كيف خسرت 10 مليون دولار حتى لا تخسرها أنت.

ترجمة بتصرف لمقال: (How I Burned 10 Million Dollars So You Don’t Have To by Matt Munson)

تدقيق: أشواق المجيريشي.

درس في التواضع والإنسانية والقيادة

في الشركات الناشئة كثيرا ما نتحدث عن أهمية التحرك السريع؛ لكن التسرع خطير وليس هو الجواب. تعلمنا هذا الدرس بالطريقة الصعبة في ١٢ شهرا الأخيرة. غيرنا مخططاتنا تماما. آمل أننا بمشاركة الدروس التي تعلمناها قد نعفي الفرق الأخرى من الألم الذي واجهناه، وأن نتحلى بالأناة، لنبني عالما أفضل قريبا.

في شهر فبراير، عينت شركتي الناشئة (توينتي-تو) ٣٥ موظفا. كان لدينا خطة وافق عليها مجلس الإدارة، هي أن نبلغ حتى ٨٥ موظفا بنهاية العام. في شهر يوليو كنا لدينا ٥٥، وحاثين الخطى. والآن بعد ٤ أشهر، يتكون فريقنا من ١٢ شخصا.

إيراداتنا تتنامى بشكل غريب، بضعف السرعة.

لكن لا تقلق، هذا ليس حديثا من نوع: “نحن رائعون، نحن فتاكون”. نعم إنني سأتباهى بكون أعضاء فريق توينتي-تو رائعين، ومقاومين. لكنني أود مشاركة الخزي الذي صارعته مع مرور الوقت، والمال الذي أضعناه. الأخطاء التي ارتكبتها. والناس الذين آذيتهم، والدروس التي تعلمتها بالطريقة الصعبة.

أشعر بالخوف وانا اكتب هذا، متوتر ومحرج. أشعر بالخزي، هذه المرة الاولى في حياتي التي أشارك فيها هذه الجوانب علنا.

اخشى مما ستظنون عني بينما تقرؤون.

وأخشى من رأي المستثمرين المستقبليين.

وأخشى مما سيظنه المؤسسون الآخرون.

أقلق أن يطّلع منافسونا على بياناتنا ويدبروا طريقة عبقرية لقتلنا.

لكنني أخوف ما أخاف من أن أفضح أو أبدو غبيا. أن أظهر بمظهر الرئيس التنفيذي الدجال الذي كثيرا ما أشعر به، خاصة في الأيام السيئة.

فلماذا إذن أشارككم؟

خلال الثلاث سنوات الأولى كرئيس تنفيذي لشركة ناشئة مغامرة، كنت أسير شاعرا بالخوف والوحدة معظم الوقت. ظننت أن وظيفتي تتمثل في امتلاكي لكل الأجوبة، أن امتلك “رؤية”، (مهما كان يعني ذلك). أن أسيطر على رسائل الشركة حتى يتضح دائمًا للعالم أننا نعرف كل شيء.

لكنني كنت أتعلم، أتعلم أن القادة العظام لا يعرفون كل شيء. أن الأمر متعلق بجمع أشخاص بارعين حول مشكلة عويصة، أكثر منه عن امتلاك كل الحلول لتلك المشكلات.

لذا تعلمت الكثير حول ما يهمني، وأنني محاسب على صنع النظام التكافلي الفعّال في الشركة.

أفضل العيش في عالم يشارك فيه الناس الأفكار والتعاليم والخبرات، والفشل على وجه الخصوص. وانا متيقن أن لا ضير في اطلاع الناس على حقيقة أني بشر، وإني أدير شركة حيث نصارع ونفشل وننهض ونتعلم ونكرر المحاولة.

ربما نصوّر شيئًا من معاناتك على أنها طبيعية، لتبني شيئًا من العدم، لتتعامل مع ناقدك الداخلي. وربما تساعدك على إيجاد الطريق للسلام، للأمان.

