أسوأ يوم في حياتي: كيف أدانني بدء مشروعي الخاص بـ ۹٧,٤٥۲.۹۸$
كيف كلفتني مطاردة حلمِ تغيير عالم الموسيقى للأفضل كلَّ ما أملك
كتابة: كيلّي بيرتوغ
ترجمة: هاشم الهاشم، رهام المجاهد
تدقيق: داليا شافعي
مراجعة نهائية: ندى محمد
ومع السيجارة التاسعة، نفد النبيذ.
في خضمّ الانتشاء، واتتني فكرة الذهاب لشراء قنينة نبيذ أخرى. لكنّي كنت منتشيًا لدرجة تمنعني من قيادة السيارة، ومحل النبيذ القريب مني مغلق الآن بلا أدنى شك. «إييه، من المحتمل أن يكون ذلك أفضل…» قلت لنفسي – نوبة سُكر كبيرة لن تجعل الغد أسهل على كل حال.مكتنفٌ بسجائر البارلمنت لبقيّة الليلة، جلست من دون حراك على أرضية شقتي التي لا أدخن فيها عادةً، أنفث دخان السجائر محاولًا تحديد الكيفية التي سارت بها الأمور على نحو خاطئ.
هل سبب هذا الانعزال، هو الشفقة على النفس؟
شركتي تسببت بإفلاسي!
بعد شهور وشهور من التوسّل والاقتراض والتفكير بأمر خبيث (السرقة)، تومض صفحة مصرف أمريكا (Bank of America) على شاشة الكمبيوتر المحمول : ۳,۱ دولار.
وبصراحة، ثلاث دولارات كانت لتبدو كالثروة بالنسبة لي في الوضع الراهن. فَالحقيقة أن صافي ثروتي ارتفع إلى حد الآن بشكل طفيف للخط الأحمر. لدرجة أن الشيء الوحيد الذي يمكنني التفكير بفعله مع العشرين دولار الأخيرة في محفظتي هو شراء قنينة نبيذ رخيصة بالإضافة إلى أول باكيت سجائر في حياتي.
في خضمّ تدخيني لسجائر البارلمنت في منتصف غرفة المعيشة، انتابني إحساس غريب بالسكون. فبعد قضاء كل لحظة استيقاظ في الشهور القليلة المنصرمة مُكبّلًا بالقلق والخوف، محاولًا الإبقاء على شركتي في طور العمل، أخيرًا عرفت، كقبطانٍ مستسلم لغرق السفينة، أن الانتظار هو كل ما أستطيع فعله الآن…
سفينتي الغارقة؟
كنت مُدانًا بـ ۹٧,٤٥۲.۹۸ دولار.
الفكرة
قبل 18 شهرًا، بدأ الكابوس.
وافقت على عزف القيثارة، لوقت قصير نسبيًا، في إحدى حفلات الزواج. لكن المشكلة كانت: أنّي تخليت عن قيثارتي قبل ذلك بعام. ولم أكن مهتمًا بصرف آلاف أو حتى مئات الدولارات لشراء قيثارة جديدة للعزف مرة واحدة في مراسم الزفاف، فاتصلت ببعض محلات التأجير علّني استأجِر واحدةً لمدة يومين. اتصال بعد اتصال، وجدت بعض الخيارات لقيثارات رديئة، أسعار تأجير يومية مرتفعة، ومحلّان أعلناها صريحة في وجهي «لا – نحن لا نؤجر لعازفين مستقلّين.»
مشكورًا، أنقذني أحد الأصدقاء بسماحه لي باستئجار قيثارته من نوع التايلور لحفل الزفاف، لكن مجمل التجربة خلّف شعورًا سيئًا في نفسي. «لماذا يجب أن نواجه صعابًا عديدة للحصول على معدات بجودة عالية؟» كل عازفي القيثارة حول العالم يتكبدون عناء الذهاب لمحلات الموسيقى من أجل العزف لعدة ساعات فقط!
