الحِداد المُتأزّم

كتابة: ريتشارد بي جولسون
ترجمة: مرام الدوسري
مراجعة وتدقيق: أحمد موسى
هل توجد طريقة خاطئة للشعور بالكَمَد؟
يتخذ الشعور بالكمد العديد من الأشكال المختلفة. يتسم الكمد الطبيعي أو غير المُتأزّم بعدد من المشاعر، والمعتقدات، والسلوكيات التي يقاسيها معظم الناس بعد فقدٍ موجع، فمن يعاني من فقد محبوبه غالبًا ما يقاسي الحزن وأحيانًا الندم وتقريع الذات. كما يُعدّ القلق والوهن والعجز والصدمة مظاهر مشتركة لاستجابة الكمد الطبيعية. يمكن أن تختلف حدة تلك الانفعالات أو مدتها ولكن لا يُنظر إلى أي منها على أنه مَرَضيّ.
يتجرّع الناس الكمد بطرق مختلفة، وبمستويات متفاوتة من الحدّة.
تُحدد الاختلافات في الاستجابة للكمد بعدة عوامل، فعلاقة الفاقد بالمفقود عامل رئيسي يحدد استجابة صاحب الكمد، وقوة الارتباط بينهما عامل مؤثر آخر، وكذا طريقة الموت، فالفجع لموت طفلٍ صغير بشكل مفاجئ مثلًا سيكون على الأرجح أشد من الكمد لكبيرِ سن من الأقارب استسلم للموت بعد مرضٍ مزمن.
تحدث المشاكل عندما يصبح الكمد مفرطًا في حدّته، أو مستمرًا لفترة طويلة طولًا غير طبيعي، وهذا ما يُعرف بـ(الكمد المتأزم)، ويظهر بأشكالٍ مختلفة. استجابة الكمد المزمنة هي تلك التي تستمر لفترة طويلة جدًا ولا تبدو قابلة للحل حلًا مرضيًا أبدًا، فصاحب الكمد يستجيب للفقد الذي حدث منذ زمن بعيد بكامل الحدة والحزن، بصورة تُتوقع رؤيتها مع فقدٍ حدث مؤخرًا.
الكمد المُؤخّر هو استجابة للفقد قد أُجّلت لوقتٍ لاحق فقد تُثقل مشاعر الفاقد كاهله، فيبدي استجابة تبدو غير مناسبة في وقت الفقد. يُعدّ هذا النوع من الألم ملحوظًا غالبًا حينما نرى شخصًا يبدي انفعالات متطرفة بسبب فاجعة شخص آخر لمفقوده، أو شخصية في قصة فيلم أو مسرحية تعاني من الفقد معاناة شبيهة لما مرّ به، فكأن حزنه يدركه فيبدي الاستجابة المتوقعة في وقت فقده الحقيقي.
وتعد استجابة الكمد المُقنّعة مثالًا آخر على الكمد المُتأزّم، حيث يعيش الكثير من الفاقدين أعراضًا جسدية مُبهمة، ليس لها أسباب واضحة ولا تُعرَف بأنها مرتبطة بالفقد. لسببٍ ما قد غاب عندهم الكمد وقت الفقد أو ثُبِط تعبيرهم عنه. بالتالي، فإن عملية الكمد لديهم لم تكتمل أبدًا وسببت مضاعفات ظهرت لاحقًا على شكل أعراض جسدية أو نقص القدرة على التكيف. غالبًا ما تنحسر هذه الأعراض بعدما تُعالج مشاعر الفقد معالجةً مرضية، فعلى سبيل المثال، يُعدّ الاكتئاب غير المُفسَر مرتبطًا بمعاناة فقد لم يتعافَ منها الفاقد كما ينبغي.
في استجابات الكمد الطبيعية، غالبًا ما يكفي مرور الوقت وموارد الشخص نفسه للتعافي من الفقد، أما في الاستجابات المتأزمة، فقد يكون طلب المساعدة ضروريًا للوصول إلى حلٍ مُرضٍ.
تمت الترجمة والنشر بإذن الكاتب
أحدث التعليقات