فهيا بنا.

خلفية عن الشركة.

توينتي-تو منتج بسيط. نحن نمثل سوق حيث يبيع الناس صور الجوال لشركات وماركات تبحث عن بديل أصيل عن التصوير التقليدي المتوفر. جمعنا ٨ مليون دولار في مايو ٢٠١٤. أكثر من اي مبلغ تخيلنا أن يعطينا إياه احد. ومن شركاء رائعين. اعتمدنا على القصة. لم يكن لدينا زبائن ولا دخل من نموذج العمل الذي ظننا انه مستقبلنا.

قبل عامين مضيا، توينتي٢٠ بدأت كمنتج يسمى أنستا كانفس. لتحويل صور انستقرام إلى لوحات.

أحبنا المستخدمون، لكنه كان مجالا صعبا. هامش ربح ضعيف وتعقيدات كثيرة. جمعنا ١.٢ مليون دولار، وخسرناها كلها تقريبا. كان علينا أن نقدم الأفضل لمجتمع من المصورين الفوتوغرافيين الذين وثقوا بنا لمساعدتهم على بيع صورهم، ولفكرة أننا قد نستطيع على استعمال هذا المحتوى المتجدد الحقيقي للتفوق على شاترستوك وجيتي.

بعد مدة وفي آخر ثلاثون يوماً أقفلنا السلسلة الأولى مع القليل من المال وتنفسنا الصعداء.

جمعنا ٨ ملايين دولار في حسابنا. ظننا أن الأيام الصعبة قد انقضت، وكان ظننا في غير محله.

كانت هناك عقبات مبكرة في العام التالي، وظفنا مراتب عليا قبل الأوان، واستهلكنا الكثير من الوقت لتحديد الفئة المستهدفة من العملاء. ولم نستعمل التقنية بشكل كافٍ لحل المشكلات.

بدأنا بقوة بنموذج يعتمد على المبيعات الداخلية، لأسباب مقنعة ومبادئ ثابتة. لكننا أوشكنا على إهلاك الشركة، وحطمنا قلوب الكثير من الناس. أتمنى لو أننا اختبرنا الأمر مبكرا، وبإمعان أكثر.

أندم على أني لم أحافظ على شركة صغيرة لوقت أطول، التصرف بثلاثة ملايين دولار لدراسة ملائمة المنتج للسوق، عن طريق قناة اكتساب واقعية يمكن قياسها. والاحتفاظ بالخمسة ملايين الأخرى في الحساب لسلم الإنتاج. كان هناك سبب لكل خطوة على الطريق، كمان كانت هناك علامات كان علينا أن نلحظها مبكرا. ربما نعفي البعض من مواجهة أيام صعبة كالتي واجهناها، إذا شاركناهم قصتنا برحابة صدر.

العلامات المبكرة

استهلك وقتا ليكون المنتج وظيفيا، ليتطور من انستاكانفاس الى منصة ترخيص أعمال للشركات، لكن بحلول فبراير ٢٠١٥، أصبح عندنا منتج وظيفي وعدد من الزبائن المنتظمين. بانت لنا الآية المبكرة التي كنا نبحث عنها.

تحدثت انا ومدير التطوير للعديد من الوكالات والشركات التاشئة، كل يوم على مدى أسابيع. وجدنا مخرجين ومصصمين ومسوقين مبدعين كرهوا تجربتهم مع شاترستوك و جيتي. وافقوا على تجربة منتجنا، اتقدنا حماسة. لم يمض الكثير من الوقت حتى قررنا تعيين أول مندوبي مبيعات. واستمر العمل.

