فوبيا الارتباط

العلاقات بالنسبة لمعظم الناس تعد شيئاً اعتيادياً، فهي تحصل بشكل طبيعي كعملية التنفس، أو إعداد الطعام. أما بالنسبة للبعض فهي أشبه ماتكون بالتحدي، أو أكثر من ذلك بكثير؛ لتصل إلى مايسمى بـ “فوبيا الارتباط” أو “القلق والخوف من العلاقات”.
المشاكل المتعلقة بالارتباط ليست بالشيء الجديد؛ ولكن إدراكنا لمدى فاعلية، وتأثير هذا الخوف غير المبرر من العلاقات على شكل حياة الفرد، وحقيقة أنك لن تجد “فوبيا الارتباط” في المرجع التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية [DSM] دوامة خوفٍ أخرى.
الناس الذين يعانون من “فوبيا الارتباط”، أو القلق المفرط من العلاقات -عامة- يشكل لهم البقاء في علاقة طويلة المدى مشكلة حقيقية. على عكس الناس الطبيعيين؛ فهم حالما يشعرون بالحب يصاحب ذلك الشعور مشاعر قلق، وخوف تتزايد طردياً مع احتمالية تقدم العلاقة، أو تطورها.
وبالرغم من وجود رغبة جديَّة لديهم في الارتباط بشخصٍ ما، إلا أن القلق المصاحب لهذه الرغبة يظل أبقى، وأقوى فيمنعهم. وبمجرد تعرضهم لضغط معين فإن أرجحية بقائهم بالعلاقة ضئيلة جداً، أمام احتمالية تركهم لها، حتى وإن أبدوا التزامهم بالأمر، فإنهم سيتراجعون فيما بعد.
وقد يتخبط المصابون بهذا النوع من الخوف بين مشاعر الحماسة للطرف الآخر التي تصاحب احتمالية الشروع معه بعلاقة، ومشاعر طبيعية كالتَّرقب، والانتظار، والقلق. والبعض أيضاً قد يمر بأوقات عصيبة من الصراعات العاطفية الفطرية. وشعور بالانقسام بين الحنين إلى العشرة، والحميميَّة، مع الرغبة بالحفاظ على الفردية، والحرية.
تختلف، وتتنوع سلوكياتهم، وطرق تعاطيهم مع العلاقة؛ باختلافهم، وتنوعهم كبشر، فالبعض وكنتيجة لمخاوفه يرفض أي علاقة جديَّة تزيد عن أسبوع، أو شهر. وقد يرتبط البعض الآخر لعدة أشهر، ولكن ما إن تتعمق العلاقة، وتأخد منحىً جادًا، تقودهم مخاوفهم للابتعاد مجدداً.
النساء، والرجال على حد سواء معرضون للإصابة بـ “فوبيا الارتباط”. رغم أنه عُرِفَ -تقليدياً- أن هذا النوع من “الفوبيا” مقتصر على الرجال.
أسباب “فوبيا الارتباط”:
الأسباب متنوعة، ولكن عادةً يعود ذلك إلى التجارب العاطفية السيئة؛ سواء كان ذلك على المستوى الشخصي، أو تجارب أناس آخرين بالمحيط.
ويمكن أن نذكر بعض الأسباب الشائعة:
– الخوف من إنهاء العلاقة بدون إنذارات، أو إشارات سابقة لذلك.
– الخوف من احتمالية كونها “العلاقة الخطأ”.
– الخوف من فكرة “العلاقة السيئة” المتمثلة بالاعتداء، والخيانة، والهجر …إلخ.
– الصدمات النفسية، أو سوء المعاملة في مرحلة الطفولة.
– أزمة ثقة، أو أزمة تَعَلُّق كنتيجة لماضي معين.
– حرمان في مرحلة الطفولة.
– ديناميكا الأسرة المعقدة في مرحلة النمو.
بغض النظر عن ماهية أسباب الإصابة بـ”فوبيا الارتباط” فإن المساعدة ممكنة؛ ولكي تكون حقيقيّة، وفعَّالة، يجب أن تبدأ من المصاب نفسه، فرغبته بالتغيير، ومحاولته لإيجاد وسيلة للتغلب على مخاوفه، جزء كبير من الحل.
هناك آليات عدَّة للمساعدة، وتعتمد على مدى وخامة القلق، فإذ كان شديداً لدرجة يمتنع فيها الشخص من مجرد الحديث مع أحدهم؛ فضلاً عن إيجاد شريك حياته، فيُنصح بهذه الحالة إلى الخضوع للعلاج النفسي.
ستساعدك الاستشارة النفسية في اتخاذ خطوات متقدمة في سبيل ديمومة العلاقة، وفي إدراك حقيقة عدم وجود علاقة “مثالية”، فالعلاقات تحتاج إلى الاهتمام الدائم لتستمر. وبأن التواصل المفتوح مع الشريك سبب بالغ الأهمية لتفادي أزمات الثقة، والمفاجآت المستقبلية.
قد يستفيد البعض من online support group for relationship issues
لتصحيح بعض الأفكار المتعلقة بالارتباط. وهُنا بعض الكتب المقترحة للمهتمين:
–Men Who Can’t Love: How to Recognize a Commitmentphobic Man Before He Breaks Your Heart/
–He’s Scared, She’s Scared: Understanding the Hidden Fears That Sabotage Your Relationships
أحدث التعليقات