كيف تقيس المعنى في الحياة؟

ترجمة بتصرّف لمقال: (How to measure meaning in life)
مصدر الصورة: Unsplash

ترجمة: نورة آل عصفور

تدقيق ومراجعة: أحمد موسى

 

لطالما تكلم الفلاسفة وعلماء النفس عن تعريف الحياة ذات المعنى وعواملها. ما معنى أن تعيش حياةً لها معنى؟ وهل وجود المعنى ضروري للسعادة؟ قد تبدو هذه الأسئلة ميتافيزيقية، إلّا أن حضور المعنى في الحقيقة مرتبط بسواء نفسي أكبر، حتى أن العلماء قد وضعوا طرقًا لقياس المعنى في الحياة.

 

السر لحياة لها معنى

 

بين مدير مركز المعنى والغاية، وأستاذ علم النفس الإرشادي في جامعة ولاية كولورادو، د.مايكل ستيجر أن المعنى: ((يمكّن الناس من تفسير تجربتهم وتنظيمها، وتحصيل الإحساس بقيمتهم ومكانهم، وتحديد ما يهمهم، وتوجيه طاقاتهم بفاعلية. لقد استخدم مصطلح الحياة ذات المعنى لوصف البناء القابع تحت كل هذه الأبعاد، ويشير المعنى في الحياة – في لبه – إلى إيمان الناس بأن حياتهم مهمة وأنهم يتجاوزون الحاضر العابر)).

 

إن فوائد الإحساس المتزايد بمعنى الحياة ليست مجرد فرضيات، فتشير الدراسات أن من يؤمنون بمعنى حياتهم يكونون أسعد وأرضى عن حياتهم وعملهم، وكذلك أكثر سواء، وتحكمًا بحياتهم، وتقل أيضًا التجارب السلبية، والأمراض النفسية كالاكتئاب، والأفكار الانتحارية، وتعاطي المخدرات، واضطرابات ما بعد الصدمة.

 

وإجمالًا، فالأشخاص الذين يرون معنى لحياتهم يبدون أفضل حالًا. كيف إذن نحصل إحساسًا أكبر بمعنى الحياة؟ في تعاريف معنى الحياة – على كثرتها – يبدو اتفاق الباحثين على وجوب أن تكون مفهومة (أن تقدر على منطقة تجاربك)، ومهمة (أن تراها تستحق)، وغائية (أن تملك في حياتك أهدافًا تراها قيّمة). 

 

ووفقا للدكتور مايكل ستيجر، فإن معظم الأبحاث في معنى الحياة تخلص إلى أن العلاقات مصدر أساسي للمعنى، ومعها مصادر أخرى كالتعليم، والطبيعة، والتطلعات المستقبلية، والهوايات، والعمل، تساهم في شعورنا بالمعنى. مع ذلك، فإن أحد أقوى عوامل التنبؤ بقدر معنى حياة الشخص في نظره… هو التذكير بالمصادر القيّمة للمعنى. 

 

بعبارة أخرى، إن الوعي بمصادر معنى حياتك طريقة فاعلة لرفع شعورك بالمعنى. بكلمات د.مايكل ستيجر: ((إن الأشخاص الأوعى – على مدار حياتهم – بما يجعل حياتهم ذات معنى ومن يَلِجون لهذا المحتوى عن قصد وإدراك، ينبغي أن يتمتعوا بمعنى حياة أوفر وأكثر استقرارًا)).

 

حيث أنه غالبًا في النمو الشخصي، يشكل النظر في النفس، والتفكير ما وراء المعرفي، أداتين قويتين يمكنهما إحداث نتائج كبرى. فما هي الطرق العملية التي يمكنك أن تستخدم بها هاتين الأداتين، لزيادة وعيك بمصادر المعنى في حياتك، حتى تتمتع بالفوائد الجمة للشعور العالي بالمعنى؟  

 

قياس المعنى وتعزيزه

 

صدق أو لا تصدق، ثمة العديد من المقاييس العلمية للمعنى كاختبار الغاية من الحياة، ومؤشر مراعاة الحياة، ومقياس الشعور بالتماسك. وإن كان د.مايكل ستيجر محقًا، فإن عملية ملئ هذه القوائم ينبغي أن تساعد في رفع شعور المعنى لديك، لأنه يجعلك واعيًا بمصادره. إن قياس المعنى وتعزيزه وجهان لعملة واحدة. 