وظفنا ممثلَين رسميين اثنين في ظرف ستين يوما، ويدخل كل منهم ما يزيد على ٣٠ ألف دولار من الأرباح جراء الحجوزات في الشهر، ما يكفي ليدخل أرباحا جيدة استنادا على الممثلين. ومما هو أشد حماسة اننا قيّمنا المبيعات سنويا فقط، عن طريق عقود سنوية مسبقة الدفع. ونجح الأمر كذلك. لم يكن فريق المبيعات يحقق إيرادات وحسب، إنما سيولة وأرباحا شهرية. حدث نادر في مرحلة مبكرة كهذه، شعرنا أننا في مقدمة السباق.

ثم بدأت الهفوات تتراكم.

علينا أن نكبر ونكبر ونكبر

عندنا مستثمرون رائعون. داعمون، مستقرون، لطفاء، أناس طيبون. ولم يمنعني هذا من فرض توقع خيالي بالنمو المتسارع على جميع الأصعدة. شعرت اننا جمعنا الكثير من المال، وأننا ننفق الكثير من المال كذلك. كان سوق الأسهم الصينية ينهار. بدا المستقبل ضبابيا للغاية، كان علينا أن نكبر سريعا حتى نكسب سريعا لكي نجد المأمن التالي.

هذا الضغط بسبب التوقعات، كان خطيرا رغم أنه كان عن طيب نية (للحفاظ على الشركة).

كنا نتحرك بسرعة مبالغة.

بحثنا بجنون عن رئيس للمبيعات، تطلب الأمر ٣ أشهر إلى أن وجدنا شخصا مناسبا، ولم ترضى بالوظيفة إلا شريطة أن ننشئ مكتبا آخر في شمال كارولينا. أنشأنا ذاك المكتب ونمّيناه حتى ١٤ موظفا، ثم سرعان ما تبين أن وضع فريقي مبيعات في موقعين مختلفين في مرحلة مبكرة ضرب من الجنون، فأغلقناه في ظرف ١٢ أسبوعا، وخسارة ٥٠٠ ألف دولار.

تخلينا عن تعيين مدير مبيعات آخر. كانت وتيرتنا سريعة، كانت تصلنا الإيرادات باستمرار من فريق لوس انجلوس. حل نوڤمبر2015، وكنا نريد أن نبدأ عملية السلسلة الثانية بعد ثمانية أسابيع. كان علينا أن نتحرك، علينا أن نستمر في النمو. منحنا علاوة لأفضل ممثّل مبيعات، واستمرينا في التوظيف.

بدأنا الخوض في اجتماعات مع المستثمرين في أواخر يناير.أخبرنا فريق المبيعات أن يستمر في البيع ويستمر في النمو.

لا مال يا عزيزي

قررنا أن نجمع المال في الربع الأول من عام ٢٠١٦، الربع الأسوأ لجمع المال، وحتى لا نلقي اللوم كله خارجا، كان الاستثمار مبكرا جدا، حظينا بأرباح متنامية عظيمة، أكثر من 20% لكن لم يكن قد آن الأوان بعد. ما يقارب مليون دولار من الأرباح، إضافة إلى اننا كنا نحمل تقييما عاليا من السلسلة الأولى.

كان المستثمرون متخوفون من رفع التقييم عاليا في ظل الإيرادات المبكرة هذه. تفكير منطقي.

اجتمعنا مع المجلس وقررنا أن نخاطر بأن نجعل الشركة ربحية بواسطة مالنا الخاص، فإنما فريق المبيعات كان يكسب بصورة جيدة وينمو سريعا. بلغ فريق المبيعات ٣٠ شخصا بحلول شهر مارس، ابتداء من ١٠ يناير، ثم خارت العجلات في ابريل. لم نستطع أن نعرف الخطب، كنا قد خسرنا لمدة ستة أشهر متتابعة، ثم لم نقدر على بيع شيء بحبو شهر ابريل، ألقى فريق المبيعات اللوم على فريق التسويق، وألقى فريق التسويق اللوم على فريق المبيعات، وطفح الكيل بفريق الهندسة والمنتوجات. أجبرت الشركة على أن تبذل جهدا كبيرا في دعم المقاييس اللامنطقية لمحرك المبيعات.

