إرشادات مقتضبة: كيف تتخذ أفضل قرار في حياتك وعملك!

ترجمة بتصرف لمقال: (How to make better decisions in life and in business: a mini guide by: Aytekin Tank)
المترجمة:سارة الحربي
المدققة:روابي عبدالمحسن
المراجعة:جيهان بوخمسين
ألقِ نظرة على خزانتي وسترى الرف مليئًا بقمصان لاكوست (Lacoste) وبولو(polo) المتطابقة، وبجميع ألوان الطيف.
في كل صباح وأنا بالكاد أفتح عينيّ، أخذ قميصًا وبنطال جينز ثم أصبح مستعدًا للخروج، يبدو وكأنه «زيُّ حياتي»، أيضًا يضعني ضمن مجموعة جيدة، فيومًا بعد يوم مارك زوكربيرج (Mark Zuckerberg) وسكوت كيثري (Scott Guthrie) نائب الرئيس التنفيذي في مايكروسوفت والخبير كيلي كوترن (Kelly Cutrone) وباراك أوباما (Barack Obama) أيضًا، غالبًا ما يرتدونها بلا حرج.
إذا كان ذلك جيدًا بما يكفي بالنسبة لأوباما (Obama) فهو جيدٌ أيضًا بالنسبة لي، والعلم يثبت ذلك.
كما يشرح ذلك الكاتب جون تيرني (John Tierney) بأننا دائمًا ما نشعر بمشقة اتخاذ القرار عندما نواجه خيارات متعددة .
«مشقة اتخاذ القرار يساعد في شرح السبب الذي يجعل الناس المتعقلين يشعرون بالغضب على زملائهم وعائلاتهم عادةً، وينفقون أموال طائلة على الملابس، ويشترون الوجبات السريعة من المتاجر الكبرى، ولا يقاومون عرض البائع لمنتجات مقاومة الصدأ لتغطية سياراتهم الجديدة.
لا يهم كيف تحاول أن تكون منطقيًا أو ذو تفكير عال، فأنت لا تستطيع إتخاذ قرار تلو الآخر دون أن تدفع الثمن.»
يقول تيرني (Tierney): كلما زاد عدد الخيارات التي تتخذها خلال يومك، فإن عقلك يلجأ إلى اتخاذ أحد الخيارين المختصرين: إما أن تصبح متهورًا تتصرف بتسرع أو لا تتخذ أي قرار فلا تفعل شيئًا.
يقول مؤسس جوت فورم (JotForm) -أحد الشركات التي تكتظ بأكثر من 100 موظف و3.5 مليون مستخدم-: أنا لا أستطيع القيام بخيارات متهورة ولا أريد الشعور بالعجز لعدم اتخاذ القرار، وأعتقد أنكم تشعرون بنفس الحالة.
أحد الطرق للمحافظة على قوة عقلك الثمينة هي تقليل عدد القرارات number of decisions خلال يومك، وخلق أنظمة حياة للخيارات الأقل حسمًا، مثل: (ماذا تأكل؟ أو ماذا تلبس؟)، بالإضافة لإتاحة مساحة أكبر للأشياء المهمة.
و مع تغير تقنية سرعة الضوء وعدم محدودية المعلومات التي في متناول أيدينا، لن يصبح اتخاذ القرارات الذكية مهمًا جدًا فقط، بل سيصبح مهارة ضرورية لابد منها.
اتخاذ القرارات السليمة قد يساعدك بأن تعمل أفضل، وتدير ضغوطك، وتتجنب استنزاف طاقتك، وتعيش حياة أكثر صحة وسعادة.
العديد من القرارات، في وقت ضيق جدًا
اتخاذ القرارات لايبدو من الأمور التي تتطلب الممارسة، رغم أننا نقوم بكل تلك القرارات بإستمرار مثل: أتريد الحصول على الشوكولاتة أم الفانيلا؟ أترغب برحلة إلى إيطاليا أم آيسلندا؟ أتختار المرشح «أ» أم «ب»؟
أول خيار يحمل مراهنةً أقل، حيث أن كلا من إيطاليا وآيسلندا تعتبر خيارين جيدين، لكن أحدهما يطغى على الآخر أكثر في الإختيار، وهنا يكون لقرارك فارقًا كثيرًا في هذه المسألة.
نحن عادةً نرى أنفسنا منطقيين وعقلانيّين وقادرين على التفكير في أي تحدٍ نواجهه -وهذا غالبًا صحيح- ولكن عقولنا بعيدة عن المثالية.
و من الناحية النفسية فنحن عرضةً للوقوع في عدة أخطاء، تتراوح بين التشبث بقرار معين والتحيز أيضًا لقرار آخر يجعلنا ننفر منه.
في آخر قصة كُتبت في بزنس إنسايدر (Business Insider story) لشانا لوبيتز وسامانثا لي (Shana Lebowitz and Samantha Lee) توضحان فيها التحيزات المعرفية الكبرى العشرون للميول العقلية التي تمنعنا من إتخاذ القرارات الدقيقة والصحية والمفيدة. هناك العديد من الطرق المحتملة لتظليل خياراتنا ولكنها سرعان ماتتحول لممارسة محبطة.
