دليل جيف بيزوس عن الحياة

ترجمة: نوف خالد
تدقيق: محمد مصطفى
مراجعة: هبة محمد
في هذا المقال يتحدث الرئيس التنفيذي لشركة أمازون جيف بيزوس، وهو أغنى شخص في العالم بمستوى من الصراحة لم يسبق له مثيل، خلال مقابلة له في سلسلة invite-only getaway Summit Series في لوس آنجلوس في نهاية هذا الأسبوع. ويقدم هُنا بعض من نصائحه حول الإلهام والموازنة بين الحياة والعمل، وكيف يمكن أن تكون أحد المخترعين، كما يصف شعوره حينما بللته الشامبانيا أثناء الاحتفال بهبوط صاروخه بنجاح.
وقد كان جيف هشًا جدًا في هذا اللقاء، لأن أخاه الصغير مارك بيزوس كان هو المحاور نفسه، كما أن وجود صور عائلة بيزوس على خشبة مسرح أورفيم الفخم دفع جيف للكشف عن فلسفته الشخصية.
وقد كانت الجملة الأخيرة من خطاب جيف في مدرسة فاليتكتوريان الثانوية: “الفضاء، حيث الحدود النهائية …. فلتقابلني هناك”. ولم تكن هذه الجملة مجرد شعار، فقد حولها جيف إلى نداء لعمل حقيقي من أجل الوصول إلى الفضاء.
كيف تعلم الدهاء؟
كان جيف يقضي الصيف في مزرعة جده بوب المعزولة منذ الرابعة من عمره وحتى عمر السادسة عشر، وفي هذه المزرعة كان بوب يعتمد على نفسه دون أي مساعدة خارجية. ويقول جيف: ” كان بوب معتمدًا تمامًا على نفسه، إلى الحد الذي يجعله يقوم بالعلاج البيطري من إعطاء حُقن، وخياطة جروح الماشية بنفسه”. وقد قضى جيف صيفًا كاملًا لإصلاح قطعة قديمة من معدات البناء من ماركة كاتربيلر والتي اشتراها بوب بــ ٥٠٠٠ دولار فقط، وذلك بعد خصم كبير جدًا لأنها كانت مكسورة، وعندما وصلت التروس عبر البريد لأجل إصلاحها، كانت ثقيلة جدًا إلى الحد الذي يصعب من نقلها؛ لذا قام بوب ببناء رافعة مصغرة حتى يتمكن من نقلها. ويقول جيف: “يبدأ بوب بمشاريع عظيمة وهو لا يعلم كيف ينجزها، ومن ثم يتمكن من إنجازها”
عن المرونة:
في يوم من الأيام قطع بوب الجزء العلوي من إبهامه أمام جيف، وقد كان يحاول القفز من شاحنته المتحركة ورفع مزلاج بوابة المزرعة قبل انزلاق السيارة من خلاله، لكن السيارة سحقت الباب الذي كان قريبًا جدًا من إبهام بوب. وقد غضب بوب بشدة، ودفعه غضبه لقطع الجزء العلوي من إبهامه ورماه، ثم ذهب بنفسه إلى المستشفى، وبدلًا من أن يكون طرف إبهامه مخيطًا ليلتئم من جديد، دفع بوب الأطباء إلى عملية ترقيع جلد سريعة عن طريق أخذ بعض الجلد من مؤخرته. ويتذكر جيف بوضوح كيف كان ينمو شعر المؤخرة على طرف الإبهام المرقع. لكن بوب بدل من أن يشكو، كان يحلق هذا الإبهام فقط مع كل مرة يحلق فيها ذقنه. يقول جيف: “في كل مرة يعترضك عائق فإنك تستخدم المرونة والدهاء، وتبتكر طريقك للخروج من الصندوق”.
مارك وجيف بيزوس يتحدثان في مؤتمر في لوس أنجلوس.
عن تربية الأطفال:
يسمح كلًا من جيف وزوجته لأطفالهم باستخدام السكاكين الحادة منذ أن كانوا في عمر الرابعة، وبعدها سمحوا لهم باستخدام الأدوات الكهربائية، لأنهما يعتقدان بأنه إذا ألحق الأطفال الضرر بأنفسهم، فإنهم سيتعلمون، ويقول جيف: وجهة نظر زوجتي هي “أُفضّل كثيرًا بأن يكون لدي طفل بتسعة أصابع، على أن يكون لدي طفل عديم الحيلة”.