هذا ما حدث للسيولة النقدية

يا للهول!

خسرنا ٦٠٠ ألف دولار أخرى. حاولنا جاهدين أن نصلح المشكلة، لكننا لم نجدها، وجدنا بعض الأدلة التي قد نشير إليها:

-ارتكزنا بشكل كبير على مصدر رئيسي واحد، وعانينا مشاكل من الصعب رؤيتها.

-كان فريق مبيعاتنا مرهقا، دفعنا بقوة ونمونا بسرعة على مدار أشهر، وعندما استنفدنا مصدر الدخل، أصاب ذلك معنوياتنا في مقتل.

-تداعى تنظيم وانضباط المبيعات، لم نستثمر جيدا في القادة والأدوات، وانطلقنا بسرعة مبالغة.

بحلول يولو كانت الأرباح تتنامى، إلا أن الاستهلاك لم يكن يتناقص، اتضح اننا لن نربح باستعمال الخطة أ

من المضحك إذ أدركنا متأخرا، أن الخطة أ هي لتنمية فريق المبيعات من ٨ إلى ٦٠ في غضون ١٠ أشهر، استأجرنا مساحات مكتبية إضافية ووقعنا عقودا لا تُعقل مع سيلزفورس وموفري خدمة الهاتف، كان عندنا موظفان بدوام كامل مهمتهم توظيف ممثلي تطوير المبيعات، مضحك كيف تبدو الأمور جنونية عندما تدركها متأخرا. بدا الأمر ذكيا عندما كان فعالا، ولم أملك البصيرة لأفكر: “قد يوجد سبب مقنع لكون الشركات الناشئة الأفضل إدارة لا تنمو في فريق المبيعات بهذه السرعة!

الألم

في أربعاء حار في منتصف يوليو، اجتمع الفريق التنفيذي متواريا عن الأنظار على شاطئ فينيس، احتجنا إلى خطة جديدة.

كنا نعلم أن الزبائن معجبون بالمنتج، وعلمنا أنهم سيدفعون قيمته، ويستعملونه ويخبروا أصدقاءهم عنه. لكننا احتجنا إلى استراتيجية اكتساب/جلب زبائن جديدة. خطة لن تخسرنا بقية المال بحلول عيد الشكر.

قررنا أن نمحص في جانبين وجدنا فيهما بعض الإشارات:

-نمينا قائمة المنتجات لدينا، حيث يستطيع العميل أن يشتري صورة واحدة على حدة، مباشرة دون وساطة مع رجل مبيعات (على عكس الخدمة الأساسية التي نقدمها، نموذج اشتراك شهري الذي كنا نبيعه من خلال المبيعات الداخلية فقط).

-مشروعنا التجاري كان يكبر، عملاء كبار كشركة أبل وقوقل وليفت وسناب شات وديماند ميديا قد اشتروا منا عقودا سنوية ضخمة، مما عزز نسبة قيمة القرض [مبلغ القرض مقسوم على قيمة الملكية: المترجم] لدى هؤلاء العملاء.

لذا وضعنا خطة:

-إقصاء الفريق من ٥٥ إلى ٢٠

-التخلي عن جميع المبيعات ماعدا ٥، والتركيز حصريا على مبيعات المشروع.

-الاحتفاظ بفريق الخدمات، تحسبا لاحتياجه بنمو مبيعات المشروع.

-أن نبدأ في هذه الأثناء بتجربة بيع اشتراكنا لدى إس بي إم بواسطة خدمة ذاتية بحتة.