ماذا لو استطاعوا أخذ القيثارات لمنازلهم كي يتمتعوا بحرية أكبر؟ بينما يتجه العالم بزخم كبير إلى الابتعاد عن الشراء بحق الملكية الكاملة لأشياء كالسيارات والموسيقى والأفلام وأكثر، يُطْرَح التساؤل التالي: هل أنت فعلاً بحاجة لامتلاك أدواتك الموسيقية؟
تمّت زراعة البذرة…
تعلُّم الطيران
بعد عدة شهور، وجدت نفسي جالسًا في السيارة لمدة ثلاث ساعات في ذروة الازدحام المروري بشيكاغو، منتظرًا الانعطاف نحو اليسار. في خضّم تلك المعاناة، أُذيعت أغنية «على طول برج المراقبة» (غناء جيمي هندريكس، بالطبع). وكانت هذه هي المرة الأولى التي أستمع فيها للأغنية خلال قيادة السيارة منذ مدة طويلة، ولم أملك إلّا أن أُغرم مجددًا بعزف هندريكس المنفرد على القيثارة، كما أُغرمت بها عندما استمعت لها لأول مرة وأنا بعمر الثانية عشرة.
خلال المقطع الأخير للمعزوفة المنفردة، ومن دون سابق إنذار، أحسست بأني أُصبت بصاعقة رعدية. وفورًا وعلى عجالة، فاضت على عقلي كلّ الأفكار التي واتتني سابقًا بشأن الحصول على المعدات الموسيقية – لكن الأمر المختلف هذه المرة هو أّني لم استطع كبحها. توقفت عند متجر أوفيس ديبوت (شركة بيع بالتجزئة للمكاتب في الولايات المتحدة) لأشتري مفكّرة كبيرة وبعض الأقلام، فقضيت الأسابيع التالية مٌخططًا بعض الأفكار للمشروع.
من الممكن الحصول على معدات بشكل أفضل – كنت على علم بذلك. وأنا من كان سيفعلها.
مستعدٌّ للانطلاق
لم تكن الشهور الأربع الأولى واضحة المعالم. لكن وبعد انتهاء فترة التخطيط والبناء الفوضوية، وُلِدَ مفاتيح+أوتار (Switches&strings)، ولم يكن هناك للتراجع…

عنونّا خانة الوصف بـ: موسيقاك. شروطك. – وعرّفناها بكل بساطة بـ: «كالحصول على مكتبة مخصصة للقيثارات». بشكل شبيه بالأفلام والمسلسلات على شبكة نيتفليكس، وبرسوم اشتراك شهرية، سيتمكن المشتركون من تسجيل الدخول إلى حساباتهم، واستعراض مئات القطع من الأدوات الموسيقية، بالإضافة إلى تحديد موعد لتوصيل الطلب، والحصول بالتالي على الآلات التي تم طلبها محمولة إلى عتبات بيوتهم.

وبفضل بعض المساعدة من قِبل عدد من الجرائد المحلية التي ذَكرت الموقع في صفحاتها، بالإضافة لقليل من الحديث المتداول بين العوام عن القيثارات وأنواع الطبقات الصوتية، كان الإقبال على الموقع سريعًا كالطلقة. تكمن المشكلة الوحيدة في أنّ تحويل هؤلاء الزوار إلى أعضاء في الموقع سار على نحو أبطأ من المتوقع، لكنّي لم أولِ الأمر اهتمامًا بالغًا. كنت على علم بأنّي سوف أنجح.
خلال الأشهر القليلة التالية شاركت في عدد من المحافل القريبة من شيكاغو، وكانت تلك المرة الأولى التي أقابل فيها عملاء محتملين وجهًا لوجه. وعند شرحي للفكرة، اتضح لهم مفهوم الموقع بشكل سريع. فارتفع عدد العضويات، حتى وصلتُ لمرحلة تسجيل عدّة عضويات في كل يوم. وبالتالي شراء المزيد من المعدات وقضاء ليالٍ عديدة في توصيل الطلبات. وفي أيام ذروة العمل، سجلتُ أعضاءً لمدة ۲٥ ساعة وقطعتُ ٥۰۰ ميل في الأسبوع في سيارة التوصيل – إضافة إلى ذلك، تلاشت رغبتي في توظيف سائق توصيل، والتركيز على صرف كل دولار زائد لشراء معدات جديدة.