بدلًا من ذلك، أريد التحدث عن الحلول.
لنعُد إلى مرحلة القرار الطويل والتي تسمى أيضًا بـ جهد الإختيار أوالشبيه لها المعتمد على مواقع التواصل الإجتماعي، بالإضافة للفومو -الخوف من التفويت- (FOMO).
في الواقع، يمكنك مواجهة مشقة الاختيار بوضع حل «الخيار الجيد بما يكفي» وهذا ربما يشعرك بالنصيحة التي لابد لك من التمسك بها لـ 24/7 ثابتة ويقوم بها العالم، لكنها تقنية قوية.
في قصة عن الطبيب النفسي باريس كوارتز (Barry Schwartz) للكاتب أولغا كازان (Olga Khaza) يقول:
إذا لم تكن متاكدًا أبدًا،تحضر أفضل حفلة أم تشتري أفضل جهاز حاسوب بالنسبة لك؟، فعليك حل ذلك بواسطة اختيار ما هو جيد بشكلٍ كافٍ فقط.
و يطلق على مستخدمي هذه الطريقة «الراضون»، فهم سعداء بإستمرار، أكثر من «الأقل منهم رضا» الناس الذين يشعرون بأنه يجب عليهم اختيار أفضل خيار ممكن.
و أنا أطبق هذه النصيحة في أعمالي.
تلعب جوت فورم (JotForm) منافسة عالية منذ دخول شركة قوقل (Google) في السوق.
سيكون من السهل أن يحاصرك الفومو (FOMO)،حيث المميزات والإتجاهات الصناعية المتطابقة، لكن نحن اخترنا بأن نبقى في مسارنا والتركيز بعمق على عملائنا.
نحن نبذل قصارى جهدنا من أجل عملائنا وهذا أمر جيد بمافيه الكفاية، وهذا القرار بالتركيز على العملاء -وليس المنافسة- يجلب لنا أيضًا أكثر من مليون مسجل في السنة.
لست قلقًا من الإطاحة بقمة تيك كرنتش (TechCrunch) أو الشبكات في سيليكون فالي (Silicon Valley)، أو جذب المستثمرين لشركتي المزدحمة بالعملاء أيضًا.
هذا لا يعني أن تلك الأمور قيّمة أو أهداف ذكية للمؤسسين الآخرين لكنني اتخذت قراراتي وسأمضي فيها، فأنا أكثر من راضٍ عن عملي وحياتي.
ليست كل القرارات تُبنى بالتساوي
مثل الشوكولاتة والفانيلا، والمرشح «أ»و المرشح «ب» كلاهما مثالين أشير لهما هنا وليس كل القرارت مثل بعضها البعض، البعض منها قد يُقرَّر تلقائيًا (مثل أي القمصان سترتدي) والبعض الآخر يتطلب وقت حقيقي وانتباه!
الشراكة (في الحياة والعمل) وتوظيف موظفين وإختيار طريق المهنة على سبيل المثال تتطلب طاقتك المعرفية.
بالمقابل تستطيع تصنيف قراراتك إلى قرارات صغيرة ووسط وكبيرة، كن مرحًا أو منهجيًا مع القرارات الصغيرة، ثم طبّق أفضل أفكارك واستخدم سماتك الشخصية كمرشدٍ لأشياءك الكبرى.
اختر أسرع، اختر أفضل
رسالة جيف بيزوس (Jeff Bezos) الرئيس التنفيذي في عام 2017 للمساهمين في شركة أمازون يقول فيها: أنه يؤمن بقدرته على اتخاذ «قرارات ذات جودة عالية وسرعة عالية»
يكمن السر بالنسبة لبيزوس (Bezos) في جمع المعلومات الكافية ويهدف فيه الحصول على 70% من البيانات التي تحتاجها بدلًا من الحصول على 90%.
و المؤسس الأول ديفيد غراورد (Dave Girouard) أيضًا يسمي السرعة «السلاح الأساسي في العمل» يؤمن بهذا عندما يكون القرار المتخذ مهمًا أكثر مما سينتج عنه. الاختيار السريع هو «عادة» تستطيع تطويرها وتقويتها،
لكن كيف تتخذ هذه القرارات السريعة في الواقع؟
دمج مستوى البيانات المعتدلة (ليست القليلة ولا الكثيرة، لكن الكم الصحيح منها) هو فن، لكن هناك طرق أخرى لتسريع خياراتك بنفس الوقت تجعلك تختار الأفضل.
هنا التقنيات التي طبقتها أنا وفريقي وطبقتها على قاعدة منتظمة.
- التصور السلبي
تخيُّل سيناريو بأسوأ حالة سيئة قد يوضح خياراتك، هذه تقنية تعلمتها من الفيلسوف القديم لمدرسة الفلسفة الغربية.
على سبيل المثال: من الممكن أن تخالف إشارة العبور عبر طريق مشغول، قد تصدمك سيارة، هل هي حالة سيئة؟ في هذه الحالة فإن احتمال العبور مشيًا على الأقدام هو قرار يستحق اتخاذه.
الحل هو تصور أساس المشكلات قبل حدوثها ثم العمل خلافها لأخذ خيار قوي.
- وزن الإنطباع
إذا كنت تختار بين شيئين، أي الخيارين يحمل وزنًا أكثر؟
هل يستطيع أحدهم عرض أعلى قدراته للنجاح أو الفشل؟ هذا ليس عن تصنيف القرارات بل تصنيف الخيارات.
أحيانًا يكون خيارك ليس مصنوعًا بالتساوي، الطريق «أ» قد يقودك نحو ارتفاع عظيم في الربح بينما الطريق «ب» يحتوي على 10% كحد أقصى من الربح.
هناك أيضًا لحظة لتقدير بياناتك، هل لديك المعلومات الكافية لاتخاذ القرار؟ إن لم يكن، إستمر في التعلم لكن توقف عند أفضل 70% “(نسبة “بيزوس”)«نصائح بيزوس للعمل الحر».
- ماهي الخطوة القادمة؟
الشطرنج هي لعبة المهارة والاستراتيجية ولاعبيها المحترفين لا يفكرون بما يفعله خصومهم فقط، بل إنهم يتصورون أيضًا كل طرق الاحتمال على اللوح
نفس التقنية قد تطبق هنا لاتخاذ القرار.
فكّر أبعد من المستقبل القريب، لأيام وأسابيع وأشهر وحتى سنوات بعيدة جدًا. فكّر في كل خيار إلى أين يقودك.
- ضع قائمة
لابد أنّك سمعت بهذه النصيحة من قبل، لكن الإصرار عليها هو لسبب، حاول الخروج من مخيلتك وضع أفكارك على ورقة.
اكتب الإيجابيات والسلبيات أو اُعصف ذهنك بالكامل من جميع الخيارات، اكتب كل ما في عقلك، ثم استبعد الخيارات التي لا تفيدك.
إذا كنت محظوظًا ستبقى بخيار واحد أمثل، حتى عندما تستطيع تخفيض الخيارات إلى خيارين أو ثلاثة أنت تقوم بعمل عظيم.
- إبدأ صغيرًا
إذا كنت تواجه خياراتٍ قاسية، اسأل نفسك «ماهو أصغر قرارٍ ممكن، أستطيع القيام به؟»
ربما تفكر في الانتقال إلى نيويورك، لكنك لم تذهب إلى هناك من قبل، لا تقم بخُطى كبيرة، بل ابدأ من هناك برحلات الأربعة أيام.
غالبًا ما نستخدم تقنية «القرارات الصغيرة»في جوت فورم (jotForm)، على سبيل المثال: نحن حاليًا نصمم صفحتنا الرئيسية من جديد وبدلًا من تجربة 12 خيار، يقوم الفريق بصنع ثلاث رؤيات جديدة، يراها الزوار عشوائيًا.
نقوم بقياس كيفية تحويل كل رؤية جديدة، و نقارنها بصفحتنا الرئيسية، وقريبًا سنعلم أي التصاميم سنختار أو إذا ما يجب علينا البقاء على الصفحة الحالية، ذلك سهل.
- قم بجمع بعض المصادر (بحذر)
جمعُ النصائح قد يكون غير مفيد، وأنا غالبًا ما أتحدث عن القرارات الكبيرة مع أعضاء فريقي.
صورة من اجتماع فريق JotForm
أحيانًا أتظاهر أن القرار الذي اتخذته هولقياس ردود أفعالهم، أعلم بأن القرار النهائي سيبقى عليّ، لكن اختلاف وجهات النظر تفتح عيناي على أشياء أخرى.
فقط كن حذرًا بمن تستشير، ولا تكن منقادًا نحو قرار لا تستطيع القيام به أو اتخاذه قد يكون غير صالح لك.
عشِ اللحظة
ليس أن تبقى فيها لكن كل ما لدينا هو اللحظة الحالية، تستطيع التفكير في الإحتمالات وتصور المستقبل، وتخيل العواقب السلبية، المهم هو الآن.
الآن هو الوقت الذي تؤدي فيه عملك وتعيش فيه حياتك، اليوم هو فرصتك.
لذا كل صباح أسأل نفسي:
هل نحن نحاول أن نصبح أفضل اليوم؟
هل نعيد تجهيز وإنعاش أنفسنا؟
هل نصبح أكثر صلابة وأكثر ذكاء؟
هل نستمتع بالعمل وخدمة الناس المهمين بالنسبة إلينا؟
إذا استطعت الإجابة على كل سؤال بـ «نعم»، أعلم أننا نقوم بالقرار الصحيح والباقي سينكشف في وقته.
أحدث التعليقات