اجتمع مدراء الشركة في المكتب في يوم أحد، من الخامسة عصرا حتى الواحدة صباحا، لتخطيط كل تفاصيل التسريح، بالرغم من أننا أخطأنا بالنمو السريع، فقد كنت فخورا بجهود فريق القيادة للاهتمام بكل الفريق. ومع ذلك كان الوضع بشعًا، سرحنا 46% من الموظفين في ذلك اليوم. شاركت الخبر مع كل فريق المبيعات، ماعدا الخمسة الباقين، بينما نظرت إليّ ثلاثون زوجا من العيون بعين الصدمة والخذلان والازدراء. بالرغم من جهودنا لاطلاع الفريق بانفتاح على وضعنا المادي، والأهداف التي علينا تحقيقها، والخسارة المتزايدة، لا مجال أن يتقبل ٣٥ شخصا فكرة نزع وظائفهم منهم.

في نهاية المطاف كان الأمر كله خطأي ومسؤوليتي. أنا الرئيس التنفيذي المؤسس. أنا من عيّنت كل واحد من هؤلاء ودربت بعضهم شخصيا. بينما غادر البعض برقي وتعبير عن امتنانهم للوقت الذي أمضوه في توينتي-تو، عبر البعض الآخر عن غضبه كذلك.صبوا غضبهم في رسائل إلكترونية ونصية، وعن طريق مهاجمة من اختار البقاء منهم بصورة شخصية، أصبحت مواقع التوظيف مرتعا لرمي الإهانات نحو بيئة العمل التي أحبوها يوما ما.

كانوا محقين، خذلناهم، أنا خذلتهم. أمضيت ساعات في قراءة كل تعليق وتكرار قراءته. ولم أستجمع بعد الشجاعة أو الكلمات للرد. لعل هذا المقال محاولتي لفعل ذلك.

المضي قدمًا

وقعنا واقفين نوعا ما، أخذنا العشرين شخصا المتبقين إلى معزل عن العمل لمدة يومين، حاولنا أن نكون واقعيين، ونبقى منفتحين، أن نسمح للآخرين بالتنفيس عن نفسهم، أن نعالج ونشرب ونتعاون، ونجح الأمر في معظمه.

في ٢٥ يوليو، ٢٠١٦، أطلقنا أول محرك لخدماتنا الذاتية، فوجئنا بأننا خلال الشهر الأول من اختبار نموذج الخدمة الذاتية، تفوقت مبيعاتنا على فريق المبيعات القديم ذي ٣٥ شخصا.

من الناحية الأخرى، فإن فريق المبيعات ذا الخمسة أشخاص كان يواجه وقتا صعبا، كانوا فطنين ومتعطشين، لكن سرعان ما اتضح أن مبيعات المشروع سيكون سعيا مكلفًا ومعقدًا.

أصبحنا في ورطة.

وعدنا الفريق أننا سرحنا موظفين كثير لنتجنب خسارة أكبر للموظفين في المستقبل، 64% دفعة واحدة، ظننا وقتها أننا سنحتاج شهور حتى تعود قيمة المبيعات لا أسابيع. لكننا جلسنا هناك بعد أربعة أسابيع، وبين أيدينا دليل قاطع أنها كانت فعالة ومجدية. لكن مبيعات المشروع كانت مكلفة ومعقدة في المقابل، ومليئة بالشك، كان الخيار واضحا، لكن مؤلم.

قرارات أصعب وأصعب

اجتمع الفريق التنفيذي مرة أخرى، وتناقشنا حول الخطوة التالية.

هَل تسرعنا في مشروع الخدمة الذاتية؟ بعد أربعة أسابيع فقط؟

هل نمضي في مشروعنا ونعطيه عدة أشهر لتتضح الأمور أكثر؟

ماذا نفعل بفريق الخدمات لدينا إذا أردنا التوسع في مشروع الخدمة الذاتية؟ ماذا عن خدمات إدارة الحسابات؟

قضينا وقت طويل للخوض في التكاليف الثقيلة لكل من مشاريع المبيعات وإدارة الحسابات. وكم أتمنى لو كنا فعلنا ذلك منذ وقت طويل. قررنا أن تركز على رفع أرباحنا في أقرب وقت ممكن، ومن الضروري أن نسرع في التحرك وفق البيانات التي نحملها، قررنا أن ندفع نحو الخدمات الذاتية، مما اضطرنا وبكل أسى لتسريح 40% من الموظفين المتبقين.