كنتُ مرهقًا، متحمسًا، ولم أركز على شيء سوى ازدهار العمل. ما الذي دفعني للمضي نحو حافة الجنون؟ الإجابة ببساطة: ردود الفعل التي كنت أتلقاها.
«لقد أوصيتُ بمفاتيح وأوتار لكل الأشخاص الذين أعرفهم وسأواصل فعل ذلك. أنتم مذهلون!»
«اصنع معروفًا لنفسك، فلو كنتَ تفكر بتجربة خدمات هؤلاء الأشخاص، فعليك بفعلها!»
«إنها فكرة رائعة لكل من يريد العزف واستخدام عدّة قيثارات، إيقاعات، سمّاعات، دوّاسات وميكروفونات لكنه لا يستطيع أو لا يريد صرف مبلغ كبير من النقود لشراء المعدّات كاملة.»
لسوء الحظ، فردود الفعل الإيجابية لن تتمكن من سداد الفواتير.
الخروج عن المسار
عند حلول خريف عام ۲۰۱٥، أصبح المال بالتأكيد مصدرًا للقلق. عندما حاولت بكامل استطاعتي إبقاء معدل الصرف المنخفض على ما هو عليه، كان معدّل الصرف الشهري ما يزال مرتفعًا.
صِغر سنّي وجهلي، جعل الأمور أسوأ. عدة سنوات فقط كانت قد انقضت منذ تخرجي من الجامعة، وكان مصدر خبرتي الوحيدة في ريادة الأعمال هو عائلتي، والتي أنجبت بكل فخر عدّة أجيال متميزة من روادِ المشاريع الصغيرة. وعندما لجأت لهؤلاء الأشخاص لأخذ النصيحة، أسمَعوني الكلام نفسه مرة بعد مرة: تدفق الأرباح هو الأهم، رَكِز على عملاء يجلبون الربح، لا تتخلى عن الإنصاف والالتزام بالمبادئ، احصل على حد ائتماني لسد الفجوات الناتجة عن الدائنين والمدينين، إلخ.
كل النصائح الفعّالة… للمشاريع الصغيرة. لكن الشيء الذي فشلت في استيعابه حينها هو كوني أسأل الأشخاص الخطأ عن إجابات لأسئلة خاطئة. اتضح لي في وقت لاحق، أن تلك الأسئلة والنصائح كانت كتعلّم طريقة تغيير زيت سيارات تويوتا ومن ثم الاعتقاد بأنك مؤهل لتغيير زيت سيارات سباقات الفورمولا وان. كلتيهما سيارات بالطبع، لكن الاختلاف بينهما جذري.
كان ذلك قبل سنوات من معرفتي بأي شيء عن السيليكون فالي، رأس مال المَخاطر، معيار بيتلز (blitzscaling)، والعديد من الأشياء التي تُعجّل نمو الشركات الصغيرة باختلاف كبير عن أي نوع آخر من الأعمال والمشاريع. هل كنت أعلم حينها يا تُرى أن بإمكان الفرد فعليًا البدئ بشركة عامة دون تحقيق أي ربح! لربما شجعني ذلك بشكل أكبر. لكن ومن النقطة التي كنت واقفًا عندها، لم تكن شركتي تدرُّ الأرباح – وذلك يعني أنني كنت أفشل.
بالاعتماد الكامل على مدخراتي الشخصية و خط ائتمان تجاري ومحفظة مليئة بالبطاقات الائتمانية، تقدمت وتطورت بكل ما أمكنني. لكن الأمور كانت تَسوء…بسرعة.
كنت أجني آلاف الدولارات كل شهر من رسوم العضويات، لكن ذلك لم يُضاهي ما استثمرته من رأس مال ضخم. ومثل أي مالك أحمقٍ لشركة ناشئة صغيرة، كنت أيضًا أستخدم كل قرش من حسابي الشخصي للمساعدة في تمويل هذا المشروع. علمت أنها خطوة خطيرة، لكن كمقامرٍ عاثر الحظ، لم أستطع عمل شيءٍ عدا المغامرة في ظل تحول الأمور للأسوأ.
