تصميم حياتك: كيف تبني حياة هنيئة وسعيدة» لبيل برنت (Bill Burnett) وديڤ ايڤانز (Dave Evans) وأن تشاهد المقطع التالي:

حديث بيل بيرنت عام 2017 حول تصميم حياتك

أنا لست مدربة حياة ولم أرتب حياتي بشكل كامل حتى الآن. أنا ببساطة مصممة تحاول أن تستخدم هذه الفلسفة وتتحدى نفسها بأن تفكر خارج الصندوق وتتخيل كل الحيوات الممكنة التي قد تعيشها! أرجو أن تنضموا لي في هذا المسعى.

المصدر

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *