كيف تحصل نتفليكس (Netflix) على كل هذا المال؟

ترجمة بتصرف لمقال: (How Does Netflix Make So Much Money by Taimur)

“اقتصاد المراهنة بمليار دولار على المحتوى”

ترجمة: رزان العيسى ، هناء القحطاني

تدقيق: بيادر النصيان 

مراجعة: جيهان بوخمسين 

حصلت نتفليكس على قائمة رائعة من المحتوى في الشهر الماضي، كالموسم الثاني من المسلسل الشهير (13 reasons why) والموسم الخامس من (Arrested Development) وأربعة عروض كوميدية خاصة وغيرها من العروض.

وتخطط نتفليكس لإنفاق ٨ مليار دولار هذا العام على المحتوى لينافسوا به عمالقة الإعلام 

كـ (Time Warner HBO) و(Disney).

٨ مليارات مبلغ كبير ولكن أين يُنفق كل هذا المال؟

حسناً، من الواضح بأن العروض النارية لا تأتي بثمن بخس.

هذه الأموال لا يمكن استردادها، فهل هي حقا تستحق المجازفة؟

كان سعر الموسم الأول من مسلسل (Stranger Things) ٥٠ مليون دولار، فإذا كانت نتفليكس تحصد ١٠٠ دولار سنويًا لكل مشترك، فستحتاج إلى ٥٠٠ ألف مشترك جديد لتربح، آخذين في الاعتبار ١٤ مليون شخصاَ مهتماَ بمسلسل (Stranger Things) في موسمه الأول، غالباَ سيكون ٥% منهم مشتركين جدد قد اشتركوا لأجل هذا المسلسل، ليس هذا فقط بل عدد كبير من جماهير الموسم الأول سيجددون اشتراكهم لأجل الموسم الثاني، عمومًا لقد استحق أكثر من ٥٠ مليون دولار.

نجحت العملية الرياضية في هذه الحالة لأكثر مسلسلات نتفليكس نجاحًا، ولكن هل هذه الأرقام مطابقة لبقية المحتويات على قائمة القناة؟

نعم ولا في آن واحد، ففي عام ٢٠١٧ ربحت نتفليكس ٥٠٠ مليون دولار، ولكنها في المقابل استدانت ملياري دولار لتحقيق هذا الربح.

تمتلك نتفليكس ثلاثة أنواع من المحتوى هي:

١- عروض مرخصة عرضت سابقًا.

٢- عروض مرخصة جديدة.

٣- عروض إنتاج شخصي جديدة.

منذ (٢٠٠٧-٢٠١٣) احتوت المكتبة الإلكترونية فقط على عروض مرخصة عرضت سابقًا: مسلسلات وأفلام عرضت سابقًا ولكن ما يزال عليها إقبال مثل: (Friends) و(The Office).

مع إطلاق مسلسل (House of Cards) في ٢٠١٣ أبحرت نتفليكس في تجربة المحتوى الأصلي المرخص -عروض نتفليكس الأصلية- والتي تنتجها وتملكها استوديوهات أخرى ولكن نتفليكس تمتلك حقوق التوزيع لتعرضه حصريا للمرة الأولى في موقعها.

بعدما أثبتت نتفليكس نجاحها، راهنت بقوة على دخولها لعالم محتوى الإنتاج الشخصي الأصلي الجديد، -تكامل رأسي كامل- حيث تمتلك نتفليكس كل شيء ابتداءً من الإخراج إلى الإطلاق وما بعد ذلك، فقد أبحروا في هذا العالم منذ عام ٢٠١٦ مع مسلسل (Stranger Things).

يحظى كل نوع بنهج اقتصادي مختلف لنتفليكس، عندما ننقب في ذلك تستطيع معرفة السبب وراء إنفاق الشركة كل تلك الأموال الطائلة.