لو أنّي فقط أستطيع الوصول إلى عدد معين من الأعضاء. لو أتمكن من جعل الأشخاص المناسبين يلاحظون المشروع. لو قدرت الانتظار لفترة أطول قليلًا، لكانت الأمور ستمضي على ما يرام…
وبكل حُسن نية، تكمن المشكلة مع عبارة «كل شيء سينجح» أن فشلك في ربطها بخطة محكمة، ستُفْقِدَك السيطرة على النتائج. وعندما تفقد السيطرة على النتائج، لن تجري الأمور على النحو المأمول.
حلّ نوفمبر، ولم تكن الأمور تجري على النحو الذي كنت أتمناه. وصولاً إلى هذه اللحظة، كنت استاء عند وصول أي إشعار يعلمنا بأن عضوًا جديدًا سجل في الموقع، لعلمي بأن تكلفة الخدمة لهذا العضو تفوق بكثير ما يمكننا إنفاقه. ومع فشلي في إدراك أن الاستثمار الخارجي كان الوسيلة الوحيدة التي ستمكّن المشروع من البقاء على قيد الحياة، كنت ميتًّا، غارقًا في عتمة المحيط.
بات مشروعي كبيتٍ من ورق. بيتٌ على وشك الانهيار.
الثالث من نوفمبر، ۲۰۱٥
لدي ۳,۱۲ دولار في حسابي المصرفي، قضيت اليوم الثالث من نوفمبر في البحث عن قوارب نجاة لحياتي المالية.
وعند هذه النقطة، جمعت مجموعة متنوعة من الأدوات والمعازف للحفاظ على الأضواء. أتعرفُ هذه العروض المزعجة، لبطاقات الائتمان بنسبة فائدة 0 ٪ والتي تعاملها كالبريد غير المرغوب فيه؟ كانت هي مصدر رزقي. فكل بطاقة ائتمان جديدة تتيح لي تحويل رصيد من أجل الفوائد المرتفعة التي تستنزفني. هل تحتاج إلى شيك للإيجار؟ سلفة نقدية ببطاقة الائتمان عند ۲٧.۲٤% للإنقاذ. معدات جديدة لخدمة الأعضاء الجدد؟ بالطبع، سيد (بانكر)، أنا سعيد لاستخدام سيارتي كضمانة لتوسعة رصيدي!
أبقاني هذا النظام (نظام سرقة زيدٍ للدفع لعُبيد) على قيد الحياة لعدة أشهر، في الثالث من نوفمبر كانت نهاية تلك العجلة. في البداية كان البنك التجاري والذي رفض أي تمديد آخر للإئتمان باستثناء وجود ضمانات إضافية (التي لم يكن لدي أي منها). ثم أغلق بنك أوف أمريكا بطاقتيّ الائتمان الشخصيتين،كوني تجاوزت حد الائتمان الخاص بي فيهما. ورغبة في تخفيف الضغط واستعادة هذه البطاقات، قضيتُ ساعات في ذلك اليوم في التقدم بطلب للحصول على بطاقة ائتمان جديدة: لكن ولأول مرة رُفضت في كل واحدة.
قلت كلمة: عملي كان رهانًا خاسرًا. وكان الناس يتطلعون إلى صرف أموالهم… إلى ما يصل لـ ۹٧,٤٥۲.۹۸ دولار.
على ما يبدو، لم يتبق إليّ مكان ألجأ إليه للمساعدة، أشعلت سيجارة وأجريت المكالمة: حان الوقت لإغلاق شركتي الناشئة.
الآثار الناجمة
استغرق الأمر مني أكثر من عام لإغلاق الأبواب تمامًا على مفاتيح+أوتار. أول شهرٍ كان الأكثر جنونًا. إعلان عملائنا بقرار إنهاء خدماتنا، وجمع مئات من المعدات في أنحاء شيكاغو، تنظيم مالي المأزوم ووضع برنامج للدفع. كان هناك الكثير للقيام به. بالإضافة إلى الوظائف المتفرقة التي بدأت العمل بها على الفور لتوفير حاجتي الملحة من الغذاء والإيجار.
بعد انقضاء الـ ٣٠ يومًا الأولى، خُصِصَت كل ليلة وعطلة نهاية الأسبوع تقريبًا لتصفية أصول معداتي.