عن إختيار الخليل:
عندما قرر جيف بأنه مستعد للاستقرار، نسق له أصدقائه عدد كبير من “المواعدات العشوائية” (موعد غرامي مع فتاة لم يلتقي بها من قبل، ويكون هذا الموعد مرتب من قبل طرف ثالث)، وفي نهاية المطاف عرف بأنه قد وجد زوجته عندما التقى بشخصية واسعة الحيلة بحق. ويقول جيف: “كنت أريد امرأة تستطيع أن تخرجني من سجن العالم الثالث”.
كيف أدرك بأنه عليه أن يترك عمله ويبدأ بأمازون:
كان جيف يعمل في هندسة البرمجيات المالية في وول ستريت. ولكن في عام ١٩٩٤ قال لرئيسه: أنه يريد البدء بمتجر للكتب على الإنترنت. أخبره رئيسه بأنها فكرة جيّدة جدًا لكنها “أفضل فكرة لشخص ليس لديه وظيفة جيّدة”، واستغرق بعدها جيف في التفكير بضعة أيام، وتوصل إلى أن “أفضل طريقة للتفكير بهذا المشروع هي اتخاذ القرار الذي لا يجعلني أشعر بالندم على شيء حينما أكون في الثمانين من عمري”. أنت لا تريد أن تُفهرس ندمك، فقد تشعر بالندم حيال الأخطاء التي اقترفتها، لكن وكما يقول جيف فإن منبع هذا الشعور في كثير من الأحيان هو “الطريق الذي لم تسلكه” مثل أن تحب شخصًا ما لكنك لم تخبره أبدًا، “ثم كان واضحًا على الفور” بأنه يجب أن يغادر ليبدأ أمازون، وأضاف: “إذا فشلت الفكرة فسأكون في عمر الثمانين فخورًا بمحاولة تنفيذها”
جيف بيزوس في مراهقته يرتدي فستان خضار في الهالوين.
ماذا كان سيفعل، إن لم يكن جيف بيزوس:
نظراً لاهتمامه بالذكاء الصناعي، يظن جيف بأن: “أفضل تخمين هو أنني سأكون مهندس برمجيات سعيد جدًا”، لكنه يعترف بأنه: “لدي هذا الخيال بأن أُصبح نادلًا، فخورًا بنفسه لكونه صاحب حرفة”، لكن تلقى إنذار لأنه بطيء جدًا .. فحانته الخيالية سترفع شعار ينص على “هل تريده جيّدًا؟ أم تريده بسرعة؟”
عن ارتباطه الشخصي بالأخبار وامتلاكه لصحيفة “الواشنطن بوست”:
يقول جيف: “كان بوب يشاهد جلسات استماع ووترغيت” في عام ١٩٧٣، وربما أثر ذلك على جيف دون وعي منه حول اهتمامه الكبير بالصحافة الاستقصائية، وقد عبر عن هذا الاهتمام بامتلاكه صحيفة واشنطن بوست عام ٢٠١٣.
جيف ومارك بيزوس يتحدثان في مدرج مؤتمر لوس أنجلوس.
عن ضرورة السفر إلى الفضاء، وشركته بلو اوريقن، الخاصة بالصواريخ:
يقول جيف: “يجب علينا أن نذهب إلى الفضاء، من أجل إنقاذ الأرض”، مشيرًا إلى أنه: “يجب أن نُسرع في ذلك”. ولا يزال جيف يعتقد بأن كلا الخطتين أ والخطة ب يجب أن يكونا حماية البيئة حتى تبقى مكانًا صَالِحًا للعيش، ويقول: “لقد أرسلنا مسبار إلكتروني إلى كل كوكب في نظامنا الشمسي، وهذا هو الأفضل لكنه ليس قريبًا”
عن ريادة الأعمال المتعلقة بالفضاء:
المفتاح اللازم لإيجاد فرص ربحية تتعلق بالفضاء تتمثل في التقليل من تكلفة نقل الأشياء خارج نطاق الجاذبية الأرضية، حيث يقول: “يجب علينا خفض تكاليف القبول حتى يتمكن الآلاف من رجال الأعمال من تأسيس شركات ناشئة في الفضاء، تمامًا كما حدث في شبكة الإنترنت”، مشيرًا إلى الكيفية التي تدفقت بها وانتشرت شركات الإنترنت مع انخفاض تكاليف الإنشاء.