أشخاص أحببناها وكانوا معنا في حركة تسريح الموظفين الفائتة، وحضروا اجتماعاتنا الجذرية. نقبوا واجتهدوا في استكشاف مشاريع للمبيعات. واهتموا بعملائها الكبير في السراء والضراء.

أشعر ليومنا هذا بامتنان كبير نحو أعضاء الفريق في القسم. المعرفة التي ساعدونا للوصول إليها هو ما منحنا الأساس للتجارة التي نملكها اليوم. ويجاور هذا الشعور بالامتنان شعور بالخزي والخذلان. كان عليّ أن أقدم لهم ما هو أفضل.

كانت مهمتي هي التأكد من أننا نبني تجارتنا على أرض راسية، بصفتي الرئيس التنفيذي. حماية موظفيّ مهم جدا بالنسبة لي. حاولت حماية الشركة بالتحرك سريعا، والنمو سريعا. كانت العبارة “تحرك بسرعة وحطم الأشياء” معلقة على جدار المكتب في بداياتنا. حتى أنني أسميت المؤسسة “مؤسسة المعامل السريعة”، لفتة لإيماني بأهمية دور السرعة في الشركات الناشئة.

بالنظر إلى الوراء اليوم، فإن مفهومي قد تغير؛ رأيت أن الأمر لا يتعلق بسرعة التنفيذ، بل بسرعة التعلم. ولنتعلم عليك أن تتأنى بين الحين والآخر. العقل المتعجل يغفل عن دروس مهمة. والفريق المتعجل لا يمكن أن يبصر بوضوح تلك القرارات التي تثق بأنهم سيتخذونها.

ثقافة السرعة التي كنت منغمسا فيها كادت أن تودي بنا.

عن طريق التأني، وكسب الوقت، وتطوير بيئة العمل حيث تُقدر المراعاة والاهتمام ولا يُتغاضى عنها.

حصلنا على الفرصة لتشييد بناء عظيم، ومستديم. غريب أننا من خلال التباطؤ والتقلص استطعنا أن:

نبني على نحو أسرع

نتعلم على نحو أسرع

إسعاد عملائنا

جني المزيد من المال

كان يقول مدربي العزيز الذي كان ملاكما في شبابه، الملاكمة كإدارة الأعمال، عليك أحيانا أن تتباطأ لتنطلق بسرعة. 

الدروس

بعض الدروس التي أتمنى لو يعود بي الزمان لأتشاركها مع نفسي السابقة. ولا تتناسب كل الدروس مع كل الشركات أو الأوضاع. أصبحت موقنا بأن عليك أن تدير شركتك بما يناسبك ويناسب فريقك، لكن لعل بعض أوجاع قلبي تحمل لك بعض التجليات في رحلة اكتشافك الخاصة لبناء تجارتك.

ملائمة المنتج للسوق، بناء الأساسات، ثم النمو 

ما إن وجدنا عملاء جاهزين للدفع، والمعلومات الأساسية حول الوصول إليهم، وأعلنا ملائمة المنتج للسوق، ثم بدأنا في النمو، كان علينا أن نتأنى ونبني أساسا، ان نعين قادة ونتعامل مع العجز التقني، أن نعد الأدوات الضرورية، وننظف بيانتنا لنبقي المصاريف منخفضة.

اختبر البدائل الاستراتيجية الجذرية مبكرا

كان القرار بالمضي قدما في المبيعات الداخلية عوضا عن الخدمات الذاتية قرارا كبيرا، أنفقنا ملايين في توظيف وتدريب ٣٥ رجل مبيعات، في حين أن ٤ أسابيع من الاختبار كانت لتعلمنا أن هناك طريقا قياسيا أفضل. من السهل أن تتسرع في سلك طريق فاتنة، ومن المهم أن لا تفعل.

خذ وقتا لتجد الطريق

أرتحل وحدي بحقيبة ظهر مؤخرا، أمضيت ساعتين أتسلق الصخور وأقطع الأدغال في طريق كثيف، حتى اكتشفت أن هناك طريق واضح على بعد ٢٠ متر يمينا. ظننت أنني على الطريق الصحيح، ولم أتوقف وأنظر حولي حتى صادفت متسلقا آخر يمر بجانبي، يكون قيما في البعض الأحيان أن تأخذ وقتا أطول لترى إذا ما وُجد طريق أسهل على بعد ٢٠٠ متر.

بكر في أخذ التكاليف الأثقل في عين الاعتبار  

نصيحة من بول جراهام: “افعل أشياء لا تحتاج لمقياس”، أستطيع أن أفهمها، لكن الأمر سيؤول إلى أن الأشياء التي لا يتم قياسها ستحرق كل السيولة المادية. اوزن كل التكاليف بشكل كامل، بما في ذلك التأمين الصحي، وتكلفة أنظمة التشغيل، وتكلفة الإدارة، إلخ. ستجد أنك تخسر المال في جوانب أكثر مما كنت تظن.

في الأسواق المنتعشة، عِش بنصف المال الذي تجني

هذا درس كبير يملؤني بالندم. أنا رجل جنوبي مقتصد من قرية زراعية في مشيغان، أقسمت بعد حادثة سلسلة الأولى

أننا لن نكون كتلك الشركات الناشئة التي تحرق أرباحها. لكن هذا ما حدث بطريقة ما. ولن يحدث مجددا. من الآن فصاعدا سأعيش بنصف الأرباح كلما انخفض رأس المال.

اليوم 

بالنظر إلى العام الماضي، والرغم من الْخِزْي والندم الذي سيرافقني لبعض الوقت، أجد في نفسي حسا كبيرا بالامتنان.

لا يوجد مرجع لهذه الأمور، وكرئيس تنفيذي كنت لأضيع لولا وجود الفريق المذهل والمستثمرين والمستشارين حولي، كان كل واحد منكم صبورا ومخلصا خلال هذه الرحلة الجنونية.

لأولئك الذين خذلناهم وذهبوا إلى أماكن أخرى، أنا آسف. أتمنى لو كان أدائي أفضل، أتمنى لو كبرت أسرع، أندم على انني لم أكن ضيفا أفضل لمسيرتك المهنية، ولعملك الدؤوب ولثقتك. أتمنى أن يتحسن أدائي.

اليوم في شركة توينتي-تو، نحن نحث الخطى نحو مستقبل مشرق، نملك سبيلا واضحا إلى الأرباح، معبّدا بالدروس المؤلمة القوية التي تعلمناها العام الماضي. نبذل قصارى جهدنا لنسمو بتلك الدروس.

خوضنا لتلك التجارب سويا، والحديث بانفتاح عن ما تعلمناه من دروس، والمضي قدما مع شركة من نوع مختلف، هو ما أنقذنا فعلا. قربنا من بعضنا حتما، أصبح المكتب مكانا حيث يتحدى الأصدقاء الصعوبات سويا، مجموعة قربتنا المصاعب المشتركة، والإنسانية المشتركة. هناك الكثير لتتعلمه من تجربة الشركة الناشئة، آمل أن يوفر عليك جزء من خبرتنا بعض المعاناة، ويمكنك من الوصول إلى بر الأمان على خفق الجناح، في غمار رحلتك الوعرة. أتمنى أن تقود رحلتك بسلام.

تمت الترجمة والنشر بموافقة الكاتب

أحدث المقالات
أحدث التعليقات
الأرشيف