تأثير التأطير: كيف يؤثر تأطير المعلومات على اتخاذ القرارات

ترجمة بتصرّف لمقال:( The framing effect: how the way information is framed impacts our decisions by Anne-Laure Le Cunff)
مصدر الصورة: Unsplash

كتابة: آن لورا.

ترجمة: عبد الله صيفي. ABDULLAH_SAYFI@

تدقيق: ليلى عامر.

مراجعة نهائية: ياسمين القحطاني. 

 

هل تفضل أن يحتوي الزبادي الخاص بك على دهون بنسبة ١٠٪؜ أو ٩٠٪؜ أو منزوع الدسم؟ هل ينبغى من ملصق عبوة المطهر أن يبين لك بأنه يقتل ٩٩٪؜ من الجراثيم أو أنه يحافظ على ١٪؜ منها؟ يعرف المسوّقون جيدًا الصياغة التي ستسهم في زيادة المبيعات، وهذا ما يطلق عليه بأثر التأطير أو التحيز المعرفي فيحدد الناس قراراتهم بناءًا على ما إذا كانت الخيارات مقدمة بطريقة إيجابية أم سلبية.

 

مدى أهميته: يُعد التأطير أحد أكبر الدوافع لإتخاذ القرارات وخاصة في المجالات الهامة كالرعاية الصحية والشؤون المالية، وبدون معرفة ذلك فقد تأثرت العديد من قراراتك بهذا التحيز المعرفي على مدار سنوات، لذا دعنا نلقي نظرة على طريقة عمله و كيف يمكن السيطرة عليه.

 

كيف يؤثر التأطير على قراراتنا؟

كما يوضح البروفيسور بويا تابيش من جامعة سانت توماس قائلًا: «يبدأ تأثير التأطير عندما يختار صانعو القرار حلولًا غير متسقة لمشاكل متطابقة بناءًا على طريقة عرض المشكلات لهم»، فقد أجرى ايموس تفيرسكي ودانيال كانمين في عام ١٩٨١ دراسة لاستكشاف كيف تؤثر الصياغة المختلفة على اختيار الناس في الوضع الإفتراضي للحياة والموت، وطُلب من المشاركين في الدراسة الاختيار بين علاجين لـ ٦٠٠ شخص مصاب بمرض مميت، وكان من المتوقع أن يؤدي العلاج الأول إلى ٤٠٠ حالة وفاة والعلاج الثاني إلى إنقاذ ٢٠٠ شخص.

 

كما هو موضح بالجدول بأنه سينتج عن كلا الخيارين في الواقع نفس العدد من المرضى الافتراضيين الذين سيعيشون أو يموتون ولكن تفيرسكي وكينمان لم يشرحا ببساطة العلاجين وقدموا كل خيار إما بتأطير إيجابي عدد الأشخاص الذين سيعيشون أو بتأطير سلبي عدد الأشخاص الذين سيموتون.


 

انتبه جيدًا للغة التي يستخدمها الباحثون، لأن  الإطار الإيجابي يركز على عدد الأشخاص الذين قد يعيشون، بينما يركز الإطار السلبي على عدد الأشخاص الذين قد يموتون لكن النتيجة هي نفسها تمامًا، إذًا ماذا وجد الباحثون؟ اختار ٧٢٪؜ من المشاركين العلاج الأول عندما قُدَّم بتأطير إيجابي والذي انخفض بدرجة كبيرة إلى ٢٢٪ عندما قُدّم نفس الاختيار مع تأطير سلبي، وهذا هو تأثير التأطير.

 

أمثلة على التأطير:

تدعم الكثير من الأبحاث وجود تأثير الصياغة سواءًا على قراراتنا الشخصية أو المهنية، منها:

  • الآراء السياسية: يشرح سكوت بلوس في كتابه «سيكولوجيا الحكم واتخاذ القرار» كيف يمكن أن يؤثر تأطير الآراء السياسية على خياراتنا، وفي استطلاع للرأي، لم يوافق ٦٢٪ من المستجيبين على السماح بالإدانة العلنية للديمقراطية بينما وافق ٤٦٪ فقط على أنه من الصواب «منع الإدانة العلنية للديمقراطية» على الرغم من أن كلا الخيارين يقولان نفس الشيء.

 

  • إدارة الوقت والمال: يمكن أن يؤثر التأطير أيضًا على الطريقة التي ندير بها أوقاتنا وأموالنا، فقد وُجدت دراسة أن ٩٣٪ من الطلاب أقدموا على التسجيل المبكر عندما فُرضت رسوم جزائية للتسجيل المتأخر، بينما قام ٦٧٪ فقط بالتسجيل عندما أعيدت صياغة الرسوم الجزائية إلى خصم للتسجيل المبكر.

 

  • الإقتصاد: تشير الأبحاث إلى أن معظم الناس سيدعمون السياسة الإقتصادية إذا سُلط الضوء مثلًا على معدل التوظيف بنسبة ١٠٪؜، في حين سيرفضون إذا رُكَّزعلى نسبة البطالة بمعدل ٩٠٪؜.

كما ترى فإن التأطير أو القولبة في كل مكان ولكن الخبر السار هو أنه من الممكن التخفيف من تأثيره وحدته حتى تتمكن من اتخاذ قرارات بطريقة أفضل.

 

كيفية التحكم به وإدارته:

تعد المعرفة والوعي غالبًا أدوات قوية للتعامل مع التحيزات المعرفية وكما وضح البروفيسور جيمس إن دروكمان من معهد أبحاث السياسة في جامعة نورث وسترن بأن بعض تأثيرات التأطير المعروفة على نطاق واسع تتضاءل إلى حد كبير وتختفي أحيانًا عندما يُمنح الاشخاص إمكانية الوصول إلى نصائح موثوقة حول كيفية اتخاذ القرار.

 يمكنك تطبيق الاستراتيجيات البسيطة التالية لإدارة التأطير وتأثيره:

  • ضع في اعتبارك الإطار الحالي: إذا كنت تتسوق لشراء منتج، فاقرأ المواد التسويقية وكن على دراية باللغة المستخدمة لصياغة فوائد المنتج، واسأل نفسك عما يحاول المسوق نقله، ويمكنك كذلك تطبيق هذه الاستراتيجية على بياناتك الخاصة بسؤال نفسك: هل صغت موقفي دون إدراك بطريقة إيجابية أو سلبية؟ في هذه المرحلة، يتعلق الأمر كله ببذل جهد أكثر في التركيز لتكون على دراية بالتأطير الحالي. 
  • اعكس الصياغة: التمرين البسيط وكل ماعليك فعله هو عكس الصياغة التي هي عليه حاليًا، تسمى هذه التقنية بالانعكاس. خذ الإطار الحالي واذكره عكسيًا فعلى سبيل المثال: «يزيل هذا المنتج ٩٠٪ من البقع» يمكن أن يصبح: «يترك هذا المنتج ١٠٪ من البقع».

 

  • أعد صياغة الخيارات: ليست كل القرارات ثنائية فقد يؤدي عكس الإطار أحيانًا إلى استبعاد الطرق المحتملة للنظر في خياراتك، بالإضافة إلى عكس الإطار ببساطة، ففكر في بدائل إضافية أكثر تعقيدًا كقول: «هل سيؤدي هذا الخيار إلى خسارة أو ربح أو ربما تأثير محايد؟ أو ربما تكون بعض الجوانب إيجابية والبعض الآخر سلبي؟ وما هي الجوانب المهمة حقًا في حالة هذا القرار بالذات؟».

 

  • انظر بعين الناقد: قد يكون من المفيد اتخاذ وجهة نظر خارجية لتكون محايدًا قدر الإمكان وتجنب الثقة المفرطة عند إعادة صياغة خياراتك كقول: «ماذا سيفعل أحد أصدقائك أو زملائك؟ وماذا لو لم تتأثر شخصيًا بالقرار؟».

 

  • امنح نفسك بعض الوقت: تشير الدراسات إلى أن التفكير السريع يزيد من احتمالية أن تكون ضحية لتأثير التأطير، لذا فكر بتأنٍ في تحديد خياراتك، خاصة إزاء القرارات المهمة.

 

إن من الممارسات الجيدة أيضًا هو التفكير في قراراتك السابقة لذا ضع في اعتبارك ما إذا كانت الطريقة التي اخترتها هي الأكثر فاعلية، وما إذا كان بإمكانك صياغة خيارات مماثلة بطريقة مختلفة مستقبلًا.

تذكر أن التأطير هو أحد أكبر الدوافع في اتخاذ القرارات فلا بأس إن تضررت منه من وقت لآخر، وتعلم من التجربة وحاول التفكير بعمق في انتقاء خياراتك في المرة القادمة التي تواجه فيها قرارًا مهمًا.

 

 المصدر

تمت الترجمة والنشر بموافقة الموقع

 

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *