العيش بكامل قدراتك

الكاتب: كونال ساركار.@KunalBSarkar
ترجمة: أميمة سليمان.
تدقيق: وعد الناصر.
مراجعة نهائية: ياسمين القحطاني.
يمتلك الإنسان مستويات مختلفة من القدرات في كل مرحلة من مراحل حياته المختلفة، وهذه القدرات كالحياة زائلة، فالشباب مليئين بالطاقة والفضول في مطلع حياتهم، ولكنهم يفتقرون إلى الخبرة، وعندما ننظر لمرحلة الشيخوخة بالمقابل، نكتشف بأنّ الحكمةَ والمعرفة متلازمتان معها، ولكن حينها يكون الجسم قد بدأ بالاستسلام، فلا فائدة من ذلك.
عند تقدمك في العمر، ستزول هذه القدرات، وستنغمس في التفكير فيما لا تقدر على عمله، ومن السهلِ هنا أن تكون رهينةً لما لا قيمة له، بل الحقيقة أنك قد فقدت المعنى قبل ذلك في عز قوتك وطاقتك فلم تستخدمهما جيدًا، لذا من أدرك في شبابه كامل قدراته، فسيستخدمها حتى آخر رمق من عمره.
أنت مُخيّر كل يوم بين ثلاثة خيارات بشأن استخدام قدراتك، وهي: ترك استخدامها، أو استخدامها قهريًا، أو استخدامها بوعي، وأما معظم الناس، فإما يستخدمونها قهريًا، أو لا يستخدمونها بتاتًا، ومن يعيش حياته بكامل قدراته بوعي في كل ما يفعله، فسيتذوق طعم ثراء الحياة، ويحظى بالنجاح، بل ويحصل على شيء أسمى وأبقى من ذلك، وهو تجربة الحياة لحظةً بلحظة حين انشغاله في عمله، وأما العوائد المادية فما هي إلا مكافأة إضافية لمثل هذا الشخص.
ولكن العمل بكامل قدراتك لا يعني إهمال صحتك، بل على العكس تمامًا، فإن أخذ قسطًا من الراحة يعدّ جزءًا من العملية لتقديم أفضل ما لديك للعالم، ولا تنخدع إلى ما تقوله الدراسات عن الراحة المثلى، بل استمع لحاجة جسدك؛ إذ أنّ استغلال كامل طاقتك الحالية قد يضر بأدائِك المستقبلي على المدى البعيد.
عند عيشك بمنظور استخدام كامل إمكاناتك دائمًا في كل لحظة، ستدرك حينها بأن تجربة حياة كاملة تتعلق بالعيش أكثر من تحقيقها، لذا فإنّ الإنجازات والشدائد ليست إلا تقلبات مؤقتة تأتي وتذهب في حياتك، فظروف حياتك (سيئةً كانت أم جيدة) ماهي إلا منظورٌ خارجي، لكن جودة حياتك الحقيقية هي المنظور الكامل، وتعتمد على طريقة عيشك وأوضاعها.
قد تُحرم غدًا من إحدى قدراتك التي تظن اليوم بأنها دائمة، ففي حال حدوث هذا الحدث المؤسف، وعشت حياتك بمنظور استخدام كل قدراتك، فستعيش مابقي من عمرك على هذا النحو، وقد تغير طريقك في الحياة إلى طريقٍ مغاير، ولكن تركيزك سيبقى دائمًا على ما تملكه الآن.
عندما تبدأ في التركيز على الوصول لكامل إمكانياتك، فإنّ انتباهك سيتحول من التركيز على النتائج والظروف إلى كيفية الوصول، وهذا ما يجعل عقلك حاضرًا، فيبعدك عن قلق النتائج التي ستحصل عليها، وهلع الظروف التي ستواجهها.
الجدير بالذكر هنا، أن ستيفن هوكينق كان رجلًا حيويًا و يحب الأنشطة البدنية، وقد لعب ألعاب رياضية عديدة في صغره، ولكن عندما مرض و شلّ المرض جسده، لم يحزن على ما فقده، بل ظلّ يستخدم ما بقي من قدراته، وقدم العديد من المساهمات في مجال الفيزياء النظرية، وساعد في نشر الوعي عن المواضيع العلمية بين العامة، وضَرَبَ أعظم الأمثلة في الفلسفة الأصولية في التركيز على ما بين يديك الآن.
ليس الهدف من كتابتي لهذه المقالة حثك على الإنجاز، بل تذكيرك بأنك إنسان تمتلك قِوَى هائلة، وهذه القوى مؤقتة كالحياة التي تعيشها، ولديك الخيار في استخدام كامل إمكانياتك إن أردت ذلك.
تمت الترجمة والنشر بموافقة الكاتب
أحدث التعليقات