إحدى أسهل الطرق وأسرعها هو استبيان معنى الحياة، وهو يقيّم بعدين أساسيين لمعنى الحياة عن طريق عشر عبارات، يُطلب منك تقييمها من 1 (صحيح قطعًا) وحتى 7 (خاطئ قطعًا)

يمكنك تحميل نسخة من الاستبيان (باللغة الإنجليزية) من هنا. لا ينبغي أن تتطلب تعبئته فوق خمس دقائق. 

 

ولكن أمثال هذه القوائم لا تعدو كونها طريقة واحدة للنظر في مقدار معنى حياتك، وبالتالي تعزيز الشعور بالمعنى في الحياة. إليك ثلاث طرق إضافية لعيش حياة أكثر معنى:

 

  • النظر في النفس بانتظام. إمّا بتدوين اليوميات، أو مراجعة أسبوعية، أو مجرد محادثات عميقة مع الأصدقاء، فمن المفيد دائمًا توفير مساحة للنظر في النفس. أي العلاقات أكثرها معنى عندك؟ وهل تضيف وظيفتك اليومية معنى على حياتك أم تطرح منها؟ وما هي التجارب التي تمنحك أكبر شعور بأنك حي؟ لا تنتظره ليحدث من تلقاء نفسه – قولب وقتًا في تقويمك لحماية تلك المساحة، وحول التجربة إلى طقس.

 

  • وضّح تطلعاتك المستقبلية. مع النظر في ماضيك وتجاربك الحاضرة، اسأل نفسك أسئلة مزعجة حول قيمك وأهدافك، ما الخير الذي تريد جلبه إلى العالم؟ ماذا سيكون إرثك؟ طبعًا لن تكون هذه جزءًا من مراجعة يومية أو أسبوعية، ولكن يمكنك إدخالها ضمن مراجعة سنوية أعمق، تحدد فيها أي تضاربات بين قيمك وأفعالك. 

 

  • اقراء كتبًا في معنى الحياة. غالبًا من أشهر الأمثلة هو كتاب فيكتور إي فرانكل: بحث الإنسان عن المعنى، والذي يروي القصة الحقيقية لتكيّف المؤلف مع العيش في معسكر أوشفيتس، ولماذا تكيّف بعض المساجين أكثر من غيرهم. وكون فرانكل طبيبًا نفسيًا منحه عدسة خاصة يستكشف عبرها أسئلة فلسفية عميقة، عن معنى أن تكون على قيد الحياة. توجد العديد من الكتب الأخرى عن الموضوع من منظور فلسفي، ونفسي، وروحاني. بمجرد قراءتك لهذه الكتب، والنظر في هذا الموضوع، سترحب بمقدار أكبر من المعنى في حياتك. 



على كثرة المصادر المختلفة لمعنى الحياة سواء كانت مادية، أو نفسية، أو روحانية، تظل إحدى أقوى الطرق لعيش حياة ذات معنى، وعيك بمصادرك الخاصة لذلك. ومن خلال قياس حضور المعنى، وزيادة البحث عنه، ستتمتع بفوائد زيادة الشعور بالمعنى. وطبعًا كالعادة، يتطلب الأمر قليلًا من التكريس، وقد يكون مزعجًا أحيانًا. لكن إن وجد جانب من حياتنا يستحق مزيد انتباه، فهو غالبًا هذا الجانب.

 

 

 

المصدر

إذن الترجمة والنشر على موقعنا

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف