النقد البنّاء: كيف تقدم الملاحظات وتتلقاها

ترجمة بتصرّف لمقال: Constructive) criticism: how to give and receive feedback)
مصدر الصورة: Unsplash
الكاتب: آن لوري لو كونف
ترجمة: أنهار المحمدي
تدقيق: علياء عبد الرحمن@Alyaa__211
سواء في حياتنا الشخصية أو المهنية، فإننا دائمًا ما نقدم الملاحظات ونتلقاها. فقد تأتي بعض الملاحظات بصيغة غير مباشرة، وغالبًا دون اهتمام، أما البعض الآخر فقد يأتي بصيغة استباقية. القدرة على تلقي وتقديم الملاحظات البناءة هي مهارة أساسية لتكوين علاقات اجتماعية ذات معنى.
إضافة إلى ذلك، بيّنت الدراسات أن الملاحظات المفيدة ضرورية لتحسين أداءنا. إن النقد البنّاء يرشدنا ويحفزنا، ويرسخ السلوكيات الفعّالة، ويقلل من السلوكيات غير المجدية. فكيف يمكننا الاستفادة منه؟
أساسيات تقديم النقد البناء
يُعد تقديم النقد البنّاء عملية معقدة، حيث يكمن الهدف في الحفاظ على التوازن بين توجيه الملاحظة ومراعاة مشاعر المتلقي.
احرص قبل أن تقدم الملاحظة لأي شخص بأنك تفعلها لسبب صائب وهو: مساعدتهم على النمو والتحسن. وإذا كنت تقدمها لأنك بمزاج سيئ أو تحاول الاستقواء، جرب جلسة التأمل الذاتية بدلًا من تقديم الملاحظات.
أما إذا كنت تقدمها للأسباب الصائبة؛ فطبق الأساليب التالية للتأكد من أن الطرف الآخر قد استفاد من ملاحظاتك قدر المستطاع.
- تحلَّ بالدقة والواقعية. ما من شيء أسوأ من تلقي ملاحظة غامضة أو غير منطقية. ركز على جوانب معينة يجب تحسينها، وقدم أمثلة توضيحية. من المهم أن تتعلق الملاحظات بالجوانب القابلة للتحسين في الواقع، حيث يكون الأمر محبطًا للشخص إن لم يستطع التحكم بالجوانب المذكورة. واحرص على سؤال الشخص عمّا إذا كانت الملاحظات مفهومة، وذلك لكي يطرح أسئلة إضافية عند الحاجة.
- اختر الوقت المناسب. قد يستقبل المتلقي الملاحظة التي تأتي بتوقيت غير مناسب بطريقة سيئة. أولًا، لا تتأخر في تقديم الملاحظات. كلما أسرعت في تقديم الملاحظات، زادت سرعة تحسن سلوك الشخص. ومع ذلك، من الأفضل ألا تقدمها في نفس اللحظة، خاصة إذا تواجدت حول أشخاص آخرين. انتظر حتى تتمكن من التحدث مع الشخص على انفراد، واختر مكانًا هادئًا، واجعل الأمر مريحًا قدر الإمكان لكليكما.
- ركز على السلوك. لا تحكم على الشخص، بل اشرح السلوك الذي رأيته وصِفْ مشاعرك تجاهه. على سبيل المثال: «لقد لاحظت أنك أتيت متأخرًا عدة مرات خلال هذا الأسبوع. أنا قلق لأنك قد تتأخر في تقديم مشروعك الحالي. هلَّا تحدثنا عن ذلك؟»
- وازن النقد. يسميه بعض الناس أسلوب الساندوتش. ليس الهدف منه تلطيف الملاحظات، بل تذكير الشخص بأنك تقدّره، ولهذا السبب بذلت بعضًا من وقتك لكي تشاركه ملاحظاتك. وهذه أيضًا فرصة رائعة لترسيخ السلوك المراد استمراره.
- قدِّم الدعم. لا يُعد النقد ذا قيمة إذا لم تقدم سلوكيات بديلة، ولم تدعم الشخص على المدى البعيد. إن تقديم الملاحظات عملية مستمرة. فاحرص على التواجد للمساعدة، وأخبر الشخص عندما تلاحظ تحسنه.
من الطرق النافعة لقياس كيفية تقديمك للملاحظات هي أن تسأل نفسك: كيف ستكون ردة فعلي إذا تلقيت نفس الملاحظة وبنفس الأسلوب؟
وإن كنت تشغل منصبًا إداريًا وترغب في تحسين أسلوبك بتقديم الملاحظات، فبإمكانك الاستعانة بمراجعة الأداء لتسأل أعضاء فريقك الآتي: «كيف أبليت عندما قدمت الملاحظات؟ هل يوجد ما يمكنني تحسينه؟»
تلقي النقد بفعالية
إذا كنت تقدم الملاحظات عادة ولا تتلقى أي منها، فمن المحتمل أنك بنيت حاجزًا حول نفسك مما يصّعب على الأشخاص مشاركتك ملاحظاتهم بأريحية. لذا فالخطوة الأولى هي أن ترحب بالملاحظات من الآخرين.
- كن منفتحًا. وضّح للأشخاص المحيطين بك أنك ترحب بالنقد البناء وتتقبل الآراء المختلفة. من المهم أن تنمي السلامة النفسية لمن حولك لكي تجذب الملاحظات الهادفة التي تمكنك من التعلم والنمو.
- تحكم بردة فعلك. من الصعب التحكم بالمشاعر عند تلقي الملاحظات السلبية، لذا حاول قدر الإمكان أن تحتفظ بهدوئك وتركيزك. لن يشاركك الشخص ملاحظاته بأريحية إن كنت تبدو غاضبًا أو شارد الذهن. ردة الفعل الآمنة في الدقائق الأولى هي الإنصات والإيماء لإبداء الاهتمام.
- احرص على فهم الملاحظات. حين ينتهي الشخص من تقديم فكرة عامة عن ملاحظاته، اطرح عليه الأسئلة لتوضيح أي شيء لم تفهمه أو ترغب بمزيد من التفاصيل عنه. مثلًا، قد تدرك ما الخطأ الذي ارتكبته برأيه، وترغب بالسؤال عن السلوك البديل المحتمل.
- تفّكر في الملاحظات. اشكر الشخص على ملاحظاته، ثم تفكّر فيها بمفردك. تلقي الملاحظات لا يعني أنك تحتاج إلى تقبلها أو تطبيقها. بل فكر في قيمتها وفوائدها، ثم قرر ما إذا كنت ترغب باستخدامها أو استبعادها.
- أصقل عقلية النمو. سواء اخترت تطبيق الملاحظة أم لا، اسأل نفسك: هل هناك ما يمكنني تعلمه من هذه المحادثة؟ قد ترشدك الملاحظات التي تتلقاها أحيانًا إلى جانب آخر قابل للتحسين. ربما كانت المعلومات مضللة، أو أنك افترضت افتراضًا خاطئًا، وربما افتقد فريق العمل بعض المصادر.
تقديم الملاحظات وتلقيها فن. ولأن هذه المحادثات قد تبدو سلبية؛ من المهم أن نطبق الإستراتيجيات المدروسة لكي نحسن التحكم بمشاعرنا. قد يساعد تطبيق هذه المبادئ في جعل النقد البناء دافعًا إيجابيًا في علاقاتك الشخصية والمهنية.
أحدث التعليقات