التركيز العقلي : ابق عقلك مركزًا على الأمور المهمة

ترجمة بتصرّف لمقال: The focused) mind: get your brain to concentrate on what matters)
مصدر الصورة: Unsplash
كتابة: آن لوري لو كونف
ترجمة: افنان الخمشي
مراجعة وتدقيق: أوصاف الفيصل
قد يكون من الصعب أحيانًا أن تبقي عقلك مركزًا، عندما تستعد لإنهاء مهامك وتفتح مستند جديد للعمل على تقرير يجب تسليمه غدًا، وإذا بهاتفك يُضيء إشارةً على تلقي رسالة نصية من صديق، هل تتجاهل الرسالة وتوجه جُّل تركيزك على التقرير؟ أم تقرر أن تلقي نظرةً سريعة على محتوى الرسالة؟
آلاف من هذه القرارات الصغيرة تحدث في عقلك كل يوم كما لو أنها معركة دائمة بين رغبتك على العمل بشكل متقن وحاجتك الداخلية لمعرفة ما يدور حولك.
قد يبدو التركيز مفهومًا غامض، لكنه مدروس جيدًا في علم الأعصاب والذي يسهل من فهم التركيز والتحكم فيه. ما الخطة التي ستمكنك من السيطرة على انتباهك لتركز على الأمور المهمة و تتمكن من أن تُحقق أهدافك بصورة أفضل؟
علم التركيز الذهني
لفهم التركيز العقلي عليك أولًا معرفة مفهوم مجال الانتباه، مجال انتباهك؛ هو مزيج من كل ما بداخلك من أفكار وعواطف وأحاسيس جسدية وكل ما يحيط بك أيضًا مما تراه وتسمعه. التركيز الذهني هو القدرة على خلق قوة واعية؛ وأن تستقبل الإشارات الداخلية والخارجية وتفهمها.
جزءان من الدماغ مسؤولان عن كيفية إدارة انتباهك، فعندما تعمل على شيء ما وتتلقى إشعارًا برسالة؛ فأن قشرة الفص الجبهي الموجود في مقدمة الرأس خلف الجبهة مباشرة تكون نشطة عند عملك، وعند تلقيك مُشتت للانتباه تتنشط القشرة الجدارية الموجودة خلف الأذن.
في العصور القديمة عند العمل على بناء مسكن؛ تتفعل قشرة الفص الجبهي إشارة على أن جل اهتمامك منصب على العمل، بينما القشرة الجدارية تتفعل عند سماع صوت غريب أو عندما تُهاجم من قّبل حيوان بريّ، إذ أن القشرة الجدارية هي في الأصل أداة مساعِدة على البقاء داخل الدماغ للتأكد من اننا نستطيع إحالة انتباهنا إلى أمر أكثر إلحاحًا إذا ما تطلب الأمر.
أثبت العلماء أن الخلايا العصبية في هاتين المنطقتين من الدماغ تصدر نبضات كهربائية بمعدلات مختلفة: ترددات بطيئة للعمل المباشر المتعمد في منطقة الفص الجبهي، وترددات أسرع للأحداث التي تحتاج انتباه فوري في المنطقة الجدارية.
تعددت في وقتنا الحاضر المشتتات وأصبحت تلك الأمور التي قد تكون مُلحة لمساعدتنا على البقاء قليلة. أننا نتعرض لفيض من المقاطعات المستمرة من الاشارات والمعلومات، مما يصبح من الصعب علينا الحفاظ على تركيزنا من التشتت لفترات طويلة، بمعنى آخر إننا أصبحنا نكافح للحفاظ على تركيزنا.