صورة جيف بيزوس عندما كان يعمل في مزرعة بوب.
عن إدمان الهاتف، وتعدد المهام:
يقول مارك أن شقيقه جيف يعيش حياته لحظة بلحظة بشكل مذهل، ونادرًا ما يكون مشغولًا بهاتفه. ويوضح جيف ذلك بقوله أنه: “حينما أكون على العشاء مع الأصدقاء أو العائلة، فأنا أودّ أن أفعل كل ما هو متعلق بهذه اللحظة، فلا أحب بأن أكون متعدد المهام. فإذا كنت أقرأ رسائل بريدي الإلكتروني، فأنا أريد فقط أن أقرأ هذه الرسائل.”
ومقاومة تعدد المهام كانت واضحة على جيف منذ وقت مبكّر في حياته، فعندما كان طالبًا في مدرسة مونتيسوري، فقد كان يرفض البدء بمهمة جديدة قبل الانتهاء من المهمة التي يعمل عليها حتى وإن استغرقت وقتًا طويلًا مما يجعل المعلم ينقله حرفيًا إلى المهمة الأخرى، حيث كان يأخذ كُرسيه من مكان عمل المهمة الأولى إلى مكان عمل المهمة التالية. ويقول جيف أنه يركز على التسلسل: “أنا متعدد مهام متسلسل”.
عن الموازنة بين العمل والحياة:
يقول جيف: “أحب عبارة “انسجام العمل والحياة”، التوازن يعني أن هناك مقايضة صارمة.” فإذا كان يشعر أنه يضيف قيمة للعمل وأنه فرد منتج في فريق العمل، فإنه كما يقول: “هذا الشعور يجعلني أفضل في المنزل. وإذا كنت سعيدًا في المنزل، فسأكون أفضل في العمل، وسيجعلني هذا الشعور موظف جيد، ويجعلني أيضًا مدير جيد.”، لذا لا تكن ذاك الشخص الذي يستنزف طاقة زملائه في العمل أو طاقة أفراد أسرته. حيث يُؤْمِن جيف بأن تخصيص ساعات محددة وقضائها في العمل أو مع أفراد الأسرة لا يهم، بقدر ما أن تكون حاضرًا بطاقة وحماس كافيان.
جيف في المنتصف مع مجموعة من أصدقاءه المرحين وهم متنكرون للهالوين.
عن كيفية أن تكون أحد المخترعين:
نظراً لكون العالم معقدًا جدًا، فإنه يجب عليك أن تكون “خبير بمجالك” حتى تجد حلول للمشاكل، “لكن خطورة هذه الخبرة أنها تجعل المعرفة تحاصر صاحبها، فتكون خبرته محصورة عليها فقط”. لذا عليك أن تقترب من الأشياء بفضول يشبه فضول الأطفال، فإنه وكما يقول جيف: “المخترعين هم خبراء بعقول مبتدئين”.
حول ما يحدد ملامح شخصيتك:
يقول جيف: “يجب علينا جميعًا أن نختار قصص حياتنا، فهي خيارنا الذي يحدد من نكون، وهي ليست بمنحة. ويمكنك أن تكون فخورًا بخيارتك فقط.”، كما يمكنك أن تختار حياة من “السهولة والراحة”، أو “المغامرة والعمل”، وعندما تصبح في الثمانين من عمرك، ستكون فخورًا أكثر بالخيار الثاني … “المغامرة والعمل”.
أخيرًا، مقولته الأكثر إثارة للضحك خلال هذا اللقاء:
عند الحديث عن إحتفال تارماك – كما في الصورة – بالهبوط الناجح لصاروخه “بلو اوريجين نيو سبرد” القابل لإعادة الإستخدام، يقول جيف: “بقعة الشامبانيا لا تزال على قبعتي، فإنها أفضل أنواع البقع.”
أحدث التعليقات