مُسلحًا بمسدس شرائط ومجموعة من الصناديق ولفائف الفقاعات الممتدة إلى السقف، قضيت ساعات وساعات في حزم القيثارات، البايس والأمبير والتي بيعت مقابل سعر زهيد للموسيقيين في جميع أنحاء البلاد … مَثَّلَ كل صندوق، قطعة صغيرة من حلمي الذي كنت أتخلّى عنه.

حمداً لله ،كان كل شي على مايرام ، تمكنت من دفع ما يقرب نصف ديني ببيع هذه المعدات، ماذا عن البقية؟ حسنًا، لديّ قرار صعب…
ورغم مداعبة فكرة إعلان الإفلاس لفترة وجيزة، إلا أنني في النهاية لم أستطع تَقْبُل اتخاذ هذا المسار. بنيتُ هرم الديون حجر بحجر من خلال التفاؤل المفرط، والجهل، وبعض المخاطر المتهورة. وإذا لم أهدمه بكلتا يديّ، فسأسرق من نفسي أهم ما يمكن استخلاصه من هذه التجربة كلّها: أعظم فرصة للتعلم في حياتي.
كنت بحاجة إلى الشعور بألم فشلي بالكامل كي أنمو. لذا اخترت بدلاً من ذلك المُضي قدمًا في برنامج دفع شهري يمتد على مدى أربع سنوات تقريبًا. في الواقع، بحلول أكتوبر ٢٠١٩– بعد ٤٧ شهرًا من إغلاق الأبواب على مشروعي مفاتيح+اوتار- سأسدد ديوني كاملة. أمضيتُ أربع سنوات للاعتراف بأخطائي المالية التي ارتكبتها عندما بدأت عملي الأول.
رغم أن المال سيتم سداده في النهاية، فأنا غير متأكد من مقدرتي على السداد لنفسي بسبب التأثير العاطفي الذي خلّفته هذه الواقعة على حياتي. ولا أستطيع حتى البدء في وصف مدى الدمار الذي أوقعه هذا الفشل. فشلتُ كثيرًا بالتأكيد حتى هذه النقطة، ولكن ليس بهذا المقياس أبدًا. كنتُ واثقًا جدًا من نجاح الأمور، أنني في طريقي لأصبح رجل أعمال موقر، وأن مفاتيح وأوتار ستكون نقطة الانطلاق لإمبراطورية بأكملها. لم أفكر ذات مرة في إمكانية أن لا يفلح مشروعي.
عندما حان الوقت للاعتراف بكوني فشلت، لم أشعر فقط بالتخلي عن حلم. شعرت وكأنني أترك هويتي مع رحيل العمل. شعرتُ فقط… بأنّي أفقد طريقي.
وبدلًا من معالجة فشل مفاتيح+اوتار كحدث فردي، تعاملت معه وكأنه مرض. شيء أمسكت به ولكن لم أتمكن من علاجه. في هذه اللحظة لم استطع التمييز بين ما تعرضت له من فشل وبين كوني فاشِلًا؛ وأدى هذا إلى عدة سنوات من الشك الذاتي والكراهية.
في الواقع، كان من المرجح استمرار حالتي تلك لولا نصيحة أحد أفراد العائلة الحكيمة لمشاركة قصتي مع مستشار نفساني، على الرغم من ترددي في البداية فإن وقتي مع هذه المحترفة هو ما أعاد تقييم طريقتي بالكامل في النظر إلى التجربة. وسمحت لي بإدراك أن حادث الفشل كان في الماضي، منذ عامين.
ساعدتني على رؤية الجانب الإيجابي، وأنني اكتسبت بصيرة نافذة من تجربتي، والتي يمكن أن تعد أساسًا متينًا لمغامرتي الجديدة في ريادة الأعمال. وإلى حدٍ ما حصلتُ على ماجستير إدارة الأعمال في العالم الواقعي.
واتضح أن الفشل الحقيقي الوحيد كان عدم مسامحة نفسي في وقت سابق.
(ملاحظة: بالنسبة لأي شخص يشعر أنه ليس لديه مكان يلجأ إليه، أوصي بشدة بالتحدث إلى محترف. يمكن أن تساعدك هذه المقالة على البدء.)