في اتفاق المحتوى المرخص المعروض سابقًا، تدفع نتفليكس أجرة سنوية مقابل مجموعة من الأفلام والمسلسلات، ففي عام ٢٠١٠ وقعت اتفاقية بقيمة ٢٠٠ مليون دولار/ سنويًا لمدة خمس سنوات لتحصل على مكتبة فيها أكثر من ٢٠٠٠ فيلم من شركات الإنتاج (Paramount) و(Lionsgate) و(MGM)، ونيتفليكس مستعدة لعقد مثل هذه الصفقات النشطة في أي وقت بالإضافة إلى جزء كبير من نفقاتها على المحتوى.

تصطحب غالبا اتفاقيات العروض المرخصة الجديدة منافسات بين الشركات المعروفة، فقد تنافست نيتفليكس مع (HBO) و(AMC) وغيرها للحصول على مسلسل (House Of Cards) ولم تفز فقط بـ (٣-٤ مليون دولار للحلقة الواحدة)، بل حصلت على اتفاق لصنع موسمين لا مثيل لهما، بدون خسارة شيء وبلا تقديم حلقة افتتاحية أيضًا.

عكس الإشاعة المنتشرة التي تقول: «البيانات تستطيع قراءة أفكارك» ولكن هذا الرهان لم يعتمد على بيانات نسبة المشاهدة.

أما بالنسبة لبقية العروض المرخصة الجديدة فهي غير تقليدية البتة، وليس تسوية هذه العروض من النوع الذي تفكر فيه الشبكات التقليدية، فاتفاق الـ٢٠٠ مليون بين نتفليكس وشركة (Marvel) للحصول على ٦٠ حلقة موزعة على أربعة مسلسلات ومسلسلات قصيرة متقاطعة مثال جيد، هذه الصفقة لا مثيل لها ليس بالنسبة للسعر ولكنها فرصة لـ (Marvel) بعيدًا عن مسلسل (S.H.I.E.L.D) وحلقته الافتتاحية التي كلفت ١٤ مليون دولار، فقد حصلت على رخصة إبداعية لتطوير خمسة عروض مرتبطة ببعضها البعض، وهذا أمر صعب للشبكات التقليدية.

محتوى الإنتاج الشخصي يبقى صعبًا، كان هناك مجموعة من الصفقات مع العديد من معّدين البرامج في مجال التلفزيون، كذلك للممثلين والكُتّاب لينتجوا أعمالاَ حصرية لشبكة نتفليكس، فأكثر العقود لفتًا للنظر هو عقد الـ ٣٠٠ مليون دولار مع المنتج راين مورفي (Ryan Murphy) لمدة ٥ سنوات، وبهذا يعتبر أضخم عقد إنتاج في التاريخ التلفزيوني، تقول شوان ليفي (Shawn Levy) مُنتجة مسلسل (Stranger Things): «تعاون ناجح مع نتفليكس هو غالبًا ما يزرع البذور لمثل هذه العروض صعبة المنال»، وقد وقعتْ ليفي مؤخرا عقدًا لأربع سنوات لتطوير مشاريع تلفزيونية حصرية لنتفلكس.

فيما يتعلق بالأفلام فإن نتفلكس انخرطت في جميع أجزاء الإطار الزمني، فقد انتقت أفلام مثل (Bright) بقيمة ٩٠ مليون دولار قبل إنتاجه، وأفلام بعد عرضها في مهرجانات الأفلام مثل (Beasts of No Nation) بقيمة ١٢ مليون دولار.

إن اقتصاد الأفلام مختلف كلياً عن اقتصاد المسلسلات، وهذا ما يجعل اقتراح نتفليكس مثيرًا للاهتمام بالنسبة للاستوديوهات، فعادة يحصل الموزعون (مثل Fox Searchlight) على الأفلام مقابل مبلغ مقطوع، والذي يتم ترخيصه لدور العرض في المقام الأول، ومن خلالها يتلقى الفيلم حصته من إيرادات شباك التذاكر التي تعرف باسم «دفعة مؤخرة – backend»، ومن المعتاد أن تغطي الدفعة المقدمة من الموزعين تكاليف الإنتاج وبعض مصاريف الاستديو، لكن الـ«دفعة المؤخرة backend» هي ما تعطي الفيلم الحصة الأكبر من الأرباح.

تخضع هوليوود لعائدات قوة القانون، فما يقارب من ٥٠% من الأفلام ينتهي بها الأمر بالخسارة، وأعلى ٦% من الأفلام تمثل نصف إجمالي أرباح الأفلام المطروحة، أغلبها يأتي من الـ«دفعة المؤخرة backend».

عمليات الاستحواذ السخية لدى نتفليكس -٢٠٠% من ميزانية فيلم (Beasts of No Nation)- تضع على طاولة التفاهم ضمان الأرباح بالإضافة إلى دفع المرتبات، لكنها لا تأتي بتذكرة حظ لدفعة متأخرة، التي تعتبر بالنسبة للبعض كصفقة ناجحة.

كيف لهذه النماذج المختلفة أن تؤثر على توازن نتفليكس المصرفي؟

بالنسبة لنتفليكس فإن المحتوى المرخص المعروض سابقًا يشبه استئجار سيارة، فليس عليك أن تدفع مبلغًا كبيرًا من المال مقدمًا ولكن بدلًا من ذلك فإنك ستدفع القليل كل سنة لتتمكن من استخدامها، الجانب السلبي يكمن في أنها ليست ملكك ،لذلك يجب عليك أن تستخدمها بعناية، فيما يخص نتفليكس فإن هذا يعني بأنها لن تستطيع أن تعرض بعض المحتوى خارج الولايات المتحدة الأمريكية.

أما المحتوى الأصلي -لنتفليكس- فهو يشبه شراء سيارة، تدفع فيها مبلغًا كبيرًا مقدمًا، وربما تقترض بعضًا منه من والديك، لكن في النهاية السيارة ملكك تستطيع أخذها إلى أي مكان واستخدامها متى أردت بدون أي تكاليف إضافية.

تهدف نتفيلكس إلى جعل ٥٠% من محتوى مكتبتها أصليًا، والذي يكلف الملايين من الدولارات كدفعة مقدمة، هذا ليس أمرًا مقلقًا -العديد من المشاريع الجديرة بالاهتمام تحتذي بالنموذج المتمثل بدفعة أولية عالية التكاليف مع فائدة قليلة طويلة المدى، كالمصانع، والسكك الحديدية والإسكان-. ولحساب هذا، فإن هناك طريقين مختلفين لتقدير «كم من المال تمتلكه الشركة»: صافي الدخل (الأرباح) والتدفق النقدي الحر.

عند الإعلان عن الأرباح فإن الشركات تنشر استثماراتها المقدمة الكبيرة وذلك لإظهار أن أرباحها ستكون على مدى سنوات طويلة. لنأخذ مسلسل (Stranger Things) على سبيل المثال، فإن نتفلكس ربما تنشر التكلفة كما يلي:

  • العام الأول: ٥٠% ما يعادل ٢٥ مليون دولار
  • العام الثاني: ٣٠% ما يعادل ١٥ مليون دولار
  • العام الثالث: ١٠% ما يعادل ٥ مليون دولار
  • العام الرابع: ١٠% ما يعادل ٥ مليون دولار

هذا باعتبار أن الشركة تتوقع أن تحصد ٥٠% من قيمة مسلسل (Stranger things) في عامه الأول، و٣٠% في عامه الثاني وهكذا.

من ناحية آخرى فإن التدفق المالي الحر أقرب لمقولة: «ما يتم ربحه مطروحًا منه ما يتم إنفاقه»، وهذا يكشف بأن نتفليكس تنفق حاليًا أكثر مما تكسبه، وذلك عبر استدانة مبالغ كبيرة للتمويل.

ما يعتبر متماشيا مع دورة عمل الاقتصاد في جزء كبير، لأن الناس قادرون على إنفاق أموالٍ لا يمتلكونها، لكن السؤال هنا هل استثمار نتفليكس سيساعدها على النمو بكفاءة لتكون قادرة على سداد ديونها مستقبلًا؟

المصدر

تمت الترجمة والنشر بموافقة الكاتب

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *