النفس الطفولية ضد النفس الناقدة: معركة في سبيل الإبداع!

الكاتبة: آن لوري كنف
ترجمة: بشاير خالد @bashayermlk
تدقيق: ريم ريحان @reemrayhan
قال بابلو بيكاسو:(يستغرق الأمر ردحاً من الزمن لكي تصبح شاباً). يفقد الراشدون بساطة فضول الصبا، ويناضل الفنانون لاسترداد إبداعهم الطفولي. مسيرة الابتكار تشعرك أحياناً كأنك في معركة ضارية ما بين النفس الطفولية والنفس الناقدة. فهل تتمخض المعركة الضارية عن توازن خلاّق؟
تحقيق الصبا
كونك يافعًا يعني كونك فضوليًا، في المتوسط يسأل الطفل 107 أسئلة في الساعة، وفي طور نمونا نبدأ الإلمام بالحقائق الأساسية والمصطلحات المختصرة ونمذجة الواقع ذهنيًا لاتخاذ قرارات سريعة. نسعى لتحقيق أهدافنا بأسرع مايمكن وسط مجتمع يجعل من السرعة مقياساً للأداء، نجعل من الكيفية والمدة للوصول لنتيجةٍ متوقعة أولوية، وننسى أن نقف هنيهة خلال الرحلة لنسأل لمَ؟
وما أن نقف لطرح السؤال تنبجس علينا أسئلةً وقودها عدم الثقة بالنفس، نسأل: هل ما أفعله بالجودة الكافية؟ ماذا سيظن الآخرون؟ تعلّمت النفس الناقدة من نظام قائم على أن تكون الإجابة الصحيحة والتفوق على الآخرين في المهام المهيكلة، بدلاً من أن ينتج عملًا خلاقًا، الاستماع للنفس الناقدة يقيدنا في العمل.
بينما يستخدم لفظ النفس الطفولية في علم النفس لوصف النموذج البدائي اللاواعي الذي يختزل شدائد الطفولة التي لم تُحل، وفي تبينها طريقة لموازنة الإبداع. يسأل عالم النفس ستيفن دياموند في كتابه العلاج النفسي للروح: (هل قضت نفسك البالغة وقتًا مع سابقتها الطفلة؟)
تهذيب النفس الناقدة
نتحدّث أحيانًا عن قتل النفس الناقدة، ولكن تواصلك مع الطفل في الداخل وفك القيد عن إبداعك الطفولي، لايعني بالضرورة إخراس النفس الناقدة، بل يعني أن تعيد برمجة الطريقة التي تتفاعل بها النفس الطفولية والناقدة، والتغافل عن عدم الثقة بالنفس، وإنهاء المنافسة الفارغة والخوف من الفشل.
وكما هو الحال مع الكثير من التجارب العاطفية من المجدي أن نقبل أصواتنا الداخلية؛ كي يتاح لنا أن نفهمها، تحويل النقد الذاتي لانعكاسٍ ذاتي يمكنه أن يغذي إبداعك بإعطاءك فرصة لسبر أعمق أغوار نفسك ومواجهة أفكارك وعواطفك بشكلٍ أسلم. بدلًا من أن نقتل النفس الناقدة فقط، نقتلها بالإحسان.
كيف تمضي مع الأمور؟ الحديث مع النفس بطريقة إيجابية هي أسهل الطرق لقلب النقد إلى تأملٍ في الذات. أُشير في أحد البحوث إلى أن الحديث مع الذات بشكلٍ إيجابي ساعد في تحسين كلًا من أداء والوضع النفسي للرياضيين، وفي تحليلٍ شمولي لاثنين وثلاثين دراسة عن الخطاب الذاتي عززت ما أسلفنا ذكره.
من الطرق البسيطة لخلق فسحة من الخطاب السلمي مع الذات.
- ابتكر لنفسك ال م.م: أي دمج المرح بالممارسة في عملك الخلاق، أقنع نفسك بتجربة الجديد وانس الغاية، وأحط نفسك بأشخاصٍ مرحين.
-
- تَبنَّ ال م.ت: لابأس في تفويت تجمعات البالغين لتقضي الوقت في المنزل مع نفسك الطفلة. هل يطرأ لك أن ترسم أو أن تكتب قصيدة أو أن تتعلم الطباعة الثلاثية الأبعاد بدلاً من مقارعة الكؤوس مع الزملاء؟ امض قدماً. عش متعة التفويت.
-
- اسأل لماذا؟: لا تترك المسلمات تثنيك عن طرح الأسئلة، استمر في السؤال عن الأسباب كما قد يسأل الطفل. درّب نفسك الناقدة على أن تجعل من عدم اليقين بالذات إلى أدوات بناءة تشجع على الاستكشاف.
بمرور الوقت ستنقلب النفس الناقدة إلى معلمٍ داخلي. بدلاً من أن تضعك في معركة تعيقك وتعيق إبداعك، ستدفعك إلى النمو الذاتي. أسئلة من قبيل: (ماذا سيظن الآخرون؟) تصبح (من قد يغذيني بنقدٍ بناء؟)، (كيف أبدع في هذا المسار؟) تنقلب إلى (كيف أبدع من فضولي؟)، وبدلاً من أن تسأل بناءً على معايير خارجية: (هل أشعر برضىًً كافٍ؟)، يأتي السؤال نابعاً من المتعة والفضول: (هل تشعر بالرضى؟)
كتب توم روبينز: (لم يفت الأوان على الحُظي بطفولة السعيدة). لم يفت الأوان بعد، أطفئ نفسك الناقدة بالإحسان حتى تنقلب لنفسٍ معلمة، واعتنق فضول وبهجة نفسك الطفلة لتزيد من إبداعك، ما سيجعل من حواراتك الداخلية ممتعةً أكثر، وهذا سينعكس على حياتك وعملك.
أحدث التعليقات