ما هو قادم
في ليلة ٣ نوفمبر ٢٠١٥ كنتُ غارقًا في الدموع واليأس، وأخذتُ بعض الوقت لكتابة بريد إلكتروني مطول إلى الأصدقاء والعائلة والداعمين. في إطار التحضير لهذه القصة، حفرت هذه الرسالة الإلكترونية حتى أتمكن من إعادة إحياء نفسي كاملة في منتصف أسوأ أيامي.
الحق يقال، لا أعلم إن كان بإمكاني قراءة هذه الرسالة. واستغرقت وقتًا طويلًا لإيقاف نزيف هذا الجرح، وكنتُ قلقًا أن تنكأ قراءته الجرح مجددًا. حمدًا لله، بعد أسبوع من التعذيب، جلست أقرأ من البداية إلى النهاية.
وهل يمكنك أن تتصوّر؟ لم يكن الأمر بالسوء الذي ظننته!
حتى وسط أسوأ يوم في حياتي، كان لدي شعور غريب بالتفاؤل، على الرغم من أنّي لا أتذكر بالتأكيد أي نوعٍ من الشعور بالتفاؤل كان في ذلك المساء، ويتضح في اليوم الذي أعدت فيه النظر إلى كتاباتي. في الواقع، ينتهي المقطع الختامي بنبرة عالية:
كم أود القول أنّي خسرت هذه المعركة بحسابات الفنّ النبيل (الملاكمة) أو تقنيًا – ولكن، ليست تلك هي الحقيقة. كنت قد تلقّيت درسًا قاسيًا. أشبه مايكون بنزال (محمد علي كلاي ضد فورمان). لكن ورغم أنّي ممزق، مكدومٌ،مكسورٌ، ومحطم، فلا شيء أود فعله الآن أكثر من العودة مجددًا للحلبة، من أجل قتالٍ جديد. هذا كل ما شغَل بالي في هذا الأسبوع حرفيًا. وأعتقد أنه مازال بإمكاني سماع الطنين في أذنيّ بفعلِ اللّكمة التي تلقيتها (الكاتب يشبّه نفسه في هذه السطور، بلاعب ملاكمة، تمت هزيمته بشكل شنيع (فريق الترجمة والتدقيق))، لكن مافتئتُ أسأل نفسي «متى ستواتيني الفرصة للقتال مرة أخرى.»
وربما… ربما بعد أن أُخْرِج نفسي من هذه الحفرة، سأصعد مجددًا إلى الحلبة مع عملٍ آخر أو اثنين. فبعد كل شيء، لن يغير العالم نفسه …
أراك في الرحلة القادمة.
من المؤكد أنه بعد عامين تقريبًا من إغلاق مفاتيح+اوتار، بدأتُ الرحلة التالية – وكالة تسويق ورعاية للأحداث تسمى(Silvercra). هذا ليس مفاجئًا فكنت يقظًا للماليات من البداية، وحافظتُ على عملي اليومي. منعتُ ذاتي من استخدام أي بطاقات مالية أو بطاقات ائتمان شخصية لتمويل المشروع، وأخذتُ فقط، العملاء الذين يمكنني خدمتهم بشكل مربح.
ورغم أنّي لست على غلاف شركة فاست (حتى الآن!) ، فقد بدأ هذا النشاط التجاري الجديد في تحقيق ربح جيد … يكفيني للعيش بشكل جيّد. كما سمحت لنفسي بالعمل عن بعد لمدة ستة أشهر بينما سافرت حول العالم مع زوجتي الرائعة.
لن أنسى ليلة الثالث من نوفمبر ٢٠١٥ أبدًا. في ذلك الوقت كنتُ لأفعل أي شيء لتأخذ الأمور منحىً آخر. ولكن الآن، لست متأكدًا. نعم، كانت هذه الأمور عاملًا محفزًا لفترة مؤلمة للغاية في حياتي. لكنها أيضًا قصة أحكيها لنفسي كل يوم. وفي نهاية المطاف، ومع كل الدروس المذهلة التي تعلمتها، لديّ شعور بأن هذه القصة ستنتهي بشكلٍ مبهر.
أحدث التعليقات