التحكم بشرود الذهن
في المتوسط، تكون أذهاننا شاردة بمعدل ٥٠٪، شرود الذهن هو عندما ينشغل عقلك بشيء لا يتواجد حولك مثل التفكير بحدثٍ من الماضي أو ما قد يحدث بالمستقبل أو بأحداث قد لا تحدث أبدًا متجاهلًا ما يحيط بك في هذه اللحظة. في الوقت الذي يُثني العلماء على شرود الذهن المتعمد وأنه قد يكون مفيدًا للعقل كأن تغلق حاسوبك المحمول وتستغرق في أحلام اليقظة لدقائق قد يكون مفيدًا للاستجابة العقلية إلا أن دراسات أخرى تقول أن شرود الذهن بشكل مستمر له تأثير سلبي على ادائك العام في حياتك وأيضًا قد يقود إلى استنزاف الطاقة النفسية.
المشتتات التي تشتت انتباهنا عن العمل بجد؛ و تجعل عقولنا شاردة غالبًا ما تكون رقمية مثل رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية حيث أنه من الصعب على بعض الأشخاص الانعزال الكلي عند القيام بعمل، إلا أنه هناك بعض التقنيات المدعومة بالابحاث لتعزيز تركيزك حتى تعمل بكفاءة.
- تحكمّ في مصادر التشتت من حولك: ابق هاتفك بعيدًا عنك، وبعيدًا هنا أي؛ أن تبقيه في غرفة أخرى وإن كنت معتاد على تفقد مواقع التواصل الاجتماعي من خلال حاسوبك المحمول؛ قم بتثبيت تطبيقات من شأنها منعك من استخدامها لفترة زمنية محددة، مما قد يساعدك على ضبط ما يشتت انتباهك، أيضًا إضافة عوامل تشتيت متعمدة. تفترض “نظرية التحكم بمقدار التركيز” أن جذب الانتباه مصدر محدود فإذًا لابد من ملئ المساحات المتبقية في عقلك حتى لا تترك مجالًا لمصادر تشتت أخرى. و هذا هو السبب في أن البعض يعمل بشكل أفضل عند وجود قليل من الضوضاء في الخلفية أو عند الاستماع إلى موسيقى أثناء وقت التركيز.
- ابق عقلك يقظًا: من الصعب تجاهل احتمالية شرود ذهنك أو أن مشتتات خارجية ستقاطع عملك في أي وقت. أن تبقي عقلك يقظًا شيء مهم في مسألة التطوير من تركيزك ،إذا ما غرقتِ بأحلام اليقظة أعد تركيزك على العمل وأسمح لنفسك أن تعاود الأمر في الاستراحة القادمة. لقد ثبت أن لشرود الذهن المتعمد فائدة جلية على انتاجيتك وابداعك ودراسات أخرى أثبتت أن تحفيز ذاتك بمكافأة عند نهاية العمل يمكن أن يعيد لك التركيز بعد تشتت انتباهك، لا يتعلق الأمر بفقدان تركيزك مطلقًا لكن ما قد يبدو ليس بواقعي يتعلق بمراقبة انتباهك واستخدام إستراتيجيات فعالة لإعادته للتركيز على العمل بعد تشتت انتباهك.
- تقوية الدوائر الدماغية: صمم العلماء تقنية من تمرين عقلي يعمل لجذب الانتباه المركّز عند ممارسته بانتظام، يمكن أن يساعد هذا التمرين في الحفاظ على عقلك مركزًا على المهمة المحددة، ببساطة ركز على أنفاسك، لاحظ أن عقلك قد ضل، اقطع حبل أفكارك وأعد تركيزك على أنفاسك مكررًا هذا التمرين بين مرحلة الذهاب وهي فقدان التركيز ومرحلة العودة وهي جذب انتباهك مرة أخرى إلى أنفاسك التي من شأنها أن تقوي في النهاية من الدوائر الدماغية المرتبطة بالتركيز.
جرب هذه الطُرق الثلاثة في المرة القادمة عندما تعمل على مهمة تتطلب تركيز، يتطلب تطوير التركيز العقلي ممارسة، ومن المحتمل أن يتشتت ذهنك في البداية؛ اما بسبب الأفكار الداخلية أو الأحداث الخارجية، لكن يعتمد بناء قوة عقلية على الاعتراف بهذه التحديات والتدريب المستمر حتى يصبح سهلًا عليك أن تركز بوقت أقصر.
أحدث التعليقات